28-مارس-2021

الأسواق الجزائرية تعرف ندرة في مادة زيت المائدة (تصوير: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

يبدو أنّ وزير التّجارة كمال رزّيق لا يكاد يخرج من زوبعة تسخر من قراراته وخرجاته في الواقع والمواقع حتّى يدخل في أخرى. فهو يأتي في صدارة وزراء عبد العزيز جرّاد إثارةً للجدل والتّناول الشّعبيّ في المجالس الافتراضيّة والواقعيّة، من زاوية تصريحاته غير المحسوبة ومن زاوية وعوده غير المحقّقة.

 وزير التّجارة الأخيرة قال إنّ مصالحه بصدد إعداد قانون يُعاقب التّجّار الذّين يكتبون لافتات محّالهم التّجاريّة بغير اللّغة العربيّة

 يقول الطالب الجامعيّ والنّاشط الثّقافيّ محمّد عبلول إنّه من مهامّ الوزير أن يثير الجدل؛ "لكن في حدود ما يخدم قطاعه من خلال طرحه للمسائل التّي يراها تخلخل السّاكن وتلفت الانتباه إلى ما يجب أن يتغيّر من سلوكات خاطئة لدى المواطن المستهلك وقوانين متقادمة لدى الخكومة.

اقرأ/ي أيضًا: مقاطعة المنتجات الغذائية.. قوّة ضغط تجارية أم مجرد "جعجعة" افتراضية؟

لكن أن يترك موضع الجرح ويشير إلى غيره؛ أو يطلق وعودًا يحبّه المواطنون من أجلها، ثمّ لا يجدون لها امتدادًا في واقعهم؛ فقد أصبح الأمر مدرجًا ضمن خانة التّهريج".

ويضيف محدّث "الترا جزائر": "المرحلة تحتاج إلى مسؤول عملي وميداني لا إلى مسؤول ثرثار واستعراضيّ. وعلى الرّئيس عبد المجيد تبّون أن ينتبه إلى أنّ الارتقاء لا يتوفّر إلّا بالانتقاء".

جاءت تصريحات وزير التّجارة الأخيرة التّي قال فيها إنّ مصالحه بصدد إعداد قانون يُعاقب التّجّار الذّين يكتبون لافتات محّالهم التّجاريّة بغير اللّغة العربيّة، لتثير حوله انتقاداتٍ شعبيّةً، وتضعه مرّةً أخرى محلّ سخرية واسعة. هنا، يقول الصّحفيّ عامر بوقطّاية إنّ اللّغة العربيّة ليست هي المستهدف من هذه الحملة الشّعبيّة؛ فهي فوق أيّ استهداف، بل المستهدف هو الوزير الذّي ترك المشاكل الجوهريّة التّي طفت على السّطح بسبب عجزه المتراكم عن حلّها، وذهب إلى الشّكليات.

يسأل: "هل يُعقل أن يترك وزير التّجارة ندرة زيت المائدة التّي خلقت مشاهد وطوابير مهينة في المحالّ المختلفة، ويتحدّث عن تعريب لافتاتها؟ إنّ الأمر يشبه أن نحدّث فقيرًا لا يجد قوت يومه عن حرمة الذّهب والحرير". كنت سأتفهّم الأمر؛ يقول محدّث "الترا جزائر"؛ لو صدر القرار عن جهة مختصّة بمتابعة شؤون اللّغة العربيّة مثل المجلس الأعلى للّغة العربيّة التّابع لرئاسة الجمهوريّة، أمّا أن يأتي من وزير مكلفّ بترتيب أبجديات التّجارة الوطنيّة بما يضمن حاجات المواطن ويرفع الحرج عن حكومته، فهو دليل صارخ على روح الرّداءة المسيطرة على الوضع.

 ويذهب التّاجر سيف الدّين، 28 عامًا، في قرائته لتصريح وزير التّجارة كمال رزّيق إلى القول إنّ الحكومة أحسّت بالحرج الفعليّ أمام ما يحدث هذه الأيّام من ندرة في السّلع الرّئيسيّة؛ "فهي أرادت أن تدغدغ الضّمير العام وتبريده من خلال قرارات تتعلّق بما يراه نصرةً للثّوابت الوطنيّة منها اللّغة". يضيف: "أتوقّع أن يكون التّشديد الحكوميّ على انتهاك حرمة رمضان القادم أكثرَ منه في المواسم السّابقة استغلالًا للضّمير الدينيّ للمواطن، حتّى لا يحتجّ على غياب السّلع والتّحكّم في الأسعار".

وورد في تدوينة فيسبوكيّة للأكاديميّ محمّد هنّاد "أعلن وزير التّجارة أنّ مصالحه بصدد تعديل النّصوص القانونيّة من أجل فرض عقوبات على أصحاب المحلّات المكتوبة لافتاتها باللّغة الفرنسيّة. فهل يريد صرف الأنظار عن إخفاقاته المتواصلة بإثارة هذه المسألة التّي لا تعني المواطن البسيط في شيء؟ فما يهمّ المواطن ليس إن كانت الكتابة بالعربيّة أو لم تكن. ما يهمّه هل هو قادر على سدّ حاجاته اليوميّة". ويسأل محمّد هنّاد: "السّيّد الوزير. إذا كنت فعلًا قادرًا على "شقاك"، أجبر التّجّار على كتابة الأسعار على السّلع. كفاك جعجة من دون طحين".

وفي الوقت الذّي كتب فيه هوّاري أسعد: "وزير التّجارة وجد المشكل فى اللّافتات بالعربيّة وليس توفيرَ المواد"؛ كتب أستاذ علم الاجتماع السّياسيّ ناصر جابي: "إذا أردت ان تُدوّخ الشّعب الجزائريّ العظيم كلّمه عن العربيّة والإسلام".

أمّا تدوينة الكاتب والإعلاميّ عادل صيّاد، فذهبت إلى مخاطبة وزير التّجارة نفسه بالقول: "حين أدخل حانوتًا يهمّني أن أجد حاجتي متوفّرةً بمقاييس إنتاج حقيقيّ. التّاجر يكتب لافتة محلّه بالعربيّة أو بلغة إبليس؛ فلا يهمّني".

على أيّ أساس أبقى الرئيس على وزير التّجارة الذّي عجز حتّى عن توفير السّلع وضبط الأسعار؟

ويقول مواطنون إنّ رئيس الجمهوريّة عبد المجيد تبّون برّر التّغييرات التّي أجراها على حكومة عبد المجيد جرّاد؛ قبيل الذّكرى الثّانية للحراك الشّعبيّ، بضعف أداء الوزراء المغادرين. فعلى أيّ أساس أبقى على وزير التّجارة الذّي عجز حتّى عن توفير السّلع وضبط الأسعار؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

ربراب يفنّد: لا توجد أزمة زيت

عجز في الميزان التجاري وإيطاليا تزيح فرنسا وتصبح الزبون الأوّل للجزائر