12-فبراير-2021

يُحال على التقاعد 200 ألف شخص سنويًا في الجزائر (ألجيري باتريوتيك)

بعد مرور خمس سنوات من إلغاء التقاعد النسبي، والتراجع عن منح العمال حقّ التقاعد المسبق بحجة وجود عجز مالي في صندوق التقاعد، لم تُفلح هذه السنوات لإعادة التوازن المالي إلى صندوق التقاعد، ما حفّز الأصوات المندّدة بهذا القرار، والمطالبة بالعودة للقرار السباق فبل سنة 2016.

 حمّلت كنفدرالية النقابات تداعيات تمسّك الحكومة وعدم تراجعها عن إلغاء مكسب التقاعد النسبي

أكّد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الهاشمي جعبوب، أنه يستحيل في الظروف المالية التي تعيشها البلاد العودة إلى صيغة التقاعد النسبي أو دون شرط السن، وبرّر الوزير موقف الحكومة، أن الصندوق الوطني للتقاعد يعرف عجزًا ماليًا يقدّر بحوالي سبعة ملايير دولار سنويًا.

اقرأ/ي أيضًا: ملفّ التقاعد يُقلق الجبهة الاجتماعية

وقال الوزير إن التقاعد النسبي ودون شرط السن، جاء في ظروف اقتصادية وسياسية صعبة عاشتها الجزائر عام 1997، وكذا تطبيق شروط إعادة الهيكلة الاقتصادية التي فرضتها الهيئات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي، وهي شروط أدّت إلى غلق المؤسّسات الاقتصادية، وتسريح عددٍ هائلٍ من العمال.

نقابات تحذّر

في المقابل، حمّلت كنفدرالية النقابات تداعيات تمسّك الحكومة وعدم تراجعها عن إلغاء مكسب التقاعد النسبي أو المعاش المسبق، داعيةً الحكومة إلى حوارٍ اجتماعيٍّ جادٍ، مؤكدةً تمسكها بالتقاعد النسبي باعتباره مكسبًا عماليًا واجتماعيًا لا رجعة فيه، كما طالب التكتّل النقابي  بالكشف عن الحصيلة المالية السنوية للصندوق الوطني للتقاعد بما تقتضيه الشفافية، وإعادة النظر في منظومة صناديق التأمينات الاجتماعية وحصر التعويضات على المؤمنين فقط.

وبحسب نقابيين فإن العجر الذي يعرفه صندوق التقاعد الاجتماعي، لا يعود إلى عجز في الإيرادات والمساهمات؛ بل إلى تمويل الصندوق لنشاطات اجتماعية ومهنية ساهمت في عدم التوازن والعجز الموازني.

مغالطات الحكومة

وفي سياق الموضوع، أكد رئيس النقابة لممارسي الصحة إلياس مرابط، أن تصريح وزير العمل باستحالة العودة إلى التقاعد النسبي بالغير اللائقة، مضيفًا أن صيغة التقاعد قد تخضع إلى متغيرات اقتصادية واجتماعية وهي بالأساس مسألة سياسية.

وأكّد المتحدّث أن التقاعد النسبي والمسبق مكسب اجتماعي لا يمكن التنازل عليه، معتبرًا أن إلغاءه كان خلال اجتماع الثلاثية سنة 2016 بالقرار التعسفي والجائر.

وفي تقدير مرابط فإن حُجج الحكومة تحمل مغالطات وتقديرات خاطئة، فمقاربة الحكومة بحسب النقابي اعتمدت على صناديق التقاعد في أروبا التي تتجاوز نسبة ما فوق 65 سنة 30 إلى 35 في المائة، بينما معدل ما فوق الستينات المؤمن اجتماعيًا في الجزائر لا يتعدّى 8 في المائة، على حدّ تعبيره.

