تزايدت مخاوف الجزائريين، مع تداول الأخبار الرسمية الواردة بخصوص ارتفاع عدد الوفيات بفيروس كورونا، والأخبار القادمة من عديد الدول حول الأزمة، وتضاربها مع تسارع الأخبار الموازية للإحصائيات الرسمية، إذ أعلنت وزارة الصحّة مطلع الأسبوع الجاري، عن ارتفاع إصابات فيروس كورونا المؤكّدة في الجزائر إلى 201 حالةً، إلى جانب تسجيل حالتي وفاة جديدتين ببجاية وخنشلة، ليصل العدد الإجمالي إلى 17 ضحيّة إلى غاية الأحد الماضي.
اللافت أن قرارات تقليل أو توقيف الرحلات من الخارج، جاء متأخّرًا جدًا من طرف السلطات الجزائرية
رغم تطمينات الهيئات المركزية في البلاد، على رأسها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في خطابه ليلة الأربعاء الماضي للأمة، إلا أن الارتباك الطبي في مختلف المؤسسات الصحيّة العمومية في الجزائر بات واضحًا، وفي الشارع أضحى محسوسًا، ومن جهته، أعلن وزير الصحّة والسكان وإصلاح المستشفيات، عبد الرحمن بن بوزيد، أن البلاد انتقلت إلى المرحلة الثالثة من تفشّي فيروس كورونا.
اقرأ/ي أيضًا: الجزائر في المرحلة الثالثة من تفشي كورونا.. ماذا بعد؟
حالة الفوضى في مختلف الأوساط، في شتّى القطاعات، وفي الشارع رفعت من منسوب الغليان لدى المواطنين، أمام التدفق الهائل من المعلومات، تزامن مع بطء السلطة السياسية في تقييم آني للوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة وفي وقتها، يأتي موازاة مع التمدّد الجغرافي لحالات الإصابة بالفيروس الخطير بشكلٍ كبير، فبعدما كان محصورًا في ولاية البليدة، ليصل إلى 17 ولاية، من بينها سكيكدة، عنابة والبويرة، وتيزي وزو و أدرار والعاصمة الجزائرية، وهو ما يعني أن استمرار أخبار الكشف عن الإصابات واردة في الساعات القادمة في أنحاء الوطن.
مرحلة الوقاية متاحة
يبدو أن القراءة الأولية لتعامل الحكومة، باعتبارها جهازًا تنفيذيًا، مع الحالات المصابة بالفيروس، أو مع أولى الإصابات المسجّلة في البداية، كانت "متهاوِنًا" أو لقي "قراءة غير صحيحة، من طرف المسؤولين لمستجد طارئ، يتعلّق بالصحة، مهما كانت الأرقام"، بحسب خبراء وتقنيين في تسيير الكوارث والأوبئة، إذ قالت الدكتورة في علم الأوبئة والجراثيم، نورة بوالجدري، في حديث إلى "الترا جزائر"، إن الأمر ليس بالهيّن التعامل مع هكذا مستجدّات تتعلّق بفيروس تشهده عديد الدول، في مقابل الإمكانيات الطبيّة والمعدّات المحدودة المتاحة، على مستوى المصالح الطبيّة في الجزائر والمستشفيات لمواجهة كورونا.
وذكرت المختصّة أن التحكّم في انتشار الوباء في مرحلة الوقاية، يحتاج بذل مجهودات كبيرة على أكثر من مستوى، مشدّدة بالقول: "لكم أن تتصوّروا مواجهته في مرحلة العلاج، والتغلّب عليه يحتاج إمكانيات ضخمة".
ولأننا أمام فيروس ينتشر بحدّة، دعت المختصة إلى "الاهتمام بأساليب النظافة، كمنطلق أوّلي وتوعية في مختلف المنابر المجتمعية والإعلامية وبالتنسيق مع الجمعيات؛ لأن التوعية الأقرب تحكمًا في الفترة الحالية، قبل أن تنفلت الأمور"، موضّحة "أننا كخبراء لا نتوقّع أين ستذهب الأمور ومدى نتائج الأزمة، ولكننا نتعامل مع صحّة الإنسان وواجبنا اليوم قول الحقيقة للمواطن، ونحمله جزءًا من مسؤولية إنقاذ نفسه".
