03-ديسمبر-2022
تمثال عين الفوارة بسيطة (فيسبوك/الترا جزائر)

تمثال عين الفوارة بسيطة (فيسبوك/الترا جزائر)

خلّف تعرض تمثال "المرأة العارية" بنافورة عين "الفوارة الشهيرة بولاية سطيف شرقي الجزائر، إلى التخريب على يد أحد المواطنين، ردود فعل غاضبة، أدانت هذا الفعل، الذي يحدث للمرّة الثالثة في تاريخ هذا المعلم، بينما دعا آخرون إلى نقل التمثال إلى المتحف بحجّة أنه خادش للحياء حسبهم.

تفاعل الجزائريون مع الفيديو الذي يظهر عملية تخريب المعلم بغضب واستنكار لهذا التصرّف

وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بالجزائر، ليلة الجمعة إلى السبت، على نطاق واسع، فيديو قصير يظهر فيه أحد الشباب وهو يعتلي تمثال المرأة العارية، ويقوم بتخريب بعض أجزائه كالثدي الأيسر واليد اليسرى بواسطة حجر، قبل أن يتدخل مواطنون لمنعه.

ويعيد هذا العمل التخريبي، إلى الأذهان حادثتين وقعتا لهذا المعلم، عندما أقدم في 2018 شاب قيل وقتها إنه يعاني من اضطرابات عقلية على تخريب تمثال "المرأة العارية" بواسطة مطرقة أمام الناس.
أمّا الحادثة الأولى، فكانت في 18 كانون الأول/ديسمبر 2017، بحيث تعرض التمثال نفسه لتخريب جزئي، من قبل شخص ملتح أوقفته الشرطة على الفور، وأكدت السلطات بعدها إنه "مختل عقليًا".

غضب من أبو مطرقة

وتفاعل الجزائريون مع الفيديو الذي يظهر عملية تخريب المعلم بغضب واستنكار لهذا التصرّف، بعضهم تساءل إلى متى تظلّ المعالم الأثرية تتعرض للتخريب؟، وبعضهم الآخر طالب بتسليط عقوبات قاسية على الفاعلين واعتبروها جريمة، أمّا آخرون فطالبوا بنقل المعلم إلى المتحف بحجة الإساءة إلى الدين وقيم المجتمع الجزائري المحافظ، على حدّ زعمهم.

في السياق، كتبت الباحثة في التراث ومدير مركز قصر رياس البحر فايزة رياش على حسابها بـفايسبوك: "تمثال عين الفوارة يتعرض مرة أخرى للتخريب"، وأضافت رياش: "يجب تطبيق القانون 98/04 ومعاقبة كل من تخول له نفسه تخريب أي ممتلك".

بدوره، كتب وزير الاتصال والثقافة الأسبق حمراوي حبيب شوقي على حسابه بـ"فايسبوك": "كم من بومارطو (بالعربية أبومطرقة) يسكن ألستنا أو أقلامنا، لا بطولة له إلاّ التحامل على المرأة؟".
وعلق الصحفي عبد العالي مزغيش على ما أقدم عليه الشاب قائلًا: "بومارطو في كل مكان.. الحقيقة أنّ بومارطو فكرة والفكرة  متجذرة في الكثيرين للأسف".
وأضاف مزغيش: " التغيير لا يكون بالمارطو (المطرقة) و تطويع الآيات البينات من القرآن الكريم والاستشهاد بالأحاديث النبوية الشريفة صحيحها وضعيفها من أجل تبرير العنف والتطرف وأفعال التخريب".
 وتابع قوله: "بومارطو يعشش في عقول كثيرين، وهو بومارطو قذر و ذل؛ لأنه يخفي شيطانه الذي في دواخله ويدعي الربوبية ولملائكية من وراء شاشات الهاتف".