أما فيما يخصّ مبرّر العجز المالي للصندوق لإلغاء التقاعد المسبق، قال مرابط إن تبرير الحكومة كان قائمًا في سنة 2017، غير أن وضعية الصندوق التقاعد لم تشهد استقرارًا أو تحسنًا إلى غاية اليوم، وهذا دليل، بحسب المتحدّث، على أن حجّة العجز المالي غير مقنعة، مشدّدًا على ضرورة إشراك النقابة والفاعل الاجتماعي في إعادة النظر كليًا في  المنظومة التأمينية والتقاعد.

هنا، يقترح المتحدّث جملة من التدابير على غرار رفع نسبة الاشتراكات، تمديد فترة المساهمات العمالية، إعادة النظر في الصناديق الخاصّة. كما ألح على ضرورة إشراك ممثلي النقابات والعمّال في إدارة وتسيير الصندوق الوطني للتقاعد، إذا يتعلق الأمر بمساهمات الفئات العمالية والحق في التسيير الشفاف، يضيف المتحدّث.

على مواقع التواصل الاجتماعي، قام مجموعة من الموظّفين باستحداث صفحات تضمّ مجموعة من الموظفين في كلّ القطاعات، لمناقشة قضية التقاعد النسبي، وحشد الصفوف لإبلاغ السلطات بانشغالاتهم، وفي أحد التعليقات يقول الموظّف أحمد جعيعج، "مادام قانون التقاعد النسبي والمسبق ألغي أثناء حكم العصابات، فلمذا لم يُسترجع في ظلّ الجزائر الجديدة كما يزعمون؟".

من جهته علّق الناشط خليل خليل "حالة عمال المناوبة 3×8 عايشين في العمل يروحوا يضربوا طلة للدار ويرجعو للعمل، ماشي غير أعمال شاقة، جريمة في حق الإنسانية".

الفساد وراء العجز

في السابق ذاته، يرى الخبير الاقتصادي والمالي محمد سعودي، أن العجز في صندوق التقاعد الوطني يعود إلى استخدام إيردات الصندوق لتحقيق التوازن الموازني، أي جعل الموارد المالية للصندوق مستغلّة في غير محلها وتتحمّل أعباءً خارجة عن مجالها.

ويضيف الخبير، أن حالة الفساد العامة التي ميّزت المراحل السابقة جعلت الصندوق يخسر تراكمات مهمة لعدة سنوات، مشيرًا إلى أن الأقساط المدفوعة لا تتوافق مع حجم التعويضات وبالتالي الاستخدام السياسي للصندوق زاد من العجز.

استثمارات صندوق التقاعد

وفي تقدير الخبير الاقتصادي، فإن الحلّ يكمن في ضخّ الموارد المالية للصندوق في عمليات استثمارية وربحية، بدل البحث عن تمويل عجز الموازنة من موارد الدولة.

وفي هذا الإطار أشار المتحدث إلى أن تمويل الصندوق اعتمادًا على نسبة في المائة من الجباية البترولية سابقًا، لم يقدّم إضافة نوعية بل حالة اتكالية، جعله جزء من دائرة الريع.

فيما يخص المطلب النقابي وتمسكه بالتقاعد المسبق، قال سعودي إنّ الاجراء يُمكن تقبله في القطاع الوظيف العمومي، أما القطاع الاقتصادي والصناعي يحتاج إلى توظيف الخبرات والكفاءات المتجدّدة ذات التكوين الذي يتماشى مع المتغيرات.

لماذا اختارت الحكومة التوقيف الخطأ لتناول قضية اجتماعية حساسة؟

وفي ظلّ تداعيات أزمة كورونا على الجبهة الاجتماعية، وتراجع القدرة الشرائية، يبقى السؤال مطروح لماذا اختارت الحكومة التوقيف الخطأ لتناول قضية اجتماعية حساسة، قد تكون لها أبعاد سياسية تزيد من أتعاب الحكومة والسلطة الحالية؟

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الرئيس الجزائري يفصل في قانون التقاعد

بسبب قانون التقاعد..نقابات جزائرية تصعد بالإضراب