12-فبراير-2019

أثار ترشح بوتفليقة رفضًا واسعًا في أوساط الجزائريين (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

قبل أيّام، كان قطاع واسع من الجزائريين يعتقدون أنّ الرّئيس بوتفليقة أوعز لمحيطه بأن يرتّب مناشدات بترشّحه لولاية خامسة، حتّى يقوم برفضها ويخرج من الباب الواسع، إذ لم يستوعبوا أن يقبل الترشّح لولاية خامسة، وهو الذي لم يستطع أن يقول لهم "عيدكم سعيد" منذ آخر تجمّع شعبيّ نشّطه في مدينة سطيف عام 2012.

تعبر حالة الإحباط التي تعم الجزائر  عن ثمرة لكون جيل كامل في البلاد لم يعرف رئيسًا غير بوتفليقة

غير أنّ الرسالة، التي بعث بها عبر الوكالة الحكوميّة للأنباء، وأعلن فيها ترشّحه لانتخابات الثّامن عشر أبريل/نيسان القادم، أسقطت آخر أمل بعدم ترشّحه لدى الجزائريين في الماء، وكان ذلك سببًا في خلق حالة من الإحباط العام كانت لها تجلّياتها في المجالس الواقعيّة والافتراضيّة، توزّعت بين الرّفض والسّخرية والتّهديد.

اقرأ/ي أيضًا: استدعاء بوتفليقة للهيئة النّاخبة.. الجزائريون يسألون: هل سيترشّح؟

يقول النّاشط سعيد عبد المومن لـ"ألترا صوت" إنّ حالة الإحباط هذه هي ثمرة لكون جيل كامل من الجزائريين لم يعرف رئيسًا غير بوتفليقة، ولم يلمس في واقعه ما وعد به ما عدا تحقيق السّلم والمصالحة، "فهو يفكّر في الهجرة أكثر من الإقامة، ولا شكّ في أنّنا سنشهد استفحالًا لهذه الظّاهرة في القريب العاجل بسبب هذا الإحباط". ويتساءل عبد المومن: "قال الرّئيس المترشّح في رسالة الترشّح إنّه سيقوم بإصلاحات في حالة فوزه، فماذا يُصلح؟ لماذا لم يفعل ذلك من قبل؟ إنّنا نتحدّث عن عشرين عامًا لا عن عامين. أنا نفسي كان عمري ثلاث سنوات عند بداية العهدة الأولى".

وصرّح الكاتب والفنّان زهير كدية بدوره لـ"ألترا صوت"، أنه بصدد إطلاق أغنية يخاطب فيها الرّئيس بوتفليقة وينسف ترشّحه نسفًا. في السّياق تداول روّاد مواقع التّواصل الاجتماعي فيديو للمغنّية فلّة عبابسة المعروفة بفلّة الجزائريّة توجّه فيه نداء للمثقّفين برفض العهدة الخامسة، وذهبت فيه بعيدًا بدعوة الجيش إلى التدخّل لقطع الطريق أمام من أسمتهم "الأربعين حرامي".

وفيما خرج العشرات في ولاية تيزي وزّو، 100 كيلومتر إلى الشّرق من الجزائر العاصمة، في مسيرة رافضة للعهدة الخامسة، لبس المشاركون فيها سترات صفراء شبيهة بتلك التّي يلبسها المحتجّون الفرنسيّون، فضّل البعض أن يعبّروا فرادى عن ذلك. إذ بات ممكنًا أن نصادف، في أكثر من مدينة، شابًّا يحمل على لباسه عبارة من قبيل "الجزائر ليست مملكة" أو "لا للعهدة الخامسة" أو "دعوه يموت في سلام". وفي الجزائر العاصمة، التّي استثنيت من التّرخيص بتنظيم المسيرات والتجمّعات الشعبية من بين الولايات السّبع والأربعين، تجمّع شباب في قلب المدينة وردّدوا شعارات، قبل أن يتفرّقوا سلميًّا، من قبيل "نوض يا شهيد كاين استعمار جديد" و"يا مواطن يا ضحية شارك في القضية". 

في السّياق عينه، انتشرت موجة سخرية من المشاركين في التجمّع، الذّي ناشد فيه الحزب الحاكم "جبهة التّحرير الوطنيّ" الرّئيس بوتفليقة لأجل أن يترشّح قبل يوم من أن يستجيب لذلك، إذ أظهرت تسجيلات أنّ منظمي التّجمّع دفعوا مبالغ مالية لبعض الشّباب المشاركين وسندويتشات. وبادر بعض المشاركين، من باب السّخرية، إلى القول إنّهم لن يشاركوا في التّجمّع الدّاعي إلى عهدة سادسة لأنّ سندويتشات 2019 كانت أفقر من تلك التّي سلّمت لهم في تجمّع 2014.

اقرأ/ي أيضًا: عيد ميلاد بوتفليقة على فيسبوك.. وليمة للسخرية

قطاع واسع من المثقّفين والنّشطاء كتبوا في حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا، أنّ صفحاتهم لا تتّسع لدعاة العهدة الخامسة. وقال النّاشط حسام الدّين شرّاد في تدوينة له إنّه سيتعامل مع كلّ من يدعو إلى العهدة الخامسة على أنّه "ساقط العدالة والأهليّة وشاهد من شهود الزّور لعلمه اليقينيّ بسقوط أهليّة مرشّحه".

أظهرت تسجيلات أنّ منظمي التّجمّع الذي طالب بترشح بوتفليقة، دفعوا مبالغ مالية لبعض الشّباب المشاركين وسندويتشات، وهو ما أثار سخرية واسعة

في المقابل، قال الجامعي والنّاشط عماد عبد السلام لـ"الترا صوتإنّه يؤمن بعدم أهليّة الرّئيس بوتفليقة للترشّح، "غير أنّ المنطق يقول إنّ الصندوق هو ما يجب أن يفصل. وعلى الذّين يرفضون العهدة الخامسة أن يشاركوا في الانتخابات بقوّة ويحموا الصّناديق ويمنحوا أصواتهم لغيره، أمّا الاكتفاء بالرفض، فهذا لم ينفع في السّابق حتّى ينفع اليوم".

 

اقرأ/ي أيضًا:

عصر بوتفليقة.. من تقديس الوطن إلى تقديس الفرد

أجنحة الحكم في الجزائر.. تناقضات مقصودة