تطبيقات سيارات الأجرة في الجزائر.. قطاعٌ بحاجة إلى تأطير قانوني

 في ظل معاناة الجزائريين من سوء خدمات قطاع النقل العمومي والخاص، أصبح المواطن الجزائري أكثر اعتمادًا على تطبيقات ومنصّات توفر خدمة النقل والتوصيل، لكن يبدوا أن هذا النمط الذي يشهد استخدامًا واسعًا في الفترة الأخيرة، كشف عن تَباين مواقف وآراء مستخدميه بين فئة ترى فيه نقائص سلبية نتيجة التوظيف العشوائي للسائقين والعمل الموازي لهذا النشاط، بينما طرف ثاني يشجع الشركات الناشئة في مجال "النقل الذكي" مع ضرورة التشديد في شروط التوظيف وتحسين مستوى الخدمات المقدمة.

تجربة سيئة

تسترجع السيدة سعاد، موظفة في الثلاثينيات، تجربتها السيئة مع استخدام وسيلة النقل عبر تطبيق يقدّم خدمات النقل والتوصيل، تقول في تصريح لـ "الترا جزائر": "مبدئيا كنت دومًا متحفظة في استخدام وسيلة النقل عبر الهاتف الذكي"، موضحة قناعتها بعدم القبول بالركوب رفقة شخص مجهول، لا تحمل سيارته أي إشارة أو علامة تدل أنها وسيلة نقل مرخص لها قانونيًا.

مع تزايد وانتشار استخدام التطبيقات في مجال النقل والتوصيل، شدّد سائقو سيارات الأجرة على ضرورة تدخل وزارة النقل والسلطات من أجل تنظيم قطاع النقل، وإيقاف النشاطات التي تعتبرها موازية وغير قانونية وغير مرخصّ لها

وأضافت أن تشجيع زملاء لها في العمل، والحديث عن تخفيضات في الأسعار مقارنةً بسيارة الأجرة، وسرعة وسهولة الحصول على السيارة عبر التطبيقات المتوفرة، دفعها إلى استخدام التوصيل عبر المنصات الرقمية.

لكن يبدو أن تلك التجربة أصابتها بالخيبة والصدمة، حيث أفادت أنه بعد تحميل التطبيق وتحديد مسار التنقل، تقدم إليها سائق في العشرينيات، صعدت السيدة سعاد في الجزء الخلفي من السيارة، لكن بعد أمتار، استغربت محدثتنا من أن السائق ألح على التقدم إلى الأمام، بحجة تفادي المساءلة في الحواجز الأمنية، لكنها رفضت طلب السائق، في حين أصابها الخوف وتسلل إليها الشك، بحسب تَعابيرها.

وصرحت أن السائق بعدها أصرّ على تقديم هويته الشخصية، ملتمسًا منها اسمها الشخصي، تجنبًا لأي مشكل في حالة توقيفه في حاجز أمني.

وأردفت السيدة سعاد أنها لم تكن تعلم أن نشاط النقل عبر هذه التطبيقات غير خاضع إلى أي إطار قانوني، مع وجود حملة شُرطية تعمل على مراقبة ممارسي هذا النشاط غير المصرح به، مختتمة أنها تفضل استخدام سيارات الأجرة التقليدية رغم ارتفاع التكلفة، ولكنها أكثر حمايةً وأمنًا.

وسيلة نقل أسهل وأقل تكلفة 

في مقابل ذلك، يرى عبد القادر وهو شاب في منصف الثلاثينيات، يشتغل في القطاع الخاص، أن استخدام التوصيل عبر التطبيقات يوفر الوقت والمال ويواكب عصر الأنترنت والتكنولوجيا.

مضيفًا أنه يمكن استدعاء المركبة من البيت، وهذا بدل البحث عن سائقي الأجرة في الطرقات، مؤكدا أن التطبيق الرقمي يَسمح لك بالتنقل إلى العنوان المحدد بالضبط، وهو الأمر الذي يرفضه دومًا سائقو الأجرة، زد على ذلك يقول محدث "التار جزائر" أن تكلفة النقل عبر هذه التطبيقات أقل تكلفة من السيارات الأجرة".

هنا، أشار عبد القادر أنه لا يلتفت إلى نوعية السيارة أو السائق، كونه يستخدم منصة وتطبيق تسمح له باختيار نوع السيارات وسائقها.

