"الكاش" ممنُوع.. هكذا تتغير قواعد اللعبة في سوق العقارات بالجزائر
12 يونيو 2025
بين ليلة وضحاها، تغيّرت قواعد اللعبة في سوق العقارات بالجزائر، ولم يعُد "الكاش" سيد الموقف كما كان في السابق، وتراجعت الصفقات التي كانت تُبرم خلف الأبواب المغلقة أو عبر وسطاء غير رسميين. لكن، هل انتهى فعلاً عهد البيع والشراء نقدًا في الجزائر؟
هذه التغييرات تتماشى مع سعي الحكومة لإعادة هيكلة المنظومة المالية، ومحاربة اقتصاد الظلّ
دخلت الجزائر مرحلة جديدة في 2025 تقوم على مساعي تعميم الرقمنة، الشفافية، وضبط التدفقات المالية عبر القنوات الرسمية فقط، غير أنّ هذه الإجراءات، التي يراها البعض خُطوة ضرورية لضبط السوق وتنظيمه، فاجأت فئة أخرى من المتعاملين الذين اعتادوا على الأساليب التقليدية في البيع والشّراء أو الملمُوس.
ما بين قانون صارم وسوق في طور التكيُّف، يشهد قطاع العقارات تحوُّلات عميقة يُنتظر أن تُعيد تشكيل المشهد العقاري بشكل جذري.
ومسّت هذه التحولات جوانب قانونية ومالية جوهرية، في إطار سعي الدولة لتعزيز الشفافية المالية ومُحاربة السوق السوداء.
ومن اللاّفت منع الدفع نقدًا في المعاملات العقارية، سواء كانت تتعلق بعقارات مبنية أو أراضٍ غير مبنية، وهذا كإجراء يُعد خُطوة هامة نحو تنظيم سوق العقارات في البلاد، ويُشكِّل جزءًا من استراتيجيات أكبر لهيكلة النّظام المالي.
من غير الممكن للموثّقين تحرير أي عقد بيع دون أن يتم الدفع عبر الشيكات أو التحويلات المصرفية
وحدّد قانون المالية لسنة 2025، من خِلال المادة 207 إلزامية إجراء جميع المدفوعات عبر وسائل الدفع البنكية فقط. في هذا السياق، أصبح من غير القانوني إتمام أي معاملة عقارية نقدًا، سواء كانت صفقات بيع أو شراء.
وبمُوجب ذلك، أصبح على الموثّقين الالتزام بتطبيق هذا النظام، ومن غير الممكن لهم تحرير أي عقد بيع دون أن يتم الدفع عبر الشيكات أو التحويلات المصرفية.
هذه الخطوة تُعدّ جزءًا من سياسة عامة تهدف إلى تحقيق الشفافية في السوق العقاري ومكافحة الفساد والعمليات غير القانونية.
الموثّق وآليات الدفع
إجراءات تطبيق هذا القانون الجديد شديدة الصرامة، حيث يفرض على الموثقين الالتزام بإجراءات محددة خلال إتمام الصفقات العقارية.
يُطلب من البائع أن يُقدّم شيكين بنكيين: الأول يمثل خُمس قيمة العقار، بينما يُغطّي الثاني الأربعة أخماس المتبقية.
وتُشدّد هذا التدابير من الرقابة على المعاملات وتمنع التلاعب بها. وهذا التغيير يشمل أيضًا إلغاء نظام شيك الضمان الوحيد الذي كان سائدًا في الماضي، مما يعني تحولًا جوهريًا في كيفية تنظيم المعاملات العقارية، ويسهم في تعزيز الأمان المالي للمعاملات.
تسعيرة مرجعية
لم يمر تطبيق هذه الإجراءات بدون تأثيرات على حركة السوق العقارية. أشار عدد من الموثقين إلى أن عدد المعاملات العقارية شهد تراجعًا ملحوظًا، حيث انخفضت الصفقات من 4 أو 5 صفقات شهريًا إلى صفقة واحدة في بعض الحالات.
هذا الانخفاض يعود إلى العديد من العوامل، بما في ذلك صعوبة التكيف مع النظام الجديد والتحديات الاقتصادية.
وفي إطار محاربة التلاعب بالأسعار، أصدرت المديرية العامة للضرائب في أبريل 2025 مرجعًا وطنيًا جديدًا لأسعار العقارات، يغطي كافة البلديات في البلاد، ويشمل العقارات المبنية وغير المبنية للفترة الممتدة من 2025 إلى 2026.
