بعد استيراد نصف مليون رأس في عيد الأضحى.. هذه مخاوف تزاوج الأغنام الجزائرية بالرومانية والإسبانية
11 يونيو 2025
شهدت الجزائر هذه السنة أكبر عملية استيراد لأغنام حية في تاريخها، حيث تم الإعلان في مجلس الوزراء آذار/مارس الماضي عن استيراد مليون رأس تحسبا لعيد الأضحى، وهو ما استبشر له عدد كبير من الجزائريين، لكنه أثار في الوقت ذاته مخاوف مختصين من اختلاط السلالات.
استغرقت العملية 45 يومًا، ووصل عدد رؤوس الأغنام المستوردة إلى ما يفوق 550 ألف رأس عبر 40 باخرة
وقد انطلقت العملية فعليا في العشرين من شهر نيسان/أفريل الفارط ووصل عدد رؤوس الأغنام المستوردة الى ما يفوق 550 ألف رأس عبر 40 باخرة رست في ثمانية موانئ جزائرية قادمة من رومانيا واسبانيا، وانتهت العملية بعد 45 يوما من بدايتها وبقي البيع متواصلا الى غاية ثاني أيام العيد، وتم توزيع الأضاحي حيّة على مختلف الولايات والبلديات عبر ربوع الوطن، ومع ذلك من يكن هذا كافيا من أجل احداث توازن في العرض والطلب وبقيت الأسعار مرتفعة.
وبغض النظر عن هذا، لم يُخفِ المختصون مخاوفهم من مخاطر استيراد نصف مليون رأس غنم حيّة ومختلطة بين الذكور والاناث، وتسويقها لمدة شهر ونصف عبر مختلف المدن والقرى والأحياء، دون رقابة ودون التأكد من عدم اختلاطها بالسلالة المحلية مع إمكانية ان تترك حية لما بعد العيد، وهذا ما يعزز فرضية تزاوجها مع الأغنام المحلية ذات الخصائص المميزة على غرار أولاد جلال والمربي والدغمة، وهو ما يعدّ مخاطرة حقيقية غير معروفة النتائج، حيث أن التهجين العشوائي غير المدروس قد يشكل خطرا على الثروة الجينية لدى القطيع الوطني.
احتمالية التهجين العشوائي نذير خطر
ويعد التهجين من أنظمة التربية الحيوانية التي تساهم في تحسين أداء وجودة الثروة الحيوانية وزيادة انتاجيتها، وهو تزاوج أغنام من سلالات مختلفة بهدف دمج الميزات الوراثية الجيدة من كل سلالة بغية إنتاج جيل وسلالة هجينة تملك الصفات المرغوبة مثل الخصوبة، والحجم، وجودة اللحم وكثافة الصوف، وغزارة الحليب، بالإضافة الى مقاومة الأمراض والفيروسات، والتعايش مع مختلف الظروف الطبيعية.
لكن هذا التهجين يكون علميا ومدروسا ويأتي بعد سلسلة من البحوث والتجارب عبر عدة سنوات لاستخلاص نتائج إيجابية تسمح بالقيام بعملية التهجين، أما أن يتم تزويج زوجين من الأغنام المختلفة بطريقة عشوائية فهذا يشكٍل خطرا على السلالة المحلية المعروفة بخصائصها الممتازة والمناسبة للجزائر.
وفي هذا الصدد تقول الخبيرة البيطرية هدى سميرة جعفري أن مجرد التفكير في البيع الحر للماشية الحية دون رقابة هو خطأ. وقالت الدكتورة في تصريح ل"الترا جزائر" أن رغبة السلطات في توفير أضاحي العيد بأسعار في متناول المواطنين اصطدمت بضعف البنية التحتية للمذابح وعليه تم التوجه نحو بيع الأضاحي المستوردة حية، لكن هذا الأمر قد يسمح باختلاط الأغنام الرومانية والاسبانية مع السلالات المحلية التي تعد من أحسن السلالات جينيا.

