12-فبراير-2023

تأثير الجفاف على المناطق الزراعية (صورة أرشيفية/فيسبوك)

في ظلّ التغييرات المناخية وانعكاساتها الخطيرة على مستقبل المياه وشحّ الموارد المائية، شدّدت الحكومة على ضرورة الوعي بالمحافظة على المياه الجوفية والعمل على حمايتها من الاستنزاف والاستهلاك غير العقلاني، والحدّ من الإجهاد المائي، خصوصًا في ظلّ الاستغلال الفوضوي للمياه الجوفية.

تعد الجزائر من بين الدول الفقيرة في الموارد المائية، وتحذّر الهيئات الدولية من تزايد حالة ندرة المياه

في هذا الشأن، تقرّر وضع مخططٍ وطني يهدف إلى إنشاء بنك معلومات يتعلّق بالمياه الجوفية، وإعادة النظر في تراخيص استغلالها لسقي الأراضي الزراعية، عبر تفعيل "شرطة المياه"، حيث أن من مهامها مراقبة استغلال المياه ومحاربة التبذير.

أما على الصعيد القانوني، فقد تقرّر تسليط أقصى العقوبات على كلّ من يُضبط بالاستغلال غير القانوني لأبار المياه الجوفية، وهذا لوضع حدٍّ لاستنزاف القدرات البلد من مياها الجوفية.

وتُعرف المياه الموجودة تحت الأرض في الفراغات بين الصخور والتربة بالمياه الجوفية، وتشكل المياه الجوفية حوالي 30  %من إجمالي المياه العذبة على الكوكب، في مقابل ذلك تشكّل المياه السطحية 70 %.

وتكمن أهميّة المياه الجوفية، في أنها تشكّل مصدرًا أساسيًا لمياه الشرب في المناطق التي تقلّ فيها المياه السطحية، خاصة في المناطق الريفية والصحراوية، وتعد منبعًا أساسيًا لمياه الأنهار والبحيرات، وتستخدم في زراعة وري المحاصيل.  

في هذا السياق، طرحت "الصفحــة الرسمية للجان الأحياء لمدينة الأبيض سيدي الشيخ "، مشكلة حفر الآبار في الجزائر، واعتبرت أن استخراج رخصه حفر بئر أصبح يؤرق الفلاحين والسبب هو إلزاميتهم بشهادة إدارية، موضحة أن النماذج المطلوبة غير متوفرة على مستوى البلديات ولا على مستوى فروع أقسام مديرية الموارد المائية ولا الدوائر، وعلق صاحب المنشور "يبقى قرابة 600 ملف مكدسة تنتظر نموذج هذه الشهادة"

إمكانات الجزائر

في السياق، تقدّر الموارد المائية الجوفية وغير المتجدّدة في الجزائر بحوالي 5 إلى 6 مليار متر مكعب، وتقع في أطلس ووسط وأقصى الجنوب الجزائري، أما المياه الجوفية المتجدّدة التي تقع في الشمال فتقدر بحوالي 2 إلى 3 مليار متر مكعب، أما مقدار المياه السطحية فهي في حدود 11 مليار متر مكعب.

وتَسد المياه الجوفية في الصحراء الكبرى حوالي 95 % من حاجيات سكان أهل الجنوب.

دق ناقوس الخطر

في سياق متصل، وفي ظلّ ارتفاع دراجة الحرارة وتزايد الاحتباس الحراري، والنمو السكّاني في الجنوب وتوسّع المساحات الزراعية الصحراوية سيتضاعف استغلال المياه الجوفية بشكلٍ مفرطٍ وغير مدروسٍ خاصّة مع أساليب الحفر العشوائي، مما يستلزم وضع استراتيجية جديدة تستجيب للمخاطر المناخية والتحدّيات العمرانية والزراعية من أجل المحافظة على المياه الجوفية، خصوصًا أن المياه الجوفية في الجنوب بشكلٍ أساسي هي مياه أحفورية منخفضة جدًا على التجدد.

ويعد القطاع الزراعي أكبر مستهلكٍ للمياه الجوفية، وتتوزّع الزراعة الصحراوية (الأطلس الصحراوي، الصحراء السفلى وسط الصحراء)، عبر 10 ولايات على غرار أدرار، بشار، بسكرة، واد سوف، غراديه، إليزي، الأغواط، ورقلة، تندوف وتمنغست.

وتسعى الحكومة إلى توسيع وتنمية الزراعة الصحراوية، وتُراهن الحكومة على وضع استراتيجية لاستصلاح أكثر من 300 ألف هكتار جديدة، من أجل تأمين الأمن الغذائي وتقليص فاتورة استيراد الحبوب والقمح والبقوليات.

المياه الجوفية 

في سياق متصل، يشكّل الاستغلال الفوضوي والمتزايد وغير القانوني للمياه الجوفية، جُملة من المخاطر تتمثل في تدهور جودة المياه وتلوّثها، واستنزاف الموارد المائية غير المتجدّدة وانخفاض منسوب الآبار الجوفية نتيجة الإجهاد المائي.

إلى هنا، تبحث الجزائر عن حلول من أجل حماية قدرات المياه الجوفية، حيث لجأت وزارة البيئة إلى تأطيرها قانونيًا لا سيما القانون رقم 03-10 المؤرّخ في 19 تموز/جويلية 2003 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة

ويهدف التشريع إلى وضع نظامٍ تشريعي من أجل مراقبة نظام استغلال المياه الجوفية، وتشديد شروط منح التراخيص وتقييد استغلالها، علاوة على تغليظ العقوبة ضدّ أعمال الحفر غير المرخّصة.

كما تم تفعيل مخطط استعجالي من أجل تحريك كل المشاريع المتوقّفة لمحطات تصفية المياه المستعملة عبر كافة الولايات الجنوبية قصد استخدامها في مجال الزراعة الفلاحية بدل المياه الجوفية، بالإضافة إلى وضع أبحاث ودراسات لتحديد دقيق لوضعية المياه الجوفية.

وعلى العموم، تعد الجزائر من بين الدول الفقيرة في الموارد المائية، وتحذّر الهيئات الدولية من تزايد حالة ندرة المياه، نتيجة الإجهاد المائي والنمو الديمغرافي والتغييرات المناخية التي يمكن لوحدها أن تسبب في الشح المياه.

يشكّل الاستغلال الفوضوي والمتزايد وغير القانوني للمياه الجوفية، جُملة من المخاطر تتمثل في تدهور جودة المياه وتلوثها

ويدفع الوضع إلى إيجاد حلول وتدابير صارمة وعاجلة من أجل تأمين الساكنة الجنوبية بالمياه الشرب وضمان للفلاحين موارد للسقي المحاصيل الزراعية، ووضع برنامج استعجالي لاستغلال الأحسن للمياه الجوفية وتمديد الأنابيب الصالحة للشرب من الشمال إلى الجنوب والمحافظة على ثروة المياه الجوفية.