29-أكتوبر-2022
المهندسة أمال ضيف الله (فيسبوك/الترا جزائر)

المهندسة أمال ضيف الله (فيسبوك/الترا جزائر)

أمال ضيف الله مهندسة معمارية جزائرية، مختصة في الزخرفة الإسلامية، شاركت مؤخرًا في ملتقى الشارقة للخط في دورته العاشرة، وقدّمت معرضًا فرديًا ضمن معرض عام بعنوان "ترنيمة الذهب" تضمن 10 لوحات في الزخرفة العربية الإسلامية، لكن بروح جزائرية تراثًا وإبداعًا.. "الترا جزائر" التقت أمال ضيف الله على هامش المعرض وكان هذا اللقاء الذي ناقش عدّة مسائل.

المهندسة المعمارية أمال ضيف الله: الخط العربي له سحر خاص وروحانية خاصة تجذب إليه حتى غير العرب الذين دخلوا إلى هذا المجال

  • حدّثينا عن مشاركتك في هذا الملتقى؟

أشارك للمرّة الأول في ملتقى الشارقة للخط، وشاركت بـعشر لوحات زخرفية تمثّل المدرسة الجزائرية في هذا الميدان، بحيث قدّمت معرضًا شخصيًا يندرج ضمن معرض عام يحمل عنوان " ترنيمة الذهب"،  سجل مشاركة ثمانية فنانين يمثلون دولا مختلفة.

  • ما طبيعة الأعمال التي قمت بعرضها في الملتقى أو ما موضوعها؟

كلها مواد زخرفية، مصاحف، زخارف هندسية، زخارف نباتية، إضافة إلى لوحة تجسد فن المنمنمات حول مسجد "كتشاوة" العريق الواقع بالقصبة بالجزائر العاصمة، وكذا بعض اللوحات عن الحلي الجزائري مثل "خيط الروح"، "الياسمين"، تعكس جو الجزائر وملامحها.

  • بماذا تتميز الزخرفة الجزائرية عن الزخرفة الإسلامية؟

أولاً، فن الزخرفة في الجزائر يعود إلى المدرسة الفارسية، والمدرسة العثمانية، والمدرسة الأندلسية، ولا توجد مدرسة عربية، لكن الزخرفة الجزائرية انفردت بطابع خاص بها بحكم أنّها زاوجت بين التواجد العثماني في الجزائر (1518-1830)، وبين الشخصية الجزائرية القوية التي خلقت لمسة خاصة بها في هذا المجال، ولها رواد أبرزهم محمد راسم، عمر راسم، محمد تمام، وهم الذين أضفوا الطابع الجزائري على فن الزخرفة، ونحن سنواصل على المنوال ذاته.

  • أنت مهندسة معمارية وخطاطة وفنانة في الزخرفة، هل الهندسة المعمارية قادتك نحو الزخرفة أم موهبتك في الفنون التشكيلية بصفة عامة من قادتك إلى دراسة الهندسة المعمارية في الجامعة؟

الهندسة المعمارية هي من قادتني إلى الزخرفة، بحيث في دراستنا لهذا المجال الدراسي العلمي، تعلمنا ودرسنا فن العمارة الإسلامية عبر التاريخ، وفي العمارة الإسلامية لم نتطرق إلى الفضاءات والمساحات فقط، بل تناولنا الجانب الفنّي المتصل بالزخارف والخطوط التي ترصع المساجد والقصور، وبالتالي كان مفتاحًا لممارسة الزخرفة كمحترفة بعد التخرج من الجامعة بشهادة في الهندسة المعمارية.

كما أنني درست الزخرفة في جمعية الفنون الجميلة وتحصلت بعدها على جائزة دولية في مهرجان الزخرفة والمنمنمات، ثم انتقلت إلى تركيا لتطوير موهبتي أكثر ومعارفي ودرست سنة كاملة، وفي 2020 تحصلت على الجائزة الأولى وطنيًا في مهرجان افتراضي وطني خاصة بالزخرفة، وتمكنت من خلق تكامل بين الهندسة والفنون الإسلامية وتجلى ذلك في تنفيذي كفريق عمل هندسي  متخصص في الفنون الإسلامية للخطوط في مسجد المحمدية (قبّة قاعة الصلاة).

