31-أكتوبر-2022
رشيد علواش (فيسبوك/الترا جزائر)

رشيد علواش (فيسبوك/الترا جزائر)

ينخرط العالم العربي اليوم تحديات جديدة على ضوء تحولات جديدة وتوترات إقليمية، تطرح في خضمها عدة تساؤلات عن أهم التحديات والاشكاليات القائمة اليوم في العالم العربي، وعن كيفية مواجهتها وما هي أدوات المقاومة والمواجهة. في هذا الموضوع يتحدث رشيد علواش، المحلل والخبير في الشأن الدولي، في حوار مع "الترا جزائر"، ويبرز  أهمية الملف الفلسطيني في القمة العربية، وكيفية إدارة الصراع العربي مع  الاحتلال الإسرائيلي.

رشيد علواش: الملف الاقتصادي سيكون حاضرًا بقوة  في القمة من خلال البحث عن آليات جديدة وفعالة لتفكيك التعريفات الجمركية

  • يعيش العالم اليوم تحوّلات عميقة وخطيرة، ما هو واقع العلاقات بين الدول العربية؟

يمكن النظر لواقع العلاقات العربية-العربية في سياق هذا التدافع الإقليمي و التحوّلات التي تشهدها البيئة الجيوسياسية على أنها ليست وفق المأمول؛ خاصة مع هيمنة العمل الدبلوماسي الثنائي في مقابل تراجع العمل الدبلوماسي المتعدد الأطراف على مستوى جامعة الدول العربية، وهذا بسبب تزايد حدة المشاكل البينية عربيًا المترافق مع انتشار الأزمات التي تشهدها مجموعة من الدول العربية  و التي تم تدويلها الأمر الذي أضعف هياكل العمل العربي المشترك و فاقم محفزات التدخل الخارجي في المنطقة العربية والتي تكرست بعد 2011.

  • ماذا يمكن أن تقدمه الجزائر لإنجاح القمة العربية؟

الجزائر تستند على إرثها الدبلوماسي للدفع نحو ضرورة إعادة تفعيل العمل العربي المشترك في قمة جامعة الدول العربية في دورتها 31 يومي 1و 2 من تشرين الثاني/نوفمبر 2022، انطلاقًا من الثوابت والقيم التي تجمع الدول العربية، ولكن أيضًا للبحث عن توافق عربي للتكيف مع التحولات ومجابهة التحديات التي تشهدها المنطقة العربية.

  • ما هي أهم الإشكاليات التي تواجه المنطقة العربية؟

 حدّة الاشكاليات التي تواجهها المنطقة العربية المترافقة مع تحولات جيوسياسية عالمية، تم الاتفاق على إعادة طرح الملفات الأساسية التي ستكون في صدارة القمة، بداية بالقضية الفلسطينية التي تعتبر أصل العمل العربي على مستوى جامعة الدول العربية، وتم التمهيد لهذا الملف عبر الإعلان التاريخي لجمع شمل الفصائل الفلسطينية في الجزائر توج بإعلان الجزائر في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2022، كبداية للرهان على قمة تشرين الثاني/نوفمبر للم شمل الدول العربية. ليتم بعدها بحث الأزمات التي تواجهها مجموعة من الدول العربية عبر التأكيد على سلمية الحل للمشاكل الداخلية عبرت تكريس مسارات الحوار وتجسيدًا للمصالحة كأساس لمعالجة الإشكاليات التي تعرفها الدولة الليبية واليمنية والسودانية.

كما يأتي ملف الأمن الغذائي الذي سيعرف تداولًا كبيرًا على مستوى القمة بالنظر لحجم التحدي الذي تواجهه الدول العربية في هذا المجال خاصة مع ما شهده سوق الغذاء العالمي في سياق الحرب الأوكرانية، و بالتالي سيتم البحث عن أنجع السبل عربيًا لتحقيق تنمية زراعية بالاستناد على اللجان الفرعية ذات الاختصاص على مستوى هياكل جامعة الدول العربية.

