تزايد لافت لاستعمال السلاح في تهريب المخدرات.. هل نتجّه لعسكرة الجريمة؟

تأتي العملية التي أعلنت عنها وزارة الدفاع بتوقيف ثلاثة أجانب مسلحين يوم الجمعة 13 حزيران/جوان الجاري في منطقة عين أمناس الحدودية مع ليبيا، في سياق تحول واضح في سلوك الجماعات الإجرامية التي باتت تلجأ لاستعمال العنف المسلح في تنفيذ عملياتها، بعد أن كانت تعتمد لسنوات على شبكات تهريب سرية محدودة الإمكانيات.

هشاشة الوضع الأمني في ليبيا ومنطقة الساحل ساهمت في تغذية هذه الظاهرة العابرة للحدود

وذكرت وزارة الدفاع، في بيان لها، أن الموقوفين كانوا بحوزتهم رشاش من نوع FMPK وبندقية مزودة بمنظار، إضافة إلى كمية معتبرة من الذخيرة، وجهاز اتصال من نوع "ثريا"، وأجهزة أخرى للاتصال اللاسلكي وهاتفين محمولين، فضلاً عن مركبة رباعية الدفع من نوع "تويوتا"، وأكثر من 1.2 مليون قرص مهلوس من مادة "البريغابالين".

وتعكس هذه المعطيات بوضوح مستوى التسليح والتنظيم الذي بلغته بعض شبكات التهريب، والتي باتت تُوظف السلاح لحماية مساراتها، ما يضع أجهزة الأمن أمام تحديات غير مسبوقة في مواجهة جريمة منظمة باتت تتخذ أبعاداً عسكرية.

عمليات مشابهة

واللافت أنه خلال الأشهر الماضية، سجلت عدة عمليات مشابهة في مناطق مختلفة من البلاد، أبرزها الاشتباك المسلح الذي جرى في باب العسة بوهران بين أفراد من الدرك الوطني ومهربين مدججين بالأسلحة، بالإضافة إلى توقيف شبكة إجرامية في ورقلة كانت بحوزتها أربع قطع سلاح حربي، منها رشاشات وكلاشنيكوف، وقرابة 700 طلقة نارية ومعدات مراقبة ومركبات رباعية الدفع.

وتظهر تقارير رسمية أن الجزائر تواجه منذ مطلع السنة الجارية تزايدا كبيرا في كميات المخدرات والمؤثرات العقلية التي تُحاول شبكات منظمة إدخالها عبر الحدود، لا سيما الجنوبية الشرقية والغربية. فقد تم في نيسان/أفريل الماضي حجز 100 كغ من الكوكايين في العاصمة، بينما شهد الأسبوع الممتد من 15 إلى 21 أيار/ماي توقيف 91 مهرباً، وإحباط محاولات إدخال 780 كغ من الكيف، و49 كغ من الكوكايين، وأكثر من مليون قرص مهلوس.

ومنذ بداية العام، أحبطت مصالح الأمن محاولات إدخال أكثر من 3.5 طن من الكيف المعالج، و1.2 طن أخرى تم ضبطها في الجنوب في شهر أيار/ماي، إلى جانب 577 كغ من الكوكايين، وقرابة 11 مليون قرص مهلوس، وفق أرقام نشرتها مديرية الجمارك.

وفي السنوات الأخيرة، تحولت الحدود الجزائرية الليبية إلى ساحة لتهريب المؤثرات العقلية التي تلقى إقبالا متزايدا لدى فئة الشباب في الجزائر، على الرغم من آثارها المدمرة على الصحة العقلية.

عسكرة الجماعات الإجرامية

وما يدعو للقلق أكثر هو تزايد المؤشرات على توجه الشبكات الإجرامية نحو "العسكرة"، حيث باتت لا تتوانى عن استخدام القوة والتهديد بالسلاح، كما حدث في حادثة محاولة اغتيال مواطن في بجاية بسلاح ناري تم تزويد الجناة به من طرف تاجر مخدرات.

وتساهم العوامل الجيوسياسية والإقليمية، لاسيما هشاشة الوضع الأمني في ليبيا ومنطقة الساحل، في تغذية هذه الظاهرة العابرة للحدود، حيث تتقاطع فيها مصالح الإرهاب مع الجريمة المنظمة.

وفي مواجهة ذلك، سعت السلطات الجزائرية إلى دعم ترسانتها القانونية، إذ صادقت مؤخراً على مشروع قانون جديد يعزز آليات الردع والوقاية من المخدرات، عبر فرض تحاليل طبية على المتقدمين للتوظيف، وتشديد العقوبات على المتاجرين، إلى جانب حماية المؤسسات التعليمية والتكوينية من الاختراق.

ورغم هذا المجهود، تبقى الحاجة ملحة، وفق مراقبين، إلى مقاربة شاملة تتجاوز الحل الأمني، وتتطلب تنسيقاً إقليمياً ودولياً حقيقياً، بالنظر إلى أن شبكات التهريب باتت تعمل في إطار منظومات متشابكة وعابرة للحدود.