12-مارس-2020

وكالة الطاقة الدولية تتوقّع تراجع الطلب العالمي على النفط سنة 2020 (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

انهيار أسعار النفط الخام، إلى أدنى مستوياته، هو أسوأ السيناريوهات التي تواجهها حكومة تبون اليوم، رغم توقّع الخبراء بوجود تأثيرات سلبية لانتشار فيروس كورونا على سوق النفط والاقتصاد العالمي.

ذكرت تقارير إعلامية أن الرياض تخطّط لرفع إنتاجها النفطي، إلى أكثر من 10 ملايين برميل يوميًا

في مقابل تراجع أسواق النفط، وتآكل احتياطي الصرف، والعجز في الموازنة العامّة، لم تباشر حكومة عبد العزيز جراد أيّة خطوة تتضمّن إعادة النظر في قانون المالية لسنة 2020، علمًا أن الحكومة كانت قد اعتمدت سعر 45 دولار للبرميل، كسعر مرجعي لإعداد قانون المالية 2020.

اقرأ/ي أيضًا: تبون يصف فترة بوتفليقة بـ"العهد البائد"

السعودية وحرب الأسعار

ذكرت تقارير إعلامية أن الرياض تخطّط لـ رفع إنتاجها النفطي، إلى أكثر من 10 ملايين برميل يوميًا في شهر نيسان/أفريل المقبل، وهذا إثر رفض روسيا مواكبة جهود منظمة "أوبك"، لخفض إنتاج النفط وإنقاذ السوق المضطرب من فيروس كورونا.

من جهة أخرى، قالت وكالة الطاقة الدولية أنه من المتوقّع تراجع الطلب العالمي على النفط خلال سنة 2020، بسبب تراجع النشاط الاقتصادي العالمي وانتشار فيروس كورونا.

في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي كمال سي مصطفى، إنه بعد فشل اتفاق (أوبك + 5) للدول خارج "الأوبك"، انخفضت الأسعار بحوالي 30 في المائة، ويعود سبب هذا الانهيار في الأسعار حسبه، إلى صدور أوامر سعودية لشركة "أرامكو" بزيادة الإنتاج بمجرّد انتهاء الاتفاقية السابقة لـ "أوبك".

وفي تقدير الخبير الاقتصادي، فإن حرب الأسعار لها تداعيات جيوسياسية أكثر منها اقتصادية، لذلك من المتوقّع أن يوحد اجتماع مجموعة العشرين G20  الرؤية بين السعودية وروسيا.

حلول ترقيعية

في سياق معالجة ما أطلق عليه الاقتصاديون بـ"الصدمة"، لم يتضمن مجلس الوزراء في اجتماعه يوم الأحد، أي إجراءات استعجالية، ولم يناقش أي تدابير مالية ومصرفية قصد إعداد قانون مالية تكميلي، يعاد فيه النظر في ميزانية التسيير أو حجم النفقات العمومية، أو إدراج قرارات تقشّفية.

ويتوقع خبراء، أن تلجأ الحكومة إلى تقليص المواد والسلع المستوردة من الخارج، أو فرض رخص الاستيراد، وهي تدابير إدارية وجمركية سبق وأن باشرتها حكومة تبون سابقًا، دون أن تنعكس إيجابًا على احتياطي الصرف.

في سياق متّصل، اكتفى مجلس الوزراء بالتأكيد على ضرورة تطوير الطاقات المتجدّدة، ودعم التحكم في الاستهلاك الطاقوي والنجاعة الطاقوية، وحتميّة تطوير الصناعات البتروكيميائية، دون تحديد آليات للتمويل المالي ولا رصدٍ للميزانية المستحقّة.

وبحسب رأي خبراء، في ظلّ الهشاشة المالية، فإنّ الحكومة الجزائرية بحاجة إلى موارد مالية إضافية، لتطوير النسيج الصناعي المعطّل بالكامل، وتمويل مشاريع الطاقات المتجدّدة.

مخطط حكومي استعجالي

أمّا فيما يخصّ الإجراءات المفروضة على الحكومة اتخاذها، إثر انهيار اسعار النفط، أعاب الخبير الاقتصادي فريد بن يحيى في حديثه إلى "الترا جزائر"، على الفريق الحكومي، بما أنه لا يحتوي مشروع قانون المالية، في ظلّ تنبؤات أو احتمالات بشأن انكماش الاقتصاد العالمي وتراجع الطلب على المحروقات، واضطراب السوق النفطي.

وأشار الخبير، أنه لا بد من إعداد برنامجٍ استعجاليٍّ، يحدّد بدقّة الخطوات والأرقام، وليس مخطط عملٍ إنشائيٍّ أو خطوط عريضة.

وأضاف المتحدّث أنه يتوجّب على الحكومة، توقيف تصدير البترول نهائيًا، وتنويع مداخيل العملة الصعبة عبر بعث الصناعة البتروكيميائية، موضحًا أن سعر البترول الحالي لا يقدّم أي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، ولا للمردودية المالية، علمًا أن تكلفة إنتاج البرميل الواحد هي في حدود 34 دولار.

وأبرز الخبير قدرات الجزائر في مجال الصناعة البتروكيميائية، والتي تعرف ارتفاعًا في الأسعار وزيادة في الطلب عليها، واستقرارًا في السوق العالمية، بينما يبقى النفط الخام في تراجع مستمرّ، من حيث الاستهلاك أو كقيمة سلعية.

يشير بن يحيى، إلى أنه لا بد من إعادة النظر، في حجم التحويلات المالية بالعملة الصعبة في قطاع الخدمات، وليس استيراد السلع فقط.

 وأضاف المتحدّث، أن فاتورة التحويلات المالية في قطاع الخدمات تبلغ حوالي 11 مليار دولار سنويًا، مشدّدًا على ضرورة وضع آليات للتدقيق في الحسابات وصرف الميزانيات، وليس الاعتماد على عمليات التفتيش.

وختم محدثنا، أنه على الحكومة الاعتماد على مكاتب الاستشراف والتخطيط، سواءً المحلية منها أو مكاتب الدراسات العالمية، التي لها تأثير في البورصات العالمية والمالية، وليس الاتكال على الإدارات البيروقراطية.

 بعث المؤسّسات 

في السياق ذاته، يرى بعض المختصّين، أن الجزائر بحاجة إلى منهجية واضحة في دفع نسق الاستثمار، وبعث مشاريع مؤسّسات صغرى ومتوسّطة، للخروج من دائرة الاقتصاد الريعي والنفطي، والتصدير إلى دول الجوار والسوق الأفريقية والعربية، وفي ظلّ العجز المالي وتراجع احتياط الصرف، لم يعد من المصلحة الاستثمار في المشاريع الكبرى، التي تستهلك أموالًا كبيرة وتحقّق مردودية خلال سنوات.

إن الوضع السياسي في البلد سيزيد من متاعب حكومة تبون، التي راهنت على تحسين الأداء الاقتصادي

إن الوضع السياسي في البلد سيزيد من متاعب حكومة تبون، التي راهنت على تحسين الأداء الاقتصادي لامتصاص غضب الحراك الشعبي، بدل البحث عن التوافق السياسي للخروج من الأزمة، ويتّفق الجميع أن مضاعفات الأزمة الاقتصادية على الجبهة الاجتماعية، ستُعقّد الأوضاع الداخلية أكثر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تبون لصحيفة "لوفيغارو": لم يضعني الجيش رئيسًا للبلاد

البراءة لنجل الرئيس عبد المجيد تبون