حوار | حمو أوجانة: "أباو ن الظل" مسلسلٌ يصحّح النظرة الخاطِئة لبني مزاب
16 فبراير 2025
لأوّل مرة، عبر شاشة التلفزيون العمومي الجزائري، سيُبثّ مسلسل "أباو ن الظل" بالمُتغيّر المزابي الأمازيغي، ومعناه بالعربية: "الفول الذي ينبت في الظلّ". ويُقصد من وراء عنوان هذا العمل الدرامي؛ الشخص العاجز عن القيام بضرورياته وتلبية حاجياته، ما يجعله عالة على محيطه الاجتماعي.
المنسق العام لمسلسل "أباو ن الظل" لـ "الترا جزائر": العمل يُعزّز الأصالة اللغوية بعيدًا كل البُعد عن الاستغلال الظرفي من أجل جذب المُشاهدات
وفي حوار مع "الترا جزائر"، يتحدّث المستشار والمنسق العام للمسلسل، حمو أوجانة، عن فكرة إنتاج العمل والرسائل التي يحملها والصعوبات التي واجهت الفريق، إضافة إلى مستقبل الأعمال الفنية باللهجات الجزائرية المحلية.
- "أباو ن الظل"، لأول مرة عبر التلفزيون الجزائري مسلسل بالمتغير المزابي، كيف جاءت فكرة إنتاج المسلسل بالمزابية؟
فكرة إنتاج هذا المسلسل جاءت عبر تلقي مديرية إنتاج البرامج للمؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري نصَّ سيناريو لصاحبه سفيان حفار، وهذا بعد إعلان المؤسسة لاستقبال نصوص سيناريو من أجل إنتاج داخلي تحضيرًا للشبكة البرامجية لشهر رمضان المعظم، وقد لقي موافقة لجنة قراءة النصوص، مع تسجيل بعض الملاحظات التي طلبت من كاتب السيناريو تعديلها.

وتعدُّ هذه سابقة في التلفزيون الجزائري، استقبال سيناريو بالمتغيّر المزابي وإنتاجه من قِبل المؤسسة العمومية. لأنّه من المُعتاد تقتني أفلامًا أو مسلسلات جاهزة لشركات إنتاج خاصة. والأكيد سيكون هذه المرة أمرًا مختلفًا تمامًا بالنظر إلى خبرة المؤسسة في هذا المجال، وأغتنم الفرصة هنا لأشكر إدارة التلفزيون الجزائري على إتاحة هذه الفرصة لإبراز ثقافة المجتمع المزابي، على غرار باقي مكونات المجتمع الجزائري، وتشجيع الطاقات والمواهب المحلية في مجال التمثيل.
- كيف يُحافظ المسلسل الرمضاني على الأصالة اللغوية في السيناريو؟
في الحقيقة، مسألة الحِفاظ على الأصالة اللغوية لمجتمعنا بصفة عامة، مسؤوليتنا جميعًا كل من موقعه وتخصصه. ولكن يبقى الاختلاف ربما في الطريقة والمنهج، فالتلفزيون الجزائري يُحافظ على قيم وأصالة الأسرة الجزائرية من خلال برامجه وما ينتجه من أعمال تلفزيونية.
ويهدف المسلسل الرمضاني "أباو ن الظل" في هذا الصدد إلى تعزيز الأصالة اللغوية، حيث لايرتبط السيناريو بمناسبة شهر رمضان فقط، بل يتناول مواضيع اِجتماعية من غير التقيّد بظرف زمني مُحدّد، وبالتالي يمكن للتلفزيون بثه في رمضان وما بعده.
- هل إنتاج مسلسل بالمزابية هو اعتراف حقيقي بالتنوع الثقافي؟ أم مجرد استغلال ظرفي لموجة التنوع كوسيلة لجذب المشاهدات؟
التلفزيون الجزائري مؤسسة عمومية، يهتم بكل مكونات المجتمع الجزائري دون تمييز أو إقصاء، بل عامل أساسي في التقارب بين كل نواحي وجهات الوطن، فإنتاج هذا المسلسل بالمزابية أو غيره بمتغيرات لغوية أخرى لا يعتبره اعتراف بالتنوع الثقافي فحسب، بل تجسيد فعلي لمواد الدستور، والتزام صادق بالخط الافتتاحي للمؤسسة المرتكز على الرسالة الإعلامية الهادفة والخدمة العمومية، بعيدًا كل البُعد عن استغلال ظرفي من أجل جذب المشاهدات.