الملف الاقتصادي أيضًا سيكون حاضرًا بقوة من خلال البحث عن آليات جديدة وفعالة لتفكيك التعريفات الجمركية بين الدول العربية في إطار السوق العربية المشتركة و دفع ملف زيادة الاستثمار في الأقطار العربية، و التي ستبحث أيضًا ملف الطاقة باعتباره في صلب اهتمامات تحقيق الأمن في مختلف أبعاده.

كما سيأخذ ملف إعادة تفعيل العمل العربي المشترك عبر لم الشمل، وتحقيق توافق في الملفات التي لا خلاف حولها بغية تحديد كيفية التعامل مع حدة الاستقطاب التي تشهدها المنطقة العربية في سياق الحرب الأوكرانية، لنصل في الأخير لملف ضرورة التأكيد على إصلاح هياكل جامعة الدول العربية رغم ما يعرفه هذا الملف من خلاف وهذا بهدف منح مؤسّسات جامعة الدول العربية آليات جديدة و فعالة للاستجابة المرنة لكل التحديات التي تشهدها المنطقة العربية وهذا هو أصل العمل العربي المشترك الذي يستلزم لم الشمل الذي أرجأ الإعلان عنه في البيان الختامي.

  • هل بإمكان الوصول على توافق عربي، وما السبيل إلى تحقيق المصالحة العربية؟

ربما السبيل الوحيد عربيًا لتوحيد الصف ولم الشمل هو البحث عن التوافق على الملفات المركزية التي أسست للعمل العربي المشترك، باعتباره فعل تضامني بداية ولكن تعاوني أساسًا، ولا يتأتى هذا الرهان إلا بالاستناد على ميثاق الجامعة والبروتوكولات المكلمة له، وتجسيد هذه الرغبة في الواقع عبر تفعيل أواصر القيم العربية لبناء توافق يحقق الشروط اللازمة، ولو في الحدود الدنيا بهدف تجاوز الخلافات والعراقيل التي كانت سببًا في إضعاف العمل العربي المشترك والذي للأسف كان يتم داخل وعبر مؤسسات جامعة الدول العربية.

  • تسعى الدول العربية إلى تعزيز وجودها إقليميا ودوليًا، ما هي أدوات تحقيق الهدف؟

سعي الدول العربية من خلال قمة الجزائر تعزيز مكانة الدول العربية يستند على مرجعية الثوابت والقيم و المصير و التاريخ المشترك، بهدف بناء تصور متوافق عليه للتموضع في سياق التحولات الدولية التي تشهدها البيئة الجيوسياسية العالمية، وتجنب حالة الاستقطاب التي تشهدها المنطقة العربية، والتأكيد على حالة عدم الانحياز في فترات الأزمات الدولية، ولكن بإيجابية وهذا بالمساهمة في صنع موقف عربي موحد للتعامل مع التحديات المرتبطة بحدة الاستقطاب سواءً إقليميًا أو عالميًا، و هذا من خلال الاستناد على هياكل و آليات عمل جامعة الدول العربية لتبرير و تعريف موقف الدول العربية.

رشيد علواش: القمة العربة تركز على القضية الفلسطينية بهدف تجنب حالة الاختراق التي تواجهها المنطقة العربية عبر مسارات التطبيع

  • ستكون القضية الفلسطينية جوهر القمة، ما هي قرأتك في الموضوع؟ 

 قمة جامعة الدول العربية في دورتها الـ 31 ستحمل اسم " قمة فلسطين"، بهدف التركيز على أهمية إعادة بناء الإجماع العربي إزاء القضية الفلسطينية، التي ستكون أهم وأثقل ملف يتم تداوله على مستوى القمة من خلال إعادة التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته في حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا بالارتكاز على مبادرة السلام العربية التي تم طرحها في قمة بيروت 2002، و أهم مخرجاتها " الأرض مقابل السلام "، وهذا بهدف تجنب حالة الاختراق التي تواجهها المنطقة العربية عبر مسارات التطبيع التي استهدفت دولًا عربية بغية إفراغ القضية الفلسطينية من محتواها، لذلك و من خلال قمة الجزائر سيتم إعادة التأكيد على القضية الفلسطينية التي هي أصل وإسمنت العمل العربي المشترك.