10-يونيو-2020

الحراك الشعبي طالب بإلغاء الخارطة السياسية الحالية (الصورة: أصوات مغاربية)

عادت الأحزاب السياسية في الجزائر إلى الواجهة، بعدما طرحت رئاسة الجمهورية مسودة تعديل الدستور للنقاش، لتنهي فترة السُبات التي عاشتها منذ بداية أزمة فيروس كورونا، وتكرس بذلك المنطق الذي دأبت عليه، وهو ردود فعل تجاه قرارات السلطة دون أن تكون هي صانعة للمشهد السياسي.

أحزاب الرئيس السابق بوتفليقة تحاول التمركز مجددًا بورقة تعدديل الدستور

وعرفت مختلف الأحزاب السياسية انتكاسة منذ انطلاق الحراك الشعبي، الذي عرفته البلاد في 22 شباط/ فيفري 2019، حينما ظهرت بعيدة كل البعد عن نبض الشارع، وهو الوضع الذي واصلت المشي عليه خلال أزمة فيروس كورونا.

اقرأ/ي أيضًا: حنون ترفض مسودة دستور الرئيس

غياب عن المشهد السياسي

ومنذ تسجيل الجزائر أوّل إصابة بفيروس كورنا شهر شباط/ فيفري الماضي، لم يكن لأغلب الأحزاب السياسية رأيًا بشأن المشهد السياسي وتعامل السلطة مع هذا الوباء العالمي. وإن كان ترك ملف صحي كأزمة "كوفيد-19" لأهل الاختصاص من أطباء واستشاريين في المناعة والأوبئة، وعدم إدخاله جدل السياسة سلوك محمود، إلا أن صمت الأحزاب السياسية، بحسب متابعين، بشأن تعامل الحكومة مع هذا الوضع، لا يعدّ مقبولًا من معارضة تدّعي أنها قادرة على أن تكون بديلًا لسلطة تتعترض على بقائها في الحكم.

ورغم ضم عديد الأحزاب، أطباء ومختصين في الصحّة ضمن صفوفها، إلا أنه لم يُسمع صوتها بين الجلبة التي أحدثها فيروس كورونا في البلاد، فعلى سبيل المثال لم تصدر أراء لافتة لرئيس "حركة مجتمع السلم" عبد الرزاق مقري، ورئيس "جبهة المستقبل"عبد العزيز بلعيد، والرئيس السابق لـ "الأرسيدي" سعيد سعدي، رغم انتمائهم للسلك الطبي.

ولم تلق مقترحات الأحزاب مثل "حمس" حول جائحة كورونا، صدىً كبيرًا كونها ابتعدت كثيرًا عن المقترح العلمي، وكانت في الغالب تجميعًا لبعض الآراء المطروحة عبر وسائل الإعلام.

صحوة المعارضة

على عكس الجمود الذي التزمت به إزاء ملف أزمة فيروس كورنا، فإن الأحزاب تفاعلت سريعًا مع مسودّة مشروع تعديل الدستور التي طرحتها رئاسة الجمهورية للنقاش، واختلفت أراء المعارضة بين رافض للفكرة جملة وتفصيلًا، وبين مطالب بإدخال تعديلات، وتأجيل موعد دراسته ومناقشته بسبب جائحة كورونا.

وتحرص ح"ركة مجتمع السلم" أكبر حزب معارض في البرلمان، بشكلٍ شبه يومي على نشر موقفها من بعض المواد التي تضمّنتها مسودة مشروع تعديل الدستور، سواءً باسم الحركة أو بنقل آراء رئيسها عبد الرزاق مقري.

وحسب حركة الراحل محفوظ نحناح، فإن "الانطباع الأوّلي حول وثيقة مشروع التعديل الدستوري، أنها كانت دون الطموحات المرجوة"، بالنظر إلى أن "حمس" طالبت على سبيل المثال بنظام برلماني، كونه يصلح أكثر في فترات التحوّل الديمقراطي كما هو حال الجزائر، كما أنها كانت تأمل أن يكون أغلبية أعضاء المجلس الأعلى للقضاء منتخبين، وهو ما لم تتضمّنه الوثيقة المطروحة من قبل رئاسة الجمهورية للإثراء والتعديل.

أما "جبهة القوى الاشتراكية"، فقد اعتبرت أن تمرير الدستور بالصيغة التي طرحتها رئاسة الجمهورية للنقاش، سيؤدّي إلى تأجيج التوترات السياسية في البلاد.

وأوضح "الأفافاس" أن تقديم مسودة الدستور، التي أعدّها خبراء للمصادقة عليه من طرف البرلمان الحالي "غير التمثيلي"، سيقوض هذا المشروع ويجعله فاقدًا للشرعية في أعين الشعب.

في مقابل ذلك، لقيت مسودة تعديل الدستور تفاعلًا بالإيجاب والسلب أيضًا من طرف بعض النشطاء الذين برزوا خلال الحراك الشعبي الذي تعرفه البلاد.

عودة أحزاب بوتفليقة

بعد أقل من شهر على طرح مسودة تعديل الدستور، تحاول أحزاب الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة التي لا تزال تسيطر على البرلمان والمجالس البلدية والولائية البحث عن موطأ قدم جديد لها، بعد غياب اضطراري فرضه الحراك الشعبي وبعده كورونا.

وفي هذا الإطار، انتخب التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان يتولى أمانته العامة أحمد أويحيى القابع في سجن الحراش بعد إدانته بتهم فساد الطيب زيتوني رئيس بلدية الجزائر الوسطى السابق أمينا عاما جديدا، بعد سقوط ورقة الأمين العام بالنيابة عز الدين ميهوبي الذي تحدثت بعض التقارير الإعلامية عن منعه من السفر للتحقيق معه في قضية الفساد المتهمة فيها المنتجة سميرة حاج جيلالي.

وبدوره يعقد حزب بوتفليقة جبهة التحرير الوطني نهاية هذا الأسبوع دورة للجنة المركزية، ينتظر أن يتم خلالها انتخاب أمين عام جديد للحزب العتيد خلفا للأمين العام الحالي محمد جميعي الموجود رهن الحبس المؤقت بسجن الحراش للاشتباه في تورطه في قضايا فساد.

وعلى عكس "الأفلان" و"الأرندي"، يبقى حزبا "تجمع أمل الجزائر"، لرئيسه عمار غول القابع بسجن الحراش بتهم فساد، و"الحركة الشعبية الجزائرية" لرئيسها عمارة بن يونس، نزيل السجن ذاته بتهم فساد أيضًا،غائبين عن الساحة، وقد كانا من أهم الداعمين لفساد نظام بوتفليقة.

الأحزاب السياسية مطالبة بصناعة الفعل السياسي ف وتشكيل آلية رقابية لعمل السلطة 

ومهما اختلفت مواقف الأحزاب من موالاة ومعارضة، بشأن ملف كورونا أو تعديل الدستور، تبقى كلها ترسم صورة واحدة لطبقة سياسية تحتاج إلى تجديد شامل، يتواكب مع الوضع الذي أحدثه حراك 22 شباط/فيفري 2019، وهو بأن تكون صانعة للفعل السياسي في جميع الميادين، وتشكل آلية رقابة لعمل السلطة لا مجرّد مكاتب لإصدار بيانات ردود أفعال فقط.

 

 اقرأ/ي أيضًا:

تعديل الدستور في زمن كورونا.. لمَ الاستعجال؟

بن قرينة يهاجم لعرابة ويشكك في الدستور المقبل