اليوم الوطني للفنان في الجزائر.. سطوة المُناسباتية وغياب الإرادة
10 يونيو 2025
مع حلول اليوم الوطني للفنان الذي يصادف الثّامن من حزيران/ جوان من كلّ عام في الجزائر، تجد فئة كبيرة من الفنّانين صُعوبةً في النّظر إلى هذا اليوم كمُناسبة احتفالية على شرفها، رغم كل تلك الالتفاتات والاحتفالات والعروض التي تتخلّل هذه المناسبة.
أصوات تُحاول حفظ كرامة الفنان كعنصر فاعل في صناعة بنية مجتمعية مثقّفة وقوية، وتدافع في المستقبل عن واجباتها قبل حقوقها لتتمكن من منح إضافة في ظلّ ظروف معيشية اجتماعية كريمة
ترتبط هذه الاحتفالية مع ذلك، بذكرى وفاة الشّهيد علي معاشي، أحد الفنّانين المناضلين الّذين ساهموا في ثورة تحرير الجزائر من خلال أعمالهم، حيث طُبع اسمه في ذاكرة كلّ منّا لمآثره العديدة، إضافة إلى وجود جائزة سنوية تحمل اسمه وصفة "رئيس الجمهورية" لتشجيع مختلف المواهب الفنية والأدبية الشابة. وهذا ما يتطلب أن تكون مناسبة تحيي مطالب الفنّان.
قد نلمس هذه الصّعوبة حينما نغادر الأجواء الاحتفالية والتكريمات والجوائز، لنتأمّل الوضع الحقيقيّ والواقعيّ للفنّانين الجزائريين اليوم، من ممثّلي سينما ومسرح وتلفزيون، مطربين وموسيقيين، فنانين تشكيليين، كتاب وتقنيين وعاملين في المجال، وغيرهم الكثير من الذين تجمعهم روح الإبداع والرّغبة في العطاء، ولم يدخلوا بعد إلى دهاليز مواقع التواصل وحُمّى الإعلانات والبث المباشر المدفوع، في حين لا تفرّقهم مشاكلهم العديدة وحديثهم عن الحقوق المهضومة وعن قلّة النشاط ومستوى العيش المتدنّي جرّاء ذلك.

رسالة الفنان
من الصحيّ في عالم الفن، أن نلمس اختلاف الرؤى وتفاوت نسب الوعي المجتمعي والإنساني لدى الفنانين، إضافة إلى مفاهيمهم المختلفة حول رسالة الفنان الحقيقية.
فكلّ فنان يتبنى فلسفته الخاصة في مجاله، ورغم اتفاق عدد كبير منهم عند إثارة النقاش حول أوضاع الفنانين اقتصاديا واجتماعيا، قد يفرّقهم ذلك أيضا إلى شلل وجماعات، بعضهم يخاف التهميش إن هو تحدّث، وبعضهم يُناضل بصوت مرتفع ، وآخرون يعملون بما توفّر ويحاولون تحقيق النجاح بالإمكانيات المتوفرة، في حين يلتزم البقية الصمت ويمتهنون التّرقّب ومراقبة أسماء دخيلة تسرق منهم الفرص، وهذه المواقف في الحقيقة، من حقّ كلّ واحد منهم.
عمر زاويدي لـ" الترا جزائر":الفنان في الجزائر ظلّ لسنوات طويلة مجرّد "زينة رمزية" في خطابات المسؤولين، حيث يُستدعى للمنصات والمهرجانات لتجميل الصورة، ثم يُنسى في الزوايا المظلمة
من خلال هذا المقال، نطرح أسئلة مشروعة، قبل يوم الفنان، خلاله وبعده، في الوقت الذي تتصاعد فيه أصوات تبتغي -مثلاً- مناقشة قانون الفنّان وأدوار بعض المصالح الرسمية التي وُظِّفَت لتطبيقه، إضافة إلى دواعي عدم تفعيل مواده بشكل صارم وواضح وشفّاف، ما ينصف الفنان ويحفظ كرامته كصوت يتحدّث عن وإلى المجتمع.
