25-فبراير-2022

محطة القطار في مدينة برزيميل ، جنوب بولندا (الصورة: Getty)

 

"استيقظنا على دوي الانفجارات"، "صافرات الإنذار هزّت أسماعنا"..، "حالة الخوف سيطرت علينا"، بهذه العبارات استهل زكرياء حوض، الطالب الجزائري بجامعة النوبيب الأوكرانية، في تخصّص اللغات الأجنية حديثه لـ"الترا جزائر"، معربًا عن خوفه من الحرب التي شنّها الجيش الروسي على الأراضي الأوكرانية وأمله في العودة إلى أرض الوطن.

الطالب عبد الرحمان: قرارنا بالتوجّه نحو بولندا كان حتميًا.. لكننا نريد أن تتدخّل السلطات الجزائرية لإجلائنا من هنا

واستذكر الطالب زكرياء، الساعات الأولى من فجر اليوم الخميس، قائلًا: "استيقظنا في حدود الساعة الـ 45.05 دقيقة، على صوت الانفجارات وسط العاصمة كييف، تلتها صافرات الإنذار، التي كانت إيذانًا رسميًا بحالة الهجوم الروسي".

اقرأ/ي أيضًا: بدء عملية عسكرية روسية في أوكرانيا

وتابع: "سارعت إلى الاتصال بأصدقائي ومن أعرفه وسط العاصمة الأوكرانية، ومنه اتفقنا على جمع أغراضنا والخروج إلى منطقة آمنة بعيدًا عن الانفجارات".

وأضاف زكرياء أنه "التقيت برفقة عشرة من أصدقائي الجزائريين بمدينة سوفيسكا، التي تبعد بـ 20 كلم عن العاصمة كييف"، وأردف: "قرّرنا أن نتخلى عن باقي أغراضنا ربحًا للوقت والتوجه إلى الحدود البولندية، وبالضبط إلى مدينة لفيف الأوكرانية البعيدة عن العاصمة الأوكرانية بـ 600 كلم".

وأشار الطالب الجزائري إلى أن "دولة بولندا أعلنت صبيحة اليوم عن فتح حدودها للاجئين من أوكرانيا بسبب الاجتياح الروسي".

رحلة الحياة..

يضيف محدّث "الترا جزائر"  أن أزيد من 150 جزائريًا قرّروا الهروب نحو الحدود البولندية مباشرة بعد إعلان رئيسها عن تخصيص ملاجئ لأزيد من مليون ونصف لاجئ من الأراضي الأوكرانية.

وهنا أوضح، قائلًا: "اخترنا الجهة الغربية لأوكرانيا، كون رئيس دولة بولندا، أعلن عن فتح ملاجئ تسِعُ مليون ونصف لاجئ من الفارين من أوكرانيا"، وهنا أكّد أن الرحلة إلى الجهة الغربية لم تكن سهلة، خاصة وأن الازدحام المروري كان خانقًا من كثرة الهاربين إلى تلك الجهة.

واستطرد: "أعاقتنا زحمة مرورية كبيرة في الطريق، وقضينا أزيد من 11 ساعة في مسافة 300 كلم فقط.. انتابني خوف كبير، فقد كانت الدبابات والشاحنات العسكرية في الجهة الموازية لطريقنا متّجهة إلى داخل أوكرانيا..، فعلًا صورٌ مخيفة".

وعن المحطّات الخدماتية على طول الطريق، قال زكرياء، إنها "تشتغل بشكل عادي، لكن الطوابير كانت طويلة، فالناس هنا متخوفون من استمرار الوضع ونفاذ الوقود".

هنا قاطعه صديقه، عبد الرحمان راس العين، وهو طالب جامعي في تخصص التجارة العالمية، قائلًا: "نعم..، طوابير كبيرة واجهناها صباحًا بكييف للحصول على البنزين، قضينا أكثر من ثلاث ساعات أمام المحطة".

