تحركات دبلوماسية مُكثّفة في الجزائر.. القضايا الإقليمية على الطاولة
20 أبريل 2025
خلال أسابيع قليلة، شهدت الجزائر سلسلة من الزيارات الهامة لوزراء خارجية فرنسا، إيران، مصر، وأيضاً تركيا، مما يُسلّط الضوء على الأهمية الاستراتيجية المُتزايدة التي تحظى بها الجزائر في المنطقة.
الباحث كريم بن مولى لـ" الترا جزائر": تُعزّز دبلوماسية الزيارات المكثّفة موقع الجزائر كلاعب محوري في المشهد الإقليمي، وتعكس دورها المُتنامي في السنوات الأخيرة
هذا التوافد الدبلوماسي الرفيع المستوى يعكس سعي مختلف الأطراف إلى تعزيز الحوار والتنسيق مع الجزائر بشأن القضايا الإقليمية والدولية.
الزيارات المتتالية لم تكن مجرد لقاءات بروتوكولية، بل تمثل رغبة حقيقية من هذه الدول في التشاور مع الجزائر وتنسيق المواقف حول القضايا الملحة، إلى جانب تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
أما زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى الجزائر في السادس من نيسان/أبريل الحالي، فقد جاءت في إطار مسار سياسي دبلوماسي يسعى إلى تجاوز الأزمة التي شهدتها العلاقات بين البلدين منذ منتصف العام الماضي. في المقابل، فإن زيارات رؤساء الدبلوماسية من إيران ومصر وتركيا تعكس، وفقًا للمراقبين، الثقل السياسي المتزايد للجزائر ودورها المحوري في معالجة التحديات الإقليمية الحالية.
تحمل زيارات وزراء خارجية الدول الثلاث الأخرى طابعًا مميزًا، إذ تعكس اعترافًا بالدور الحيوي الذي تلعبه الجزائر على الساحة الإقليمية، فضلًا عن سعي هذه الدول لتنسيق المواقف وتبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وبهذا، تأتي هذه الزيارات في إطار تعزيز التعاون الاستراتيجي والشراكة مع الجزائر كفاعل إقليمي أساسي. يشهد المشهد الدبلوماسي الجزائري حراكًا نشطًا، حيث سبقته زيارات مهمة لوزيري خارجية إيران ومصر في فترة زمنية قصيرة لم تتجاوز الأسبوع الواحد، مما يعكس دور الجزائر المحوري وسعي الأطراف الدولية لتنسيق المواقف معها حول القضايا الراهنة.
علاقات استراتيجية
فخلال زيارة وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قبل أسبوعين التي التقى خلالها مع المسؤولين الجزائريين، وعلى رأسهم الرئيس عبد المجيد تبون، تم تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين الجزائر وإيران، وخاصة في ما يتعلق بمتابعة تنفيذ مذكرات التفاهم والتعاون الموقعة بين البلدين.
الزخم الدبلوماسي المتزايد يُؤكد على الثّقل السياسي المتصاعد للجزائر وتأثير هذا الحراك على مستقبل التفاعلات الإقليمية
كما تصدرت المستجدات الإقليمية، وفي مقدمتها العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، أجندة المحادثات بين الطرفين، إضافة إلى قضايا النظام الدولي وتحدياته الراهنة، التي شكلت جزءًا من النقاشات المهمة في هذه الزيارة.
أما بالنسبة لزيارة وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، المنتظرة خلال يومي (20-21 نيسان/ أبريل الحالي)، فإنّها تأتي في إطار تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الجزائر وتركيا، والتأكيد على عمق هذه العلاقات في المجالات السياسية والاقتصادية.
تعدّ تركيا شريكًا اقتصاديًا مهمًا للجزائر، وهناك توافق بين البلدين في وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية. هذه الزيارة تمثل فرصة لتعزيز التعاون وتوسيع آفاقه في مختلف المجالات.
وبالنّسبة لأجندة المناقشات الثنائية والإقليمية، التي تناولتها وسائل الإعلام، من الواضح أنها ستكون حافلة بالقضايا ذات الأهمية البالغة.