هذا المرجع يمنع التصريح بأسعار بيع أقل من القيمة السوقية المحددة، مما يُلزِم البائعين والمشترين بالالتزام بالحد الأدنى للسعر المرجعي المحدد. عدم الالتزام بهذا السعر قد يؤدي إلى رفض إتمام الصفقة أو فرض تصحيحات ضريبية صارمة.
الخبير الاقتصادي عبد الكريم بوحالة لـ" الترا جزائر": منع الدفع النقدي في العقار يُمثّل خطوة استراتيجية نحو توسيع القاعدة الضريبية وزيادة الإيرادات غير النفطية
تأثرت كذلك الجالية الجزائرية بالخارج بهذه الإجراءات، خاصة تلك المتعلقة بشراء العقارات في الجزائر. فقد أصبح من غير المسموح إدخال العملات الأجنبية عبر السوق السوداء لأغراض شراء العقارات، ويتوجّب على الراغبين في الاستثمار العقاري داخل الجزائر فتح حسابات بنكية بالعملة الصعبة.
كما أنّ الأموال يجب أن تُحول عبر القنوات المصرفية الرسمية المعتمدة. ورغم الفارق الكبير بين سعر الصرف الرسمي (حوالي 149 دينارًا لليورو) وسعره في السوق السوداء (حوالي 260 دينارًا)، إلا أن الالتزام بالقنوات القانونية أصبح إلزاميًا لتفادي التعرض للمساءلة القانونية.
الشفافية
بلا شك، يُشير هذا التغيير الكبير إلى دخول سوق العقارات في الجزائر مرحلة جديدة تتمحور حول الشفافية والمراقبة المؤسسية.
ويُتوقع أن يساهم هذا في تعزيز ثقة المستثمرين، خاصة من أبناء الجالية الجزائرية في الخارج، على الرغم من التحديات قصيرة المدى التي قد تشمل ارتفاع الأسعار وتراجع حجم التداول العقاري.
في هذا السياق؛ يقول الخبير الاقتصادي عبد الكريم بوحالة إنّ هذه التغييرات تتماشى مع السعي العام للدولة لإعادة هيكلة المنظومة المالية، ومحاربة اقتصاد الظلّ الذي التهم قيمة كبيرة من السيولة خارج القطاع البنكي".
ومن إيجابيات هذه الخطوة، لفت المتحدث إلى أنّ منع الدفع النقدي في العقار يُمثّل خطوة استراتيجية نحو توسيع القاعدة الضريبية وزيادة الإيرادات غير النفطية، مما يُعزز من الاستقرار المالي للبلاد.
انعكاسات اجتماعية.. مواقف
لا شك أن هذه التحولات لم تخلُ من انقسام في المواقف داخل المجتمع الجزائري. فبينما يعتبرها البعض خطوة إيجابية نحو الحد من الفساد والتنظيم الأفضل للسوق العقاري، يرى آخرون أنها عبء إضافي يعقّد عملية تملّك السكن، خاصة لدى الطبقات المتوسطة والضعيفة التي لا تمتلك حسابات بنكية أو خبرة في التعامل مع النظام المالي الرسمي.
في الوقت نفسه، قد تؤدي هذه الإجراءات إلى انكماش في السوق العقارية في المدى القصير، بالإضافة إلى ارتفاع مؤقت في الأسعار نتيجة قلة العرض والطلب، ما يُعزّز حالة القلق لدى المواطنين الذين يسعون لتحسين أوضاعهم السكنية.
بهذا، يمر السوق العقاري في الجزائر بتحديات كبيرة في عام 2025، وهو في طريقه نحو التحول إلى بيئة أكثر قانونية وشفافية، رغم الصعوبات المبدئية التي قد تواجه بعض الأفراد في التكيف مع هذه المتغيرات.
ختامًا، بينما تهدف الجزائر إلى اعتماد الشفافية المالية والرقمنة الشاملة، يبقى التكيف مع هذه التحولات الكبيرة تحديًا ليس بالهين.
فهل سيتمكن السوق العقاري، والمتعاملون فيه، من تجاوز هذه الصعوبات الأولية والاندماج بسلاسة في هذا النظام الجديد؟
الكلمات المفتاحية