من جهته، قال الناقد المسرحي والكاتب حبيب بوخليفة عن الموضوع، يأتي "بومارطو في الحلقة الثالثة على التوالي ليهدم الجمال، عين الفوارة.. المعلم الأثري الذي أصبح منذ تقريبًا قرنين من الزمن جزء لا يتجزأ من التراث للمدينة بعيدًا على كل العقد والأمراض النفسية التي تتميز بها زواحف القرون الوسطىٰ".
وأردف قائلًا: " هذا التمثال ما هو عمل فني من الحجر والرخام يعود إلى منتصف العقبة الاستمعارية ولكن أصبح سطايفي بامتياز. لا وجود للمدينة الجميلة بدون عين الفوارة، ينبغي على النيابة العامة أن تتحرك فورًا للحد من هذه التصرفات الحقيرة والمجرمة في حق جمال المدينة".

وكتب الإعلامي فيصل مطاوي قائلًا: "تعرض المعلم الأثري عين الفوارة بوسط مدينة سطيف، مرة أخرى مساء أمس الجمعة، إلى عمل تخريبي طال أجزاء منه..".

جدل "المرأة العارية"
بالمقابل، تعالت أصوات لإزالة هذا التمثال ونقله إلى "المتحف" بداعي أنّه خادش للحياء ويتنافى مع قيم الإسلام والمجتمع الجزائري المحافظ، وعلّق في هذا الإطار ناشط يدعى فريد بلجودي قائلًا: "ساهلة (سهل جداً) استروها (تمثال المرأة العارية) أو ادخلوها إلى المتحف، بومارطو2".

 

وكتب نشاط يدعى إلياس إلياس: "اقتراح حول عين الفوارة، نقل تمثال المرأة إلى المتحف وتشييد في مكانها نصب لبوزيد سعال بطل أحداث 8 ماي 1945 أول من حمل الراية الوطنية في وجه المستعمر".

ورافضًا لوجود التمثال، قال ناشط يدعى صادق مقدم بن يعقوب في منشور طويل يعود إلى شهر أيلول/سبتمبر:  "عين الفوارة هو نصب يقع وسط مدينة سطيف الجزائرية يتوسّطه تمثال لامرأة عارية وفيه نبع ماء لا يجف،  وقد شُيّد التمثال إبان فترة الإستعمار الفرنسي للجزائر حيث أن الحاكم الفرنسي للمنطقة كان يزعجه وضوء المصلين لصلاة الفجر في منبع الساحة المحاذية للمسجد العتيق، فطلب من النحات الفرانكو – إيطالي فرانسيس دو سان-فيدال تصميم تمثال امرأة عارية ليبعد رواد المسجد عنه، وتم نصبه في 26 شباط/فيفري 1898، فوق النبع المائي الموجود".

 وأضاف: "ورغم ما سببه هذا التمثال العاري من حرج للنساء خاصة حيث كنّ يتحاشين المرور بجانبه، إلا أنه يحدث العكس الآن تمامًا بل تجد الكثيرين يتنافسون على أخذ الصور الفوتوغرافية أمامه.."ومن النساء من يقمن بتخضيبها بالحناء في الأعياد ويدعونها من دون الله لتقضي حوائجهم من شفاء وإنجاب وزواج !! بل قد تجد من يطفن بها ويتمتمن بكلمات توحي بأنهن منخرطات في طقوس ما طلبا للزواج".

 

وبحسب الإعلام المحلي، ألقت الشرطة، القبض على المتسبب في تخريب تمثال عين الفوارة، في انتظار تقديمه إلى العدالة.

تمثال عين الفوارة أنجزه النحات الفرنسي فرنسيس سان فيدال، بالعاصمة باريس عام 1898

يُشار أن تمثال عين الفوارة أنجزه النحات الفرنسي فرنسيس سان فيدال، بالعاصمة باريس عام 1898، ثم نُقل إلى سطيف في 1899، أي بعد 69 عامًا من احتلال فرنسا للعاصمة الجزائرية في 1830. وسبق أن تعرّض هذا المَعلَم لمحاولات تحطيم عامي 1997 و2006.