11-أبريل-2019

مثل الحراك فرصة لاسترزاق الباعة الجائلين (الترا جزائر)

تزينت المحلات الواقعة بجوار مدخل مسجد علي بتشين بالرايات الوطنية وأزياء تناسب كل الأعمار تحمل ألوان العلم الوطني. ومنذ بداية الحراك الشعبي والأسواق تشهد إقبالًا كبيرًا لاقتناء كل ما يحمل ألوان العلم الوطني، سواءً أعلامًا صريحة أو قبعات وملابس.

لم يستقطب الحراك الشعبي المناضلين والسياسيين فقط، وإنما كذلك أصحاب الأنشطة التجارية الموازية، كباعة الأعلام والرايات

وفيما مضى كانت تلك البضاعة تنتعش مع المنافسات الكروية. لكن اليوم بات لانتعاشها سبب آخر تمثل في الحراك الشعبي. والأقمصة الرياضية للمنتخب الجزائري عليها طلب حتى بين المتظاهرين.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا تعرف عن السترات الصفراء والبرتقالية في الجزائر؟

تجارة وسياسة

على مدى 40 يومًا، لم يستقطب الحراك الشعبي في شوارع الجزائر منضالين وسياسيين فقط، بل باتت بعض الأنشطة التجارية الموازية وغير الموازية، تساير التظاهرات وتعمل على مرافقة الحراك في جانبه الخدماتي والجمالي والترفيهي، ليعطي للحراك بعدًا فريدًا. ومن بين تلك الأنشطة التجارية بيع الرايات والأعلام الوطنية.

كريم وهو بائع متجول، يحضر بضاعته في الصباح الباكر، انطلاقًا من ساحة بورسعيد، يترقب الوفود الأولى المتجهة من الجهة الغربية من العاصمة إلى ساحة البريد المركزي. وتعد ساحة بورسعيد فضاءً مركزيًا مفتوحًا، تكثر فيها المقاهي والفنادق الصغيرة، التي امتلأت هي الأخرى على هامش الحراك.

كريم الوافد من مدينة القصبة، لم يعمل في بيع الرايات إلا مع بداية المسيرات. يقول إن خبرته في النشاط التجاري الموازي، دفعته إلى مواكبة المسيرات لبيع الرايات، وبالتدريج بدأ يدرك الكمية والنوعية المطلوبة من السلع، فيتبضع من سوق الجملة بجامع اليهود، ويسرح ببضاعته مع المسيرات. ويوم الجمعة هو أربح الأيام.

تمثل المسيرات بالنسبة لكريم، فرصتان في حدث واحد: الأولى المشاركة السياسية كونه يتبنى مطالب الجماهير، والثانية التجارة والربح.

من الفاكهة للأعلام الوطنية

عند مخرج شارع علي بومنجل كان عزيل (47 عامًا)، يعرض رايات وأعلام وطنية متوسطة الحجم للبيع. يأمل عزيل أن يفضي الحراك إلى تحسين الوضع الاقتصادي لأمثاله ولعموم البلاد.

كان عزيل، وهو أب لثلاثة أبناء، يسرح بالفاكهة في شوارع العاصمة، لما اندلعت الشرارة الأولى للحراك، فقرر أن يرافق مسيراته، ناشطًا ذو مطالب، وبائعًا للأعلام والرايات يبحث عن رزق أبنائه. "صحيح أنني لم أتعلم، لكنني أريد أن يعيش أبنائي حياة أفضل في وطنهم"، يقول عزيل.

الأعلام الفلسطينية

على طول طريق شارع العربي بن مهيدي إلى غاية ساحة موريس أودان، نقاط عديدة على الأرصفة ما بين طاولات ومركبات وسيارات شباب يعرض أعلام وطنية وقبعات باللونين الأبيض والأخضر، والرايات الأمازيغية، إضافة للعلم الفلسطيني الحاضر بقوة في مسيرات الحراك.

يقول نصر الدين، بائع أعلام: "كل الأعلام عليها طلب. وبداية من مسيرة الثامن من آذار/مارس، بدأ الطلب يتزايد على الأعلام الفلسطينية، لذلك كثفنا من عرضها".

في الملاعب والحراك

إبراهيم، من مدينة البليدة، يمارس هذه المهنة منذ فترة طويلة، حيث كان ناشطًا في بيع الأعلام والملابس الرياضية بمدرجات الملاعب، قبل أن ينتقل مؤخرًا إلى الشوارع رفقة المسيرات.

يقول إبراهيم إنه كلما ازدادت العاطفة الوطنية، كانت التجاربة مربحة أكثر. ويضيف لـ"الترا جزائر": "صحيح نقوم بعمل تجاري، ولكن كثيرًا ما نقدم للأطفال قبعات مجانًا، والكثير من الخصومات. نعتقد أننا بالإضافة للربح، علينا المساهمة في دعم الحراك". 

وفي ختام حديثه يأسف إبراهيم على أن الرايات والأعلام الوطنية التي يبيعها، منشأها في الصين، "رغم وجود روش صناعة على مستوى مدينة مليانة ومدينة عين الدفلى. لكن  سوق العلمة بولاية سطيف يبقى أكبر سوق جملة، وبضاعته معظمها من الصين".

يقول الباعة الجائلون في مسيرات الحراك، إن وجودهم ليس بغرض التجارة والربح فقط، وإنما أيضًا لدعم المسيرات 

لا يزعج المتظاهرون وجود الباعة الجائلين إلى جانبهم، لما في ذلك من إثراء لمسيرات الحراك من جهة بالأعداد، ومن أخرى بالرايات. تقول سيدة تحدثنا إليه حين كانت تشتري من أحد هؤلاء الباعة: "إنها فرصة للارتباط بالعلم الوطني كرمز للثورة والحرية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الحراك الذي لا تحتكره السياسة.. مطالب حيوية ومعيشية من عمق الشارع الجزائري

أطعمة الشواطئ المتجوّلة في الجزائر.. تسمّمْ بنقودك