سياسة

برونو روتايو رئيسًا لحزب "الجمهوريين" على أكتاف "الملف الجزائري".. واحتمالات ترشحه للرئاسة الفرنسية تتعزز

19 مايو 2025
برونو روتايو، وزير الداخلية الفرنسي (مونت كارلو)
برونو روتايو، وزير الداخلية الفرنسي (صورة: فيسبوك)
فريق التحرير
فريق التحرير

في مشهد سياسي فرنسي سريع التغير، شهدت باريس انتخاب برونو روتايو وزير الداخلية الحالي وصاحب النظرة المتشددة ضد الجزائر، رئيساً لحزب "الجمهوريين"، بنسبة 74.31 بالمائة من الأصوات، في انتصار ساحق على منافسه لوران فوكيي.

وزير الداخلية انتخب رئيسًا لحزب "الجمهوريين" في انتصار ساحق على منافسه لوران فوكيي

 ومع أن الفوز كان متوقعاً، فإن دلالاته تتجاوز مجرد تغيير على رأس قيادة الحزب اليميني التقليدي، لتفتح الباب أمام تحولات سياسية أعمق تتقاطع مع أزمة العلاقات مع الجزائر، وتثير تساؤلات جادة حول نوايا روتايو في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.

وبانتصاره الكاسح، يتحول روتايو الآن إلى رقم صعب في اليمين الفرنسي، بعد سنوات من التشتت والانقسام داخل حزب "الجمهوريين". ويمثل فوزه تفويضاً سياسياً واضحاً من القاعدة اليمينية التي تبحث عن زعيم "حقيقي" قادر على تحدي إيمانويل ماكرون من جهة، والتفوق على مارين لوبان من جهة أخرى.

الترشح للرئاسة.. احتمال جدي

وبالنظر إلى السياق السياسي الحالي، يبدو ترشح روتايو للرئاسة في 2027 احتمالاً جديّاً، خاصة في ظل ضعف البدائل داخل اليمين التقليدي، وصعود النزعة السيادية في الخطاب العام الفرنسي، وهي النوتة التي أجاد هذا السياسي اللعب على  أوتارها بتبنيه خطابًا هجوميًا، خاصة في ما يخص الهجرة والعلاقات مع الجزائر، ما جعله يحظى بتأييد قطاع من ناخبي اليمين المتطرف أيضًا.

وإذا ما قرر الترشح للرئاسة، فإن الملف الجزائري سيحتل موقعًا مركزيًا في برنامجه السياسي، لا بوصفه مجرد ملف هجرة، بل باعتباره رمزًا لما يسميه "استعادة السيادة الوطنية" و"فرض احترام الدولة الفرنسية على الخارج والداخل"، وهي شعارات تلقى صدى واسعًا لدى الناخبين الفرنسيين المحافظين.

ومع استمرار تموقعه في المشهد السياسي الفرنسي، توضع العلاقات الجزائرية الفرنسية من جديد على المحك، فهذا اليميني المتشدد بات العدو الأول للجزائر في الخطاب الرسمي والإعلامي، حيث يعتبر من وجهة النظر الجزائرية مهندس التوترات الحالية، بحديثه المستمر عن الجزائر في قضية عدم التعاون في مسائل ترحيل المهاجرين، رغم أن المسألة لا تتعلق بالجزائريين لوحدهم.

 كما يُتهم بضرب التقارب المسجل بين الجزائر وباريس عقب مكالمة الرئيسين عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون نهاية شهر نيسان/أفريل الماضي، بإحياء ما يعرف بقضية أمير ديزاد واعتقال الموظف القنصلي الجزائري، وهي الاتهامات التي ترفضها حكومة باريس وتؤكد على أن روتايو لا علاقة له بها لأنها جاءت بأوامر قضائية مستقلة.

خلفية سياسية متشددة

سياسيا وايديولوجيا، ينتمي روتايو إلى التيار السيادي في اليمين الفرنسي، ويعتبر من صقور حزب "الجمهوريين". وقد سبق أن طالب مرارًا بإلغاء اتفاقية 1968 المنظمة لحركة التنقل والهجرة بين الجزائر وفرنسا. كما أصرّ على مراجعة اتفاق 2013 الخاص بالإعفاء من التأشيرات لحاملي الجوازات الدبلوماسية وتقليص الهجرة الجزائرية في فرنسا، ملوّحًا بسياسة "القبضة الحديدية" تجاه الجزائر.

وفي تصريحاته، يعيد روتايو إحياء خطابات استعمارية مبطّنة، حيث يقول في إحدى المقابلات أن "الجزائر لم تعد تستحق امتيازات استثنائية، ونحن لسنا ملزمين بالاعتذار عن التاريخ". كما تحدث ذات مرة عن "استعادة السيطرة على المناطق المفقودة في الجمهورية"، في إشارة إلى الضواحي ذات الكثافة المغاربية، ما أثار انتقادات منظمات حقوقية وفعاليات يسارية اعتبرت تصريحاته "عنصرية مقنّعة".

وتثير أحاديثه قلقا عارما في فرنسا من قبل سياسيين من اليسار طالبوا مرارا باستقالته واتهموه بالسطو على صلاحيات وزير الخارجية فيما يخص العلاقة مع الجزائر ناهيك عن اتهامه بالعداء للإسلام والتماهي مع موجة الإسلاموفوبيا في فرنسا، خصوصا بعد طريقته الباردة في التعامل مع حادثة مقتل الشاب أبو بكر سيسي العنصرية في مسجد جنوب شرق فرنسا.