تساؤلاتٌ عن جدوى رجوع هذه المناسبات في ظل غياب حلول جذرية:هل يمتلك الفنان اليوم القُدرة على العطاء الفني في ظلّ ظروف مماثلة؟ وهل سنسمع صوته قريبا خارج بيانات الشّكر والعرفان؟
كيف تنظُر الحكومة ممثّلة في وزارة الثقافة، إلى الفنان ودوره المشروع في تكوين المجتمع في حين تغيب حلول جدية لحمايته؟ متى نلمس رغبة من الفنان في الاطلاع والمعرفة حتى يستطيع الدفاع عن وجوده وعن دوره المبتغى؟ هل سنرى رغبة سياسية حقيقية لإنصافه؟ وما الذي يمكن فعله لدعمه في هذا المجال ابتغاء لتقديم صورة مشرقة للفن في الجزائر؟
نحاول أيضا منح صوت لأصوات فنية في يومها، لعلها تستطيع إيصال رسالة حقيقية وواقعية عن الوضع، بعيدا عن سطوة المناسباتية والاحتفالات المفرغة من جوهرها، في الوقت الذي يتم فيه ابتلاعها وسط ضجيج كبير ومكرّر يُردَّد كلّ سنة.
أصوات تُحاول حفظ كرامة الفنان كعنصر فاعل في صناعة بنية مجتمعية مثقّفة وقوية، وتدافع في المستقبل عن واجباتها قبل حقوقها لتتمكن من منح إضافة في ظلّ ظروف معيشية اجتماعية كريمة، وتحت قيادة سلطة تقدّم رغبة حقيقية في التغيير.

مبادرات وزارة الثقافة
خلال اليوم الوطني للفنان، وحسب بيان صحفيّ لوزارة الثقافة، أجرى وزير الثقافة والفنون، زُهير بَللُّو عدّة اتّصالات هاتفية مع مجموعة من الفنانين والأدباء من مختلف مناطق الوطن، وباختلاف إسهاماتهم الإبداعية، حيث قدّم عبرها تهانيه بمناسبة عيد الأضحى المبارك، واليوم الوطني للفنان المصادف للثامن من جوان.
أكّد بيان وزارة الثّقافة أنّ هذه المبادرة تأتي في "إطار رؤية الوزارة الرامية إلى ترسيخ علاقة قوامها الاحترام والتواصل المباشر مع الفاعلين في الحقل الثقافي، بما يعكس إرادة جديدة لتقريب الخطاب الرسمي من نبض الميدان".
وفي البيان ذاته؛ تمّت الإشارة إلى أنّ الوزير قد وجّه دعوة شخصية للفنانين من أجل حضور حفل تسليم جائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب، المزمع تنظيمها يوم السبت 14 حزيران/ جوان 2025، بقاعة أوبرا الجزائر، وذلك بعد تأجيله لتزامنه مع عطلة العيد.
ومن المُنتظر أن يشهد الحفل تكريمًا لنخبة من الطاقات الشابة التي أثبتت حضورها في مختلف الحقول الإبداعية.
يؤكد البيان أنّ هذه المبادرة "تؤكد حرص الوزارة على تكريس ثقافة الاعتراف، وبناء جسور الثقة مع المجتمع الإبداعي، ضمن مقاربة واقعية تجعل من الفنان شريكًا في صياغة المشروع الثقافي الوطني، وفي تعزيز الهوية، وترسيخ الوعي العام".
