26-يوليو-2022
الفنان حكيم صالحي (فيسبوك/الترا جزائر)

الفنان حكيم صالحي (فيسبوك/الترا جزائر)

يعود المغني والملحن الجزائري حكيم صالحي في لقاء جمعه مع "الترا جزائر"، على هامش مهرجان الراي بوهران، إلى جملة من النقاط المهمة تتعلق بالأغنية الجزائرية الأصيلة وبالأخص الأغنية الوهرانية والتأثيرات التي طالتها في السنوات الأخيرة في ظل سيطرة أغاني الراي والأغاني الشبابية، كما يتحدث صالحي عن برنامج مهرجان الراي الذي حط رحاله بوهران بعد 15 عامًا من الغياب عن الباهية.

صالحي: الأغنية الأصيلة لديها مكانتها ولن تندثر مع الزمن 

يرى الفنان الجزائري حكيم صالحي أنّ ما يسمى بظاهرة هجرة الأصوات الشبابية من الأغنية الوهرانية ومختلف الأنواع الأغاني الأصيلة التراثية، إلى فن الراي لا يفقدها جوهرها ولا مكانتها مهما كانت التحولات في المجال الفني، وقال محدّث "الترا جزائر"، إنّ الأغنية الأصيلة سواء الوهرانية أو العاصمية أو الشاوية لديها مكانها وقيمتها مهما تغير الزمن ورغم وجود جيل جديد لديه أذواق مختلفة.

مرحلة مخاض أم اندثار؟

يعتبر صالحي أنّه الأغنية الأصيلة لا يمكن أن تندثر أو تختفي، ولكن ربما تمرّ بمخاض فقط من خلال ميول الشباب إلى أغاني الراي والأغاني الحماسية وما يطلبه الجمهور بشكل عام، وهذا –على جدّ تعبيره- أمر عادي لأنّه كما يقال الزبون هو الملك ويوفر له ما يشاء وما يطلبه، على حدّ تعبيره.

وفي السياق ذهب ضيف "الترا جزائر" أبعد من ذلك عندما أوضح أنّ الجمهور يطلب أغان معينة والفنانين يقومون بتلبية رغباته وطلباته، بل إنّ المنظمين (يقصد المنتجين وأصحاب الحفلات والفعاليات الفنّية) بصورة عامة يبحثون عمّا يبحث عنه الجمهور العريض وعادة ما يقتصر ذلك بفترات معينة أو مواسم معينة مثل الصيف.. وغيرها، بحيث يطلب الجمهور نوعًا من الأغاني سواءً في طابع الراي أو البوب أو القناوي فيلّبي المنظمون ذلك بدون تردد.

ووفق صالحي "في هذه القضية لابد من احترام أذواق الجمهور. وهنا أفتح قوسًا إذا كانت الأغنية الوهرانية مثلًا غير مدرجة أو بعيدة عن التسويق والجانب التجاري لا يمكن تصنيفها وترتيبها مع الراي أو الموسيقى الشاوية أو أنواع موسيقية أخرى موسمية تظهر في مناسبات ما كموضة وتبرز في الأعراس والحفلات والمهرجانات".

وظهرت الأغنية الوهرانية في عشرينيات القرن العشرين، وتجمع بين الموسيقى العربية الأندلسية، الغناء البدوي، اللحن الإسباني، الأغنية المصرية، والفرنسية، كما كان تأثير عبد القادر خالدي على الأغنية الوهرانية بارز في تلك الفترة، وأهم المغنين الشيخ زوزو، رينات، سعود الوهراني، أحمد وهبي، أحمد صابر،.. وغيرهم، بحيث استطاعوا التعبير عن واقع اجتماعي صعب في ظلّ الاستعمار.. بحسب مقالة نشرها الكاتب لمحمد حيرش بغداد في مجلة لسانيات (مجلة أكاديمية مختصة في الأنثروبولوجيا و العلوم الاجتماعية، تنشر البحوث الميدانية) تناولت كتاب الباحث الراحل حاج ملياني "الثقافة بين الإنتاج والتلقي: أدب، موسيقى وسينما".

الأغنية الأصيلة بحاجة إلى..؟

وفي السياق ذاته أكدّ صاحب "صحراوي" أنّ الأغنية الأصيلة في كل ولايات البلاد لم ولن تتأثر ولن تتغير ومكانتها  واضحة ومحفوظة، لكن يعتقد أنّ هذا اللون الفني الأصيل بحاجة إلى بروز أكثر من خلال خلق فعاليات ومهرجانات  حتى يتوسع سماعه لدى شرائح واسعة من الجمهور الجزائري وخاصة الجيل الجديد.

