11-يونيو-2022
أمام الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب بحي باب الواد بالعاصمة (تصوير: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

أمام الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب بحي باب الواد بالعاصمة (تصوير: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

تَعمل وزارة الصناعة الجزائرية على إعادة الاعتبار إلى النسيج الصناعي العمومي، ومُحاولة إيجاد حلول اقتصادية ناجعة تضع حد للإفلاس المالي وسوء التسيير، نتيجة إهمال السنوات السابقة، وتفكيك القاعدة الاقتصادية الوطنية، وكذا فشل مختلف صيغ الشراكة مع القطاع الخاص، أو خصخصة القطاع العمومي.

ما هي أهم المجمعات الصناعية التي يُعول عيلها الرئيس كثيرًا عدا شركة سوناطراك؟

وكشف وزير الصناعة الجزائري، أحمد زغدار، عن وجود 40 مؤسسة عمومية تسعى الحكومة إلى إعادة بعثها وهيكلتها، ووضع برنامج نجاعة تٌقدم فيها الشركات العمومية قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.

يُشار أن وزارة الصناعة، تُشرف على 10 مجمعات صناعية، ومؤسستين اقتصاديتين، تنشط في فروع صناعية متعددة وتوفر 97.327 منصب عمل، وخلال الثلاثي الأول من سنة 2022 سجلت رقم الأعمال 88.241 مليون دينار

المراهنة على القطاع العمومي

في سياق متصل، ومنذ تنصيب عبد المجيد تبون رئيسًا للجمهورية سنة 2020، أعرب تبون على ضرورة إعطاء الأهمية للقطاع العمومي، وإعادة الاعتبار للمجمعات الصناعية العمومية، ووضع مخططات الهيكلية، مع تقييم النسيج الصناعي التابعة للدولة.

وأفاد تبون خلال خرجاته الإعلامية أنه من أنصار بعث وتمكين القطاع العمومي، وجعله قاطرة رئيسية لقطاع الصناعي والاقتصادي، فقد أشاد في عدة مناسبات بإنجازات المؤسسات العمومية فترة السبعينيات.

في هذا الإطار تعمل الحكومة على إعادة هيكلة كبرى الشركات العمومية وتوسيع نشاطاتها الاقتصادية وتأميم مصانع رجال أعمال المحتجزة من طرف العدالة، فما هي أهم المجمعات الصناعية التي يُعول عيلها الرئيس كثيرًا عدا شركة سوناطراك؟

مجمع مدار

في هذا الصدد، تم نقل ملكية مصنع الإنتاج الزيت الواقع بولاية جيجل والتابع للأخوة كونيناف إلى المجمع الصناعي "مدار" بعد صدور أحكام نهائية ضد مالكيه السابقين، وبلغت تكلفة المشروع حوالي 250 مليون أورو، وأعلن مجمع "مدار" عن استحواذه على نسبة 34 من المائة من الأسهم شركة "رونو" الجزائر لإنتاج السيارات بولاية وهران كانت تمتلكها الشركة الوطنية للسيارات الصناعية، إضافة إلى 20 بالمائة لدى الشركة الألمانية -الجزائرية ZF والمتخصصة في صناعة علب تحويل السرعة.

ويُعد "مجمع مدار" نتيجة إعادة هيكلة الشركة الوطنية للتبغ والكبريت، نتج عنها ستة فروع متخصصة في الصناعات الغذائية والتعليب وتحويل المعادن والاستثمار المالي، إضافة إلى شراكات متنوعةن حيث أن آخر رقم أعمال مسجل للشركة كان في 2016 والمقدر 30.909 مليون دينار، و2456 منصب شغل.

مجمع أغروديف

يعد هذا المجمع الرئة التي تعول عليها السلطات كسب رهان الأمن الغذائي والقضاء على الاحتكار والمضاربة، وينشط مجمع "أغروديف" في مجال انتاج السميد ومادة الفرينة والعجائن، ويغطي 20 بالمائة من احتياجات السوق الوطنية، ويعمل المجمع على تنظيم الأسواق بالتنسيق مع وزارة التجارة والسلطات المحلية.

ويحوز المجمع على 44 مطحنة ونقاط بيع متوزّعة على كامل القطر الوطن، كما استرجع وحدة ومصنع انتاج زيت المائدة الواقع وسط ميناء العاصمة، بعد استرجاع الأملاك المصادرة من الاخوة كونيناف

مجمع صيدال

في سياق متصل، تعتمد الحكومة من أجل بعث الصناعة الصيدلانية وتقليص فاتورة الاستيراد، على تمكين مجمع صيدال من ترأس قطاع صناعة الأدوية وتلبية حاجيات السوق الوطنية والوصول إلى نسبة عالية من الاكتفاء الذاتي، ويسعى المجمع الصيدلاني العمومي إلى تحقيق رقم أعمال يقدر بـ 18 مليار دينار سنة 2020 أي بزيادة نسبتها 42 بالمائة مقارنة بسنة 2021.