- هل المُنتج الذي يحمل رسائل مختلفة من المجتمع المزابي، يعكس حقيقة خصوصية هذا المجتمع المُحافظ؟
أكيد أنّ المسلسل المنتج "أباو ن الظل" يتضمن العديد من الرسائل، التي تعكِس خصوصية المجتمع المزابي المحافظ، وهذا ما سعينا إلى بلوغه من خلال إنتاجه.
كما أنّ إنتاجه يأتي لتصحيح النّظرة الخاطِئة والمُجحفة (إن صحّ القول) في حق هذ المجتمع الأصيل. بل وعاهدنا أنفسنا على احترامها وإبرازها لعموم المجتمع الجزائري، حتى ولو كلّفنا هذا كسر بعض القواعد الفنية، فمثلًا سيكتشف المُشاهد أن المسلسل خالٍ من أدوار نسائية، والاكتفاء بطفلتين صغيرتين تجسيدًا للعنصر الأنثوي، وهذا نظرًا لخصوصية المجتمع المزابي في عدم إظهار المرأة إعلاميًا.
وبالإضافة إلى ذلك؛ نحاول إبراز قواعد التجارة عند بني مزاب، وبعض العادات والتقاليد الراسخة في قصور وادي مزاب مثل: التكافل الاجتماعي، التويزة، العرس، معروف إوزان، الفازعة بالزرنة والبارود، وغيرها من الجوانب التي تميز المجتمع المزابي. وحتمًا هناك العديد من الخصوصيات لم نتطرق إليها بحكم تقيّدنا بنص السيناريو وتطور أحداث المسلسل.
- أفهم من كلامك أنّ هناك جوانب من التراث الثقافي المزابي (مغيّبة أو مُسوّقة بشكل مغلوط) أردتم إبرازها من خلال العمل؟ مثلًا..
يُشاع على أن المزابي شحيح وبخيل، في حين أنّ الواقع يُثبت عكس ذلك، إذ نجد الكثير من أبناء المجتمع المزابي يتَّسِمون بخصال الكرم والجود، فقد ساهموا بأموالهم وتجارتهم في دعم الثورة التحريرية، وفي تنمية الاقتصاد الوطني، كما أنهم يحرصون على التكافل فيما بينهم، لتحقيق مشاريعهم الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو غيرها، وهذا ما أثبته المسلسل من خلال تضامن الناس مع "باعيسى" لعلاج أحد أفراد أسرته، وتقديم رئيس جمعية الحي مساعدة مالية للمدعو "سيفو" الشاب الجامعي الذي يرغب في إكمال دراسته خارج الوطن.

كما سيُبيّن مسلسل "أباو ن الظل" أيضًا تكافل أسرة "باحني" مع ابنها ناصر ليتزوج وهو شابٌ جامعي في مقتبل العمر، لم يعمل حتى لكسب قوته، وغيرها من المواقف التي نقلها المسلسل بأمانة عن أصالة التراث الثقافي للمجتمع المزابي.
إلى جانب هذا، يُسوّق عادةً على أن منطقة وادي مزاب وجهة سياحية ومنطقة صحراوية، ويتم تغييب جوهر المجتمع المتعلق بفكره وخصوصياته في شتى المجالات، والتي سعى المسلسل إلى تسليط الضوء عليها وإبرازها للرأي العام.
- ما الميزات الفنية التي حرصتم على إبرازها في المسلسل؟
حرصنا على استخدام مشاهد العودة إلى الزمن الماضي، عن طريق الاعتماد على حكايات الجد "باحني" لحفيدته "بيّة" عن نوستالجيا يوميات المزابيين، والتركيز على التفاصيل الدقيقة في نمط العيش من حيث المكان واللباس والأكل، كما أنّ معظم المشاهد استعمل فيها المخرج سكة التصوير، والتي تمنح لقطات فنية إبداعية، تضفي جمالية للصورة.
- فنيًا، ما الصعوبات التي واجهت فريق العمل، خاصة ما تعلق بالممثلين بالمتغير المزابي؟
الحمد لله لم يواجه فريق العمل أية صعوبات تتعلق بالممثلين بالمتغير المزابي، فباعتباري المستشار أو المنسق عام للمشروع، عكفت على متابعة الحوار أثناء التصوير والمونتاج، وأيضا تدريبات أداء الممثلين، أي بمعنى كنت قد رفعت الحرج على الفريق من هذه الزاوية. لكن الصعوبة تكمن ربما في الأداء، بحيث كنا نتعامل مع ممثلين لهم تجربة بسيطة في تصوير المسلسلات والأفلام، خاصة مع التلفزيون الجزائري، بل هناك من لأول مرة يقف ممثلا أمام الكاميرا، بعدما اعتاد الوقوف على ركح المسرح.

وانطلاقا من هذار المسار ؛ تراجعت الصعوبة مع مرور الوقت، بفضل توجيهات المخرج المبدع نورالدين قهواجي، وطاقمه الفني، الذي كان يرشد الممثلين لمهارات تساعدهم في أداء حسن، وهنا أرفع تحية إجلال للسيد المخرج على ما بذله من جهود جبارة لإنجاح هذا المشروع الفني.
- كيف ترى مستقبل الإنتاج باللهجات المحلية الجزائرية؟
أمام اهتمام الدولة بقطاع السينما والاستثمار فيه لإبراز القضايا التاريخية والثقافية والاجتماعية للوطن، أعتقد أن للإنتاج بمختلف أنواعه باللهجات المحلية مستقبل زاهر. والدليل أن التلفزيون الجزائري هذا الموسم أنتج لأول مرة في تاريخه مسلسل "أباو ن الظل" بالمزابية، ومسلسل "إيلان نتمدورت" بالشاوية (لهجة شرق البلاد)، كما أنتج أيضا العام الماضي مسلسل "أهضان نغرم" بالتارقية (لهجة أهالي الجنوب)، إلى جانب مسلسلات بالقبائلية، والشنوية (لهجة يتحدّث بها أمازيغ تيبازة والشلف). وهذا ما يستدعي الإبداع في كتابة نصوص سيناريو تعالج قضايا المجتمعات المحلية، مع عدم التركيز على القالب الكوميدي فقط، بل التنويع بين مختلف القوالب الفنية الأخرى.
مسلسل "أباو ن الظل" في سطور..
المسلسل الناطق باللسان المزابي الأمازيغي من إنتاج المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري، ومن إخراج نورالدين قهواجي. وسيبث على القناة الرابعة (الأمازيغية).
ويأتي العمل في طابع اجتماعي فكاهي يروي جوانب متعددة من حياة المجتمع المزابي، حيث تتحاور الشخصيات عن نمط حياة الأسرة بين من يحافظ على النمط القديم ترسيخا للتقاليد والأعراف، وبين من يدعو إلى التجديد متأثّرا بتداعيات العصر.
المسلسل يتألف من 15 حلقة تحمِل كلّ واحدة منها رسائل تعكِس بعض القضايا الراهنة في المجتمع المزابي خصوصًا، والجزائري عمومًا.
"أباو ن الظل" مسلسلٌ يأتي في طابع اجتماعي فكاهي من 15 حلقة ستُعرض على القناة الرابعة للتلفزيون العمومي
تعود فكرة وسيناريو المسلسل للمنتج سفيان حفار، الذي له أعمال فنية سابقة مماثلة تعالج الظواهر الاجتماعية بأسلوب حديث وفي قالب مشوّق يرقى إلى الذوق العام.
وقد دامت فترة تصوير "أباو ن الظل" حوالي شهرين من نهاية تشرين الثاني/أكتوبر إلى غاية نهاية كانون الأول/ديسمبر 2024، في أماكن عدة من قصور وادي مزاب المعروفة بهندستها المعمارية الأصيلة والتراثية.
الكلمات المفتاحية

