07-نوفمبر-2019

سليمان بخليلي، فارس مسدور، خرشي النوي (تركيب/ الترا جزائر)

خطف المرشّحون المُبعدون من الانتخابات الرئاسية المقبلة، بسبب عدم استيفائهم للشروط المطلوبة، الأضواء أكثر من المرشحّين الخمسة المقبولين من السلطة المستقلة، ووُجّهت إليهم عدّة أسئلة وانتقادات، لفهم مبرّرات إقدامهم على الترشّح بملفّات ناقصة واستمارات مزوّرة.

يتطلّع ملايين الجزائريين اليوم إلى خروج البلاد من "أزمتها السياسية"، وإحداث قطيعة مع زمن الرئيس السابق

خمسة مرشّحين فقط

يتطلّع ملايين الجزائريين اليوم إلى خروج البلاد من "أزمتها السياسية"، وإحداث قطيعة مع زمن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. يأملون أن يطلّ الرجل" المعجزة" الذي يحصد أصوات الأغلبية. هو حُلُم بات عصيًا على الجزائريين تحقيقه، بعد أن سقطت أقنعة من رُفضت ملفاتهم من الترشّح للانتخابات بسبب استمارات مكرّرة أو مزوّرة أم ملفّات غير مكتملة.

اقرأ/ي أيضًا: ملصقات الانتخابات البلدية في الجزائر.. إخفاق في حرب الصورة

افتراضيًا، أطلّ علينا عدد من المرشّحين على مواقع التواصل الاجتماعي، وكلّهم ثقة في جمع التوقيعات اللازمة، من أمثال الإعلامي سليمان بخليلي الذي قال إنّه "تمكن من جمع مليون توقيع، وأنّه لا أحد يمكنه أن يكون في مكانه في كرسي الرئاسة"، بينما أطلّ علينا الدكتور فارس مسدور في عديد المرّات، ليقول إنه يحمل برنامجًا قويًا لنهضة البلاد والعباد، وإنه متيقّن أنه سيتمكّن من جمع التوقيعات، وكذا خرشي النوي الذي أدار حملة افتراضية على فيسبوك، وأحاط نفسه بشباب من طلبة الجامعات، وألقى خطبًا مؤثّرة، وغيرهم من الطامحين لمنصب الرئيس، ممن نشّطوا حملة استباقية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقدّموا أنفسهم على أنّهم قادة التغيير في البلاد.

واقعيًا، كثير من المرشّحين ممن وضعوا ملفاتهم لدى السلطة العليا المستقلّة للانتخابات بالعاصمة، رفعوا سقف توقّعاتهم عاليًا وعلّقوا آمالًا كبيرة على الشارع، يقول الأستاذ في العلوم السياسية عبد الله نجاري لـ" الترا جزائر"، معتبرًا أن كلّ من تقدّم للسلطة العليا، كان رهانه الأكبر هو "رسم صورة سوداء عن جزائر ما قبل الـ 22 شباط/فيبري الماضي، وتسويق مشاريعهم السياسية وبرامجهم المنتظرة"، وأنهم حاولوا "تلميع صورهم وسط حنق سياسي شديد في الشارع، رافضٍ لكلّ ما له علاقة بفترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة".

تقدير خاطئ

"تساءل كثيرون، حول دوافع هؤلاء المرشّحين المبعدين من الرئاسيات، الذين حاولوا إيهام الناس بقدرتهم على جمع التوقيعات اللازمة" يقول نجاري، مشيرًا إلى أنّ تصريحاتهم صنعت الجدل، دون الاهتمام بأسئلة الراهن التي وجب عليهم طرحها أمام عامّة الناس، خصوصًا في ظلّ الفترة الصعبة التي تمرّ بها البلاد، ودون تقدير للمواقف التي يُمكن أن تجنيها هذه الوجوه، بسبب ارتفاع منسوب الغضب والرفض الشعبي في مختلف المستويات، يضيف المتحدّث.

رسميًا، كان من أسباب رفض ملفّات 17 مترشّحًا للرئاسيًات، إمّا أنّ الملفّ غير مكتمل، أو يحمل استمارات مغلوطة، بل وصل الحدّ إلى أن أصحابها وقعوا في "فخ التزوير" وتبين أنّها موقّعة من طرف قصّر وأشخاص غير مؤهّلين، إضافة إلى وجود استمارات ملغاة بحسب تصريحات محمد شرفي رئيس السلطة المستقلة العليا للانتخابات، إذ أبانت عمليات الفرز عن إلغاء 48 ألف استمارة لرئيس حزب التحالف الوطني الجمهوري بلقاسم ساحلي، الذي قدّم 66 ألف استمارة في ملفّه، غير أنّها لم تستوف النصاب الواجب جمعه بالولايات، وهو 1200 استمارة على الأقلّ في 25 ولاية، حيث أنّه لم يتمكّن من جمعها إلا في 5 ولايات فقط.

أما بشأن المترشّح خرشي النوي، فأدرج في ملفّ ترشحّه 55 ألف استمارة موقّعة، إذ تمكّن من بلوغ النّصاب في 4 ولايات فقط، كما تضمّن ملفه 25 ألف استمارة ملغاة، احتوت على توقيعات مزدوجة لمواطنين.

