13-أغسطس-2020

بعض محطات الخدمات استغلت الأزمة الوبائية لرفع الأسعار (Getty)

من النّادر أن نجد جزائريًّا راضيًا عن الخدمات التّي تقدِّمها المحطّات المزروعة على جنبات الطّريق السّيّار الرّابط بين أقصى نقطتين في الشّرق والغرب، على مسافة 1700 كيلومتر، أو راضيًا عن الأسعار المعتمدة من طرفها.

ظهرت خلال اليومين الأخيرين حملة فيسبوكيّة تدعو إلى مقاطعة خدمات محطّات الطّريق السّيّار

وهي محطّات بعضها موروث عن زمن الطّريق الأحادي، إذ صادف أن مرّ الطّريق السيّار بمحاذاتها، فبقيت على قيد الاشتغال؛ فيما تمّ استحداث بعضها الآخر، إذ منحت رخص تأجيرها أو تسييرها لوجوه وجهات بشكلٍ يشوبه كثير من الغموض.

اقرأ/ي أيضًا:  درارني: حملة التضامن معي تشعرني بالتفاؤل

هنا، يقول الكاتب أيمن بن محمّد إنّ هذه المحطّات تتوفّر على فخّ يجعل مستعملي الطّريق السّيّار يلجؤون إلى فضاءاتها التّجاريّة من مطاعم ومقاهٍ ومحالٍّ ومراحيض، هو توفّرها على الوقود الذّي لا غنًى عنه؛ "فأنت تدخل لتتزوّد بالوقود، فتجد نفسك قد تركت مبلغًا كبيرًا على أغراض كنت ستدفع ثلث سعرها فقط في المتاجر العادية". يضيف: "إنّها محطات لابتزاز المسافرين، وليست محطّات لتقديم خدمات لهم".

ونجد فكرةً عن أسعار هذه المحطّات؛ في صفحة "مقاطعة السيّارات.. خلّيها تصدّي". وهي واحدة من الحملات الشّعبيّة النّاجحة التّي قامت احتجاجًا على ارتفاع أسعار السيّارات في الجزائر، وأسّست لثقافة الاحتجاج الشّعبيّ على الغلاء الذّي لا يخضع لمنطق السّوق. فصحن من طاجن الزّيتون بـ 800 دينار في مقابل 200 دينار في المطاعم العادية. وصحن من اللّوبيا بـ 400 دينار في مقابل 150 في المطاعم العادية. وقارورة ماء بارد بـ 80 دينارًا في مقابل 25 دينارًا في المحالّ العادية.

يسأل الصّحفيّ فاروق بن شريف عن طبيعة الجهات الرّسميّة أو الجهات غير الرّسميّة النّافذة التّي تحمي ابتزاز وجشع هذه المحطات؛ "فهي تعمل ضدّ القاعدة الاقتصاديّة القائمة على تحديد السّعر بناءً على العرض والطّلب! إذ يفترض أنّ كثرة الإقبال عليها، وهذا ملحوظ ودائم ليلًا ونهارًا، تؤدّي إلى هبوط الأسعار لا التهابها".

ويقول محدّث "الترا جزائر" إنّ نفوذ أصحاب بعض هذه المحطّات وصل إلى عرقلة ربط المدن والتّجمّعات السّكنيّة بالطّريق السّيّار؛ "حتّى يستحوذوا على المسافرين الذّين لا يجدون منفذًا إلى الفضاءات التّجاريّة لتلك المدن". يختم بنبرة ساخرة: "يبدو أنّ الحكومة لم تعد مطالبة بتحرير التّجارة فقط؛ بل بتحرير الزّبائن أيضًا".

في ظلّ هذا الواقع؛ ظهرت خلال اليومين الأخيرين حملة فيسبوكيّة تدعو إلى مقاطعة خدمات محطّات الطّريق السّيّار والاكتفاء بالتّزوّد بالوقود، وقد تجلّت الاستجابة للمقاطعة أكثر في محطّة الأخضريّة، 70 كيلومترًا إلى الشّرق من الجزائر العاصمة، بحكم أنّها تتوسّط الطّريق، فتستقط أكبر عدد من مستعمليه.

ابتكر السّائقون المقاطعون طريقة طريفة للفت الانتباه إلى المقاطعة هي رفع مزامير المركبات عند المرور بالمحطّة. وقد وردت تدوينة ساخرة في صفحة "شوارع البويرة" وهي الولاية التّي تنتمي إليها محطّة الأخضريّة تقول: "لقد تحوّل صاحب المحطّة إلى عريس" ذلك أنّ التّزمير من طقوس العرس الجزائري.



أثمرت الحملة، حسب موقع "البرج نيوز"، تجاوب صاحب محطّة الأخضريّة، فقام بالكشف عن الأسعار في ألواح خاصّة؛ إذ كان الزّبون إمّا أن يسأل عنها شفويًّا و إمّا أن يفاجأ بها بعد الاستهلاك؛ بما يجعلنا عرضة للغشّ والارتجال، بالإضافة إلى تخفيضات فيها. وقال الموقع إنّ الحملة مؤهّلة لأن تصبح وطنيّة، فتشمل جميع المحطّات الشّبيهة.

في هذا السّياق، يقول النّاشط أمين بن ثامر إنّ المجتمع اضطرّ في ظلّ تقاعس الأطراف الحكوميّة عن أداء مهامّها، إلى ابتكار طرق احتجاجيّة تحميه من أساليب الجشع والاستغلال؛ "وهي روح جماعيّة مؤطّرة بوعي مدنيّ عالٍ استفاد من مواقع التّواصل الاجتماعيّ. وهو الوعي المحاصر في الميدان بنسيج جمعويّ مغشوش ومتواطئ".

تؤشّر مثل هذه الحملات على أنّ الشّارع الجزائريّ بصدد الاستفادة من الرّوح التّي ورثها عن مسعى الحراك

وتؤشّر مثل هذه الحملات الاحتجاجيّة الشّعبيّة، على أنّ الشّارع الجزائريّ بصدد الاستفادة من الرّوح التّي ورثها عن مسعى الحراك الذي هدف به إلى تحسين حياته السياسية، في شنّ جملة من الاحتجاجات الهادفة إلى تحسين حياته الاجتماعيّة، باستعمال طرق سلميّة مبتكرة لكنّها ذات تأثير.

 

اقرأ/ي أيضًا:

وزير يخرق تعليمة الحجر والجزائريّون يسخرون

حملة "شجرة لكل مواطن".. غرس أكثر من مليون شجرة بولاية البليدة