12-يناير-2025
كريستوف لوموان

كريستوف لوموان، المتحدّث باسم وزارة الخارجية الفرنسية (أكس)

نُشِر الساعة 08:20 بتوقيت الجزائر

هدّأت باريس، مساء السبت، من "لغتها التصعيدية" حيال الجزائر بشأن قضية ترحيل المؤثر الجزائري "عمي بوعلام" من أراضيها الخميس الماضي؛ وأعادته الأخيرة "للسماح له بالرد على الاتهامات الموجهة إليه أمام القضاء الفرنسي."

المتحدث باسم الخارجية الفرنسية: خيار الحوار مع الجزائر لا يزال قائمًا في باريس

وبلغة دبلوماسية، ردّت وزارة الخارجية الفرنسية على بيان نظيرتها الجزائرية، عبر المتحدث الرسمي باسمها، كريستوف لوموان، في تصريح لقناة "فرانس أنفو"، قائلًا: "إنّ خيار الحوار لا يزال قائمًا في باريس".

وأكد لوموان أنّ "العلاقة بين البلدين تستحق الجدية من حيث المصطلحات. يجب أن تكون جدية ومنفتحة وصريحة؛ والتي يجب أن تكون قائمة عادة على العمل على أساس الحوار والتبادل والحلول التي تم التوصل إليها بشكل مشترك".

ولفت في السياق إلى إنّ "السلطات الجزائرية تبنت موقفًا عدائيًا إلى حدٍّ ما تجاه فرنسا في الفترة الأخيرة". معتبرًا أنّ العلاقات مع الجزائر وصلت إلى عتبة "مثيرة للقلق"، وأن "حادثة ترحيل المؤثر الجزائري هذا الأسبوع هي عنصر أدى إلى تفاقم الوضع بين البلدين".

وواصل المسؤول الفرنسي إطلاق "رسائل التهدئة"، حينما قال: "لدينا علاقة تاريخية مع الجزائريين، مع الكثير من قضايا الشراكة التي نعمل عليها ونريد أن نبني علاقتنا على منظور مستقبلي".

وفي ردّه عن سؤال حول توقعات مدّة الأزمة بين البلدين، أجاب بالقول: "الإجابة صعبة. هناك عدة عناصر في الأسابيع الأخيرة تُظهِر بعض التشدد من جانب الجزائر". ليكشف عن "تنسيق بين وزيري الخارجية والداخلي للرّد على الجزائر."

لوموان: العلاقات مع الجزائر وصلت إلى عتبة مثيرة للقلق وقضية المؤثر فاقمت الوضع بين البلدين

وكانت الخارجية الجزائرية أوضحت في بيان لها أسباب رفض استقبال المؤثر "عمي بوعلام". مؤكدة بأنّ "المواطن الذي صدر في حقه قرار الطرد يعيش في فرنسا منذ 36 عاما، ويحوز فيها بطاقة إقامة منذ 15 عاما، كما أنه أب لطفلين ولدا من زواجه من مواطنة فرنسية، فضلا على أنه مندمج اجتماعيا، كونه يمارس عملا مستقرا لمدة 15 عامًا".

وأضافت أنّ "كل هذه المعطيات تمنحه بلا شك حقوقا كان سيحرم من المطالبة بها أمام المحاكم الفرنسية والأوروبية، بسبب قرار طرده المتسرع والمثير للجدل"، ومضيفة أن الطرف الفرنسي "انتهك أحكاما من الاتفاقية القنصلية الجزائرية - الفرنسية الموقعة في 24 ماي 1974"، الذي ينص على ضرورة إبلاغ الطرف الجزائري.

واستنطرت الجزائر "انخراط اليمين المتطرف المعروف بخطاب الكراهية والنزعة الانتقامية عبر أنصاره المُعلنين داخل الحكومة الفرنسية في حملة تضليل وتشويه ضد الجزائر، مُعتقداً بأنه قد وجد ذريعة يشفي بها غليل استيائه وإحباطه ونقمه".

وردّت على ذلك بأنّها "على عكس ما يدّعيه اليمين المتطرف الفرنسي ووكلاؤه والناطقون باسمه، فإن الجزائر لم تنخرط بأي حال من الأحوال في منطق التصعيد أو المزايدة أو الإذلال". مشدّدة بأنّ "اليمين المتطرف وممثليه هم الذين يريدون أن يفرضوا على العلاقات الجزائرية -الفرنسية ضغائنهم المليئة بالوعيد والتهديد، وهي الضغائن التي يفصحون عنها علنا ودون أدنى تحفظ أو قيد".

وأمس الجمعة، أطلق وزيرا الداخلية والخارجية الفرنسيين تصريحات "لاذعة" حيال الجزائر بعد رفضها استقبال المؤثر المعروف عبر منصة "تيك توك" بـ"عمي بوعلام"، الخميس التاسع من كانون الثاني/جانفي الجاري.

الجزائر قدّمت أسباب رفضها استقبال المؤثر  "عمي بوعلام" معتبرة أنّ القرار الفرنسي "لم يكن صائباً البتة"

ونهاية الأسبوع، هدّد وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الجزائر بعقوبات "قيد الدراسة على مستوى الحكومة ورئيس البلاد". فيما لوّح وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، إلى التصعيد حين قال إن بلاده "لن يكون لديها خيار آخر سوى الرد إذا واصلت الجزائر هذا الموقف التصعيدي".

وتأزمت العلاقات بين البلدين مؤخرًا بسبب ما يُعرف بـ"قضية المؤثرين" التي اندلعت على خلفية فيديوهات أطلقها مؤثرون جزائريون بفرنسا، اعتبرتها باريس "تحريضًا على العنف والإرهاب."

وتزامنت "قضية المؤثرين" مع مواجهة دبلوماسية حامية بين الجزائر وفرنسا حول توقيف الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال؛ والمتابع بتهمة "المساس بأمن الدولة وبسلامة الوحدة الترابية"، على خلفية تصريحاته المثيرة للجدل في مقابلة مع وسيلة إعلام فرنسية متطرفة، ادّعى خلالها أن جزءًا من الغرب الجزائري "يعود إلى المغرب"، وهو تصريح اعتبر في الجزائر مساسًا بوحدة التراب الوطني.