من جهته، قدم بخليلي أكثر من 30 ألف استمارة، من بينها 26 ألف استمارة صحيحة، كما أنه لم يستوف النصاب المطلوب بالولايات إلا في 6 ولايات فقط.

وبالنسبة للراغب في الترشح للرئاسيات عبد الرحمن عرعار، فقد قال شرفي إنه قدم ما مجموعه 31 ألف استمارة، إذ استوفى النّصاب في 8 ولايات فقط، ليبلغ إجمالي الاستمارات المقبولة إلى 27 ألف.

أمّا المرشّح فارس مسدور فقدّم 30 ألف استمارة، واستوفى النصاب المطلوب بالولايات، في 8 فقط، لافتًا إلى أنهم قدّموا عددًا كبيرًا من الاستمارات الملغاة.

الصورة قبل وبعد

بصيص الأمل ما زال يسكن قلوب كثير من الجزائريين، حتى وإن كانت الصورة قاتمة سياسيًا، في شارع يترنّح بين حقيقة الواقع وتخيّلات الفضاء الافتراضي، حيث قلبت نتائج الترشّح لمنصب رئاسة الجمهورية جميع الموازين، وأسقطت الأقنعة عن أصحاب الحملات الانتخابية المسبقة، بحسب تصريح الناشط في الحراك الشعبي عبد العالي بن عايشة من ولاية سكيكدة، قائلًا إنّ هذه الشخصيات "دخلت في نقاشات وجدال مفتوح، من خلال تدوينات فيسبوكية بالصوت والصورة عبر الفضاء الافتراضي، بل ومنهم من يحلم بأنه قيس سعيد الجزائر وبإمكانه أن يستغبي السلطة لتمرير ملفه".

يوضّح عبد العالي بن عايشة في تصريح لـ" الترا جزائر" أن العملية برمّتها كانت "مسلسلًا غير متكافئ الإمكانيات، وسقطت معه أكذوبة الفيسبوك الذي كان يغذّي هالة المرشحين المرفوضين بالإعجابات، وفي النهاية اصطدموا مع الواقع، بل أرفقوا ملفّاتهم بتوقيعات مزوّرة".

جدل بلا فائدة

يرفض البعض أن يبالغ الإعلام، وحتى المرشّحين الذين رُفضت ملفّاتهم في استعمال مصطلح "إقصاء"، لأنه من حقّ كل الجزائريين الترشّح إلى أعلى منصب في الدولة الجزائرية، وهو منصب رئيس الجمهورية، مثلما ذكر الإعلامي خالد بودية في قراءته للمستجد الانتخابي، إذ رُفضت ملفّاتهم لأنّها لم تستجب إلى الشروط والأحكام القانونية المنصوص عليها في القانون العضوي المتعلّق بالانتخابات، معتبرًا أن "الإقصاء في هذه الحالة، هو حرمانهم من حقّوقهم رغم توفرهم على الشروط اللازمة؛ وهي مسألة غير صحيحة بحسب أرقام السلطة الوطنية المستقلّة حول ملفّات الراغبين في الترشّح".

يستشهد المتحدّث، بأن أحد الراغبين في الترشّح قال إنّه "قادر على جمع مليون توقيع في 24 ساعة وهو في النهاية لم يستطع حتّى تحصيل الحدّ الأدنى المطلوب من التوقيعات، والمقدّر بـ50 ألف توقيع، بينما قام مرشّح آخر بنسخ استمارات التوقيعات وأرفقها في الملفّ".

لكن من جهة أخرى، فإن هناك من يتمسك بوصف الإقصاء، لاعتبارات تتعلق بأن قانون الترشح في الجزائر، يخدم السياسيين التقليديين، الموجودين أصلًا من زمن النظام السابق، ويملكون جمهورًا جاهزًا، بينما يصعب الأمر على السياسيين الآخرين، ممن لا يستطيعون ترويج مقولاتهم ومشروعهم في فترة وجيزة، على اتساع الأرض الجزائرية.

أحد الراغبين في الترشّح قال إنّه " قادر على جمع مليون توقيع في 24 ساعة" لكنه لم يتحصل حتى على الحد الأدنى 

المعطيات الرسمية، جعلت البعض يصف أصحابها بـ" البهتان السياسي"، حسب تصريحات بودية لـ"الترا جزائر"، مضيفًا أن المرشّحين المرفوضة ملفّاتهم، قاموا بمحاولة "بيع الأوهام، بهدف حمل المواطنين للتعاطف معهم، خاصّة عبر الفضاء الافتراضي، وفي النهاية شاهدنا ملفات لم تستجِب للشروط مقارنة بتصريحاتهم قبل ذلك"، ويختم بودية كلامه متسائلًا: "هل يُعقل أن هؤلاء يريدون حكم بلد يغرق في التناقضات، ويعيش في مشاكل داخلية اقتصادية واجتماعية لا حصر لها؟".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الشارع الجزائري يحتفظ بورقة الحراك.. السلطة المستقلة ليست كافية؟

تعيين موعد الانتخابات الرئاسية في الجزائر.. تباين وقلق