30-يوليو-2021

مختصون يؤكّدون أن تخوفات المواطنين ليست منطقية ولا سند علمي لها (تصوير: رياض كرامدي/ Getty)

منذ أقلّ من أسبوعين، تحوّلت الساحة الخارجية لمدرسة سليماني عاشور، بمدينة الأسنام شرق ولاية البويرة، إلى نقطة تلقيح ضدّ كورونا، إذ يصطف مئات الأشخاص منتظرين سماع أرقامهم للدخول لقاعة التطعيم.

رئيس الوكالة الوطنية للأمن الصحي: جل من يخشون تلقي اللقاح يتابعون منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي ليس لها أي سند علمي

في الطوابير الطويلة نجد كلّ الفئات العمرية، شيوخًا وشبابًا، نساءً ورجالًا، سجّلوا أنفسهم في ساعات الصباح الأولى من أجل تلقي لقاح سينوفاك الصيني الذي بات الخيار الوحيد المتوفّر في الجزائر.

كان باديًا من الوهلة الأولى أنّ عدد الأشخاص الواقفين أمام باب المدرسة يفوق عدد الجرعات الممنوحة لذلك اليوم، ما اضطر متطوّعين إلى تنظيم العملية لفتح قائمة جديدة، وكذا إقناع المواطنين بأن اللقاح سيتوفّر بعد يومين ولا داعي للانتظار فقائمة اليوم قد أغلقت.

تردّد ورفض

هنا، يحدّث وليد، أحد المتطوعين "الترا جزائر" بأنّه "قبل أشهر، كان مخزون اللقاح كاسدًا في المراكز الصحيّة، وكان الناس يرفضون فكرة التلقيح. فقط بعض المسنين من تقدموا لأخذ اللقاح".

ويكمل "لقد انقلبت الأوضاع الآن. أصبح الناس يقضون ساعات في طوابير طويلة عساهم يظفرون بالجرعة الأولى من التطعيم".

شهر آذار/مارس الماضي، ومع دخول الشحنات الأولى للقاح المضاد لكورونا إلى لجزائر، كشف سبر أجرته يومية "لوسوار دالجيري" الناطقة بالفرنسية بالتعاون مع وكالة "إيكوتيكينيك" المتخصّصة في دراسات سبر الآراء، أن 53 بالمائة من الجزائريين يرفضون تلقي اللقاح لاعتبارات مختلفة منها التخوف من الآثار الجانبية للقاح أو بسبب الوضعية الصحية لمن تم استجوابهم.

في حين عبّر 28 بالمائة من المستجوبين عن رغبتهم في الحصول على اللقاح، بينما بلغت نسبة المترددين الذين لم يفصلوا بعد في قرارهم 19 بالمائة. كما تشير أرقام سبر الآراء إلى أن نسبة رفض تلقي اللقاح سجلت عند النساء بشكل أكبر مقارنة بالرجال.

تفسيرات غريبة 

جولة قصيرة على مواقع التواصل الاجتماعي قد تكون كافية لرصد ردود أفعال الجزائريين تجاه تلقي لقاح كورونا. منشورات وفيديوهات وتعليقات يشرح فيها ناشطون الأسباب التي كانت وراء قراراتهم. هنا، نقف على حالة قد تكون جزائرية خالصة، لقد تحوّل فيسبوك إلى مخبر علميّ افتراضي.

ينطلق بعض الرافضين لتلقي لقاح كورونا من "حالة إنكار" لوجود وباء كورونا أصلًا، فيما يبدي آخرون الخوف من الضرر طويل الأمد نتيجة تلقي اللقاح، نظرًا لعملية الموافقة السريعة التي تمت على اللقاحات.

كما يرفض طرف ثالث اللقاح المضاد للفيروس الذي ظهر في ووهان الصينية لأسباب غريبة جدًا، فمنهم من يقول إن "من تلقى لقاح كورونا سيموت في غضون عامين"، فيما يعتقد آخرون أن "كورونا ولقاحها كان مجرّد وسيلة من أجل التخلص من أكبر عدد ممكن من الناس بعد أن أصبح عدد سكان الأرض مرتفعًا جدًا".

