جامعة سيدي بلعباس الأولى مغاربيا في تصنيف دولي مرموق.. هل هي ثمار الإنجليزية؟

أدرجت ست جامعات جزائرية لأول مرة ضمن تصنيف "أفضل الجامعات العالمية" الصادر عن مؤسسة US News Best Global Universities، وهو من بين أبرز التصنيفات الأكاديمية التي تعتمد مؤشرات كمية لقياس أداء الجامعات على المستوى الدولي. 

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تسعى إلى إدخال إصلاحات تهدف إلى رفع مستوى الأداء الجامعي 

وقد جاءت جامعة سيدي بلعباس في صدارة المؤسسات الجزائرية ضمن هذا التصنيف، حيث احتلت المرتبة 760 عالمياً من أصل 2250 جامعة تم تقييمها، كما صنّفت الأولى وطنياً وعلى مستوى بلدان المغرب العربي.

يعتمد تصنيف US News على أربعة مؤشرات رئيسية تشمل السمعة الأكاديمية، وحجم الإنتاج العلمي، ومدى تأثير الأبحاث، إضافة إلى مستوى التعاون الدولي. ويمثل إدراج جامعات جزائرية في هذا التصنيف خطوة أولى نحو حضور أكبر في خارطة التعليم العالي العالمية، غير أن هذه المراتب تبقى بعيدة عن المراكز المتقدمة، ولا تزال تعكس تفاوتاً كبيراً مقارنة بالجامعات الرائدة عالمياً.

وبالإضافة إلى هذا التصنيف، تظهر الجامعات الجزائرية بشكل محدود في تصنيفات دولية أخرى. ففي تصنيف Times Higher Education (THE)، تم إدراج عدد محدود من الجامعات الجزائرية، مثل جامعة الجزائر 1 وجامعة قسنطينة، ضمن فئة تتجاوز الترتيب الألفي (1001+)، وهو ما يشير إلى أداء متواضع من حيث المعايير الدولية المعتمدة، على غرار الاستشهادات بالأبحاث، والروابط الصناعية، والموارد المالية، والبيئة التعليمية.

أما في تصنيف QS World University Rankings، الذي يُعد من أكثر التصنيفات تأثيراً، فلم تتمكن أي جامعة جزائرية من دخول قائمة أفضل 1000 جامعة حتى عام 2024. وتعزى هذه الغيابات إلى مجموعة من العوامل البنيوية التي تعيق الجامعات الجزائرية من تحسين تموقعها الدولي.

من بين أبرز هذه العوامل: ضعف النشر العلمي المفهرس في قواعد البيانات الدولية مثل Web of Science وScopus، حيث لا تزال نسبة الأبحاث المنشورة ضمن مجلات ذات معامل تأثير مرتفع منخفضة نسبياً. كما يساهم الاعتماد الكبير على اللغة الفرنسية في الحد من انتشار الأبحاث الجزائرية دولياً، في وقت أصبحت فيه اللغة الإنجليزية هي المهيمنة في مجالات البحث والنشر الأكاديمي.

إضافة إلى ذلك، تفتقر العديد من المؤسسات الجامعية الجزائرية إلى استقلالية القرار الأكاديمي والمالي، مما يحد من قدرتها على تطوير استراتيجيات بحثية فعالة أو إبرام شراكات دولية واسعة. كما أن ضعف التمويل العمومي المخصص للبحث العلمي، والنقص في التجهيزات المخبرية، وغياب حوافز فعالة للأساتذة والباحثين، تمثل كلها عوائق أمام تحقيق نقلة نوعية في جودة التعليم والبحث.

الإنجليزية والرقمنة

ولتغيير هذا الواقع، تسعى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى إدخال إصلاحات تهدف إلى رفع مستوى الأداء الجامعي، من خلال دعم التحول الرقمي، وتشجيع التكوين باللغة الإنجليزية، وتحفيز النشر في المجلات المصنفة. كما أطلقت برامج لتشجيع التعاون الجامعي الدولي وتسهيل مشاركة الجامعات الجزائرية في مشاريع بحثية مشتركة مع مؤسسات أجنبية.

ورغم هذه المبادرات، يرى عدد من المراقبين أن التقدم ما زال محدوداً، وأن رفع ترتيب الجامعات الجزائرية في التصنيفات العالمية يتطلب مراجعة عميقة لسياسات التسيير، وتحسين مناخ البحث العلمي، وتعزيز الاستقلالية والشفافية داخل المؤسسات الجامعية، إلى جانب ربطها الفعلي بمحيطها الاقتصادي والاجتماعي.

في المجمل، فإن دخول بعض الجامعات الجزائرية في تصنيفات دولية مثل US News يمثّل مؤشراً على إمكانيات التطور، لكنه لا يعكس بعد مستوى تنافسي حقيقي على الصعيد العالمي، حيث تظل الجامعات الجزائرية بحاجة إلى إصلاحات هيكلية واستثمار طويل الأمد لتقليص الفجوة بينها وبين الجامعات المصنفة ضمن المراتب الأولى عالمياً.