11-فبراير-2020

قطاع العدالة شهد تجاذبات سياسية جعلته محلّ انتقادات واسعة (الصورة: صحيفة العرب)

شجب نادي قضاة الجزائر (قيد التأسيس)، استدعاء المفتشية العامة  بوزارة العدل، أمسٍ الإثنين، لمساعد وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، بسبب مرافعته "المثيرة" التي برّأ فيها 19 متظاهرًا من الحراك الشعبي، واعتبر النادي خرجة الوزارة "تهديدًا للأمن الدستوري والمهني للقضاة، وهيمنة جديدة للسلطة التنفيذية على مفاصل جهاز العدالة.

مصادر "الترا جزائر" تؤكّد أن مفتشية وزارة العدل صنّفت تصريحات وكيل الجمهورية في خانة "الخطأ الجسيم" 

واعتبر  بيان نادي القضاة، اطلع عليه "الترا جزائر"، أن حادثة استدعاء مفتشية الوزارة، لمساعد وكيل الجمهورية، محمد بلهادي، "يشكّل إرباكًا لمسار استقلاليّة القضاء ويهدّد القضاة النزهاء في أمنهم الدستوري والمهني، كما يمسّ بمقتضيات الدستور"، مشيرًا إلى أن قرار الوزارة يكرّس لترهيب السلطة التنفيذية للقضاة والإجهاز على حقّهم في التعبير.

وتابع المصدر: "إن نادي القضاة يؤكّد أن المعركة الحقيقية لهذا الجيل من القضاة، والمستمدّة من الحراك الشعبي والثورة الشعبية السلميّة، هي معركة لتحقيق استقلالية العدالة عن وزير عدلٍ ومصالح وزاريّةٍ مستبدة ومتغطرسة، تتخوّف من تحركات القضاة الشباب، الذين يعبرون عن رأيهم بشأن القضايا التي لهم دور فيها".

وفي السياق، قال بيان القضاة، إن "تحرك القضاة الشباب بات خطرًا يهدد كيان ووجود الذي يرجى منه ضمان ولاء السلطة القضائية للأنظمة الشمولية"

ووصف نادي قضاة الجزائر، ما حدث لوكيل الجمهورية المساعد لدى محكمة سيدي امحمد، "بالانحراف الخطير في الممارسة القضائيّة، ويظهرُ تعطشًا للسلطة في فرض التوجّهات، والدوسِ على مقتضيات الدستور"، كما استعجل أصحاب البيان "باستقلاليّة النيابة العامّة عن أهواء الوزراء ومصالهم الشخصيّة".

كما ذكّر القضاة، أن "وكيل الجمهوريّة قاضٍ وله الحقّ في إبداء ما يراه مناسبًا من طلبات، دون أن يكون مسؤولًا عن ذلك، كما هو محدّد في المواد 31 و 36 من قانون الإجراءات الجزائيّة".

ورفض، المصدر ذاته، أن حكم وكيل الجمهورية، بلهادي، لا يُمكن تصنيفه ضمن خانة "الخطأ بمفهوم المادة 60 من القانون الأساسي للقضاء، كما  أنه ليس بالسابقة التي تستدعي المساءلة أمام المفتشيّة العامّة، فهناك المئات من التماسات النيابة بالبراءة وتطبيق القانون".

واتهم القضاة الوزارة الوصية، وعددًا من الوزراء، بـ"كسرِ وتثبيط أيّة محاولة للتعبير، والمطالبة بالاستقلاليّة والكرامة"، كما ندّدوا بـ "محاولة اختزال نضال الشرفاء المنتسبين للسلك وغيرهم، في مطالب مادية وإن كانت حقًا وكذا بالتسويق الشعبوي على أن هدف القضاة ليس تحرير القضاء واستقلاليته، بقدر ماهو الحصول على امتيازات.."، "في تشويه بائسٍ لصورة الشرفاء منهم، وتحييد إمكانية التضامن الشعبيّ معهم، والاستفراد بهم تباعًا"، يختم البيان.

وأسرت مصادر "الترا جزائر"، أن المفتشية العامة بوزارة العدل، صنفت قرار مساعد وكيل الجمهورية، محمد بلهادي، ونطقه ببراءة الموقوفين في الحراك في خانة "الخطأ المهني الجسيم"، وهو ما يترتّب عنه العزل من سلك القضاء، حسب القوانين.

ومن بين ماجاء في مرافعة مساعد وكيل الجمهورية، محمد بلهادي، خلال محاكمة عددٍ من الموقوفين في الجمعة الأخيرة من الحراك، قوله إن "التغيير حتمية تاريخية، والقضاة في طريق تحرير القضاء من سجنه النافد"، مضيفًا: "المواطن بلغ من الوعي الكثير، والقضاء يجب أن يستقل، وسيستقل في جزائر جديدة".

وتابع في محاكمة وصفت بـ"الشُجاعة": "القضاء سيستقل في الجزائر الجديدة، ولن نعود لسنوات التسعينات بفضل هذا الشعب، بفضل هذا الدفاع وبفضل القضاة الذين سيستقلون".

وركّز النائب العام على أن "الجزائريين يمشون قدمًا نحو الجزائر الجديدة، الجزائر التي يكون فيها القضاء حرًّا ومستقلًا، فالجزائريين يحملون ويردّدون شعارات تطالب بقضاء حرّ ومستقلّ، فلهذا أنا أتحمل المسؤولية بصفتي ممثل الحقّ العام، وأرفض التعليمات والمذكّرات الفوقية، التي تأتي من الفوق، وتجسيدًا لمبدأ استقلالية القضاء، أطلب تطبيق القانون في حق ّهؤلاء".

 

اقرأ/ي أيضًا:

نقابة القضاة لم تغفر لزغماتي حادثة اقتحام مجلس قضاء وهران

مذكرة عملٍ تفجر جدلًا وسط القضاة وزغماتي يتدخّل ويُلغيها