19-مارس-2020

المركب السياحي أكوا بالم بولاية بسكرة (تصوير: بلال بن سالم/Getty)

الشاب كريم هو مسيّر وكالة أسفار في مدينة تيزي وزو، كان يضع اللمسات الأخيرة، على برنامج رحلة قامت وكالته بتنظيمها لفائدة شركة خاصّة، وكان الاتّفاق أن تتكفّل الوكالة بتنظيم رحلة لمدّة أسبوع، تتزامن مع عطلة الربيع لفائدة موظّفي الشركة وعائلاتهم، قامت الوكالة بتأكيد الحجوزات لدى فندق في مدينة الحمامات التونسية، وقامت الشركة بدفع القيمة المتّفق عليها.

يعتبر فصل الربيع والعطلة المدرسية التي تتزامن معه، إحدى فترات الذروة الموسمية للوكالات السياحية

 حدث ما لم يكن في الحسبان وألغيَ البرنامج ومعه برامج أخرى، بعد غلق الحدود والأجواء، وكبح حركة التنقّل بسبب تفشّي فيروس كورونا، لتقوم الوكالة بإلغاء كل برامجها داخليًا وخارجيًا، وتغلق أبوابها لفترة غير معلومة، لقد ذهب كل شيء في مهبّ رياح الكورونا.

اقرأ/ي أيضًا: غلق المعابر الحدودية مع تونس.. عزلة اجتماعية واقتصادية أيضًا

برامج سياحية ملغاة

يعتبر فصل الربيع والعطلة المدرسية التي تتزامن معه، إحدى فترات الذروة الموسمية للوكالات السياحية، حيث تقوم بتسويق رحلات وبرامج سياحية لفائدة التلاميذ وأوليائهم الباحثين عن فترة راحة قصيرة، كما صار من الرائج، أن يختار الجزائريون هذه الفترة من العام لأداء مناسك العمرة، وهو الموسم الذي تتنافس فيه الوكالات لإطلاق أحسن عروض "عمرة عطلة الربيع".

لكن، ومنذ انتشار وباء كورونا في العالم، اختارت السلطات السعودية غلق الحرم المكي ومنع الصلاة فيه في مرحلة أولى، وتوقيف خدمات إصدار تأشيرات العمرة، ما يعني إلغاء جميع برامج العمرة التي تعتبر لغالبية وكالات الأسفار الجزائرية مصدر الرزق الأول، بل أنّ هناك وكالات تختص بالعمرة فقط، لتجد نفسها على حافة الإفلاس وتدخل في مشاكل إدارية لا تنتهي خاصة مع الزبائن الذين سارعوا لطلب التعويض.

في هذا الصدد، كشف رئيس النقابة الوطنية الجزائرية لوكالات السياحة، إلياس سنوسي، عن إلغاء أكثر من 90 في المائة من الرحلات، التي كانت ستنظمها وكالات السياحة ما بين  شهريْ آذار/مارس ونيسان/أفريل، للسياح الذين يقصدون أوروبا وتونس المغرب والدول الآسيوية، خوفًا من انتشار فيروس كورونا، وهو القرار الذي أثبت الأمر الواقع صحّته، كون أولى حالات كورونا كانت لمسافرين عائدين إلى الجزائر.

وأكد إلياس سنوسي في حديث لـ "الترا جزائر"، أن هذا الإلغاء تسبب في خسائر مالية فادحة للوكالات السياحية ، مؤكدًا أن الوضع أصبح صعبا على الوكالات التي ستضطر إلى إعادة أموال الأشخاص الذين حجزوا لديها في برامج العمرة ، كما قد تكون بعض الوكالات مهدّدة بفقدان تذاكر الطائرة التي حصلوا عليها كجزءٍ من سياسة "إغلاق المقعد" التي تطبقها شركات النقل الجويّ، رغم أنّ الوضع الراهن عالمي واستثنائي وستكون فيه إجراءات تعويض تأخذ بعين الاعتبار جميع الأطراف.

وكالات مغلقة..

أمام هذا الوضع، بادرت العديد من الوكالات السياحية، إلى غلق مقرّاتها والدخول في عطلة إجبارية لغاية عودة المياه إلى مجاريها، فبعض الوكالات كانت تعتقد أنّ الأمر لن يطول، لكن مع تسارع ظهور حالات جديدة في مدن مختلفة من الجزائر، تم إلغاء معظم الرحلات والوفود السياحية التي كانت مبرمجة نحو الصحراء الجزائرية، المفترض أن تكون الملاذ الوحيد للسيّاح والوكالات بعد غلق الأجواء والرحلات الخارجية.

يرى محمد بن حمدون، صاحب وكالة أسفار في تمنراست، أنّ فيروس كورونا ضرب السياحة العالمية في الصميم، ليطال الأمر كذلك وكالات السفر في الجزائر، فقد قام كثير من السياح الأجانب، بإلغاء رحلاتهم إلى الصحراء الجزائرية، فوكالته كانت تستقبل وفودًا كثيرة من فرنسا والنسما وإيطاليا في مثل هذه الفترة من العام، إضافة إلى السيّاح الجزائريين اللذين يختارون الصحراء لتمضية عطلة الربيع.

محمد بن حمدون: أعلمتُ السلطات أنني أضع الفندق الذي أمتلكه في مدينة تمنراست ليكون مركزًا للحجر الصحّي في حالة الضرورة

ويضيف بن حمدون "بعد الأزمة الاقتصادية، وتقلص القدرة الشرائية لدى الجزائريين، ما جعلهم غير قادرين على السفر والسياحة، أتت أزمة كورونا لتُكمل ما بقي من نشاط للوكالات السياحية. نحن أكبر متضرّر من هذه الأزمة، بتنا لا نملك شيئًا"، وينهي بن حمدون كلامه قائلًا: "أمام هذا الأمر، أعلمتُ السلطات في ولاية تمنراست، أنني أضع الفندق الذي أمتلكه في المدينة ليكون مركزًا للحجر الصحّي في حالة الضرورة، علينا أن نتأقلم مع الوضع، وننتظر انفراج الأزمة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

مباريات بدون جمهور.. "كورونا" مزمنة في الملاعب الجزائرية

فيروس "كورونا" يفرض على تبون تأجيل تعديل الدستور