09-فبراير-2022

رشيد علوش (فيسبوك/الترا جزائر)

 في حوار لـ "التر جزائر" يكشف رشيد علوش، المحلل السياسي في الشؤون الدولية،  تداعيات قمة الاتحاد الأفريقي وتعليقها لقرار يمنح يمنح بموجبه "إسرائيل" صفة مراقب، وهو ما يستدعي طرح عدّة أسئلة متعلقة بالأسباب والسياقات والصراعات داخل الدول الأفريقية حول قضية منح دولة استيطانية صفة مراقب، رغم البعد الجغرافي وغياب تهديدات أمنية مباشرة، لماذا تحاول "إسرائيل" اختراق الجسد الأفريقي والمغاربي؟

رشيد علواش: تسعى "إسرائيل" إلى فتح الطريق لشركاتها في المجالات التعدينية والزراعية وربط علاقاتها مع الأنظمة السياسية من خلال الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة

  • ما هي أسباب وخلفيات تعليق الاتحاد الأفريقي قرار منح الكيان الإسرائيلي صفة مراقب؟

السبب المباشر لتعليق منح صفة عضو مراقب لـ "إسرائيل" في الاتحاد الأفريقي، هو أنه تم منحها هذه الصفة في 22 تموز/جويلية 2002، بشكلٍ انفرادي من طرف مفوضية الاتحاد الأفريقي، الأمر الذي يعتبر مخالفًا لميثاق الإتحاد الأفريقي و للقواعد القانونية والإجرائية المتفق عليها في سنة 2005 حول شروط منح صفة عضو مراقب، والتي تستوجب طرح الموضوع على مستوى مؤسسات الإتحاد الأفريقي، ومن ناحية أخرى باعتبار أن القيم و المبادئ التي طالما ناضلت من أجلها الشعوب الأفريقية المناهضة للاستعمار ومنح الشعوب حق تقرير مصيرها، ورفض وإدانة كلّ أشكال الفصل العنصري "الأبارتايد"، والتي تعتبر مسائل جوهرية بالنسبة للشعوب، والدول الأفريقية لذلك فإن الطلب المقدّم من طرف الكيان الصهيوني يتعارض مع هذه الصفات و المبادئ.

اقرأ/ي أيضًا: خطوة متقدّمة لإلغاء عضوية "إسرائيل" في الاتحاد الأفريقي

وهناك سبب غير مباشر لتعليق قرار مفوض الاتحاد الأفريقي، موسى فقي، أن هذا القرار الانفرادي برزت معه بوادر إمكانية الانقسام الداخلي في مؤسّسات الاتحاد إن تم الاستمرار في القرار الانفرادي، وبالتالي فإنه تم العودة للحالة الطبيعية والتراجع عن الخطأ الذي وقع فيه مفوض الاتحاد الأفريقي.

  • ما هي تداعيات قرار القمة الأفريقية في تجميد صفة مراقب للكيان  دبلوماسيًا وإقليميًا؟

من ناحية تداعيات قرار قمة الاتحاد الأفريقي في دورتها الخامسة والثلاثين، بتعليق منح الكيان المحتل صفة عضو مراقب على المستوى الدبلوماسي، هو كسر حلقة الهرولة نحو التطبيع التي انتهجتها العديد من الدول على حساب حقّ الشعب الفلسطيني، وتجسّد هذا الأمر بالحفاظ على التأييد الأفريقي للقضية الفلسطينية على مستوى الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية بمختلف أشكالها، والنقطة الإيجابية في هذا السياق هي ترحيب و دعم جامعة الدول العربية لقرار الإتحاد الأفريقي الذي يبقى عصيًا على الكيان الصهيوني لاختراقه رغم أنه قام بالعديد من الخطوات، وعبر توظيف حلفائه لدى بعض الدول التي كسرت حلقة التوافق لدى الدائرة العربية على مستوى الاتحاد الأفريقي، بالتصويت لدعم قرار منح صفة عضو مراقب للكيان الصهيوني، في محاولة نحو محاولة اختراق التأييد الأفريقي للقضايا العادلة، وحقوق الشعوب لتقرير مصيرها.

