14-أكتوبر-2021

الكاتب مراد بوكرزازة (فيسبوك/الترا جزائر)

 

تفاجأ قطاع واسع من المثقفين والفنانين والإعلاميين، بحر هذا الأسبوع، بإنهاء مهام الكاتب ومدير إذاعة قسنطينة الجهوية مراد بوكرزازة (1967)،  بسبب بثّ إحدى المذيعات أغنية "عيد اللّيل" للسيّدة فيروز تترنّم فيها بالمسيح عليه السّلام، بما اعتبر تمجيدًا للديانة المسيحية في البلاد.

رياض سقني: ألا تحتضن الجزائر كنائس كاثوليكيّة معتمدة من طرف وزارة الشّؤون الدّينيّة، بما يشير إلى وجود جالية مسيحيّة بيننا؟ أفليس من حقّها أن تحظى هي الأخرى بمادّة تنسجم مع خصوصيتها الرّوحيّة في منابرنا الإعلاميّة؟

وعبّر كثيرون عن استيائهم من القرار الذّي وصفوه بالمتعسّف على أكثر من صعيد، بحسب الفنّان والنّاشط رياض سقني، "فالسيّدة فيروز معروفة بكونها مسيحيةً وهي نفسها غنّت لمكّة المكرّمة وللرسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم بصفتيهما رمزًا للسّلام؛ بالتّالي فقد كبرنا على كون ما تغنّيه فنًّا وكفى. ثمّ لنفرض أن بثّ الأغنية كان لدواعٍ مسيحيّة، ألا تحتضن الجزائر كنائس كاثوليكيّة معتمدة من طرف وزارة الشّؤون الدّينيّة، بما يشير إلى وجود جالية مسيحيّة بيننا؟ أفليس من حقّها أن تحظى هي الأخرى بمادّة تنسجم مع خصوصيتها الرّوحيّة في منابرنا الإعلاميّة؟".

اقرأ/ي أيضًا: إنهاء مهام مدير إذاعة قسنطينة بسبب ترنيمة لفيروز

يعرف الجميع، يضيف محدّث "الترا جزائر"، أنّ مدير الإذاعة يتحكّم في الخطّ الافتتاحي العامّ، لكن لا يستطيع أن يتدخّل في التّفاصيل منها اختيار الأغاني، فلماذا لم تقتصر العقوبة التّي نفترض أنّها مستحقّة على من اختار الأغنية؟ لماذا لا يُعاقب من يبثّ أغنيات هابطة باتت تفرّق شمل الأسرة الجزائريّة؟

وقالت الرّوائيّة الجزائريّة المقيمة في بيروت فضيلة الفاروق إنّه كان يجب أن يكون هذا العهد بالنّسبة للإعلام الجزائريّ الأفضل على الإطلاق، "كون وزير الاتّصال بروفيسورًا تخرّج من جامعة باريس 5_ ديكارت، وهو زميل مهنة كونه أيضًا مارس مهنة الصّحافة، لكن في الجزائر تجري الرّياح بما لا تشتهي السّفن، وقد يتساوى شخص بوزن عمّار بلحيمر الأكاديميّ الفذّ بأيّ شخص آخر من النّماذج التّي يعجّ بها مشهدنا الإعلاميّ والإجتماعيّ".

وتتساءل صاحب رواية "تاء الخجل": "لا أدري طبيعة القوانين الدّاخليّة للإذاعة الوطنيّة في الجزائر، وما قوانين الإعلام عندنا. هل نحن إعلام حرّ لا يحرّض على الكراهيّة ورفض الآخر، أم أنّ قانوننا من بقايا أفكار عهد مطلع التّسعينيات والذّين يحنّون إليها؟".

من جهته، أشار القاصّ والرّوائي عبد الكريم ينّينة إلى ما اعتبرها مفارقةً هي أنّ ألمانيا تسمح للمسلمين ببثّ الأذان بمكبّر الصوت أيّام الجمعة، بينما يقيل مدير الإذاعة الوطنيّة في الجزائر مدير إذاعة جهويّة لأنّ التّقنيّ أذاع على الثّانية صباحًا مقطوعة موسيقيّة لفيروز قيل إنّ فيها روح القدّاس الكنسيّ مثلما هي معظم أغاني السّيّدة فيروز، "إذن هي تصفية حسابات وانتقام وحساسيّة من الإداريّ الفنّان. فحتّى لو أذاع التّقنيّ أنشودة إسلاميّة لما اختلف الأمر واتّهم بالإسلامويّة والتّطرّف".

هنا، يتساءل الرّوائيّ والنّاشط السّياسيّ عبد العزيز غرمول: " هل من قانون أو عرف يمنع إذاعة أغاني فيروز، وهي مسيحيّة مثل عشرات الفنّانين العرب؟ وهل هناك قانون يمنع الأغاني والتّرانيم المسيحيّة عندما تكون في إطار فنّيّ؟ وهل مدير الإذاعة الجهويّة هو المسؤول المباشر الوحيد على ذلك؟ إذا كان مسؤولًا فلا بدّ أنّ المدير العام للإذاعة لا يقلّ مسؤولية منه؟".

لا يُستبعد أن يكون قرار الإقالة بسبب بثّ أغنية ذات روح مغايرة للرّوح الإسلاميّة داخلًا في محاولة استمالة الحكومة للشّارع قبيل الانتخابات المحلّيّة التّي انطلقت التّحضيرات الفعليّة لها، في ظلّ مخاوف من عزوف شعبيّ قد يساوي أو يزيد عمّا شهدته انتخابات الرّئاسة والدّستور والبرلمان.

يُذكر أن المجلس الشعبي الوطني، الغرفة الأولى في البرلمان الجزائري، صادق في سنة 2006 على قانون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، وأقرّ منع استعمال وسائل الإغراء وجمع التبرعات والهبات بغرض استمالة الأشخاص لاعتناق ديانة أخرى والتشكيك في عقيدة الجزائريين الإسلامية.

يقرّ القانون الجزائري عقوبات صارمة ضد مستعملي دور العبادة لغير المسلمين للتحريض على العصيان والتبشير 

ومنح القانون السلطات الجزائرية الآليات اللازمة لتأطير ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، وأقرّ عقوبات صارمة ضد المخالفين تتراوح ما بين سنة إلى خمس سنوات، بالإضافة إلى غرامات مالية لمستعملي دور العبادة لغير المسلمين للتحريض على العصيان والتبشير بدين آخر باستعمال وسائل الإغراء المادية لحمل المسلم على تغيير دينه. غير أن هذا القانون لا يتضمن ما يمنع بث الترانيم المسيحية على وسائل الإعلام أو يعاقب على "تمجيد الديانة المسيحية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

صحافيو الإذاعة الجزائرية يُندّدون بمنعهم من تغطية الحراك الشعبي

الإذاعة تنفي إشاعة "العودة إلى نظام الحجر الصحّي في الجزائر"