مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة يزداد إقبال الجزائريين على تناول المثلجات، خاصّة خلال السهرات الليلية في الساحات العمومية، حيث يعرضها البائعون بجميع أنواعها منها المجمّدة والمحضّرة بشكل آني، وتكون متوفرة بجميع الألوان والأذواق والنكهات، بينما يعتبر الأطفال أكثر فئة مستهلكة لهذه المواد بسبب مذاقها الحلو والمنعش.
مختصة في التغذية لـ"التراجزائر": يمكن للمثلجات أن تتسبب في مخاطر كبيرة على الأطفال من بينها التسمم الغذائي وهذا راجع إلى عدم معرفة مصادر مكوناتها ونوعيتها وكيفية حفظها
الدكتورة بسمة بن عثمان وهي طبيبة مختصة في التغذية لـ"التراجزائر"، من خلال معاينتها، إن المثلجات من أوسع المواد استهلاكًا في فصل الصيف وأكثرها ضررًا خاصة على الأطفال، لما لها من مخاطر جانبية بإمكانها أن تسبب في عدة مشاكل صحية، ومنها التسمم الغذائي بسبب عدم معرفة مصادر مكوناتها ونوعيتها وكيفية حفظها.
عادة ما يكون إقبال المستهلك على المثلجات كبيرًا في موسم الحرّ، لأنها في اعتقاده مواد لا يتم تناولها إلا في فترة محدودة من السنة خلال فصل الصيف، ما يمنحه شعورًا أن الإكثار منها لا يضر، في حين أن هذا الاعتقاد خاطئ تمامًا، لأن تركيبتها تجعل من الجسم يتلقى كمية كبيرة من السكريات الضارة في وقت قصير وتؤدّي حتما لزيادة الوزن واختلال التوازن الغذائي للإنسان.
وفضلًا عن احتوائها على كمية كبيرة جدًا من الحريرات (بين 150 إلى 300 حريرية في العلبة الواحدة)، يدخل في تركيبة المثلجات العديد من المواد الحافظة والنكهات الصناعية والمضافات الغذائية التي هي في الأساس مضرة بالصحة وتتسبب بعدة أمراض، كما أنها مواد سريعة التلف خاصة إذا لم يتم صنعها وحفظها في ظروف جيدة.
تلف سريع
المشكل الذي يقع غالبًا مع المثلجات التي يجب الاحتفاظ بها في درجات حرارة منخفضة جدًا، هو ذوبانها وإعادة تجميدها والذي يتسبب في تلفها دون أن يدري المستهلك ذلك. وتتسبب الحرارة الشديدة عند نقل هذه المواد من المصنع للبائع وعدم كفاءة أجهزة التبريد في شاحنات النقل في حدوث هذه العملية، كما أن انقطاعات الكهرباء أحيانًا في فصل الصيف تؤدي أيضًا إلى ذلك عند الباعة.
في هذا السياق، نشرت المنظمة الوطنية لحماية المستهلك صورة لشكل علبة المثلجات التي يجب أن تكون عند فتحها. وقالت في تدوينة على صفحتها الرسمية على فيسبوك إن شكل الوردة في علبة الآيسكريم ليس مجرد ديكور بل هو مقياس عالمي. وخاطبت المستهلك بالقول: "إذا اشتريت علبة آيسكريم دون أن تجد هذا الشكل فهذا يعني أنه قد ذاب وأعيد تجميده وهذا غير صالح للاستهلاك فحذار !".
ويمكن اكتشاف صلاحية المثلجات، من خلال فحص مدى تماسك نسيج المادة، فإذا كانت لينة وطرية ومتماسكة في نفس الوقت فهذا يعني أنها جيّدة وإذا كانت صلبة جدا فهي على الأغلب ذابت وأعيد تجميدها. كما يجب الانتباه جيدًا إلى مدة الصلاحية الموجودة على العلبة والتأكد من أنها محفوظة وفق شروط التبريد الخاصة بها.
ومن الأشياء الأخرى المرتبطة بالمثلجات، الحرص على تناولها بملعقة صحية. وفي هذه النقطة، حذرت منظمة حماية المستهلك من الملاعق المصنوعة من مادة البلاستيك معاد الصنع الذي يأتي عادة من النفايات والمزابل، ويمكن التعرف عليها من خلال لونها الذي يكون بالأخضر والبني والأحمر. وأبرزت الجمعية أن هذا النوع من الملاعق خطر على المستهلك وينصح باشتراط الملاعق المصنوعة من المواد الشفافة أي التي لا لون لها.
أضرار وأمراض
ومن الجانب الصحي، تقول الدكتورة بسمة بن عثمان وهي طبيبة مختصة في التغذية لـ"التراجزائر"، من خلال معاينتها، إن المثلجات من أوسع المواد استهلاكًا في فصل الصيف وأكثرها ضررًا خاصة على الأطفال، لما لها من مخاطر جانبية بإمكانها أن تسبب في عدة مشاكل صحية، ومنها التسمم الغذائي بسبب عدم معرفة مصادر مكوناتها ونوعيتها وكيفية حفظها.