نسب النمو والمؤشرات الكبرى.. كل شي عن الاقتصاد الجزائري في الثلث الأول لـ2025
سجّل الاقتصاد الجزائري خلال الثلاثي الأول من سنة 2025، نسبة نمو بلغت 4,5% مقابل 4,2% في الفترة نفسها من عام 2024، وفق تقرير حديث نشره الديوان الوطني للإحصاء.

من بنك "بريكس" إلى "آسيان".. تحالفات جزائرية جديدة تعيد رسم خارطة "البزنس"
في خضم تحولات جيوسياسية عميقة، اختارت الجزائر أن تخلع جلباب التبعية الاقتصادية نحو فرنسا وتنسج خريطة تحالفات جديدة تمتد من ضفاف نهر الميكونغ إلى ضفاف نهر الأمازون، فلم يعد الرهان محصورا في أوروبا التقليدية، بل امتد ليشمل تكتلات صاعدة كـ"آسيان"، ومبادرات عملاقة كـ"الحزام والطريق"، وتحالفات إستراتيجية كبنك "البريكس"، مرورًا بالعمق الإفريقي والعربي ووصولا إلى تقاطعات…

حوار| علي حماني: لا زيادات في أسعار المشروبات هذا الصيف.. واستهلاك المياه المعدنية يقفِز بنسبة 35 بالمائة
كشف رئيس الجمعية الجزائرية لمنتجي المشروبات علي حماني، عن ارتفاع استهلاك المشروبات في السوق الوطنية بنسبة 15% مع بداية موسم الصيف، كما أكد عدم تسجيل أي زيادة في أسعار العصائر والمشروبات الغازية والمياه المعدنية من جانب المنتجين.

محمد بوضياف.. رئيس يرفض أن يرحل من ذاكرة الجزائريين
في ذكرى اغتياله الثالثة والثلاثين، لا يزال الرئيس الراحل محمد بوضياف يثير مشاعر الحنين والأسى لدى الجزائريين، الذين يتذكرونه كأحد أكثر الشخصيات السياسية التي جمعت بين التاريخ الثوري والرغبة في إصلاح الدولة.

وفاة الصحفي علي ذراع بعد صراع مع المرض
توفي مساء أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة الإعلامي علي ذراع عن عمر ناهز 78 سنة بعد صراع مع المرض، حسب ما أفاد به أقاربه.

طقس الجزائر: حرّ شديد ورعد وضباب
توقعت مصالح الأرصاد الجوية، اليوم الأربعاء 16 تموز/جويلية 2025، تسجيل موجة حر وتساقط أمطار رعدية معتبرة محليا على عدة ولايات من الوطن.

"الإسلاميون استحوذوا على مفاصل الدولة".. الأرسيدي يشعل مواقع التواصل وشخصيات من حمس تنتفض
أثار حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي) جدلاً واسعاً مجدداً في الساحة السياسية الجزائرية، بعدما أورد في لائحته الأخيرة، الصادرة عن المجلس الوطني، اتهامات مباشرة لما وصفه بـ"تيار الإسلام السياسي" بالاستحواذ على مفاصل الدولة والسعي لطمس أسس الهوية الوطنية.