02-أكتوبر-2022
برلمانيون جزائريون أمام مبنى المجلس الشعبي الوطني (تصوير: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

برلمانيون جزائريون أمام مبنى المجلس الشعبي الوطني (تصوير: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

السنة النيابية الجديدة افتتحها نواب البرلمان بأجندة ثقيلة تتضمن 42 قانونًا، سيخضع للتشريع والتعديل والمراجعة والنقاش.

يتساءل متابعون للشأن التشريعي حول قدرة البرلمان بغرفتيه على استيعاب هذا الحكم الهائل من القوانين

هذه النصوص التي يرتقب أن تمس كافة القطاعات وتضع الأصبع على ملفات حساسة في القضاء والاقتصاد والسياسة والجماعات المحلية، وسط حديث عن ثورة في التشريعات ستشهدها الجزائر هذه السنة، هدفها رفع الفرامل عن القضايا العالقة وإعادة بعث المشاريع المعطلة وتسهيل الإجراءات القضائية وتحسين مستوى معيشة المواطن وضمان المزيد من الحريات.

وكما كان مبرمجًا، اجتمع مكتب المجلس الشعبي الوطني في اليوم البرلماني الأول بمجرد مغادرة الوزير الأول والطاقم الحكومي جلسة الافتتاح، وأفرج الاجتماع المغلق عن خطة للقوانين المرتقب نزولها إلى المجلس قريبًا، ويتعلق الأمر بـ42 نصًا جديدًا، ستصل بشكلٍ متلاحق وتدريجي إلى مبنى زيغود يوسف، حيث سيكون النواب أمام تحدي مناقشة قانون جديد كل أسبوع.

ويطرح عارفون بالشأن التشريعي تساؤلات جديدة اليوم، حول مدى قدرة البرلمان بغرفتيه على استيعاب هذا الحكم الهائل من القوانين وبرمجتها جميعا في سنة واحدة، وهل ستكفي هذه المدة للتمحيص الكافي في هذه القوانين وتقديم المقترحات لتعديلها، أم أن التمرير الاستعجالي للنصوص الجديدة سيكون حاضرًا هذه السنة أيضًا، على غرار ما حدث في الدورة الماضية مع قانون الاستثمار، فهل سيستصيغ النائب المصادقة على القوانين بهذه الطريقة؟

محفظة ممتلئة تنتظر النائب

ويقول النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني علي ربيج في تصريح لـ"الترا جزائر"، أن النواب  سيواجهون أكبر تحدٍ خلال هذه الدورة، بالنظر لحجم المشاريع التي تنتظر هؤلاء والتي ستكون محل مناقشة وإثراء من قبل ممثلي الشعب.

هذه المشاريع التي تكتسي أهمية كبرى لمواكبة التطورات الحاصلة في كل المجالات، لاسيما وأن عدّة قطاعات شهدت تغيرات وتظل اليوم بحاجة إلى تنظيم قانوني جديد.

ويقول ربيج: "قد لاحظنا خلال الدورة السابقة المصادقة على عدة مشاريع قوانين حظيت بالمناقشة اللازمة رغم تمرير بعضها بالطريقة الاستعجالية، إلا أن ذلك كان بسبب طبيعة المشاريع وضيق الوقت".

يضيف المتحدث: "لكن الدورة الحالية ستكون ثرية جدًا بالنظر لحجم ونوعية المشاريع المقدمة والتي ستعادل 42 نصًا قانونيًا". مردفًا: "لذا نتمنى أن يكون النائب في مستوى التطلعات، وعليه أن يثبت جدرا ته وقدرته على التغيير من خلال الإثراء والمساهمة في تقديم تعديلات وليس الاكتفاء فقط بالتصويت".

وحسب النائب، فإن أكثر شيء يمكن أن يؤثّر على البرلماني خلال مناقشته للقوانين جهله ببعض الملفات وعدم استعابه لنص المشروع، متمنيًا ألا يجابه النائب هذا المشكل خلال هذه الدورة، التي ستشهد تمرير أكثر القوانين تعقيدًا في السياسة والاقتصاد.

برلمانيون أمام امتحان إثبات الكفاءة

من جهته يعتبر النائب عن حركة البناء الوطني كمال بن خلوف في تصريح لـ"الترا جزائر"، أن البرلماني الجزائري سيكون خلال هذه الدورة أمام امتحان اختبار الكفاءة، من خلال 42 نصًا قانونيًا ينتظر وصوله مكتب المجلس الشعبي الوطني تباعًا، مؤكدًا أنهم كنواب يتمنون ألا تكون هذه النصوص كسابقتها من القوانين التي لم تكن مشاريع قانونية كاملة، بل مجرد تعديلات جزئية طفيفة .