المخرج عباس فيصل: تمثيل الجزائر في مهرجان "العودة" الفلسطيني شرف لا يقدّر بثمن
عباس فيصل ممثل مسرحي ومخرج سينمائي صاعد متخصص في صناعة الأفلام الوثائقية، حاصل على شهادتي تقني سامي في المحاسبة والتسيير، وليسانس في علم المكتبات والمعلومات، يترأس نادي الفن السابع بالجزائر العاصمة، شارك في عدد من المهرجانات الدولية وسيكون له حضور في مهرجان فلسطيني قريبا، سيتحدث عنه وعن تيمته وعن فيلمه الذي سيعرض ضمن هذه الفعالية، كما سيتطرق عبر حواره مع "الترا جزائر" إلى السينما…

جيل جديد من المخرجين للأعمال الرمضانية.. هل قدموا الإضافة للدراما الجزائرية؟
يقود معظم الإنتاجات التلفزيونية الرمضانية لهذا العام سواء الكوميدية أو الدرامية جيل جديد من المخرجين الذين تحقق أعمالهم ملايين المشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي، بالرغم من الانتقادات التي توجه للصناعة الدرامية في الجزائر، وهو حال بدأ يتشكل في السنوات الأخيرة، فهل هذه الموجة الجديدة من الأعمال تقدم اليوم إضافة إلى الأرشيف الدرامي الجزائري أم هي مجرد سد لفراغ استمر سنوات؟.

العمري كعوان: شخصية "خَلاَّ" في "التابعة" مُتمرّدة ولهجة الشرق منحتها الصّلابة
يشهدُ الموسم الرّمضاني في الجزائر لهذه السّنة إنتاجاً وفيراً للأعمال والمسلسلات الدرامية الجزائرية مقارنة بالمَواسِم السّابقة، وعلى كثرة الإنتاج وتفاوت المُستويات، برز إلى السّطح بَعضٌ منها لتشهد إقبالاً مُهِمّاً لدى المشاهدين، حسب الأصداء الّتي نراها على مواقع التّواصل الاجتماعي.

المخرج عباس فيصل: تمثيل الجزائر في مهرجان "العودة" الفلسطيني شرف لا يقدّر بثمن
عباس فيصل ممثل مسرحي ومخرج سينمائي صاعد متخصص في صناعة الأفلام الوثائقية، حاصل على شهادتي تقني سامي في المحاسبة والتسيير، وليسانس في علم المكتبات والمعلومات، يترأس نادي الفن السابع بالجزائر العاصمة، شارك في عدد من المهرجانات الدولية وسيكون له حضور في مهرجان فلسطيني قريبا، سيتحدث عنه وعن تيمته وعن فيلمه الذي سيعرض ضمن هذه الفعالية، كما سيتطرق عبر حواره مع "الترا جزائر" إلى السينما…

بورحيل: التقنيات الرقمية تُشكل خطرًا على القصّر
أكد رئيس السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، سمير بورحيل، على ضرورة اتخاذ خطوات قانونية وتنظيمية شاملة لحماية القصر وضمان احترام حقوقهم الرقمية.

وزير الداخلية الفرنسي ..تنفيذ ردّ تدريجي على الجزائر قريبًا
قال وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، إنّ السلطات الفرنسية ستبدأ في اتخاذ تدابير ضدّ الجزائر، ردًّا على رفض الأخيرة قبول قائمة من رعاياها المطلوبين للترحيل من فرنسا.

15 سنة سجنًا نافذا لتاجر في قضية المضاربة بفاكهة الموز
أصدرت محكمة السانية بمجلس قضاء وهران، أمس الاثنين، حكمًا بالسجن 15 سنة نافذة على تاجر متورط في قضية حجز كمية كبيرة من الموز كانت موجهة للمضاربة غير المشروعة، وفقاً لما أفاد به بيان لنيابة الجمهورية لدى نفس المحكمة.