الفنّان بوصفه "زينة رمزية"
في تصريح لـ"الترا جزائر"، قال الفنان والنّاشط الثّقافي عمر زاويدي الذي يشارك في حملة دفاع عن حقوق الفنان "المتقطّع"، إنّ الفنان في الجزائر ظلّ لسنوات طويلة مجرّد "زينة رمزية" في خطابات المسؤولين، حيث يُستدعى للمنصات والمهرجانات لتجميل الصورة، ثم يُنسى في الزوايا المظلمة للبيروقراطية والتهميش، وبين نص قانوني جميل على الورق، وواقع معاشٍ قاسٍ، تاهت كرامة الفنان، وخصوصًا الفنان "المتقطع" (المشتغل بشكل متقطّع وغير قارّ)، ذاك الذي يعيش من عرض لآخر، ومن مناسبة لأخرى، بلا حماية، بلا تأمين، وبلا كرامة.
ما قبل قانون الفنان
من جهة أخرى، يُشير عمر زاويدي إلى أنّ الوضع قبل صدور ما يُعرف اليوم بـ"قانون الفنان"، كان أشبه بالمأساة: فلا بطاقة مهنية، ولا تغطية اجتماعية، ولا حقوق تقاعد، ولا تأمين على الحوادث أو الأمراض، أو حتّى اعتراف بمهنته كعامل منتج.
هنا، يتساءل المتحدّث: "كم من فنّان دفن في صمت؟ كم من صوت أُسكِتَ بسبب العوز؟ كم من ممثّل، موسيقيّ، شاعر، أو كاتب، اضطرّ للتّخلّي عن موهبته ليعمل في أعمال هامشية تضمن له فقط الخبز والماء؟
صدمة ما بعد قانون الفنان
في السّياق ذاته، يُؤكّد الفنان عمر زاويدي أن الجميع كانوا متفائلين عند صدور "قانون الفنان"، حيث ظنّ كثيرون حسبه أنّ زمن التّهميش قد ولّى، لكن في الواقع كانت الصدمة أكبر من التوقعات، لأن القانون كان موجودا بالفعل، لكنّه بقي بلا روح، بلا آليات مفعّلة، بلا تطبيق، وبلا إرادة سياسية حقيقية.
الفنان عمر زاويدي لـ" الترا جزائر": "كم من فنّان دفن في صمت؟ كم من صوت أُسكِتَ بسبب العوز؟ كم من ممثّل، موسيقيّ، شاعر، أو كاتب، اضطرّ للتّخلّي عن موهبته ليعمل في أعمال هامشية تضمن له فقط الخبز والماء؟
ما يزال الفنان "المتقطع" ينتظر حقه في بطاقة فنان، والمجالس واللّجان صارت تُدار بعقليات مغلقة، فوقية، لا تؤمن بمبدأ التمثيل الشفاف ولا بالعدالة الفنية، وكأن القانون، جاء فقط لخلق واجهة تنظيمية لا أكثر، دون أن يغيّر شيئًا في جوهر المأساة، حسب المُتحدّث.

من يحمي حقوق الفنان؟
يعتقد عمر زاويدي أنّ الدّيوان الوطني لحقوق المؤلّف والحقوق المجاورة، من مهمته حماية الحقوق المعنوية والمادية للفنّان، لكنه تحوّل على حدّ قوله إلى مؤسسة تفتقر للشّفافية، في ظلّ غياب تقارير مالية مفصّلة، وآليات واضحة لتوزيع العائدات، وعدم تواصل مع الفنّانين حول مستحقّاتهم، ولا حتّى قنوات اعتراض أو مراجعة للمعطيات.
يشير المتحدّث هنا إلى أنّ العديد من الفنانين يؤكدون عدم تلقّيهم دينارا واحدا رغم بثّ أعمالهم في الإذاعات، القنوات، وعلى المنصّات الرقمية، بل ويُفاجؤون بأسماء أخرى تحصل على مداخيل مرتفعة دون أعمال تُذكر!