إصابات.. مخاوف غير متوقعة
وفي تطويق للأزمة، أعاب الكثيرون على الوضع الحالي، بعد تأخّر السلطات في "عزل منطقة البليدة والحي الشعبي الذي ظهرت في فيه الحالات الـ 16 الأولى من عائلة واحدة، وكذا التأخّر في غلق مناطق التجمعات والملاهي والمدارس والجامعات.
ويرى مختصون أن تشخيص الفيروس، هي أول خطوة لتلافي الانتشار، كما قال الدكتور سليم بن عبد الرحمن، الذي اعتبر "استمرار توافد رحلات من الخارج في فترات سابقة، دونما راقبة، هو ما جعلنا نسمع أن المصابون كلّهم من الوافدين من أوروبا"، موضحًا، لـ "الترا جزائر"، أن المصاب إن احتك بخمسة يعني أننا أمام عدوى افتراضية لـ 25 آخرين بمعدل احتكاك كل واحد بخمسة آخرين، إن لم يكن أكثر، وهذا تبسيطًا فقط لعملية العدوى المحتملة، كما قال.
اللافت أن قرارات تقليل أو توقيف الرحلات من الخارج، جاء متأخّرًا جدًا من طرف السلطات الجزائرية، برغم تصاعد الدعوات من أجل ذلك خاصّة مع إيطاليا وفرنسا وإسبانيا كبؤر للفيروس، وهو أمرٌ آخر مرده، بحسب الكثيرين، عدم التعامل مع الأزمة بشكل جدي، منذ أكثر من أسبوع، إذ أوضح الدكتور بن عبد الرحمن بأن تطويق الوباء الخطير، يأتي عبر التشخيص والإحاطة بكل التفاصيل من طرف كادر رفيع المستوى، غير أن المراقبة وتطويق الفيروس لمنع انتشاره، هو عملية تنسيق بين عدة قطاعات، تحتاج لقرارات حاسمة، يذعن لها كل الجزائريين.
حملات التوعية لمواجهة التهويل
اجتماعيًا، تزايدت الأخبار المزيفة التي تستغل " فيروس كورونا"، وهي عامل كبير للتهويل، أحدثت الذعر وسط الأسر الجزائرية، في مقابل التأخّر في إطلاق حملات توعية اجتماعية في الشارع وفي الأحياء، إذ دعا الناشط الجمعوي البروفيسور أحمد محيجبة المواطنين إلى "تشكيل لجان تطوعية على مستوى الأحياء في شكل تضامني بين أبنائه، مقترحًا أن يكون بينهم مختصّين في الطب والميكروبيولوجيا".
ومن مهام هذه اللجان، واصل المتحدّث في عرضه لمقترحه أنه "يجب إحصاء كل العائلات التي من بين أفرادها كبار السنّ، أو من يعانون من أمراض عضوية مزمنة"، لتحديد احتياجاتهم لمواجهة المرض، أو على الأقلّ الوقاية منه مرفقة ببرنامج توعية لأفراد هذه العائلات في كيفية الوقاية، وإبعاد أخطار العدوى على أفراد أسرهم المعرضين لهذا الوباء.
الجزائر تأخرت في تنظيم الأسواق وتموينها لمنع حصول الهلع والندرة، حيث اختفت بعض المواد الاستهلاكية من السوق مثل السميد
اللاّفت أن الجزائر تأخرت أيضًا في تنظيم الأسواق وتموينها لمنع حصول الهلع والندرة، إذ تهافت كثيرون على الأسواق على اقتناء المواد التموينية الضرورية، وبدأت بعض المواد الاستهلاكية من الاختفاء من السوق مثل السميد، إضافة إلى استغلال عدد كبير من التجار هذا الظرف لرفع الأسعار، وهو ما دفع وزارة التجارة والرئيس تبون إلى التشديد في خطابه على ملاحقة المضاربين.
اقرأ/ي أيضًا:
الجزائر في المرحلة الثالثة من تفشي كورونا.. ماذا بعد؟
فيروس كورونا.. إجلاء آخر رعية جزائري عالق بالصين