07-يونيو-2019

مشهد من التلفزيون الجزائري (أ.ف.ب)

خالف رئيس الدولة الجزائري عبد القادر بن صالح جميع التوقّعات في خرجته أمس، بعدما دار حديث عن إعلان خبر استقالته، مؤكّدًا في خطاب مسجّل بثّه التلفزيون الرسمي؛ أنّه سيستمر في مهمّته حتى تنظيم انتخابات رئاسية مقبلة بعد إلغاء انتخابات الرابع تمّوز/ يوليو المقبل من طرف المجلس الدستوري، وأعلن عن بدء عملية تشكيل هيئة مستقلّة تُشرف على تنظيم الرئاسيات بدلًا من وزارة الداخلية.

أعلن رئيس الدولة الجزائرية عن بدء عملية تشكيل هيئة مستقلّة تُشرف على تنظيم الرئاسيات بدلًا من وزارة الداخلية

وذكّر بن صالح في خطابه، بأسباب إلغاء الانتخابات، وجاء في مقدّمتها عدم توفّر الشروط المطلوبة في ملفيْ الترشّح المودعين لدى المجلس الدستوري، في إطار الانتخابات الرئاسية.

اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات الرئاسية.. تأجيل وارد جدًا بحكم الأمر الواقع

وأضاف المتحدّث، أنّ المجلس الدستوري يتعيّن عليه تهيئة الظروف الملائمة لتنظيم الانتخابات وإحاطتها بالشفافية والحياد المطلوبين، من أجل الحفاظ على المؤسسّات الدستورية التي تُمكّن من تحقيق تطلّعات الشعب السيد على حدّ تعبيره.

وكان المجلس الدستوري، أقرّ أنه يعود لرئيس الدولة استدعاء الهيئة الناخبة من جديد، واستكمال المسار الانتخابي إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية وأدائه اليمين الدستورية.

وجاء في خطاب بن صالح، الذي ظهر في حالة صحيّة صعبة، قوله: "إن هذه الوضعية تُلزمني على الاستمرار في تحمّل مسؤولية رئيس الدولة إلى غاية انتخاب رئيس الجمهورية، وإنّني على يقين بعظم هذه المسؤولية".

 

 

وشدّد رئيس الدولة، على أن هذه الوضعية الاستثنائية، "تحتّم على الجميع ترجيح الحِكمَةَ التي من شأنها أن تساعدنا على تخطّي العقبات التي تسببت في الوضع الحالي".

وكان المجلس الدستوري قد أقرّ في الفاتح حُزيران/ يونيو الماضي، إلغاء الانتخابات الرئاسية، بسبب عدم توفّر أي مترشّح، وأفتى بتمديد عهدة رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، إلى حين تسليمه العهدة الرئاسية لرئيس منتخب متى جرت الانتخابات الرئاسية، بعدما كان مقرّرًا أن تنتهي عهدته في التاسع حزيران/ يوليو المقبل.

وتسبق كلمة بن صالح مظاهرات الحراك الشعبي للجمعة الـ 16، والتي تطالب بتنحيه من منصبه واستبعاد حكومة نور الدين بدوي.

إسقاط المرحلة الانتقالية

وشدّد بن صالح في خطابه، على خيار إجراء انتخابات رئاسية بدلًا من مرحلة انتقالية يقودها مجلس رئاسي، مثلما تدعو إليه قوى المعارضة ونشطاء من الحراك الشعبي وبعض الشخصيات المستقلة، وقال "يبقى يقيني راسخًا من أن رئيس الجمهورية المنتخب ديمقراطيًا هو وحده الذي يتمتّع بالثقة والشرعية اللازمين لإطلاق هذه الإصلاحات والمساهمة في رفع التحدّيات التي تواجه أمّتنا، من هنا استمد قناعتي بأن الذهاب إلى تنظيم انتخابات رئاسية في آجال مقبولة دون إضاعة للوقت، هي السبيل الأنجع والأوحد سياسيًا والأكثر عقلانية ديمقراطيًا".

ودعا الرئيس المؤقّت، القوى السياسية إلى دعم هذا الخيار " للمشاركة في هذا المسار التوافقي، وتغليب الحكمة ومصلحة الشعب، سواءً في نقاشاتهم أو في مطالبهم، و"اغتنام هذه الفرصة الجديدة للمشاركة بقوّة في التشاور الذي ندعو إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى".

ووجّه رئيس الدولة دعوة جديدة للمكوّنات السياسية والمدنية لبدء حوار وطني، وصولًا إلى وضع معالم خارطة طريق مهمّتها المساعدة على تنظيم الاقتراع الرئاسي المقبل، في جوٍّ من التوافق والسكينة والانسجام على حدّ قوله.

ولم يُفصح بن صالح، عن آلية الحوار الذي يدعو إليه وتوقيته وأجندته والأطراف المعنية به.

 

 

ولا يُعرف ما إذا كانت قوى المعارضة والحراك الشعبي ستقبل بدعوة الحوار الجديدة التي أطلقها رئيس الدولة، إذ يتمسّك هؤلاء برفض أيّ حوار مع بن صالح، كما عرفت ندوة الحوار السياسي التي دعا إليها بن صالح في نيسان/ أبريل الماضي، مقاطعة من طرف المعارضة، كانت مخصّصة لبحث إنشاء آلية مستقلّة لتنظيم الانتخابات .

وقدّم المتحدّث، تعهّدات بتجهيز كل الشروط اللازمة لإجراء انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة تسند مهمة تنظيمها إلى هيئة مستقلّة دون أيّ تدخّل من الحكومة .

هنا، يقول بن صالح: "لقد دعوت بكل صدق في خطابات سابقة إلى الحوار والتشاور، ولقد تعهّدت أمامكم أن أضمن للاقتراع الرئاسي كل الظروف الملائمة لإجراء انتخابات نزيهة حرّة وشفافة، كما يطلبها شعبنا".

وكما في بياناته السابقة، يُلفت بن صالح إلى الأوضاع السياسية في البلاد وعدم إضاعة المزيد من الوقت، مردفًا: "الوقت مناسب للبحث عن صيغ الحلول التوافقية الكفيلة بتنظيم انتخابات رئاسية نزيهة وفي أجواءٍ شفافة، وحشد القوى الوطنية لبناء توافق واسع حول كافة القضايا المتعلّقة بالجانب التشريعي والتنظيمي والهيكلي، وكذا ميكانزمات الرقابة والإشراف على الانتخابات الرئاسية".

شخصية وطنية

واعقب خطاب بن صالح، نشر الرئاسة الجزائرية لبيان كشفت فيه عن قرار استحداث سلطة وطنية، تترأسّها شخصية وطنية لها كامل صلاحيات تنظيم الرئاسيات المقبلة.

ويهدف تكليف شخصية وطنية، إلى تحضير صياغة مشروع قانون جديد للهيئة العليا للانتخابات، التي تتولى كامل الإشراف على الانتخابات بدلًا من وزارة الداخلية التي كانت تُشرف في السابق على الاستحقاقات الانتخابية، وغالبًا ما تكون نتائجها محلّ تشكيك من قبل المعارضة، وهو ما يعني نزع كل صلاحياتها تنظيم الانتخابات من وزارة الداخلية.

وأضاف بيان الرئاسة، أن السلطة الوطنية تضمّ شخصيات من المجتمع المدني، وتستبعد إطارات الدولة، وستتولّى حصريًا مراجعة البطاقية الوطنية للناخبين.

الهيئة الوطنية لتنظيم الانتخابات لن تضمّ أيّ مسؤول في الدولة الجزائرية

و بحسب البيان، سيكون لهيئة تنظيم الانتخابات، تمثيلٌ في كل بلديات الجزائر، مشيرًا أن السلطة الوطنية تضمّ على المستوى المحلّي قاضي منتخب بلدي ومواطنين، ولن تضمَّ في صفوفها أي إطار يعمل في الدولة، كما تُمنح لها صلاحيات كامل الصلاحيات وعلى رأسها إعلان نتائج الإنتخابات.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

رسائل الإبراهيمي.. مبادرات تلقي بالكرة في ملعب الجيش

فتوى دستورية.. تمدّد فترة حكم رئيس الدولة