المجلس الوطني للفنون والآداب
في سياق حديثه، يضيف الفنّان أنّ هذا المجلس الذي شُكّل كمؤسسة لتنظيم القطاع ومنح بطاقة الفنان، هو الآخر تحوّل إلى جهاز بيروقراطي ثقيل ومعقّد، لا يمتّ للواقع الفني بصلة، فكيف يُطلب مثلا من شخص له أكثر من 20 سنة من النشاط "إثبات" أنه فنان؟ وكيف يتمّ رفض الملفات دون توضيح، ودون آلية استئناف أو طعن؟
لماذا يُقصى فنانون حقيقيون، في حين تُمنح البطاقة لأشخاص لا يمتون للفن بصلة؟ والأخطر من كل هذا: طريقة التسيير المغلقة لهذا المجلس، حيث يُقصى الفنانون من التمثيل، وتُغلق الأبواب في وجه النقاش والمقترحات.
هنا، يطالب زاويدي بأن يتمّ تعويض يوم الفنان هذا بيوم للمطالبة بالحقوق والنضال وليس الاحتفال الباهت العبثي.
عمر زاويدي: من الضروري تفعيل آليات قانون الفنان وإصلاح طريقة تسيير المجلس الوطني للفنون والآداب
كما يؤكد أنّه من بين المطالب العاجلة لكل فئات الفنانين لضمان الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، تفعيل آليات قانون الفنان فورًا، وليس شكليًا، إصلاح طريقة تسيير المجلس الوطني للفنون والآداب، عبر إشراك النقابات والمجتمع الفني الحقيقي، ضمان تمثيل جهوي وقطاعي عادل، واعتماد آليات شفافة وعصرية لمعالجة الملفات.
إضافة إلى ذلك، يشير إلى ضرورة مراجعة شاملة لتسيير "لوندا"، مع فرض نشر تقارير مالية سنوية، وإنشاء لجنة رقابة مستقلة، إنشاء صندوق وطني للتكفل بالفنانين المتقطعين خلال فترات البطالة، المرض، أو الكوارث، والاعتراف بالفنان كعامل ثقافي منتج في قانون العمل، وتمكينه من حق التقاعد والتأمين.
لأن الفنان دون حماية حسب يعدّ ذاكرة في خطر، كما ان الفنان دون كرامة وطن بلا روح، والفنّ إن لم يكن حرًا وعادلاً، يبقى مجرد ترف للنّسيان.

صوت الفنّان فعل مقاومة
آثر الفنان التشكيلي نور الدين تابرحة أن يكتب رسالة للفنانين في يومهم الوطني، حيث قال:
"إلى كلّ الفنّانين الّذين اختاروا الوقوف مع الإنسان، مع الوطن، مع العدالة الحق.
نقول أنتم ضمير الأمة المستتر والظاهر ولسانها الناطق بالحق والصّدق، أنتم الحسّ المرهف والذّوق السّليم بكل بديع جميل."
وأضاف الفنان تابرحة، أنه في زمن يتحول فيه الصمت إلى علامة مسجلة، يصبح صوت الفنّان فعل مقاومة في وجه القبح والتهميش، يصبح الجمال موقفًا حتميا للضّمير الحيّ.
في السياق ذاته، قال المتحدّث في منشوره على فيسبوك: "في عالمنا المليء بالنزاعات والخراب يصبح الإبداع مأوى للسكينة وللروح الطاهرة وسلاحًا للمجابهة، واليوم نحن في أوج الحاجة إلى فنان جريء صادق لا يصمت، ويكون غير قابل للمساومة، كما نحتاج إلى فنّ يشبه النّاس في ملامحهم، يعبّر عنهم، يحلم معهم، يرافقهم، ويثور معهم و لأجلهم".
دعا نور الدّين تابرحة إلى تبنّي الفن كجبهة للتصدّي ضدّ النّسيان والتّنكّر، ضد الاستلاب، ضدّ القبح وضدّ كلّ ما يخدش الإنسان في إنسانيته.