ويثير بمواقفه أيضا، حفيظة مؤرخين مثل  بنجامان ستورا، المتخصص في ملف الذاكرة الفرنسية الجزائرية، الذي اتهمه بالانحراف عن النهج الديغولي في التعامل مع الجزائر. وقال ستورا إن روتايو "يحاول طمس الحقائق التاريخية وفرض منطق القوة"، مشيرًا إلى أن "الذاكرة بين البلدين باتت الآن ضحية للمزايدات الانتخابية". 

ولم تمر المواقف المتطرفة لروتايو مرور الكرام داخل الجالية الجزائرية الكبيرة في فرنسا، التي تمثل وزناً انتخابيًا وثقافيًا معتبرًا. وفي الأيام الأخيرة، تحدثت تقارير إعلامية عن تصاعد حالة القلق في أوساط الفرنسيين ذوي الأصول الجزائرية، الذين باتوا يشعرون بأنهم "مستهدفون ضمنيًا" بخطابات تستحضر تارة "الهوية الفرنسية المهددة"، وتارة أخرى "الولاء المشكوك فيه" لمزدوجي الجنسية، فضلا عن عرقلة حصول الجزائريين على بطاقات الإقامة الضرورية لمزاولة أعمالهم ضمن نطاق القانون.

 

الكلمات المفتاحية

العلاقات الجزائرية الإيرانية

العلاقات الجزائرية الإيرانية .. شراكة في مرآة الجغرافيا والسياسة

مرّت العلاقات الجزائرية الإيرانية بمحطات متباينة، شملت فترات من التقارب والتعاون، وأخرى اتسمت بالتوتر والفُتور، وصلت أحيانًا إلى حدّ القطيعة.


المجلس الشعبي الوطني

البرلمان الجزائري سلطة تشريعية بمِطرقة المُصادقة.. أين الرقابة؟

مدّد البرلمان دورته العادية لمدّة أسبوع إضافي، في خُطوة تهدف إلى استكمال التصديق على حزمة من مشاريع القوانين المهمة.


الجزائر العاصمة

كتاب "زمن العسكر... القلاع والبوصلة".. قراءة في التحولات السياسية في الجزائر

تُعتبر العلاقة بين المؤسسة العسكرية والفضاء السياسي في الجزائر من أكثر القضايا تعقيدًا وحساسية، إذ غالبًا ما يتمّ التعاطي مع هذا الموضوع ضمن أطر تحليلية تقليدية.


العلاقات الجزائرية الروسية

العلاقات الجزائرية الروسية.. تقاطع وتباين وتعاون في الأفق

في ظلّ التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي تشهدها منطقة الساحل الأفريقي، تتداخل العلاقات الجزائرية- الروسية ضمن شبكة معقدة من التقاطعات والتعاون.

العلاقات الجزائرية الإيرانية
سياسة

العلاقات الجزائرية الإيرانية .. شراكة في مرآة الجغرافيا والسياسة

مرّت العلاقات الجزائرية الإيرانية بمحطات متباينة، شملت فترات من التقارب والتعاون، وأخرى اتسمت بالتوتر والفُتور، وصلت أحيانًا إلى حدّ القطيعة.

باخرة غراندي نافي فيلوتشي
أخبار

خط بحري جديد للمسافرين بين بجاية وميناء فرنسي.. هل تنخفض الأسعار؟

دخل خط بحري جديد حيز الخدمة بين ميناء بجاية وميناء سات الفرنسي، بعد أن أشرفت الشركة الإيطالية "غراندي نافي فيلوتشي" على التدشين الرسمي له اليوم الاثنين، تزامنا مع وصول السفينة "إكسلنت" إلى ميناء بجاية وعلى متنها 257 مسافرا و181 مركبة.


السيدة
أخبار

6 أشخاص في قبضة العدالة بشبهة الاعتداء على السيدة المتهمة ظلما بالسحر

عرفت قضية سيدة العلمة المتهمة ظلمًا بممارسة السحر تطورات جديدة، حيث أعلن عن توقيف ستة أشخاص يُشتبه في تورطهم المباشر في حادثة الاعتداء التي تعرّضت لها، بعد تحليل محتوى الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وثّقت لحظة محاصرة السيدة وتوجيه اتهامات علنية لها، من دون أي دليل مادي أو قانوني.

بوعلام صنصال (الصورة:فيسبوك)
أخبار

لجنة الدفاع عن بوعلام صنصال تنتقد "تقاعس" مؤسسات الاتحاد الأوروبي في الدفاع عنه

يُكمل الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، في 16 جوان الجاري، شهره السابع خلف القضبان في سجن القليعة، حيث أعلنت لجنة دعمه عن خطوة جديدة للضغط من أجل إطلاق سراحه.

الأكثر قراءة

1
أخبار

نواب يخطرون المحكمة الدستورية حول تهميش دور المعارضة البرلمانية


2
راصد

دعوة نائب لإلغاء الفلسفة من التعليم تثير استهجانا واسعا.. ومعلقون: كيف يجهل أهمية أم العلوم؟


3
أخبار

جامعة سيدي بلعباس الأولى مغاربيا في تصنيف دولي مرموق.. هل هي ثمار الإنجليزية؟


4
أخبار

التهمت هكتارات من الأراضي الفلاحية.. كيف تُواجه الحكومة "الأحواش"؟


5
ثقافة وفنون

حوار| عبد القادر عفّاق: التّقمص غير المُغازِل عنصرٌ أساسي للخَلقِ في السينما