النُواب في دائرة الضوء..7 أسابيع تُحدّد مصير قوانين حاسِمة
11 مايو 2025
بين ضغط الوقت وتشريعات مصيرية؛ يعكِف البرلمان على مُناقشة مجموعة من القوانين الاستراتيجية التي ستشكل ملامِح المرحلة القادمة للبلاد.
سيتمّ مناقشة مشروع الوقاية من المخدرات يومي 13 و14 ماي بهدف ضبط سياسة الدولة لمكافحة الآفة، في ظلّ تمدُّد شبكات الترويج عبر الإنترنت
ومع اقتراب نهاية الدورة البرلمانية، تتزايد التحديات أمام النواب، خاصة في ظلّ الانتقادات المتزايدة لأدائهم البرلماني الذي يبدو في بعض الأحيان شكليًا ولا يرتقي إلى مستوى المسؤوليات الملقاة على عاتقهم.
مشروعات قوانين حاسِمة مثل قانون الإجراءات الجزائية، قانون التعبئة العامة، وقانون التأمينات الاجتماعية، تضع البرلمان أمام اختبار حقيقي: هل سيتحمّل النواب مسؤولياتهم في مناقشات معمقة وتعديلات بناءة تُثري هذه النصوص وتضمن جودة التشريع؟
سِباق تشريعي
في المرحلة المُقبلة؛ في ظلّ عملية مناقشة والمُصادقة على قوانين مصيرية تمسّ الاقتصاد والأمن، والحماية الاجتماعية، هل ينجح البرلمان في تحقيق التوازن بين ضغط الوقت وعُمق التشريعات؟
انطلق الحديث في البرلمان عن برنامج تشريعي مكثف بين 8 أيار/ مايو و19 حزيران/ يونيو المقبل، حيث ستشهد جلسات البرلمان نقاشًا حيويًا حول نصوص قانونية هامة، تتصدرها مشاريع قوانين تتعلق بالإجراءات الجزائية، الوقاية من المخدرات، والنشاطات المنجمية، إضافة إلى مشاريع قوانين تتعلق بالتعبئة العامة والتأمينات الاجتماعية.
شهر جوان سيشهد مناقشة مشروع تعديل قانون التأمينات الاجتماعية حيث يتوقع أن يحمل إصلاحات مهمة في منظومة الحماية الاجتماعية
ووضع البرلمان في جدول أعماله سلسلة من النّصوص ذات البعد الاستراتيجي، في مقدمتها مشروع قانون الإجراءات الجزائية، الذي يقرأ كخطوة نوعية في مسار إصلاح العدالة وتعزيز استقلالية السلطة القضائية، كما يرتقب أن يُعيد مشروع الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية، الذي سيناقش يومي 13 و14 ماي، ضبط سياسة الدولة في مواجهة أحد أخطر التهديدات الاجتماعية، خصوصا في ظل تمدد شبكات الترويج عبر المنصات الرقمية وغيرها.
تعزيز الاستثمار في الجنوب
كما سيستكمل خلال جلسات 15 و19 ماي/ أيار، النقاش حول مشروع قانون النشاطات المنجمية، الذي يعد حجر زاوية في استراتيجية الدولة لإعادة الاعتبار للثروات الباطنية وتوجيه الاستثمار نحو الموارد غير المستغلة، خاصة في الجنوب الكبير.
تحديث الأطر القانونية للأمن القومي
ابتداء من 20 ماي/ أيار، سيكون البرلمان على موعد مع نقاش سياسي وأمني من العيار الثقيل، حول مشروع قانون التعبئة العامة، في سياق إقليمي ودولي مضطرب، يحتم على الدولة تحديث أطرها القانونية المتعلقة بالأمن القومي وحشد الموارد في حالات الطوارئ.
السياسات المالية بعد جائحة كورونا
أمّا في الشقّ المالي، فستتم مناقشة مشروع قانون تسوية الميزانية لسنة 2022 خلال جلسات 26، 27 و28 أيار/ مايو، في لحظة محاسبة للسياسات المالية ما بعد جائحة كورونا (كوفيد-19)، واستِعراض لمدى التزام الحكومة بتنفيذ البرامج المعلنة.
على مُستوى الجانب الاجتماعي؛ سيحظى مشروع تعديل قانون التأمينات الاجتماعية (83-11) بأهمية خاصة خلال جلستي 15 و16 حزيران جوان، حيث يتوقّع أن يتضمّن إصلاحات تمسّ منظُومة الحماية الاجتماعية، بما يُواكب التحوُّلات السكانية والضُّغوط الاقتصادية.
وينتظر أن تكون جلسة 16 حزيران/ يونيو المقبل محطة مفصلية للتصويت على ثلاثة مشاريع قوانين حاسِمة وهي: التعبئة العامة، التأمينات الاجتماعية، وتسوية الميزانية، قبل أن تختتم الدورة بجلسة شفوية في الـ 19 من الشهر ذاته، ثم خرجات ميدانية وأيام إعلامية في حال عدم إحالة أي مشروع قانون جديد، وهو برنامج يسبق عطلة برلمانية تتزامن مع احتفالات 5 جويلية/ تموز.
