07-ديسمبر-2019

أمام محكمة سيدي امحمد بالعاصمة (الصورة: في بلادي)

كشفت محاكمة "رموز الفساد" في الجزائر من رجال أعمال ومسؤولين كبار، بعضهم كان رئيسًا للحكومة، عن حجم نهب المال العام، وشكّل ذلك صدمة لكثيرين، ولم يجد البعض إلا أسلوب السخرية والتهكّم عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتعليق على ما حدث داخل قاعة المحاكمة، ولعلّ أكبر المستهدفين كان رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى. 

نال أحمد أويحيى قدرًا كبيرًا من السخرية والتهكّم في قضية تركيب السيّارات

نقل منتج ومخرج الأفلام الوثائقية محمد والي، ما قال إنها "معلومات" تتعلّق بكيفية حساب الأرقام، حيث ذكّر أولًا بالمعلومات المعروفة التي تؤكّد أن المليون يحتوي على ستة أصفار والمليار تسعة أصفار والبليون 12 صفرًا، ليضيف معلومات أخرى منها أن كوادريليون يضم 15 صفرًا، والسليار 24 صفرًا، ويختم الأمر بالقول إن "الأويحيار" رقم يحتوي على 27 صفرًا.

اقرأ/ي أيضًا: موجة عالية للقضاء: نائب عام جديد والمزيد من ملفات الفساد أمام المحاكم

ولئن كانت التسميات الأولى علمية معروفة، فإن "الأويحيار" مشتقٌ من اسم رئيس الحكومة الجزائري السابق أحمد أويحيى الذي يحاكم حاليا بتهمٍ تتعلقّ بالفساد ونهب المال العام، حيث بيّنت أطوار المحاكمة حجم الأموال المنهوبة التي وصفت بـ"الفلكية".

ونال أحمد أويحيى قدرًا كبيرًا من السخرية والتهكّم في قضية تركيب السيّارات، وهو الذي عُرف منذ تسعينات القرن الماضي بتصريحاته المستفزّة، لعل أشهرها أنّه "ليس ضروريًا أن يأكل الجزائريون اللبن" المعروف في الجزائر باسم "الياغورت"، وأصبحت الجموع تطارده بعلب الزبادي عندما أمر قاضي التحقيق قبل أشهر بإيداعه الحبس الاحتياطي.

وعندما كشف أويحيى أن له حسابًا بنكيًا غير مصرّح به بقيمة 30 مليار سنتيم، قال إنّه لا علاقة له بوظيفته وهو مجموع هدايا من أصدقائه. هنا، قالت الصحافية الضاوية خليفة موجّهة كلامها إلى مجموعة من صديقاتها: "تحسبًا لعيد ميلادي المزمع تنظيمه يوم 30 كانون الأوّل/ديسمبر 2019 بالقاعة البيضاوية، إن لم تقمن بضخ 30 مليار، فما فوق في حسابي البنكي فأنتن لا صديقات لا خيات..".

من جهته، قال الصحفي محمد إيوانوغان إن: "أويحيى اعترف أمام القضاء أن الأموال المودعة في حسابه في بنك التنمية المحلية، لا علاقة لها بوظيفته في الدولة، أي هي ناتجة عن مصادر أخرى، ما هي؟ قال إنها هدايا، لكن الحقيقة أن القضاء لم يعثر على مبلغ 30 مليار ولا 300 مليار في حساب أويحيى، بل حركة الأموال المرصودة في هذا الحساب -لفترة لم يشر لها القاضي أثناء الجلسة- تعادل مبلغ 30 مليار سنيتم".

وبمناسبة إعلان أويحيى هذا الرقم، علّق الصحافي محمد علواش موجّهًا كلامه إلى بعض المسؤولين عن صحف جزائرية قائلًا: "مسؤولو جرائد لا تباع ولا توزّع، نهبوا مئات الملايير من شركة الإشهار، ويتكلّمون عن مبلغ 30 مليار، على أنه رقم فلكي وخيالي!".

بدوره، نال الوزير الأوّل السابق عبد المالك سلال "حظّه" من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الذي عُرف بقلب المواقف الجدية إلى الهزل، وبـ"سذاجة" أجوبته في كثير من الحالات.

أما الصحافي قادة بن عمار، فقد لاحظ أن الوزير الأوّل السابق عبد المالك سلال، أثاء جلسة سماع أقواله في المحكمة، كان "ينسخ وينقل إجابات أويحيى نفسها". واستدرك يقول: "أخشى أنه سيكرّر حتى إجابات أويحيى عن زوجته وابنه".

ذهب البعض إلى تخيّل تفاصيل ما جرى من استجواب، حيث كتب الصحافي مروان الوناس يقول في محاورة افتراضية بين عبد المالك سلال والقاضي، حيث سأل القاضي: "قل لي، من أين لك هذه الأموال؟ فردّ سلال يقول بكل غباء أو تغاب: من أين لك هذه الأموال؟".

أمّا الصحافية نرجس كرميش، فكتبت ما قالت إنه مقتطفات من كتاب "كيف تصبح مليونيرًا في بلادك"، تقول: "30 مليار في حساب أويحي يقول إنها لا علاقة لها بوظيفته. سلال عنده لاندروفر لم يصرّح بها ضمن ممتلكاته لأنه نسيها بسبب أنّه لا يُجيد القيادة، ابن سلال شريك في مشروع بخبرته لأنه درس بالخارج، ابن أويحيى دخل في شراكات مع الخواص، سلال عُيّن مديرًا لحملة الخامسة ومن بعد حاوزه، كان يوقع دون أن يعرف على ماذا؟".

 لأن أرقام الأموال المنهوبة التي كشفت عنها المحاكمة كانت "فلكية" بتعبير الكثير، فقد أعادت الاعتبار للناشط السياسي وأستاذ الاقتصاد فارس مسدور الذي كان لوقت طويل موضع سخرية بسبب ذكره لأرقام يكاد لا يصدّقها أحد على غرار أن الجزائر "مؤهلة لأن تجني ستة آلاف مليار دولار سنويًا من الفلاحة وحدها"، وأن مستثمرًا هنديًا "يهرّب يوميًا 20 مليار دولار من مصنع عنّابة للحديد والصلب إلى بلده".

في هذا الصدد قال الصحافي سيد أحمد بلونة: "كي كان مسدور يقولكم: العصابة تأخذ رشاوي بعشرات آلاف الملايير، أنتم كنتو تحرشو بيه".

زهية منصر: "الرابح الوحيد من محاكمة اليوم هو صاحب محلّ البيتزا الذي بجانب المحكمة"

ولأن البعض يرى أن المحاكمة لا جدوى منها بالنظر إلى الفساد المستشري، فقد ذهبت الصحافية زهية منصر إلى القول إن "الرابح الوحيد من محاكمة اليوم هو صاحب محلّ البيتزا الذي بجانب المحكمة"، بالنظر إلى الأعداد الهائلة من الصحافيين والفضوليين الذي يأتون إلى المحكمة من كل فجّ ولا يجدون ما يسدّ جوعهم إلا الأكل السريع عند المحلّات القريبة من محكمة سيدي امحمد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أول محاكمة علنية لرموز بوتفليقة.. تأجيل وفوضى وسوء تنظيم وتهم ثقيلة

هل سيشاهد الجزائريون محاكمة "العصابة" على التلفزيون؟