أغرب من ذلك، أن ناشطين يتداولون منشورات على فيسبوك، تقول أن "لقاح كورونا يسبّب العقم ويحدّ من القدرة الجنسية"، فيما ذهبت جهة أخرى من هؤلاء بعيدًا في تفسيرهم لنظرية المؤامرة بالقول أن "لقاحات كورونا تحوي شرائج إلكترونية ستجعل القوى العظمى تسيطر على البشرية وتبرمجها كما تشاء". وعلى مواقع التواصل تجد أشخاصًا بهويّاتهم الحقيقية (ليسوا ربوتات) يدافعون عن هذا الطرح.

في هذا السياق، تداول كثيرون فيديوهات تظهر أشخاصًا تلقوا للتو التلقيح، فأصبحت أجسادهم ممغنطة، إذ تلتصق القطع النقدية والأجسام المعدنية بمكان تلقي اللقاح، ما جعلهم يعتقدون من وجود شيء ما داخل لقاح كورونا.

نعود إلى طابور التلقيح، حيث وقف "الترا جزائر" على نقاش مفتوح بين رافضين للقاح ومن ينتظر دوره لتلقي جرعته، يقول أحدهم "كيف أثق في لقاح تم صنعه بسرعة كبيرة، ولم يحظ بأي وقت لتجريبه والتأكد من فعاليته، أنا أرفض أن أكون فأر تجارب للمخابر العالمية".

يرد أحدهم، غير مقتنع برأي محاوره، "هل تعلم أن لقاح سينوفاك الصيني مصنوع بنفس طريقة لقاح السعال الديكي ولقاح شلل الأطفال، لقد جعلوا من فيروسات معطلة لقاحًا، حين تتلقى اللقاح سيتعرف جسمك على هذا الفيروس ويتمكن من صدّ النسخة الحية إذا دخلت جسدك".

ليوجّه له سؤالًا: "لماذا لا ترفض أيضًا تلقيح أولادك، فحتى اللقاحات الأخرى صنعتها المخابر نفسها، وأن أرادوا سوءًا فما يمنعهم من فعل ذلك مع لقاحات أخرى".

خبراء يردُّون

اعتبر كمال صنهاجي، رئيس الوكالة الوطنية للأمن الصحي، التخوف من تلقي لقاح كورونا أمرًا غير منطقي، حيث قال في جوابه على المتخوفين من تلقي اللقاح في تصريحات ليومية الشعب إنّ "تخوفهم غير منطقي تمامًا، وليس له أي مبرر وسند علمي".

وتابع: "يتخوفون من تلقي جرعات من اللقاح لكنهم يفضلون مواجهة الفيروس الذي قد يتسبب في موتهم"، مشيرًا إلى أنّ جل من يخشون تلقي اللقاح يتابعون منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي، ليس لها أي سند علمي.

وفي السياق ذاته، قال رئيس اتحاد الأطباء الجزائريين لناحية الشرق، الدكتور خالد السعيد، إن اللقاحات التي اقنتها الجزائر مصنوعة بالطريقة التقليدية ولا تشكل أي خطر على صحة المواطنين.

وأوضح أن "اللغط القائم في العالم هو حول جدوى اللقاحات المصنوعة على قاعدة الحمض الريبي النووي وهذه اللقاحات لم تجلبها الجزائر".

من جهته، قال العالم الجزائري بلقاسم حبّة أنّ "هناك من يزعمون أن اللقاحات التي يتم حقنها تحتوي على جزيئات معينة؛ وأن هؤلاء جعلوا أذرعهم ممغنطة نتيجة لذلك".

وأكد حبّة أن مثل هذا الكلام مجرّد "أساطير خالية من أي أساس علمي (..) هذه النظريات حول وجود رقائق دقيقة يمكن أن تنتقل مع اللقاح أثناء الحقن كانت عبثية".

وأضاف: "لا توجد طريقة لتكون هذه الادعاءات صحيحة، إضافة إلى ذلك، هذه الشائعات عن حقن الرقائق الدقيقة التي من شأنها تنشيط نوع من المغنطة بعد تلقيحها كانت متخيلة"، محذرًا الجزائريين من هذه الفيديوهات الكاذبة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيروس كورونا.. هل علينا أن نصاب بالذعر؟

الجزائر تكتشف دواء كورونا.. بوناطيرو في مخبر الانتقادات مجدّدًا