امتحان الحكومة والقُدرة على الإصلاح
علّق عضو لجنة الشؤون الاقتصادية والتجارة النائب عبد القادر بريش، على هذا المسار التشريعي المكثف قائلًا: "هذه الدورة تتميز بتقديم نصوص قانونية ذات أبعاد استراتيجية كبيرة، تؤسس لتوجهات الدولة في المرحلة المقبلة. مشاريع مثل قانون النشاطات المنجمية وقانون التعبئة العامة تمثل نقلة نوعية ستعزز السيادة الوطنية."
يُركّز مشروع قانون النشاطات المنجمية على إعادة الاعتبار للثروات الباطنية في الجنوب، لجذب الاستثمار في قطاع الموارد غير المستغلة
وأضاف أنّ قانون التأمينات الاجتماعية يعتبر اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة الحكومة على إصلاح منظومة الدعم بطريقة توازن بين الفئات الهشة واحتياجات الاقتصاد.
وأكد بريش أنّ وتيرة المناقشات السريعة لا تعني التسرع في اتخاذ القرارات، بل تعكس إرادة سياسية واضحة لإنهاء مرحلة التشريع وفتح الباب لإصلاحات أوسع قد تمهد لاستحقاقات أكبر في المستقبل.
تحديات ما بعد 5 جويلية
في الوقت الذي يرى النائب عبد القادر بريش أنّ التشريعات الحالية تمثل خطوة حاسمة نحو استغلال الثروات وتعزيز الأمن، تشير النائب زكية بوقطوشة إلى أنّ هذه التشريعات تعكِس إرادة الدولة في إعداد بيئة قانونية مستدامة وملائمة للتحديات المقبلة.
وقالت النائب زكية بوقطوشة في تصريح لـ" الترا جزائر": "البلد اليوم بصدد بناء أسس قانونية متينة لمواجهة تحديات المستقبل، ما يعكس رغبة الدولة في ترسيخ أسس جديدة للإصلاحات السياسية والاقتصادية."
وأضافت أنّ تقديم مشاريع قوانين استراتيجية، مثل قانون النشاطات المنجمية وقانون التعبئة العامة في هذا التوقيت، يأتي في إطار "استعداد الدولة للمرحلة القادمة، بما يتماشى مع التحديات الكبرى التي تواجهها".
انتِقادات.. تشريع برفع الأيدي؟
بالإضافة إلى الأطر القانونية؛ أوضح المحلّل السياسي عبد الرحمان بن شريط أنّ النواب يُواجهون اختبارًا حقيقيًا في ممارسة مهامهم التشريعية.
ودعا بن شريط النواب إلى تجاوز دورهم الشكلي المتمثّل في الحضور ورفع الأيدي، والانخراط بدلاً من ذلك في مناقشات جوهرية تؤدي إلى تعديلات ومقترحات بنّاءة، تُثري النصوص المعروضة وتعكس مسؤولياتهم التمثيلية والتشريعية بالشكل المطلوب.
المحلّل السياسي عبد الرحمان بن شريط لـ" الترا جزائر": على النواب الانخراط في مناقشات تُثري النصوص المعروضة وتعكس مسؤولياتهم التمثيلية والتشريعية وتجاوز دورهم الشكلي
وأكد بن شريط في تصريح لـ" الترا جزائر" أنّ إدراج مشاريع قانونية بهذا الحجم في جدول أعمال البرلمان يأتي في إطار استكمال الإصلاحات التي تعهد بها الرئيس عبد المجيد تبون منذ وصوله إلى سدة الحكم، لاسيما في الجوانب الاجتماعية.
وأضاف أنّ مشروع قانون التأمينات الاجتماعية والتقاعد، على سبيل المثال، "يشمل فئة واسعة من المواطنين مع إمكانية تعميمه على فئات أخرى لاحقًا".
وتطرق بن شريط إلى أهمية المشاريع المطروحة، مشيرًا إلى أن من بين أبرز القوانين التي ستناقش في البرلمان مشروع قانون الإجراءات الجزائية، الذي يتضمن أكثر من 800 مادة قانونية. كما أشار إلى مشروع قانون التعبئة العامة، الذي أثار جدلًا واسعًا بسبب توقيته وأسباب طرحه.
من الواضِح أنّ البرلمان يشهد فترة تحديات كبرى؛ قبل نهاية الدورة البرلمانية الرابعة في العهدة التشريعية التاسعة؛ دون الإخلال بجودة التشريع خاصة وأنّ عامل الوقت ليس في صالح النواب فقد سبق وأن كان البرلمان عُرضة لانتقادات واسعة بسبب ما وُصِف حينها باعتماد الاستعجال في مناقشة المشاريع.
الكلمات المفتاحية