وتضيف المختصة في التربية الحيوانية أن الخرفان المستوردة ليست مخصصة للتهجين، بل هي سلعة تجارية من الصنف الاقتصادي وقد تكون هجينة، وبالتالي فهي ليست مناسبة للتزاوج كما أن الموال ليست من مهامه التهجين، وإنما هي مهمة المعاهد والمراكز المتخصصة.
وفي ذات السياق، تؤكد المختصة أنه يجب التحقيق في وجود أغنام حية تم اقتناؤها من طرف مربين وسماسرة من أجل الاحتفاظ بها لما بعد العيد، حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوات توثق عمليات بيع عشوائية وبالجملة، وفيديوهات أخرى توثق خرفانا مستوردة ترعى مع القطعان المحلية، لاسيما وأن بعض الخرفان لم تصل للسن الشرعي للأضحية وبالتالي فاقتناؤها محل شك.
وفي ختام حديثها، قالت جعفري إن التهجين غير المؤطر له تأثيرات بيئية واقتصادية أيضا فقد تحتاج الخرفان المستوردة الى مصاريف أكثر من أجل تقريبها للبيئة التي كانت تعيش فيها لاسيما توفير المياه والمراعي الرطبة على مدار السنة وهو الأمر غير المتوفر في الجزائر خاصة في مناطق السهوب والهضاب
الاختلاط ممنوع جنوبا
تمنع السلطات الجزائرية نقل السلالات الصحراوية والأفريقية من الأغنام الى المناطق الشمالية من الوطن بحجة الخوف من اختلاط السلالات وفقدان الصفات الوراثية المميزة للقطيع الوطني الذي بلغ في آخر احصاء حوالي 17 مليون رأس غنم ، وكذا خوفا من انتقال الأمراض وبالأخص تلك القادمة من دول الساحل الإفريقي.
ومع قرار استيراد الأغنام الحية، عاد النقاش حول الهدف والمغزى من هكذا قرار إذا كان اختلاط الأغنام الرومانية والاسبانية ممكنا من خلال عمليات استيراد كبيرة.
وفي تصريح لـ "الترا جزائر" قال البروفيسور سهيل قوار رئيس مخبر البحث في الوراثة التطبيقية في الفلاحة بجامعة تلمسان أنه ضد فكرة استيراد سلالات أجنبية حية الى الجزائر، وان كان الأمر لابد منه فالأولى ان نسمح بنقل الأغنام المتواجدة في الجنوب الكبير الى المناطق ذات الطلب الكبير في شمال البلاد، وعلى الأكثر الاستيراد من مناطق قريبة من الجزائر كدول الساحل وموريتانيا مع تشديد اجراءات الرقابة الييطرية والحجر الصحي.

وأضاف قوار أنه لا توجد أرضية قانونية تحمي السلالات من الاختلاط، وهذا ما نطالب به -يضيف المتحدث- بإصدار قانون خاص بتربية الحيوانات لحماية الثروة الحيوانية في الجزائر.
وبخصوص إمكانية تأثير الاعداد المستوردة على القطيع الوطني، يقول الاستاذ بجامعة تلمسان ان الحجر الصحي إجراء وقائي ضروري لكن تبقى المخاوف من إمكانية حمل تلك الأغنام لفيروسات لا تؤثر فيها ولا تظهر الأعراض عليها وقد تضر بالاغنام الجزائرية.
أما من الجانب الوراثي فالتأثير قد يكون محليا على القطعان، ولابد من التأكد ان كل الرؤوس المستوردة قد تم ذبحها في العيد أو تم تحويلها الى المذابح لأن بقاءها حية يقود إلى تهجين غير مدروس والذي قد يؤدي إلى اكساب القطيع الوطني مورثات السلالة الأوروبية التي لا تتحمل الحرارة الشديدة مثلا، في حين تصل درجات الحرارة احيانا الى ما يقارب 50 درجة مئوية لاسيما في المناطق الرعوية الكبيرة في الجزائر وهذا مايؤدي الى نفوق اعداد كبيرة والمشكل ان تلك المورثات يمكنها أن تنتقل بعد عدة سنوات الى القطيع الوطني .
وبين حتمية الاستيراد من أجل موازنة العرض والطلب في سوق الأغنام الجزائرية وكذا تجديد القطيع المحلي وتكاثره من جهة، والمخاوف من تأثر القطيع الوطني من الاختلاط بسلالات اجنبية بشكل غير مدروس يبقى هم المواطن هو توفر الأضاحي واللحوم بأسعار مناسبة بغض النظر عن الحلول اللازمة.
الكلمات المفتاحية