  • لماذا هناك إصرار إسرائيلي لاختراق المنطقة الأفريقية والمغاربية رغم البعد الجغرافي وعدم وجود تهديدات أمنية مباشرة ضدّها؟

مصلحة "إسرائيل" الأساسية من وراء سعيها للإنظام كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي منذ 2002، هو تعطيل وتقسيم الدول الأفريقية، خاصّة فيما يتعلق بالكتلة التصويتية للدول الأفريقية، التي لطالما صوتت لصالح القضية الفلسطينية في المنظمات الدولية، والهدف الثاني مرتبط أساسًا بمحاولة الكيان الصهيوني تسويق سياسته لدى الدول الأفريقية وتحييدها، خاصّة بعد اتفاقيات التطبيع، من خلال الإيعاز للأفارقة بأن لا طائل من استمرار رفض القبول بها لدى الاتحاد الأفريقي، باعتبار أن الدول العربية ماضية في مسار التطبيع، ومن ناحية هناك مصلحة مرتبطة بمحاولة الكيان الصهيوني التغلغل في مؤسّسات الاتحاد الأفريقي، باعتبار أن الدول المراقبة تشارك في العديد من الاجتماعات، وهو ما قد يمثل خطوة نحو الضغط على العديد من الدول الأفريقية ودفعها نحو التخلي عن دعم الشعب الفلسطيني.

الأهداف الإستراتيجية للكيان الصهيوني في أفريقيا تأتي من خلفياتها في سعيها تاريخيًا للتواجد في أفريقيا، و فكّ الارتباط بين المحور العربي-الإفريقي، أو ما يعرف بدول الطوق الثالث، وتوظف العديد من الوسائل في هذا السياق، انطلاقًا من عملها على تكثيف التبادل الاقتصادي، والاستفادة من الموارد الأفريقية، من خلال فتح الطريق للشركات الإسرائيلية في المجالات التعدينية والزراعية، والأخطر من ذلك ربطها العديد من العلاقات مع الأنظمة السياسية بتوفير السلع الأمنية من خلال الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة، بتوريد السلاح والبرامج المرتبطة بالأمن السبراني في محاولة لربط صلات مع الأنظمة السياسية يصعب فك الارتباط معها مستقبلًا، وهو ما تجسد في برنامج "بيغاسوس" الذي تشغله العديد من الدول الأفريقية.

الحشد الدبلوماسي والمعركة الدبلوماسية الساخنة التي خاضتها الجزائر منذ الإعلان المفاجئ لمفوضية الاتحاد الأفريقي، يعتبر من أهم الأسباب التي علقت منح هذه الصفة لدولة فصل عنصري

  • هل يُعد تعليق صفة مراقب لدول الاحتلال الإسرائيلي عودة الجزائر إلى الساحة الدبلوماسية أفريقيا وعربيًا ومغاربيًا؟

الحشد الدبلوماسي والمعركة الدبلوماسية الساخنة التي خاضتها الجزائر منذ الإعلان المفاجئ لمفوضية الاتحاد الأفريقي، يعتبر من أهم الأسباب التي علقت منح هذه الصفة لدولة فصل عنصري، والذي تزامن مع تقرير لمنظمة العفو الدولية، تؤكّد سياسات الميز العنصري للكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، وبالتالي فإن قرار قمة الاتحاد الأفريقي هو انتصار للدبلوماسية الجزائرية، والتي عبرت صراحة عن رفضها المساس بقيم ومبادئ وميثاق الاتحاد الأفريقي، وانضم لها في هذا المسعى دول مركزية في الاتحاد الأفريقي ممثلة في نيجيريا وجنوب إفريقيا، التي قدمت طلبا برفقة 24 دولة ترفض القرار الانفرادي والخطير لمفوضية الاتحاد الإفريقي، وضغطت بشدة لتأجيل البت في القضية منذ  الثالث من شهر آب/أوت 2021، ونجحت في هذا المسعى الذي يعد انتصارًا للجزائر، وأيضًا للشعوب الأفريقية، وهو دليل على الدور الفعال الذي تلعبه الجزائر على مستوى الاتحاد الأفريقي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الخارجية: الإصرار على عضوية إسرائيل قد يؤدي إلى تقسيم الاتحاد الأفريقي

تقدير موقف| إسرائيل بصفة مراقب في الاتحاد الأفريقي: كيف حصل الاختراق؟ ولماذا؟