19-يوليو-2018

تخلف حفلات التخرج الكثير من الفضلات (نذير طيار/ فيسبوك)

ما أن تنتهي الشّهور الخمسة الأولى من العام، حتى تشهد المؤسّسات الجامعية الجزائرية، التّي تجاوز عددها 80 مؤسّسة، جلسات تخرّج في الشّهادات الثّلاث، ليسانس وماجستير ودكتوراه، أو ما عرف في إطار الإصلاح الجامعي الجديد بنظام "ألامدي"، تتبعها حفلات يقيمها الطلبة المتخرّجون في إحدى قاعات الجامعة، بحضور أسرهم وأصدقائهم وأساتذتهم وزملائهم المقرّبين.

بعد انتهاء العام الدراسي تعرف الجامعات الجزائرية حفلات التخرج التي تكون شبيهة بأعراس الزواج في هرجها ومرجها

تكاد تكون هذه الحفلات شبيهة بأعراس الزّواج، من حيث الحلويات والأطعمة والمشروبات الموزّعة فيها، ومن حيث طقوس الفرح من زغاريد ورقص وموسيقى، بما يحوّل الحرم الجامعيّ، خلال فترة التخرّج من فضاء معرفيّ وعلميّ إلى قاعة للحفلات. يقول الطالب الجامعي والممثل عماد عبد السّلام: "صحيح أنّ افتكاك شهادة جامعية مدعاة للفرح والابتهاج على مستوى الطّالب وعلى مستوى محيطه الأسري، لكن يُفترض أنّ مظاهره تكون في البيوت أو في قاعات الأفراح لا في الحرم الجامعي".

اقرأ/ي أيضًا: المتخرجون الجزائريون.. أعراس في الجامعة

يتساءل محدّث "ألترا صوت": "ما معنى أن تمتلئ قاعة المناقشة بعشرات الغرباء عن الجامعة، الذين لا علاقة لهم بالبحث العلمي، مع ما يتبع ذلك من تشويش وفوضى على منصّة المناقشة؟ ما معنى أن تشغل عشرات السيّارات الغريبة عن الجامعة مواقفها، فيصبح متعذّرًا على أستاذ الجامعة والعامل فيها أن يجد بقعة يركن فيها سيّارته؟ ما معنى أن يكون أحد الطلبة منهمكًا على مناقشة بحثه، فتنهمر الزّغاريد والأصوات من قاعة مجاورة، بما يعطّل المناقشة أكثر من ساعة؟".

وينتهي عماد عبد السّلام إلى هذه النّتيجة: "كلّ هذا يُشكّل مؤشّرًا على أنّ الشّارع اخترق الجامعة بأخلاقه وطقوسه وفوضاه عوضًا عن إشعاعها عليه".

ما يثير الانتباه أيضًا، في هذه الحفلات، أنّها تخلّف في القاعات التي تقام فيها أكوامًا من الفضلات، من غير أن يعبأ أحد من الحاضرين بتنظيف المكان وترتيبه بعد نهاية استغلاله. تقول مريم، وهي إحدى منظفات جامعة برج بوعريريج: "ما كنت لأصدّق أنّ هذا الأمر يحصل في الجامعة، لو لم أرَ ذلك بعيني"، مضيفةً: "أعاني مع زميلاتي مهمّة إصلاحه. هل هؤلاء طلبة جامعيون أم باعة في الأسواق الشّعبية؟ حتّى هؤلاء لا ينصرفون قبل تنظيف أماكنهم".   

من جهته، كتب أستاذ جامعة قسنطينة نذير طيّار في تدوينة على فيسبوك، أنّ الحرم الجامعيّ، في إحدى المناقشات، أصبح مكانًا  للهرج والمرج والفوضى التي لا نظير لها. "لا مكان لركن السّيارة، وإذا وجدت مكانًا لن تستطيع مغادرته لاحقًا بحكم إغلاق بعض الكوارث البشرية بسياراتهم على سيارتك"، يقول طيار. 

وأضاف: "يقوم الطلبة المعنيون بإهداء علب كارتونية بها حلويات تقليدية وقارورة عصير للأساتذة، يحملونها معهم بعد إطلاق الزّغاريد عقب انتهاء المناقشة. وقد تعوّدت هذه الاختصاصات جميعًا، مع استثناء بعض الطلبة طبعًا، على احتلال مساحات طويلة عريضة بها حلويات ومرطبات ومشروبات يطلقون بها شماريخ بحضور الدربوكة (ألة الإيقاع) والرقص. تحسّ مع كل ذلك أنك لست في حرم جامعي بل في ملعب لكرة القدم. وأحيانا في ملهى ليلي تهيمن عليه الموسيقى الصّاخبة".

يسأل نذير طيّار: "هل هذه الممارسات لها علاقة بالعلم والبحث العلمي؟". ويضيف: "الكارثة الأكبر أن معظم الطلبة ومعهم عائلاتهم وأصدقاؤهم يتركون أماكن أكلهم وفضلاتهم كما هي، لتتحول الجامعة إلى مزبلة كبرى، كاشفة ضياع قيم النظافة، وكأن من أكلوا وشربوا هم أبعد ما يكونون عن الإنسانية".

يخلف الطلاب المحتفلون كثيرًا من الفضلات والأزبال في قاعات الجامعة، الأمر الذي أثار استهجان متابعين على السوشيال ميديا

غير أنه يتدارك: "إذا كانت الفتيات المتوجات بالماستر يحرصن غالبًا على تنظيف مواقعهن بعد انتهاء الحفلة، فإن معظم الذكور لا علاقة لهم بالنظافة مطلقًا، كأن الذكورية أصبحت مرادفة للوسخ. يحدث هذا أمام لامبالاة عائلاتهم غالبًا".

أمام هذه السّلوكات المخلّة بحرمة الجامعة وهيبتها، والمشيرة إلى خلل في مطابقة صورة طالب العلم بأفعاله، هل يحقّ للمنظومة الجامعية الجزائرية الاستمرار في اعتبار نفسها ناجحة فقط لأنّ الجامعات الجزائرية تجاوزت عتبة 1.6 مليون طالب، بما يجعل عددهم أكبر من سكان 68 دولة عضوًا في هيئة الأمم المتّحدة؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجامعة الجزائرية.. لا تقرأ

استنساخ الرسائل الجامعية في الجزائر.. أرقام مخيفة!