نسب النمو والمؤشرات الكبرى.. كل شي عن الاقتصاد الجزائري في الثلث الأول لـ2025
سجّل الاقتصاد الجزائري خلال الثلاثي الأول من سنة 2025، نسبة نمو بلغت 4,5% مقابل 4,2% في الفترة نفسها من عام 2024، وفق تقرير حديث نشره الديوان الوطني للإحصاء.

من بنك "بريكس" إلى "آسيان".. تحالفات جزائرية جديدة تعيد رسم خارطة "البزنس"
في خضم تحولات جيوسياسية عميقة، اختارت الجزائر أن تخلع جلباب التبعية الاقتصادية نحو فرنسا وتنسج خريطة تحالفات جديدة تمتد من ضفاف نهر الميكونغ إلى ضفاف نهر الأمازون، فلم يعد الرهان محصورا في أوروبا التقليدية، بل امتد ليشمل تكتلات صاعدة كـ"آسيان"، ومبادرات عملاقة كـ"الحزام والطريق"، وتحالفات إستراتيجية كبنك "البريكس"، مرورًا بالعمق الإفريقي والعربي ووصولا إلى تقاطعات…

حوار| علي حماني: لا زيادات في أسعار المشروبات هذا الصيف.. واستهلاك المياه المعدنية يقفِز بنسبة 35 بالمائة
كشف رئيس الجمعية الجزائرية لمنتجي المشروبات علي حماني، عن ارتفاع استهلاك المشروبات في السوق الوطنية بنسبة 15% مع بداية موسم الصيف، كما أكد عدم تسجيل أي زيادة في أسعار العصائر والمشروبات الغازية والمياه المعدنية من جانب المنتجين.

محمد بوضياف.. رئيس يرفض أن يرحل من ذاكرة الجزائريين
في ذكرى اغتياله الثالثة والثلاثين، لا يزال الرئيس الراحل محمد بوضياف يثير مشاعر الحنين والأسى لدى الجزائريين، الذين يتذكرونه كأحد أكثر الشخصيات السياسية التي جمعت بين التاريخ الثوري والرغبة في إصلاح الدولة.

وفاة الصحفي علي ذراع بعد صراع مع المرض
توفي مساء أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة الإعلامي علي ذراع عن عمر ناهز 78 سنة بعد صراع مع المرض، حسب ما أفاد به أقاربه.

طقس الجزائر: حرّ شديد ورعد وضباب
توقعت مصالح الأرصاد الجوية، اليوم الأربعاء 16 تموز/جويلية 2025، تسجيل موجة حر وتساقط أمطار رعدية معتبرة محليا على عدة ولايات من الوطن.

"الإسلاميون استحوذوا على مفاصل الدولة".. الأرسيدي يشعل مواقع التواصل وشخصيات من حمس تنتفض
أثار حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي) جدلاً واسعاً مجدداً في الساحة السياسية الجزائرية، بعدما أورد في لائحته الأخيرة، الصادرة عن المجلس الوطني، اتهامات مباشرة لما وصفه بـ"تيار الإسلام السياسي" بالاستحواذ على مفاصل الدولة والسعي لطمس أسس الهوية الوطنية.