وأبرزت بن عثمان أن العديد المثلجات لا تصنع في مصانع مرخّص لها وليست مراقبة من طرف وزارة التجارة، وأغلبها لا يحترم معايير النظافة والحفظ والجودة الغذائية، فضلا عما تسببه لدى البعض من مشاكل متعلقة بالحساسية لأن المثلجات مصنوعة من مشتقات الحليب وهي ليست مناسبة لأولئك الذين يعانون من مشكلة حساسية اللاكتوز، والتي من أعراضها النفخة والغازات والمغص وآلام المعدة والغثيان والتقيؤ وعسر الهضم والإسهال أو الإمساك.
وبما أن المثلجات تحتوى على نسبة كبيرة من السكر الأبيض، فهي حسب المتحدثة عبارة عن "قنبلة" من السكريات الصناعية والحريرات الفارغة التي ترفع نسبة الأنسولين في الدم بسرعة.
وعن الأمراض التي يسببها الاستهلاك المفرط، قالت الدكتورة إن المثلجات يمكنها أن تكون سببا في ظهور مختلف السرطانات خاصة للذين يملكون تاريخًا عائليًا للسرطان، لأنها مليئة بالمضافات الغذائية منها الحافظة والملونة والمعطرة، وهي كلها مواد كيميائية أثبتت الدراسات أنها مسرطنة على المدى البعيد.
وأضافت المختصة أن الاستهلاك العشوائي للمثلجات له مضاعفات خطيرة على مرضى السكري وخصوصًا الأطفال منهم، لأنها تسبب غيبوبة سكري التي تحدث مشاكل صحية عديدة، لاحتوائها على نسبة عالية من السكريات والدهون التي ترفع وتخفض نسبة السكري بسرعة. كما أكدت أن الاستهلاك المفرط يسبب تسوس الأسنان والسمنة عند الأطفال، فضلًا عن أنها تخرب النظام الغذائي للذين يتبعون حمية لإنقاص الوزن.
ولا ينصح الأطباء بتناول المثلجات في فترة الحر الشديد في اليوم، لأن مذاقها شديدة البرودة يمكن أن يحدث صدمة حرارية في الجسم، كما أن مرورها على الحلق يمكن أن يؤدي إلى التهاب في اللوزتين وهو مرض شائع عند الأطفال خاصة، يمتد علاجه عادة لأسبوعين ويتطلب تناول مضادات حيوية ومضادات للحمى، وهو أمر مزعج حدوثه لأنهم يحرمهم من الاستمتاع بعطلة الصيف.
بدائل للمواد المصنعة
الأصلح وفق الطبيبة بن عثمان، الابتعاد كليًا عن المثلجات لمن يستطيع ذلك لأنها تضر الجسم ولا يوجد بها أيّة منافع، واستبدالها بعصائر الفواكه الطبيعية الباردة، أو صنع المثلجات من الفواكة المجمدة. وإذا وجد المستهلك رغبة في تناولها، لا ينبغي أن يحرم نفسه تمامًا وعليه التأكد من تاريخ الصنع ونهاية الصلاحية، واستهلاك ماركات معتمدة ومعروفة بالجودة، والتأكد أنها لم تتعرض للذوبان وإعادة التجميد.
وعن البدائل الصحية المنعشة للمثلجات خاصة في فصل الصيف، نصحت المختصة بالمثلجات التي تصنع في المنزل، إذ على الرغم من احتوائها على كمية كبيرة من السكر وسعرات حرارية كثيرة، إلا أن المستهلك يضمن على الأقل توفر معايير النظافة والحفظ.
إلى هنا، باتت مواقع التواصل في السنوات الأخيرة تعج بوصفات إعداد المثلجات المنزلية والتي لا تتطلب وسائل كبيرة، فالمقادير لا تتعدى كميات محدودة من الحليب أو الزبادي والسكر الذي يمكن تعويضه ببدائل صحية مثل العسل ويمكن استعمال الفرولة ما دام سعرها هذه الأيام في المتناول.
لا ينصح الأطباء بتناول المثلجات في فترة الحر الشديد في اليوم، لأن مذاقها شديدة البرودة يمكن أن يحدث صدمة حرارية في الجسم
تتوفّر وصفات سهلة لتحضير المثلجات منزليًا، حيث تبدأ بتقطيع الفاكهة المراد الحصول على نكهتها إلى قطع صغيرة، على أن توضع في الثلاجة لمدة ثلاث ساعات. ثم تضرب الفاكهة في الخلاط مع الحليب المكثف، للحصول على خليط متجانس يوضع من جديد في الثلاجة ويمكن تناوله بعد 12 ساعة مع تزيينه بالمكسرات.