على رأس هذه الملفات، القضية الفلسطينية والعدوان على غزة، حيث يحتل هذا الموضوع أولوية قصوى في السياسة الخارجية الجزائرية والتركية.
الدور الإقليمي
يرى الباحث في العلاقات الدولية، كريم بن مولى، من جامعة الجزائر، أنّ الملف الفلسطيني سيشكّل محورًا أساسيًا في المباحثات، لا سيّما في ظلّ التطورات الأخيرة والحاجة الملحّة إلى تنسيق المواقف لدعم الشعب الفلسطيني.
وفي السياق ذاته، يحظى الملف الليبي باهتمام مشترك من الجزائر وأنقرة، إذ يسعى الطرفان إلى دعم جهود الاستقرار في ليبيا، ومن المرجّح أن يتم تبادل وجهات النظر بشأن آخر المستجدات ومسارات حلّ الأزمة الليبية.
أما على مستوى قضايا منطقة الساحل، فقد أشار الباحث بن مولى، في تصريح لـ"الترا جزائر"، إلى أن الملف المالي يُرجَّح أن يكون حاضرًا ضمن أجندة المباحثات، بالنظر إلى خصوصية الأزمة بين الجزائر ومالي، والتي تُعدّ من الملفات الحساسة، مع الأخذ بعين الاعتبار الدور المهم الذي تلعبه تركيا في التوازنات الإقليمية هناك.
وفي سياق متصل، يبرز الثقل السياسي للجزائر على الساحة الإقليمية من خلال استقبالها لثلاثة وزراء خارجية من دول ذات نفوذ إقليمي خلال أسبوع واحد، في مؤشر واضح على المكانة التي باتت تحتلها الجزائر في المعادلة الدبلوماسية الإقليمية.
كما شدّد بن مولى على مركزية القضية الفلسطينية في المواقف الجزائرية، مشيرًا إلى زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى الجزائر، حيث أطلع الرئيس عبد المجيد تبون على "الجهود الحثيثة المبذولة لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، والعمل على إنهاء معاناة الأشقاء الفلسطينيين".
شريك إقليمي بثِقل سياسي
النّظر في الأبعاد المختلفة لزيارة وزير الخارجية التركي والزيارات الأخرى التي سبقتها، إلى جانب ما تحمله من دلالات واضحة حول الزخم الدبلوماسي المتزايد، يُؤكد على الثّقل السياسي المتصاعد للجزائر، وتأثير هذا الحراك على مستقبل التفاعلات الإقليمية.
تُعبّر هذه الزيارات رغبة متجددة لعدة دول في التنسيق مع الجزائر بشأن القضايا الإقليمية الحساسة
وفي هذا الإطار، شدّد الناشط السياسي والأستاذ الجامعي، سعيد مسعودي، في تصريح لـ"الترا جزائر"، على الدور المتزايد الذي تضطلع به الجزائر كفاعل إقليمي مهم، قائلاً إنّ "تتابع هذه الخطوات يعكس ثقة متنامية من قبل العديد من الدول في قدرة الجزائر على المساهمة الفعالة في تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة".
عموماً؛ فإنّ هذه الزيارات تحمل في طيّاتها رسائل متعددة، تؤكد أهمية الجزائر كشريك محوري، وتسهم في تعزيز العلاقات الثنائية وتنسيق المواقف بشأن القضايا الإقليمية الأكثر حساسية.
دبلوماسية نشِطة وترتيب الأوراق
تُشير التحوّلات الإقليمية المُتسارعة إلى أنّ ملفات شائكة ستتصدر أجندة وزير الخارجية أحمد عطاف، في ظلّ انفتاح واسع على تبادل وجهات النّظر مع عدد من العواصم الفاعلة.
وتُعزّز دبلوماسية الزيارات المكثّفة موقع الجزائر كلاعب محوري في المشهد الإقليمي، انعكاسًا لدورها المُتنامي في السنوات الأخيرة.
وتكتسب زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، إلى الجزائر، أهمية خاصة في سياق التحديات التي تمرّ بها العلاقات الثنائية منذُ أشهر.
في المُقابل، تأتي زيارات نظرائه من إيران ومصر وتركيا ضِمن سياق أوسع من إعادة ترتيب أوراق التعاون الإقليمي.
وإلى جانب مساعي تعزيز الشراكة الثنائية في مختلف المجالات، تعبّر هذه الزيارات – وفق مراقبين – عن تقدير متزايد للدور الفاعل الذي تلعبه الجزائر، وعن رغبة متجددة في التنسيق معها بشأن القضايا الإقليمية الحساسة، مما يُعزز مكانتها كشريك استراتيجي لا غنى عنه في المنطقة.
الكلمات المفتاحية