البرلمان الجزائري سلطة تشريعية بمِطرقة المُصادقة.. أين الرقابة؟
مدّد البرلمان دورته العادية لمدّة أسبوع إضافي، في خُطوة تهدف إلى استكمال التصديق على حزمة من مشاريع القوانين المهمة.

كتاب "زمن العسكر... القلاع والبوصلة".. قراءة في التحولات السياسية في الجزائر
تُعتبر العلاقة بين المؤسسة العسكرية والفضاء السياسي في الجزائر من أكثر القضايا تعقيدًا وحساسية، إذ غالبًا ما يتمّ التعاطي مع هذا الموضوع ضمن أطر تحليلية تقليدية.

العلاقات الجزائرية الروسية.. تقاطع وتباين وتعاون في الأفق
في ظلّ التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي تشهدها منطقة الساحل الأفريقي، تتداخل العلاقات الجزائرية- الروسية ضمن شبكة معقدة من التقاطعات والتعاون.

خط بحري جديد للمسافرين بين بجاية وميناء فرنسي.. هل تنخفض الأسعار؟
دخل خط بحري جديد حيز الخدمة بين ميناء بجاية وميناء سات الفرنسي، بعد أن أشرفت الشركة الإيطالية "غراندي نافي فيلوتشي" على التدشين الرسمي له اليوم الاثنين، تزامنا مع وصول السفينة "إكسلنت" إلى ميناء بجاية وعلى متنها 257 مسافرا و181 مركبة.

6 أشخاص في قبضة العدالة بشبهة الاعتداء على السيدة المتهمة ظلما بالسحر
عرفت قضية سيدة العلمة المتهمة ظلمًا بممارسة السحر تطورات جديدة، حيث أعلن عن توقيف ستة أشخاص يُشتبه في تورطهم المباشر في حادثة الاعتداء التي تعرّضت لها، بعد تحليل محتوى الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وثّقت لحظة محاصرة السيدة وتوجيه اتهامات علنية لها، من دون أي دليل مادي أو قانوني.

لجنة الدفاع عن بوعلام صنصال تنتقد "تقاعس" مؤسسات الاتحاد الأوروبي في الدفاع عنه
يُكمل الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، في 16 جوان الجاري، شهره السابع خلف القضبان في سجن القليعة، حيث أعلنت لجنة دعمه عن خطوة جديدة للضغط من أجل إطلاق سراحه.

تزايد لافت لاستعمال السلاح في تهريب المخدرات.. هل نتجّه لعسكرة الجريمة؟
تأتي العملية التي أعلنت عنها وزارة الدفاع بتوقيف ثلاثة أجانب مسلحين يوم الجمعة 13 حزيران/جوان الجاري في منطقة عين أمناس الحدودية مع ليبيا، في سياق تحول واضح في سلوك الجماعات الإجرامية التي باتت تلجأ لاستعمال العنف المسلح في تنفيذ عملياتها، بعد أن كانت تعتمد لسنوات على شبكات تهريب سرية محدودة الإمكانيات.