إلى هنا، عرف المجمع الصيدلاني العمومي استهدافًا من طرف ما يسمى "لوبيات مستوردي ومحتكري قطاع الأدوية"، إذ تراجعت حصص السوق الوطنية من 30 بالمائة إلى 10 بالمائة أي أكثر من 20 بالمائة من الطلب الوطني .

تعرّض المجمع إلى محاولة خوصصة خلال سنوات التسعينيات، لكن مقاومة العمال والإدارة آنذاك حالت دون تحقيق ذلك، وعلى إثر ذلك تعرض المدير العام السابق علي عون إلى محاولة اغتيال في ولاية المدية، وتخريب المنشآت الصناعية ووحدات التخزين وإحراق مصنع في طور الإنجاز لمادة أنسولين بولاية قسنطينة، وتوبع علي عون قضائيًا في قضية بنك خليفة.

وتداولت وسائل إعلامية آنذاك، أن  المدير السابق علي عون، تمكن من إنقاذ مجمع صيدال بعد  توقيع شراكة رفقة الشركات الهندية للأدوية لتجاوز المخابر الفرنسية التي أرادت احتكار السوق الوطني، ويشار هنا أن عبد المجيد تبون أعاد علي عون إلى الواجهة بتعينه مديرًا جديدًا للصيدلية المركزية للمستشفيات.

 مجمع سونلغاز

رغم طابعه الاجتماعي والاقتصادي في توزيع الغاز والكهرباء، يكتسي مجمع سونلغاز أهمية بالغة في مجال توليد الطاقة الكهربائية، ويُعول عليه كثيرًا في تصدير الكهرباء إلى دول أفريقيا مجاورة على غرار تونس وليبيا ومالي، زيادة على الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة.وفي هذا الإطار، تم إعادة هيكلة مجمع سونلغاز عبر تقليص عدد الشركات التابعة لها من 26 فرع إلى 14 شركة.

وبحسب خبراء فإن إعادة الهيكلة ترمي إلى التحكم في مختلف المسارات الإنتاجية والخدماتية، وترشيد النفقات وحسن استغلال للموارد البشرية والمالية، وتجسيد المخطط التنموي الحكومي في مجال تطوير الطاقات المتجددة والتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، كما يَهدف دمج الشركات إلى تحسين من الوضعية المالية لشركة الأم سونلغاز، التي أثقلتها الديون غير المسددة التي بلغت 70 مليار دينار نهاية سنة 2020.

 مجمع كوسيدار

من جانبه، وبعدما سيطرت فئة قليلة من الخواص على قطاع البناء والأشغال العمومية، نتيجة القرابة من دوائر حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بالمقابل، وخلال نفس الفترة شهدت الشركات العمومية الناشطة في مجال البناء والمقاولاتية مصاعب مالية ومادية أفضت إلى الإفلاس والزوال.

وفي سياق إعادة الاعتبار إلى المؤسسات العمومية في مجال المقاولة والبناء، شرعت الحكومة في إعادة هيكلة "مجمع كوسيدار" الرائد منذ التثمينيات في مجال الأشغال الكبرى وإنجاز المباني والبنية التحتية، ورغم الوضعية المالية الصعبة التي عرفها المجمع والتهميش لصالح مجمع حداد للأشغال العمومية، غير أن المجمع تمكن من الصمود، في ظلّ مقاومة إطاراته وعمال المجمع ورصيده الوطني والقاري.

وفي انتظار مخطط إعادة الهيكلة، أفادت مصادر إعلامية أن السلطات العليا أقرت إسناد كل المشاريع العالقة والكبرى إلى كوسيدار، في هذا المجال استؤنفت بعض منافذ الطريق السيار من طرف شركة كوسيدار بعد سحب المشروع من مجمع حداد.

كما أسند مشروع ميناء الحمدانية بولاية تيبازة إلى كوسيدار رفقة الشراكة الصينية، بعد سحب المشروع من مجمع حداد وكونيناف، كما وُكَلَت مشاريع تحلية مياه البحر وبناء السدود إلى المجمع العمومي أيضًا، إضافة إلى المساهمة الفعالة في توسعية أنقاق الميترو.

استثمرت شركة كوسيدار في مجال التربية السمكية في كل من ولايتي بسكرة والأغو

في الإطار نفسه، استثمرت كوسيدار في المجال الزراعي، وبالتحديد في مجال زراعة الحبوب، وبلغت المساحة بـ17 ألف هكتار في ولاية خنشلة، زيادة على تجربة في مجال التربية السمكية في كل من ولايتي بسكرة والأغواط، ويعد هذا الاستثمار كمرحلة تجريبية أولية في مجال الزراعي، على أن يمتد ويتوسع في إطار تطوير الزراعة الاستراتيجية التي تشمل القمح والبذور والحبوب. ويُعد هذا المجمع الذي يوظف 40 ألف عامل ثاني أكبر مجمع عمومي بعد سوناطراك، والتي تعد أكبر وأقوى الشركات العمومية التابعة للدولة.