مجلس الأمة وسُلطة التعديل.. كيف تُعيد الغُرفة الثانية صياغة القوانين؟
جاء مِيلاد مجلس الأمة في الجزائر سنة 1996 في سياق سياسي وأمني بالغ الحساسية، حيث لم يكن مجرّد استكمال لبنية البرلمان الجزائري، بل نتاجًا مباشراً لتحولات عميقة فرضتها ظروف تلك المرحلة.

برونو روتايو رئيسًا لحزب "الجمهوريين" على أكتاف "الملف الجزائري".. واحتمالات ترشحه للرئاسة الفرنسية تتعزز
في مشهد سياسي فرنسي سريع التغير، شهدت باريس انتخاب برونو روتايو وزير الداخلية الحالي وصاحب النظرة المتشددة ضد الجزائر، رئيساً لحزب "الجمهوريين"، بنسبة 74.31 بالمائة من الأصوات، في انتصار ساحق على منافسه لوران فوكيي.

مرشحٌ وحيد.. عزوز ناصري في طريقه لخلافة صالح قوجيل على رأس مجلس الأمة
أعلن رئيس كتلة الثلث الرئاسي بمجلس الأمة، ساعد عروس، ترشيح عزوز ناصري لمنصب رئيس مجلس الأمة.

خليفة صالح قوجيل على رأس مجلس الأمة.. أسماء تنتظر "الضوء الأخضر"
على بُعد أقل من 72 ساعة من موعد انتخاب خليفة رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، المقرَّر يوم الاثنين الـ19 من الشهر الجاري، في جلسة علنية عامّة ستعرف تنصيب الأعضاء الجُدد لمجلس الأمة بعنوان التجديد النصفي لسنة 2025، يتواصل الغموض حول هوية خامس رئيس للهيئة التشريعية منذ تأسيسها سنة 1996.

تغييرات مصيرية في مسار كيليا نمور تحضيراً لأولمبياد 2028.. وخط الرياضة يسير مع الفن والتأثير
أعلنت البطلة الأولمبية الجزائرية كيليا نمور عن مرحلة جديدة في مسيرتها الرياضية، تتمثل في تغيير ناديها ومدربها استعدادًا لدورة الألعاب الأولمبية المقررة في لوس أنجلوس عام 2028، حيث ستخوض هذا التحدي الكبير تحت الراية الجزائرية.

قضية منع الصحفي رؤوف حرز الله من السفر تتفاعل.. منظمات حقوقية تندد ووزير الاتصال يلجأ للقضاء
أكدت منظمة شعاع الحقوقية أن قرار منع الصحفي الجزائري عبد الرؤوف حرز الله من السفر، دون إشعار رسمي أو إجراءات قضائية معلنة، يعدّ انتهاكاً صارخاً للضمانات القانونية والدستورية التي تكفل حرية التنقل وحقوق المواطنين الأساسية.

دومينيك دوفيلبان يهاجم "الخطاب الحربي" لبرونو روتايو ضد الجزائر.. ويشيد بجورجيا ميلوني
انتقد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، دومينيك دو فيلبان، بشدة الخطاب العدائي تجاه الجزائر الذي تبناه بعض السياسيين الفرنسيين، وعلى رأسهم وزير الداخلية برونو ريتايو، محذرًا من العواقب الخطيرة لهذا النهج الذي وصفه بـ"الخطاب الحربي" وغير الواقعي.

إصلاح نمط تكوين الدكتوراه.. هل هي خُطوة لتصحيح المسار الأكاديمي؟
تنجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إحداث تغيير جوهري في نمط التكوين في طور الدكتوراه، من خلال اعتماد نموذج "مضاف الدكتوراه"، الذي يهدف إلى ربط التكوين بالاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية.