21-أغسطس-2022
الفنان الجزائري بشير يلس شاوش (فيسبوك/الترا جزائر)

الفنان بشير يلس شاوش (فيسبوك/الترا جزائر)

70 سنة سخرّها لخدمة الفن والثقافة، ساهم في تصميم أجمل وأشهر المعالم التاريخية والعلمية والحضارية والفكرية في الجزائر، شخصية أكاديمية وباحث أيضًا، له باع في تكوين التشكيليين والخطاطين الشباب..  إنّه بشير يلس شاوش عميد الفن التشكيلي والفن المعاصر الذي وافته المنية الثلاثاء الماضي عن عمر مائة عام وسنة.

كان الفنان بشير يلس يطبع كل لوحة يرسمها بألوان هادئة تغذيها بيئة ثقافية حضارية شكلت واقعه البصري والفني

مائة عام وسنة كرّس منها بشير يلس أطول الفنانين عمرًا 70 عامًا في الفن وإبراز الخصوصية الثقافية والمعمارية للجزائر، كان له أثر وتأثر كبير في الزخرفة والخط والرسم والتشكيل بصورة عامة، خلق لمسة خاصة به ستظل راسخة في تاريخ الفن التشكيلي والفنون المعاصرة.

في حزيران/جوان 2021 تزامنًا ومئوية ميلاده، أقيم بالمتحف العمومي للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، معرض تكريمي للراحل بشير يلّس، شارك فيه 50 فنانًا من تلامذة الراحل الذين ردّوا له الجميل بطريقة فريدة اعترافًا بمسيرته وتقديرًا لما قدّمه لهم أيام كان مديرًا للمدرسة العليا للفنون الجميلة، فقدّموا شهادات حيّة بحضوره وعرضوا أعمالًا فيها روح يلّس وما استلهموه منه.

لوحة للفنان بشير يلس

بشير يلس "أسطورة" الفن التشكيلي في الجزائر، لم يتوقف عن العطاء والإنتاج رغم تقدّمه في السن، ولم تنقطع علاقته مع أصدقائه من الفنانين وغير الفنانين، فيقول عنه أحد طلبته الفنان عبد القادر بومالة وفق ما نقلته جريدة خاصة، إنّ يلس يعدّ أحد أحسن المديرين الذين مرّوا على المدرسة العليا للفنون الجميلة، سواء على صعيد إدارته وتسييره لهذه المؤسسة العمومية أو على صعيد التدريس وطريقة تعامله المميزة والحسنة مع الطلبة.

لوحة للفنان بشير يلس

لا تغيب الروح الجزائرية عن لوحاته، فهو يطبع كل لوحة يرسمها بألوانها الباردة الهادئة، بلمسة فريدة، تغذيها بيئة ثقافية حضارية شكلت واقعه البصري والفني، وإن كان يهتم بالتفاصيل في بعض اللوحات التي يرسمها، نجد أن لوحات أخرى يميل إلى المدرسة التكعيبية، وهو ما يجعله مهتمًا بالحداثة والتجديد في فن الرسم والمعمار.

في كثير من لوحات بشير يلس، تحضر البيئة والمكان والثقافة العمرانية، فهو يهتم كثير برسومات السجاد وأقواس البنايات والأحياء العتيقة والألبسة التقليدية الجزائرية، وتظهر عبقريته في الاهتمام بالنقوش والزخارف ودقتها، حيث ينفخ فيها روحًا لا يمكن أن تجدها في لوحات أخرى.

لوحة للفنان بشير يلس

 يحكى عن يلّس أنّه أثناء جولاته الروتينية عبر أقسام المدرسة بالكاد يسمع صوته أو حركته كي لا يزعج الطلبة والأستاذة، كما كان يشارك الطلبة في المرسم خلال زيارته للأقسام والورشات التطبيقية، ناهيك عن ذلك صرامته في التسيير والإدارة ومرونته وحسن تعامله مع الجميع في الإطار الأكاديمي.

الفنان بشير يلس

خلّد بشير يلّس كتب اسمه بأحرف من ذهب في صفحات الذاكرة، أبدع في الفن التشكيلي وفي فن العمارة التي أبرز خلالها الخصوصية الجزائرية والطابع المعماري الجزائري العربي الإسلامي، وتجلى ذلك عدد من المجسمات والجداريات داخل خارج الوطن من بينها المساهمة في تصميم مقام الشهيد النصب التذكاري الذي يخلّد شهداء الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي، وإنجازه أعمال في الزخرفة بالمتحف الوطني للجيش، فضلًا عن الإشراف عن تصميم مجسمات بقصر الثقافة مفدي زكريا ومسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة، وكذلك إنجاز عدد من الطوابع البريدية المخصصة للأزياء الجزائرية التقليدية والسجاد والحرف اليدوية وأشهر المعالم الأثرية التي تزخر بها البلاد ولعلّ أبرزها مسجد " كتشاوة".

الفنان بشير يلس

ولد بشير يلّس في شهر أيلول/سبتمبر 1921، بتلمسان، وبعد اجتيازه مرحلتي الابتدائي والمتوسط، درس بثانوية " دي سلان"، ثم توجه عام 1943 إلى مدرسة الفنون الجميلة بالعاصمة الجزائر، ثم في عام 1944 شارك في "المعرض الأول للرسم والمنمنمات الإسلامية في الجزائر" وقدمّ خلاله أعماله لوحة  "جورج مارصي" و"عرس في تلمسان"، و"مناظر من تلمسان".

 وبين سنتي 1947 و1950، التحق بمدرسة الفنون الجميلة بباريس، وتوج دراسته بإقامة معرض فنّي بباريس، ثم صارت إنتاجاته الفنّية غزيرة داخل بلاده، ضلا عن المسؤوليات المختلفة التي تقلّدها بعد الاستقلال.

وفي تعزية وزيرة الثقافة صورية مولوجي لعائلة الفقيد تحدثت عن سيرة الراحل بشير يلّس، وورد فيها أنّ بشير يلس يعد واحدا من أهم الرسامين الجزائريين المعاصرين وتبقى بصمته خالدة على الفن التشكيلي والعمارة.

لوحة للفنان بشير يلس

تميز يلّس في تخصص المنمنمات 1962 – 1982، وتصميمه لعدة طوابع بريدية جالت دول العالم ولازالت تؤرخ لفترة من حياته الفنية.

 كما يعد بشير يلس الرئيس المؤسس للاتحاد الوطني للفنون التشكيلية سنة 1970، ولقد ساهم بشكل لافت في مجال المعمار فقد كان من بين الفنانين الجزائريين الذين تم الاستعانة بهم من أجل تصميم مقام الشهيد المستمد من جريد النخيل.

الفنان بشير يلس

 كما قام بزخرفة قصر الثقافة مفدي زكرياء الذي افتك الجائزة الأولى لمنظمة الدول العربية كأحسن معلم ثقافي في الوطن العربي سنة 1988، ومعالم أخرى كمسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة والمركز الوطني للأرشيف، وله عدة جداريات في عواصم دول كثيرة مثل بيروت وباريس.

خلال مسيرته الفنّية نال عدّة جوائز وحظي يلّس بعديد التكريمات التي نظمتها مؤسسات عمومية مثل تكريمه في أيلول/سبتمبر 2020 في ذكرى ميلاده الـ99 من قبل المتحف الوطني العمومي للفنون الجميلة، إضافة إلى تكريمه عام 2009 في معرض حمل عنوان "إرساء ذاكرة".

حظي الفنان بشير يلّس بعدة تكريمات ونال عدة جوائز وتتويجات خلال مسيرته الفنية 

ومن أعمال يلّس نجد لوحة "ابن باديس" (1946)، "المنصورة" (1947)، "لالة ستي" (1954)، مجسم "ساعة رياض الفتح" (1985)، لوحة "مناظر من الريف" (2005)، "عرس بتلمسان" (1944)، جدارية في سفارة الجزائر باريس (1969)، جدارية في سفارة الجزائر في بيروت (1970)، فريسكو بسطيف، جدارية بباتنة.. وغيرها.