ودعا صالحي إلى ضرورة تحديث وعصرنة الأغنية الأصيلة والترويج لها أكثر لأنّ الأذن الموسيقية لدى الأفراد تتغير من جيل إلى جيل في ظل الوقت المتسارع والتكنولوجيا الحديثة، وبالتالي لتكون مواكبة لأذواق الجمهور دون المساس أو الإخلال بجوهرها وروحها وطابعها الذي عرفت به.

وفي الصدد ذاته أعطى المتحدث مثال على ذلك قائلًا: " لا يمكن لشخص أن يستمع لأغنية مدتها 20 دقيقة، مثلًا الراحلة الفنانة المصرية أم كلثوم كانت عندما تغني أغاني من عشرين دقيقة الناس كانت تستمتع وبشغف، اليوم هذا الأمر غير موجود".

واستطرد قائلًا:" لذلك وجب على الفاعلين في مجال الأغنية الأصيلة تقريب الذوق للجمهور وتكييف هذا النوع من الأغاني وفقًا لذوقه ورغباته من أجل أن يتفاعل معها من جهة، ومن جهة أخرى حتى يكتشف ويدرك أنّ هذه الأغاني أصيلة وتعبّر عن تراث بلاده وتاريخها وثقافتها.

تكريمات مهرجان الراي.. ماذا قال صالحي؟

وبالعودة إلى  مهرجان الراي الأخير بوهران، وما سطّرته إدارته من سلسلة تكريمات لشخصيات فنّية لطالما أمتعت الجزائريين بأعمالها لسنوات طويلة خاصة بعد عودته بعد غياب 15 عاما، ردّ حكيم صالحي أنّ "هذه المبادرة كانت جيدة ومميزة وجميلة وستبقى راسخة في ذاكرة التظاهرة وجمهورها، وتمنى أن تتكرر هذه الفكرة كل سنة في مختلف المهرجانات والفعاليات الثقافية والفنّية.

وفي معرض حديثه، شدد الفنان على أنّ من ترك بصمات وتاريخ في الفن الجزائري، وترك رسائلًا ونصوصًا وأشعارًا وأفرح الناس وغنّى في حفلاتهم وأعراسهم من الواجب تكريمه والاحتفاء به تقديرًا لجهوده ومسيرته المعطاءة الثرية. دون أن يغفل في حديثه ضرورة تشجيع الفنانين على قيد الحياة ورفع القبعة لهم لأنّهم يعملون على نشر السعادة في قلوب الناس بأعمالهم التي تتضمن رسائل هادفة وجميلة.

حكيم صالحي أشار بخصوص برامج التكريمات التي تبرمجها المهرجانات إلى أنّ التكريم الذي يخصص لمن توفي من الفنانين يعتبر عاملًا مهمًا ومؤثرًا بشكل إيجابي في عائلاتهم ويعني استمرار فنّه وأعماله بعد رحيله، يعدّ رسالة رمزية تعكس الاهتمام به وبإرثه المحفوظ في الذاكرة الفنّية الجزائرية.

وحول هذه النقطة اعتبر صالحي أنّ الفنان ولد للفن، ولد بموهبة، ولا يستطيع الفرد أن يقرر أن يكون فنانًا، وليس أي شخص في العالم يمكنه أن يصبح فنانًا بكل سهولة.

ولفت إلى أنّه يشجع ويدعم مبادرات التكريم وضرورة جعلها تقليدًا راسخًا في مختلف المجالات، كما وجه شكره لإدارة مهرجان الراي في نسخته الـ13 على التكريمات "الافتراضية" التي خصصت لثلة من نجوم أغنية وموسيقى "الراي" فقدتهم الجزائر أمثال عندليب الراي الشاب حسني، الشيخ المازوزي، الشاب عزالدين، الشاب عقيل، والشيخة "الريميتي" التي تعتبر أول امرأة تغني الراي في الجزائر

ويتمثل "التكريم الافتراضي" أو "الديو الافتراضي" الذي استحدثه مهرجان وهران في طبعته الأخيرة (26-30 يونيو/جوان المنصرم) في عزف الجوق الذي قاده أمين دحام أغنية لفنان راحل، في حين يكون الصوت صوته عبر عرض الأغنية على شاشة عملاقة دون موسيقاها الأصلية).

برز الفنان حكيم صالحي راقصًا في فرقة باليه المركز الثقافي الفرنسي 

وبدأ حكيم صالحي مشواره الفني راقصًا في باليه المركز الثقافي الفرنسي بالجزائر العاصمة، وبرز برقصاته المختلفة مع فنانين معروفين أمثال تاكفاريناس، ثم بعد نجوميته في هذا اللون الفني، اتجه حكيم للغناء، وسجّل أول ألبوم له بعنوان "حب كبير"، ثم ألبوم "يمينة" الذي حقق رواجًا كبيرًا، ليتوالى تألقه سواءً على صعيد الإنتاج أو المشاركات في المهرجانات داخل وخارج الوطن.