إضافة إلى ذلك، وجّه تابرحة كلامه إلى من حوّلوا الفنّ إلى موقف وشرف، ومن جعلوا من الجمال عملاً نضاليًا ومن الإبداع حصنًا منيعًا للهوية وعزة للنفس.
"إلى أولئك الفنانين الذين يقاومون البلادة ، الإنحراف، الّذين يرسمون على جباه أحلامنا "وشما" لا يختفي بعوامل الحت وإغراء الزمن، ويزرعون في الوجدان بذور الانتماء والحلم الجميل .
أسماء صنعت الجزائر الفسيفساء
استحضر نور الدين تابرحة في نصّه أسماء الذين ناضلوا في الخفاء وفي العلن، الّذين دفعوا ثمن التزامهم دون أن ينكسروا أو ينهزموا.
وذكر أنّ الفنان اليوم هو الامتداد الطبيعي لذلك المسار، وصوت الجزائر الفسيفساء الجميلة الساحرة التي لا تقبل أن تُختزل أو تُستلب من قوى الظلامية والشر والقبح، ورثة الشهيد علي معاشي وامحمد إسياخم، محمد خدة ومحمد إڤربوشن، الشيخ حمادة، عيسى الجرموني، بڤار حدة وخليفي أحمد، ورثة عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي، محمد ديب، مولود فرعون، الطاهر جاووت، مالك حداد، كاتب ياسين وأحمد رضا حوحو وغيرهم، كما قال إنّ أعمال الفنّانين واجهة تعكس أحلام أمتهم وشموس تنير سماء وطنهم.
وضعية الفنان من وضعية المُعوزّ
من جهته، يؤكد الفنان والكاتب المسرحي رمزي عاشور أنّ السؤال عن وضعية الفنان أصبح في الآونة الأخيرة واجب وأمر لابدّ منه، بل إنّه صار حسبه في مستوى السؤال عن المريض وعن اليتيم، أو -إن صحّ التعبير- مثله مثل السّؤال عن المعوز الذي لا يملك قوت يومه.
يشدد رمزي عاشور في تصريح لـ" الترا جزائر" على أنّ هذه الحالة أصبحت جدّ مؤسفة بالنسبة للكثير من ممتهني الفن دون هواته، وهم الطّرف النّقيض بالنّسبة لأصحاب المهنة، حيث يمتلكون مهنة بدلا عن الفن، مهنة تأويهم وغير مضرة بالنسبة لهم سواء انتعش القطاع بالإنتاج أو غاب عنه ذلك، طبعا دون الانتقاص من أي شخص، وما قد يمنحه من فن.
حالة اجتماعية عصيّة
يؤكد المتحدث هنا أنّه بصدد الحديث عن حالة اجتماعية، حيث أصبح الفنان في الآونة الأخيرة حسبه، "حالة اجتماعية لابد من الإفصاح عنها وتحليلها والبحث عن حلول لها".
فمن المؤكّد أنه مهما تم الحديث عن هذه الحالة العصية للفنان فلا يمكن أن نوفي أدنى حقوقه، لكن بالتأكيد وجب الحديث عن الأسباب الرئيسية التي جعلت هذا الوضع يتأزم إلى هذه الدرجة.
أسباب مآسي فناني المسرح
من بين هذه الأسباب، يذكر المتحدث هنا مشكلة الإدارة، أو ما يسمى المتصرف المسيطر على الفن بأنواعه، إذ يرى رمزي عاشور أنّ المؤسسة الإدارية ممثلة في مسؤوليها هي العامل الأول الذي جعل الإنتاج الفني محتشما جدا، أو يمكن القول إنّه أصبح شبه منعدم تماما، وحين يتم ذِكر عبارة مسؤول مؤسسة ثقافية هنا، فالمقصود طبعا سياسة التسيير.
يمثّل الفنان رمزي عاشور رفقة زملائه حسب تصريحه، فئة فنانين متعاملين مع المؤسسات الثقافية صارت ذات خبرة لا يليق بها التعامل مع سياسة التسيير الحالية.