وتحدث في هذا السياق عن قانون الوظيفة العمومية الذي ورد فيه تعديلان فقط، وبالتالي لا يمكن حسبه تصنيفه كقانون جديد، في وقت تظلّ المنظومة القانونية في الجزائر بحاجة إلى تكييف وتحيين على شكل نصوص جديدة، على غرار قانون البلدية والولاية والصفقات العمومية والجباية المحلية، وغيرها من القوانين التي تشهد فراغًا كبيرًا.

ويضيف المتحدث: "نتمنى ألا تكون النسخ الجديدة لهذه القوانين سوى تعديلات جزئية، بل أن تكون مضامين لتشاريع كاملة، تحمل رؤية جديدة لكافة القطاعات التي تتطلب تغيير واضح قادر على استيعاب الماضي والتطلع لمستقبل أكبر".

ويصرح بن خلوف: "أعتقد أن السادة النواب بعد تجربة سنة من التشريع استفادوا من تلقي مجموعة من الآليات التي قد تكون سببًا في تطوير الأداء التشريعي واقتراح تعديلات مناسبة كي تأخذ القوانين إطارًا تشريعيًا يستوعب التحديات المقبلة".

ويواجه البرلماني اليوم تحديًا كبيرًا يتطلب منه فهم المغزى القانوني من التشريع والقوانين التي تكون على طاولته كي لا يتحوّل إلى مشرع عديم الجدوى، في تقديم التعديلات التي لها علاقة بمضمون النص.

فعندما يجهل البرلماني خلفيات القانون الذي بين يديه، يصعب عليه إقرار تعديل جديد، لذلك من المفروض أن تتكون لدى النائب رؤية واضحة للنصوص الجديدة، ولا حرج له من استشارة خبراء ومختصّين في المجال من أجل تقديم تعديلات والمساهمة في إثراء المشروع.

نواب.. الوقت يداهمنا

ويتخوف النواب من عدم اكتمال مناقشة 42 قانونًا في ظرف سنة برلمانية واحدة، معتبرين أن الأجندة هذه السنة أثقل مما كان ينبغي أن تكون.

ويقول بن خلوف "لذلك يمكن القول أن الطبيعة الاستعجالية للقوانين تؤثر في العمل التشريعي وأحد العوائق التي يمكن أن تصادف البرلماني، فقد ثبت أن الاستعجال بات حيلة لتمرير القوانين لاسيما وأن النصوص التنظيمية في بعض القوانين التي مرت بهذه الطريقة لم تصدر بعد".

ومن جهته يعتقد أحمد صادوق، رئيس الكتلة البرلمانية لحركة مجتمع السلم، أن عدد القوانين المنتظر بالبرلمان هذه السنة كبير جدًا، على اعتبار أن النائب سيستقبل قانونًا جديدًا كل أسبوع وهو ما يفوق طاقة البرلماني وقد يفوق أيضا الطاقة الزمنية للدورة البرلمانية.

ومما يزيد الملف تعقيدًا أن الدورة الحالية ستشهد نزول قوانين مهمة على غرار البلدية والولاية والجمعيات والأحزاب والإعلام، وهي قوانين تحتاج لمناقشة وتنظيم أيام دراسية للكتل الممثلة في المجلس لفتح نقاش حقيقي حولها قبل الشروع في تعديل المشروع.

ويضيف المتحدث: "على سبيل المثال فحمس تنظم يوم دراسي يحضره خبراء ومختصين لفهم كل مشروع قانون قبل إحالته على النواب".

وتضع هذه الرزنامة النائب في تحد صعب وهو إثبات قدرته على التشريع والمساهمة في التعديل وتقديم مقترحات، وهو ما يفرض أن تلعب الأحزاب دورها في التحضير الجيد والتأطير المناسب لنوابها كي يكونوا في مستوى التطلعات .

أكبر عائق يتخوف منه النواب هو الاصطدام بحكومة صماء ترفض التعديلات المقترحة

وفي النهاية، وبغض النظر عن عدد القوانين المطروحة والفترة الزمنية المتاحة لمناقشتها، يبقى أكبر عائق يتخوف منه النواب هو الاصطدام بحكومة صماء ترفض التعديلات المقترحة وتتعصب لآرائها.