قُمت بزخرفة المصحف الوطني الرابع والخامس للأستاذ محمد بن سعيد الشريفي الملقب بشيخ الخطاطين، ومصحف رودوسي قدور بن مراد التركي يعود تاريخه إلى 1931، ويعرف بمصحف الجزائر، كان هذا العمل الذي قمت به عندما أعيد طبعه في ستينية استقلال الجزائر، وكان لي شرف أن أعيد تصميم زخارفه.

  • في ملتقى الشارقة للخط كان لك احتكاك مع خطاطين وفنانين أجانب غير ناطقين بالعربية، ولكنّهم يرسمون الحرف العربي في لوحاتهم بإبداع كبير، كيف وجدت هذه الصورة.. ؟

الفنانون الأجانب يتعاملون مع الخط العربي كصورة غرافيكية، أي الحروف عبارة عن أشكال هندسية، وهذا ما يمتاز به الخط العربي، قيمته الجمالية الرائعة، عكس باقي الخطوط والكتابات الأخرى، فالخط العربي له سحر خاص وروحانية خاصة تجذب إليه حتى غير العرب الذين دخلوا إلى هذا المجال،ولا ننسى أنّ الخط العربي هو حامل القرآن الكريم، وتطوره مرتبط بالإسلام.

  • بالنسبة للمشهد في الجزائر، هناك مبادرات حول إنشاء سوق للفنون، ولكن لم تنجح وبقيت هذه المبادرات "مشلولة".. لماذا برأيك، وماذا تقترحين بهذا الخصوص؟

يجب أن تكون هناك إرادة فعلية من قبل السلطات الثقافية وعلى رأسها وزارة الثقافة التي أشرفت على مبادرة لبيع اللوحات إلكترونيًا، لكن السؤال من المقتني؟، وإذا لم تقم الشخصيات المهمة في البلاد والهيئات الحكومية باقتناء اللوحات حتى تكون مثلًا وتكون قدوة لعامة الناس، وتشجع الفنانين..فمن يقتني إذن؟

  • في ظل عدم وجود مقتنين للأعمال الفنّية، ما هي الأدوات والمواد التي يتطلبها فن الزخرفة؟

فن الزخرفة يحتاج إلى الذهب الحقيقي، (24 قيراط)، وكل لوحة تحتاج إلى غرام أو غرامين من الذهب، وكلّ هذا يقابله سعر خيالي بالنسبة للفنان، وبالتالي لا يمكنه ذلك، فكيف تكون الاستمرارية، لأنّ هذا الفن عريق ويحافظ على الهوية الجزائرية ، ومن باب الحفاظ على الهوية وجب تشجيع المقتني وليس الفنان فقط، وبطبيعة الحال الأسعار متصلة بالمواد المستعملة، بغض النظر عن الجهد والوقت المستغرق في تصميم اللوحة الزخرفية الواحدة التي تحتاج من ثلاثة أشهر إلى عام لإكمالها، لذلك الفنان بحاجة إلى مواد ويحتاج إلى أن يعيش، لديه متطلبات حياة، وكما قلت لخلق حركية وسوق فن على السلطات تشجيع الاقتناء تشجيع الفنان، كما هو معمول به في دول أخرى.

  • مؤخرًا، أثار قميص المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم جدلًا بشأن "الزليج" الذي استوحي منه تصميم قميص الخضر، ما رأيك؟

رحلة "الزليج" طويلة، من بلاد فارس، إلى العثمانيين، مرورًا بالحماديين بالجزائر، وهم أوّل من استعمله في بلادنا، وبالتالي باستطاعتنا القول إنّ الزليج أندلسي أيضًا، لذلك لا يجب أن تحتكره دولة معينة، مثل "المنارة" التي بدأت رحلتها من دمشق إلى الأندلس، وبالتالي كلّه تراث إنساني مشترك ولا يمكن حصره على مدينة أو بلد معين.

المهندسة المعمارية أمال ضيف الله: أعكف عمل يقوم على توظيفالعناصر المعمارية مثل الأعمدة والأقواس و"الزليج"

  • هل لديك مشاريع قادمة في الزخرفة أو الهندسة المعمارية؟

من خلال امتلاكي لـشهادة "ماستر 2 في الهندسة المعمارية والتراث"، أعكف عمل يقوم على توظيف واستخدام العناصر المعمارية مثل الأعمدة والأقواس و"الزليج" أو "مربعات الزخرفة"، وكلّه تراث جزائري، لذلك سأقوم بعملية تركيب وتزاوج بينها بين الهندسة المعمارية والزخرفة.