مستطردًا أنه يحصل أحيانًا سوء تفاهم بينه وبين السائق حول التسعيرة، خصوصًا في حالة وجود تعديل طفيف في مسار العنوان والمكان المقصود، مشيرًا إلى أن هناك من يطلب الزيادة لبضع أمتار فقط من العنوان المسجل على التطبيق دون وجه حق.

نقابة سيارة الأجرة تحتج

ومع تزايد وانتشار استخدام التطبيقات في مجال النقل والتوصيل، شدّد سائقو سيارات الأجرة على ضرورة تدخل وزارة النقل والسلطات من أجل تنظيم قطاع النقل، وإيقاف النشاطات التي تعتبرها موازية وغير قانونية وغير مرخصّ لها.

في هذا الإطار، يقول ممثل سيارات الأجرة على مستوى محطة خروبة، في حديث لـ "الترا جزائر" إن "وزارة النقل مطالبة بالتدخل لوضع حد للفوضى التي يشهدها القطاع، خصوصًا بعد ولوج متعاملين ينشطون عبر التكنولوجيا في مجال النقل وتوصيل الأشخاص بشكل غير قانوني، بحسب أقوال محدثنا.

متسائلًا ، في الصدد: "كيف يمكن لشخص يمتلك مركبة أن يزاول نشاطًا خدماتيًا دون الحصول على رخصة، وزيادة على عدم الخضوع إلى مراقبة تقنية ومهنية دورية؟.

واعتبر المتحدث أن استعمال هذه التطبيقات لا يَضمن أي شكل من أشكال الحماية والتأمين بالنسبة للزبون، وأشار إلأى أن السائق غير مسجّل على مستوى مديرية النقل، وغير معلوم الهوية لدى المصالح المعنية، بحسب أقواله.

سائق أجرة: السعر المنخفض لدى سائقي تطبيقات النقل، ما هو إلا نتيجة عدم خضوعهم إلى أي نوع من الضرائب أو دفع المستحقات الاجتماعية والتأمينات

وأضاف: "السعر المنخفض لدى سائقي تطبيقات النقل، ما هو إلا نتيجة عدم خضوعهم إلى أي نوع من الضرائب أو دفع المستحقات الاجتماعية والتأمينات".

اشتباكات وخلافات 

سُجلت على مستوى الكثير من محطات النقل في المدن الكبرى عدة شجارات وملاسنات بين سائقي الأجرة وسائقي تطبيقات الهاتف، مما دفع المصالح الأمنية على مستوى مطار هواري بومدين بالعاصمة إلى التشديد في مراقبة حركة نقل الأشخاص، ورصد ومعاقبة سيارات التوصيل التي تنشط بشكل غير قانوني.

وعلى الرغم من نمو استخدامها، بشكل متسارع، ما يزال سائقي المنصات يخضعون إلى المساءلة والرصد من طرف المصالح المعنية.

في هذا الإطار، يقول سامي "إنه تعرض إلى سحب وثائق السيارة في حاجز أمني، بعد خضوعه إلى مراقبة أمنية روتينية، تبين أنه قام بنقل شخص عبر تطبيق إلكتروني، بعدما أفصح الزبون للأعوان الأمن". 

وأشار محدث "الترا جزائر" أنه غير مستوعب بأنه يمارس نشاط غير قانوني، كون الشركات الناشئة تنشط بشكل رسمي وقانوني، لديها إشهارات واعلانات رسمية عبر اللوحات الاشهارية في كبرى الشوارع وعلى القنوات.

ضرورة تأطير النشاط 

وفي سياق متصل، وأمام الفراغ القانوني، يناشد مستخدمو نشاط النقل عبر التطبيقات الرقمية السلطات إلى التدخل وتأطير النشاط والحد من الفوضى، نظرا إلى الأهمية الاقتصادية في تطوير قطاع النقل، وتقديم قيمة مضافة عبر العائدات الضريبية، معتبرين أن خطوة التقنين تساهم في امتصاص البطالة المنتشرة في أوساط الشباب، مطالبين بإدراجهم ضمن" مقاوليين ذاتيين"، ويرى هؤلاء السائقين أن تنظيم النشاط من شأنه أن يساهم في ضبط كيفية توظيف سائقي التوصيل الذكي، وخلق منافسة شريفة مع القطاع التقليدي، وتحقيق نقلة إضافية في مجال خدمات النقل.