المسرحي رمزي عاشور لـ" الترا جزائر": السؤال عن وضعية الفنان أصبح في الآونة الأخيرة في مستوى السؤال عن المريض وعن اليتيم، أو -إن صحّ التعبير- مثله مثل السّؤال عن المعوزّ الذي لا يملك قوت يومه
ويتعلق الإشكال بالحقوق المادية بالدرجة الأولى وفي كلّ مرّة؛ فمن الطبيعي أنه كلما زادت خبرة الفنان، تكون مستحقاته المادية أكبر، وهذا ما يزعج المسيّر الذي يريد الحفاظ على منصبه بواسطة الحسابات المادية الضّيقة، ما أوصل المؤسسات الثقافية إلى الاتجاه نحو التعامل مع شباب فنانين مبتدئين كي يضمنوا توفير أجر منخفض، حسب المتحدّث.
من هنا، يكشف رمزي عاشور من خلال هذه السياسة وهذا الحل السريع، سبب توجّه المؤسسة في معظم الوقت إلى الورشات التكوينية لتوفير الوجوه الهاوية والشابة.
يؤكد الفنان هنا أنّه يتحدث في المقام الأول بصفته فنان مسرحي وأن ما يقوله يخص المؤسسة المسرحية بالدرجة الأولى، حيث لجأ المسؤولون أيضا إلى ما يسمى بصندوق الدعم من أجل الإنتاج، ما جعل المسؤول يبدو كحارس خزينة.

فكر تجاري فاشل يحكم المسرح
يشير رمزي هنا إلى أنّ تفشّي الفكر التجاري الفاشل بدلا من الفكر الإيجابي والحلول الصعبة أصبح معضلة المسرح والفن عموما، فقد كان من الممكن أن تكون المؤسسة تجارية بامتياز، وفي الوقت ذاته فنية بكامل رقيها، لو أنّ المسيّرين فكّروا بالفعل في إنتاج أعمال جيدة تستقطب جمهورا يدفع من أجل الدخول لمشاهدة العرض الجيد.
رمزي عاشور: من يعتمد على الفنّ كمصدر رزق، مع إيمانه بكونه رسالة ومهمة نبيلة، سيموت جوعا وعوزا وقهرا. لأن هذا الفنّ ببساطة صار فعلا مُناسباتيّ
يرى الفنان رمزي عاشور أنّ الفن لا يبتغي أن يُحشر في صندوق الإدارة، فقد ولد حرا ويجب أن يبقى حرا حتى لو كان تحت إطار إداري.
ترتبط إشكالية الفنّ في الجزائر في المقام الأول بحفظ الكرامة، لأنّ الفنان لا يستطيع العيش من فنّه كمهنة قارّة في الجزائر، وهذا ما نلمسه من خلال الكثير من الأصوات التي ترتفع من حين لآخر بين الفنانين.
بل إن المؤسف في الأمر، يكمن في أنّ من يعتمد على الفنّ كمصدر رزق، مع إيمانه بكونه رسالة ومهمة نبيلة، سيموت جوعا وعوزا وقهرا. لأن هذا الفنّ ببساطة صار فعلا مناسباتيّ، قد يدرّ عليه بعض المداخيل الشحيحة من موسم لآخر، إن هو كان محظوظا بالمشاركة التي تحدث غالبا عن طريق العلاقات، فيبقى بلا حماية اجتماعية ولا تأمينات، في ظل صعوبة الحصول على بطاقة فنّان توفّر تلك الكرامة المبتغاة
خلال بقية السنة، يبقى الفنان حبيس جدران بيته وهواجسه، أو يسكن المقاهي هربا من كل تلك المشاكل والمتطلبات التي تفرضها الحياة، ليترقّب المستجدّات والأخبار، يحتجّ من حين لآخر برسائل خفية في منشورات عابرة، أو يترقب صدور قانون جديد وتطبيقه بغية حمايته من البطالة، وربما يلجأ إلى مهن لا تليق به بغية العيش، وقد تلازمه نوبات غضب متقطّعة كلّما أغلقت في وجهه سبل النّجاة.
فهل سيأتي اليوم الذي نرى فيه ثورة حقيقية تأتي أُكلها، لنعيش عصرا ذهبيا للفنّ الجزائري بعيدا عن حمّى الشعارات والبيانات المكررة كلّ عام ؟!
الكلمات المفتاحية

رشيد بوجدرة لـ "الترا جزائر": كتاب عن غزة سيصدر في سبتمبر المقبل والجبن أفقد الأمة العربية موهبتها كأمة شاعرة
كشف الكاتب الروائي الجزائري رشيد بوجدرة عن عمل أدبي جديد سيرى النور في غضون شهرين على الأكثر، يتحدث فيه عن غزة ومحنتها ومحنة الفلسطينيين بها، خلال السنتين الأخيرتين.

ترشح 6 جزائريين للفوز بجائزة كتارا للرواية العربية
سجّل الأدب الجزائري حضورًا لافتًا في القائمة الطويلة لجائزة كتارا للرواية العربية 2025، مع وصول ستة كتّاب جزائريين في فئات الرواية والنقد، ما يجعلهم مرشحين للفوز من أبرز الجوائز الأدبية في العالم العربي.

حوار| عبد القادر عفّاق: التّقمص غير المُغازِل عنصرٌ أساسي للخَلقِ في السينما
ينزوي الفّنان عبد القادر عفّاق في خلوته الفنية والانسانية بعيدًا عن وسط فنّي صاخب ومُبهم الملامح، مُستذكرًا مشوارًا طويلًا غير هيّن، في حين نتأمّل فيه الإنسان الذي عايش ويُعايش أحداثًا عديدة ومراحل مختلفة من سيرة الفن والمجتمع والسياسة في الجزائر، ليمنحنا ذلك الانطباع بأن الفنّان في الجزائر بإمكانه أن يكون ذاكرة حية وشاهدًا على انتصارات وهزائم عديدة، كما قد ينقل لنا صورة حية لهذا العالم من خلال…

محمد بوضياف.. رئيس يرفض أن يرحل من ذاكرة الجزائريين
في ذكرى اغتياله الثالثة والثلاثين، لا يزال الرئيس الراحل محمد بوضياف يثير مشاعر الحنين والأسى لدى الجزائريين، الذين يتذكرونه كأحد أكثر الشخصيات السياسية التي جمعت بين التاريخ الثوري والرغبة في إصلاح الدولة.

طقس الجزائر.. حرارة تصل إلى 49 درجة
حذرت مصالح الأرصاد الجوية، في نشرية خاصة من تسجيل درجات حرارة قصوى تصل إلى 49 درجة مئوية تحت الظل طيلة يوم الخميس. بكل من أدرار، إن صالح وتمنراست.

طقس الجزائر.. حرارة مرتفعة ورطوبة عالية في أغلب المناطق
تشهد مختلف المناطق الجزائرية، اليوم الأربعاء 9 تموز/جويلية 2025، أجواءً صيفية حارة، حيث تسجَّل درجات حرارة مرتفعة خصوصًا في المناطق الداخلية والجنوبية، وسط تحذيرات من استمرار موجة حر خلال الأيام المقبلة.

سجن نقيب فيدرالية السكك الحديدية.. حزب العمال يطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط
دعا حزب العمال إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الأمين العام لفيدرالية عمال السكك الحديدية، سعيدي لونيس، الذي تم توقيفه يوم 5 تموز/جويلية الجاري، بالتزامن مع عيد الاستقلال الوطني، وأُودع الحبس الاحتياطي، في خطوة وصفها الحزب بانتهاك صارخ للحصانة النقابية واعتداء على حق الإضراب