تُطرح للنّقاش في جنيف.. الجزائر تجدّد التزامها بمبادئ حقوق الإنسان

جدّدت الحكومة التزامها بمبادئ احترام حقوق الإنسان وتعزيزها وفقًا للمعايير الدولية، كردّ على تقرير المقررة الأممية الخاصة بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان في الجزائر، ماري لولور حول زيارتها للجزائر.

سيكون الملفّ محلّ نقاش خلال الدورة الـ 58 لمجلس حقوق الإنسان الأممي المنعقِدة حالياً بالعاصمة السويسرية جنيف، كما سيُسلّط التقرير الضّوء على أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر والتحديات والفرص المتعلقة بحرية التعبير.

فإضافة إلى مناقشة تقرير الخبيرة الخاصة ماري لولور عن زيارتها للجزائر في أواخر 2023؛ ستشهدُ الدورة ندوة حول حرية التعبير.

أعلنت الحكومة على لسان رشيد بلادهان الممثل الدائم للجزائر لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف حِرصها  على احترام حقوق الإنسان

في 5 آذار/ مارس 2023، تعرِض ماري لولور، المُقرّرة الأممية الخاصة بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، تقريرًا مفصلًا حول مهمتها في الجزائر التي امتدت من 25 تشرين الثاني/ نوفمبر إلى 5 كانون الأول/ ديسمبر 2023.

وقد جاءت هذه المهمة بدعوة رسمية من الحكومة الجزائرية، التي قدّمت بدورها ردًا كتابيًا بشأن وضع حُقوق الإنسان في البلاد.

وعلى هامش هذا الاجتماع، ستنظّم ندوة حول حرية التعبير في الجزائر بمبادرة من مؤسسة "المادة 19"، وهي منظمة غير حكومية تعمل على تعزيز حرية التعبير عالميًا.

رغم أنّ الجزائر قد قدّمت الدعم غير المباشر لهذه الجلسة من خلال استضافة المقررة الأممية، فإن الوضع في البلاد ما زال يُثير تحفظات، خاصة مع الانتقادات التي وجهها المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر لعدد من الدول، بينها الجزائر، في خطابه في 3 آذار/ مارس.

في هذا السياق، أصدرت سبع منظمات حقوقية دولية، بما في ذلك منظّمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، رسالة موجهة إلى ممثّلي الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، تحثّ فيها السلطات الجزائرية على الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، خصوصًا فيما يتعلق بحرية التعبير، ومراجعة القوانين المتعلقة بالجمعيات، والدعوة إلى إعادة النظر في أوضاع منظمات المجتمع المدني التي تمّ حلّها.

ماذا جاء في التقرير؟ 

لم يخرج التقرير المتاح للتحميل على موقع مجلس حقوق الانسان عن التقارير والمراسلات السابقة للمقررين الأمميين وآخرهم تقرير زميلها السابق المقرر المعني بحرية التجمع والتظاهر السلمي الذي زار الجزائر في أيلول/ سبتمبر 2023.

ورغم إقرارها بوجود تحسينات تشريعية، أعربت لولور عن انشغالها من القوانين المتعلقة بالأمن ومكافحة الإرهاب التي أقرت في عام 2021 وقالت إنّها" لا تزال تثير قلقًا جديًا في أوساط مجتمع حقوق الإنسان على الصعيدين المحلي والدولي".

ونبّهت إلى أنّه رغم التحديات التي تثيرها التهديدات الارهابية في البلاد لا يُخفي أصحاب العهود (الخبراء الأمميون في مختلف تقاريرهم ومراسلاتهم) انشغالهم من مطاطية أحكام المادة 87 مكرر من قانون العقوبات والمادتين 95 و192 مكرّر من التشريع ذاته. اللتين تقوضان حسبهم الأمن القانوني والحق في التجمع السلمي وحرية التعبير، وتفرضان عقوبات غير متناسبة لأفعال ليس مجالها تشريعات مكافحة الإرهاب والقائمة الوطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية.

وأبدت الخبيرة انشغالها من القيود التي وضعتها السلطات على العمل النقابي عبر القانون 23-02، داعية إلى حماية الحق النقابي ومع أحكام الدستور الجزائري ذات الصلة.

توصيات

شدّدت الخبيرة الأممية في توصياتها على أهمية انفتاح المجتمع الجزائري على المدافعين عن حق الإنسان (التخلي عن نظرية المؤامرة) ومنحهم الفرصة لبناء الثقة ليتمكنوا من العمل بحرية ودون خوف والمشاركة الكاملة في بلوغ مجتمع عادل يتمتّع بالمساواة ويحترم حقوق الانسان".

ضرورة وضع حدّ للقيود من مغادرة التراب الوطني المستعملة للحدّ من تنقلات الناشطين للخارج

وجدّدت دعوتها للسلطات للإفراج عن الناشطين الحقوقيين الموقوفين وإعادة النظر في أحكام المواد 76، 87 مكرر، 95 مكرر و 96 من قانون العقوبات لأجل مطابقتها مع التشريع الدولي الخاص بتعريف الإرهاب وتعديل المواد 144،144 مكرّر 2،146و 149 من القانون ذاته التي تقمع التعدي وإهانة وازدراء مؤسسات الدولة 

ورافعت أيضاً الانفتاح أكبر على المنظمات الأهلية الناشطة في مجال حقوق الانسان، ووقف الملاحقات الأمنية والقضائية في حقهم والتعامل معهم كشركاء، ووضع حدّ للقيود من مغادرة التراب الوطني المستعملة للحدّ من تنقلات الناشطين للخارج.

كما نصحت الناشطين المحليين في مجال حقوق الإنسان بالنّظر في إمكانية التفاعل على الهيئات الوطنية المختصة في حقوق الإنسان والسلطات الرسمية وتوحيد جهود المنظمات العاملة.

ردّ الحكومة

اعترضت الحكومة الجزائرية على عديد الملاحظات الواردة في تقرير السيدة لولور، وجدّدت دفاعها عن المادة 87 مكرر، مبرزة أن التشريعات الوطنية الخاصة بمكافحة الارهاب متوافقة مع قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة.

وقالت الحكومة في ردّها الذي تجاورت عدد صفحاته تقرير الخبيرة الأممية (19 صفحة مقابل 18) إنّ حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان محمية والشيء ذاته بالنسبة للمبلّغين عن الفساد، مُشدّدة أنّ العديد من التوصيات قد تم تنفيذها بالفعل.

وأعلنت الحكومة الجزائرية على لسان رشيد بلادهان ممثل الجزائر الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة ومكتب المنظمات الدولية بجنيف في افتتاح أشغال الدورة استعداد الجزائر للتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان واستعدادها لاستقبال مزيد من الخبراء الأمميين، زيادة عن قرارها بزيادة التمويل للمفوضية.

كما جدّد ممثل الجزائر الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة ومكتب المنظمات الدولية بجنيف؛ حِرص الجزائر على احترام حقوق الإنسان وتعزيزها من المبادئ الجوهرية في سياستها الداخلية وعلاقاتها الدولية.