09-ديسمبر-2024
إسبانيا

العلاقات الجزائرية الإسبانية (صورة: فيسبوك)

تواجه شركات إسبانية كبيرة مختصة في الطاقة والهندسة، هواجس دفع تعويضات ضخمة لشركتي سوناطراك وسونلغاز الجزائريتين، في مسارات التحكيم التجاري الدولي.

الجزائر حاليا أكبر مورّد للغاز الطبيعي إلى إسبانيا بأكثر من نصف الواردات

وذكر تقرير لصحيفة إيكونوميستا الإسبانية أن شركات الطاقة الحكومية في الجزائر، تُعد محركًا رئيسيًا في النزاعات التي تواجه الشركات الإسبانية العاملة في الجزائر.

وأكدت الصحيفة أن الجزائر لعبت دورًا بارزًا في بعض أكبر الأزمات التي واجهتها الشركات الإسبانية الكبرى في السنوات الأخيرة، والتي تركزت بشكل رئيسي على مشاريع إنشاء البنى التحتية والمصانع. وأشارت إلى أن هذه النزاعات غالبًا ما تُحل عبر التحكيم أو الاتفاقات الودية، وإن كانت المفاوضات مع الجزائر تُعرف بصرامتها الشديدة.

شركات إسبانية تعاني 

ومن أبرز النزاعات حاليا، ذلك الذي توجهه شركة دورو فيلغويرا. ففي 25  تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تقدمت شركة الكهرباء الجزائرية سونلغاز بطلب تحكيم ضد هذه الشركة الإسبانية إلى غرفة التجارة والصناعة الجزائرية، مطالبة بتعويض قدره 413  مليون يورو بسبب تعليق عقد إنجاز مشروع محطة لإنتاج الكهرباء بالجلفة.

وأوضحت الصحيفة أن هذا النزاع جاء في توقيت صعب للغاية بالنسبة لشركة "دورو فيلغويرا" التي تعاني أزمة مالية خانقة، رغم حصولها على تمويلات من مستثمرين مكسيكيين ومن الدولة الإسبانية عبر صندوق دعم.

ومما ضاعف المخاوف بشأن مستقبل الشركة، أن هيئة سوق المال الإسبانية(CNMV) ، قد أجبرت الشركة على تخصيص 100 مليون يورو في حساباتها لعام 2022 لمواجهة هذا النزاع.

من جانبها، لا تزال شركة "تكنيكاس ريونيداس"، تخوض نزاعًا تحكيميًا مع الجزائر منذ 2022 ، بشأن مشروع توات غاز. وكان هذا النزاع قد تفاقم عندما فعّل تحالف يضم سوناطراك وشركة "نبتون إينرجي" البريطانية، بندا يحصل بموجبه على ضمانات مالية بقيمة 80 مليون يورو بسبب عدم الإنجاز، وهو ما اعترضت عليه الشركة الإسبانية ورفعت دعوى تطالب بمبلغ 166  مليون يورو كتعويض.

لكن، بحسب الصحيفة، قدم التحالف في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي مطالبة جديدة بقيمة 822  مليون دولار كتعويض عن "الخسائر المتوقعة". وذكرت الصحيفة أن هذه الأزمة جاءت في وقت حساس للشركة الإسبانية التي كانت قد لجأت إلى صندوق دعم للحصول على قرض بقيمة 340 مليون يورو.

قضايا رابحة للإسبان

عكس ذلك، قالت الصحيفة إن شركة "أولا" OHLA، رغم معاناتها من ديون ضخمة منذ نحو عقد، تمكنت من تحقيق انتصارات قضائية في نزاعاتها مع الجزائر. ففي 2023، حصلت الشركة على حكم لصالحها يُلزم الوكالة الوطنية للاستثمار في السكك الحديدية (ANESRIF) بدفع 17.5 مليون يورو وإعادة ضمانات بقيمة 19.5 مليون يورو.

وأضافت إيكونوميستا أن الشركة سبق لها أن حلت نزاعات أخرى مع الجزائر بطريقة ودية، مثل تسويتها لخلاف مع سوناطراك بشأن مشروع مركز المؤتمرات بوهران في 2017، حيث حصلت على تعويض قدره 100 مليون يور. كما تسلمت في العام نفسه أكثر من 45  مليون يورو من الوكالة الوطنية للطرق السريعة لحل نزاع حول مشروع طريق دائري في الجزائر.

شريك استراتيجي

واعتبرت الصحيفة أن الجزائر، رغم صرامتها في المفاوضات، تظل شريكًا استراتيجيًا لإسبانيا، خصوصًا في مجال الطاقة الذي يعد مسألة حيوية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واسعة.

وتعد الجزائر حاليا أكبر مورّد للغاز الطبيعي إلى إسبانيا بحصة بلغت 53%  من إجمالي واردات الغاز في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، و37.9% في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري.

وتبرز هذه الأرقام، بحسب الصحيفة، حجم الاعتماد الكبير لإسبانيا على الجزائر في مجال الطاقة، وهو ما يضفي أهمية استراتيجية على العلاقات التجارية بين البلدين.