وأردف: "الكلّ قصد محطات الطاقة، لملء خزّان سياراتهم، غدًا قد لا يكون هنالك تزويد بشتى أنواع الوقود بسبب الإقبال الهائل للمواطنين".

"لا أريد أن أكون حراقًا.."

ردّ الطالب عبد الرحمان، عن سؤال حول التواصل مع الجهات الدبلوماسية الجزائرية في أوكرانيا، بالقول: "لم نتمكن من ذلك.."، معللًا: "ربما كانت الخطوط مشغولة في السفارة الجزائرية، حاولنا التواصل معها في الصباح الباكر مباشرة لكن دون جدوى".

وأضاف أنه ورفقائه قرروا، عدم التوجه إلى مقرها، بوسط العاصمة الأوكرانية، كونها تقع على مقربة من ثكنات عسكرية، وكما تعلمون القصف الروسي استهدف منذ الصباح المراكز والمنشآت العسكرية الأوكرانية، حسب الطالب عبد الرحمان.

وبالحديث عن مستقبله، بعد قراره مرافقة أصدقائه إلى الحدود الغربية لكييف، قال عبد الرحمان: "رأينا في ذلك حلًا مؤقتًا لمعضلتنا..، نعم أنت هنا أمام الحرب، كل شيئ ممكن".

وأكمل: "قرارنا بالتوجّه نحو بولندا كان حتميًا.."، لكننا نريد أن تتدخّل السلطات الجزائرية لإجلائنا من هنا (بولندا).

وبلغة متحسّرة، رفض محدّثنا مواجهة مصير مظلمٍ في قادم الأيام، ليؤكّد: "أنا متواجد هنا في أوكرانيا بصفة شرعية، وأدرس بانتظام في الجامعة، لهذا لا أريد أن أجد نفسي بلا وثائق غدًا في دولة أوروبية أخرى".

حظرٌ للتجوال

عاد الطالب زكرياء حوض، إلى طريقة تواصل الجزائريين بينهم، في أوكرانيا، بعد إعلان موسكو للاجتياح، مؤكًدا "فتح مجموعات على منصات التواصل الاجتماعي لتسهيل تواصل الجالية هناك وكذا مع عائلاتهم في الجزائر".

وأكّد محدّثنا أنه "بعض الجزائريين فضّلوا البقاء في العاصمة كييف بمحض إرادتهم.."، كاشفًا أنهم "في حالة جيّدة ولا أخبار سيئة عنهم إلى حدّ الساعة".

وأشار إلى أن السلطات الأوكرانية، أعلنت، عن حظر للتجوال في العاصمة كييف، من الساعة العاشرة ليلًا إلى غاية الساعة السابعة من صباح اليوم الموالي، حماية للسكان وأمنهم، حسبه.

رقمٌ أخضر..

ومن جانبها، دعت وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج المواطنين الجزائريين المتواجدين والمقيمين في أوكرانيا إلى توخي أقصى درجات الحيطة والحذر، وتفادي الخروج من مقر إقامتهم إلا في الحالات المستعجلة.

وفي بيان لها، أكدت الخارجية، على أن مصالحها الدبلوماسية في كييف، تتابع الأوضاع عن كثب وفي تواصل دائم ومستمر مع أفراد الجالية الوطنية في أوكرانيا.

الطالب عبد الرحمان: ربما كانت الخطوط مشغولة في السفارة الجزائرية، حاولنا التواصل معها في الصباح الباكر مباشرة لكن دون جدوى

كما أوضحت أنها "ولهذا الغرض فقد تم وضع رقم أخضر تحت تصرفهم للتواصل مع السفارة الجزائرية بكييف: 0800-500068"، ووضعت تحت تصرف عائلات أعضاء الجالية بأوكرانيا الرقم الأخضر التالي للاستفسار، إذا اقتضت الضرورة ذلك، عن وضعية أفراد عائلاتهم في هذا البلد: 021 50 45 00".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائر تستنفر رعاياها في أوكرانيا

دليل تاريخي شامل لفهم الأزمة بين روسيا وأوكرانيا