15-أغسطس-2022
جندي جزائري في حراسة مجمع تيغنتورين بإن أميناس (الصورة: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

جندي جزائري في حراسة مجمع تيغنتورين بإن أميناس (الصورة: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

يتطلع الشباب الجزائريون المتهربون من الخدمة الوطنية "خدمة العلم"، إلى العفو عنهم وفتح باب الترشح لوظائف أمامهم في قطاع الدولة والقطاع الخاص.

كان شباب الخدمة العسكرية في التسعينات يتهربون من أدائها لأنهم كانوا هدفًا لكمائن المجموعات الإرهابية

انتظر المعنيون أن تأتي الهدية في شهر تموز/جويلية الماضي، لكن لم يحدث ذلك رغم الدعم الذي حصلت عليها قضيتهم من قبل الصحافة والبرلمان، حيث كانت لجنة الدفاع بالمجلس الشعبي الوطني رفعت في الدورة البرلمانية الاخيرة طلبا للسلطات لاستصدار قرارًا بالعفو وفق ما علمته "الترا جزائر" من مصادر فيها، فيما التمس عدة نواب بصفة منفردة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي يشغل صفة وزير الدفاع قرارًا مماثلًا بالعفو، كما فعل في العام الأول من حكمه.

 فبعد سبعة أشهر فقط من توليه الحكم أصدر تبون المرسوم رقم 20-164 الذي يتضمن إعفاء من التزامات الخدمة الوطنية للمواطنين الذين بلغوا 30 سنة فما فوق ولم يتم تجنيدهم بعد. امتدادًا لسياسة مرنة اعتمدتها السلطات منذ حوالي عشرون عاما بإعفاء آلاف الشباب البالغين سن التجنيد ضمن خطتها للذهاب الى احترافية الجيش والاعتماد بنسبة كبيرة على العسكريين العاملين والمتعاقدين.

الجامعيون والخدمة العسكرية

ويقول محيي الدين الحائز على شهادة دكتوراه في الهندسة وأب لطفل في حديث إلى "الترا جزائر" إنه يعيش حالة ترقب وقلق، مع أنه لا يحصل إلا على أجر زهيد لدى القطاع الخاص، رغم حيازته شهادة عليا موضحًا "العفو عني سيفتح لي أبواب وظائف في الجامعات وشركات عمومية وخاصة وبأجرة محترمة".

تزامن تحرك النواب بينما كان البرلمان الجزائري يستعد لمناقشة قانون جديد يعزز دور مجندي خدمة العلم في منظومة الدفاع الوطني، من خلال قانون الاحتياط العسكري.

ومن الواضح أنه صعب على السلطات استصدار قرار بالعفو عن العصاة في وقت طرح فيه للمناقشة هذا القانون الذي يوجب على مجندي الخدمة العسكرية البقاء تحت تصرف الجيش لغاية بلوغهم خمسون عامًا من العمر رغم انتهاء خدمتهم.

تعد فئة الجامعيين وخريجي مراكز التدريب المهني من مواليد 1991-1995 الاكثر تضررًا، حسب شهادات أصحاب أوضاع عالقة، فقد تم استثناؤهم قبل عامين من قائمة المشمولين بقرار العفو لأنهم لم ينهوا دراستهم قبل 31 كانون الأول/ديسمبر كانون الأول 2015 حسب وثيقة سلمها مكاتب الخدمة الوطنية للمعنيين.

المواطنون العصاة

في هذا السياق، قال الشاب محمد الأمين وهو ثلاثيني في حديث إلى "الترا جزائر"، إنه "من الضروري جدًا إلغاء قيد الدراسة والإعفاء بدون شروط اسوة بالدفعات السابقة، وأشار بهذا الخصوص بالنسبة لمواليد 1985-1990 لم يشترط إلا وثائق هوية وصور من العصاة المشمولين بقرار العفو".

رغم تقليص مدة الخدمة العسكرية في العام 2014 إلى 12 شهرًا فقط بدل 24 شهرًا وتحسن ظروف الحياة العسكرية مقارنة بفترة ما قبل الـ 2000، لا زال شبان يهربون من الخدمة، وخصوصًا أبناء المدن والمتعلمين واضعين أنفسهم في مواجهة عقوبات بموجب قانون الخدمة العسكرية.

وتوضح وزارة الدفاع الجزائرية على موقعها أنه كل مواطن يعتبر "عاص"، في حالة عدم الالتحاق بوحدة تجنيده بعد تلقي أمر الاستدعاء مصحوبًا بأمر بالحضور خارج الحالة القاهرة، وإذا بلغ سن 25 سنة كاملة ولم يستوف إجبارية الاحصاء أو الانتقاء الطبي، خارج الحالة القاهرة.

تسوية وضعية

ونصحت وزارة الدفاع الأشخاص المتأخّرين بـالتقرب من هياكل الخدمة الوطنية الملحقة، بغية تسوية وضعيتهم أين سيحضون بأفضل ترحيب وسيكون للمسؤولين آذان صاغية لشكواهم، حسب بيانها. وحذرت من أن عدم التجاوب يستدعي هذه الوضعية الوقوف أمام المحاكم العسكرية طبقًا لقانون العدالة العسكرية.

ويواجه العصاة تهديد المثول أمام المحكمة العسكرية وخفض الرتبة والحرمان من العمل في القطاعين العام أو الخاص أو مزاولة مهنة أو نشاطًا حرًا، بمقتضى القانون رقم 14 ـ 06 المتعلق بالخدمة الوطنية المادة 7 منه.

وتصل قائمة الممنوعات الحرمان من التقدم للانتخابات بمن في ذلك منصب رئيس الجمهورية حيث تنص المادة 87 من الدستور الجزائري المحددة لشروط الترشح للرئاسة ضرورة "إثبات الخدمة الوطنية أو المبرر القانوني لعدم تأديتها".

ووظف هذا المبرّر لإقصاء أبو الفضل بعجي أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني (الأغلبية البرلمانية) من خوض سباق الانتخابات البرلمانية في حزيران/جوان 2021 من قبل سلطة الانتخابات بحجة عدم أداء الخدمة لكنه نفى ذلك.

 ولاد الشعب

تختلف مبررات العصيان، من شخص لآخر لكن لا زال شباب يخرجون ورقة التهديد الإرهابي لتبرير الهروب رغم اختفائه مقارنة بفترة العشرية السوداء(التسعينات)، فقد كان مجندو الخدمة العسكرية في التسعينات من القرن الماضي هدفًا لكمائن للجماعات الإرهابية وفقد آلاف منهم حياتهم وأصيبوا بجروح خطيرة بسبب ذلك.

يرفض كثيرون أداء الخدمة الوطنية بحجة أن أبناء كبار المسؤولين غير معنيين بها

لكن العامل المتعلق بمواصلة الدراسة والأسباب الثقافية والاجتماعية تعد العامل الرئيس لظاهرة العصيان وعدم التجاوب مع نداءات الالتحاق بالخدمة العسكرية، إذ يردد الذين رفضوا أداء الخدمة أنهم لن يدخلوا الثكنات مادام أولاد ابناء كبار المسؤولين غير معنيين بها.