19-أغسطس-2021

زينب مشياش (الصورة: ليستن نوتس)

تتحدث زينب مشياش الناشطة المناخية والأيكولوجية، ورئيسة مجموعة "إيكواوجيا ديالنا" للمحافظة على الغابات، عن الأسباب التي تقف وراء ظاهرة حرق الغابات، ومدى مسؤولية الإنسان في تراجع الثروة الغابية، كما تكشف في حوار لـ "الترا جزائر" الانعكاسات السلبية على الثروة النباتية والحيوانية وراء النيران التي أصبحت تلتهم الغابات، وما هي أنجع طرق الوقاية والمحافظة على مكتسبات الثروة الطبيعية.

زينب مشياش: من المحتمل جدًّا أن عدد الحرائق سيزداد والتحكم فيها سيصبح أكثر صعوبة بسبب التغيرات المناخية

  • ما هي الأسباب التي تقف وراء حرائق الغابات؟

بالنسبة إلي، ما يجب معرفته هو أن الحرائق تنتمي طبيعيًا لدورة حياة الغابة، بل وهي ضرورية لحياة الغابة مثل الشمس والأمطار، فهي تحفّز إطلاق المواد العضوية الموجودة في دبال الأرض، تصنع فتحات تسمح بمرور الضوء ووصوله للأشجار الصغيرة، كما تسمح بتكاثر بعض الأشجار مثل الصنوبر وهذا عن طريق فتح المخروطيات حاملة البذور تحت وقع الحرارة الشديدة.

اقرأ/ي أيضًا: حرائق الغابات.. روسيا تعرض على الجزائر مساعدة تقنية

و لكن رغم هذا، فإن الحرائق الطبيعية والضرورية لحياة الغابات لا تشكّل إلا حوالي 8% من الحرائق حول العالم وسببها البرق. ففي دراسة نشرت في protection incendie وكما نلاحظ في المخطط الدائري أدناه، أن 92% من الحرائق الحاصلة بين 1997 و2010 حول العالم سببها البشر. 39 % منها عمدية و 53 منها غير عمدية و سببها أكوام النفايات المتروكة في الغابات، الشرارات المنطلقة من الأعمدة الكهربائية، ومختلف الأشغال الخاصة أو الفلاحية، وأعقاب السجائر.

  • هل العمل البشري يشكّل أهم العوامل؟

من الإجابة السابقة نلاحظ أن الأسباب خلف الحرائق التي نشهدها حاليًا حول العالم أغلبها ذات مصدر بشري عمدي مباشر أو غير عمدي. ومنه فإنه يمكننا القول إن العامل البشري مهم جدًّا في هذه المعادلة.

  • هل الحرائق التي تشهدها الجزائر لها علاقة بحرائق يونان وتركيا؟

العلاقة التي أظن أنها تربط هذه الحرائق هي العامل البشري، وتشابه العوامل المناخية. حاليًا وفي كل المناطق السكنية القريبة من الغابات تقريبًا، يتم إنشاء طرق بالقرب أو داخل الغابة نفسها، يتم التوغل في الغابات العميقة من أجل إقامة حفلات الشواء أو التخييم و إشعال النيران وهذا ممنوع قانونيًا بالجزائر بمقتضى المرسوم  رقم 87-44 المؤرخ في 10شبّاط/فيفري 1987.

كما أنه لا يرخص باستعمال النار بالمساكن الواقعة داخل الأملاك الغابية الوطنية بين الفترة الممتدة بين 1 حزيران/جوان و 31 تشرين الأول/أكتوبر من كل سنة، وهذا لأن هذه الفترة الصيفية يكون بها الجفاف وبسببه تنتشر النيران بسرعة ويصبح من الصعب التحكم بها.

العامل الطبيعي المشترك هو طبيعة الغطاء النباتي والجفاف. حاليًا التنوع البيولوجي في حالة هشة جدًا. الجفاف أضعف جدًّا الأشجار وحتى تلك المعروفة بمقاومتها للحرائق مثل الأرز الأطلسي اشتعلت مثل القش أو الخشب الجاف بسبب فقدانها لجزء كبير من مخزونها من المياه بسبب عملية التبخر. فكلما زادت الحرارة، زاد التبخر على مستوى الأشجار؛ وبهذا فهي تتحول لوقود ممتاز لانتشار الحرائق، ضف إلى ذلك كل النفايات الموجودة بالغابات مثل البلاستيك وعجلات السيارات المعروفة بقدرتها على الاشتعال السريع وصعوبة إطفائها لأنها مصنوعة من وقود و هو البترول.

من المحتمل جدًّا أن عدد الحرائق سيزداد والتحكم فيها سيصبح أكثر صعوبة بسبب التغيرات المناخية، وقد تم ذكر هذا في المخطط الوطني للمناخ الذي أصدرته وزارة البيئة في سنة 2019، وجعلت منه واحدة من أربع قطاعات التي سيتم التركيز عليها للحد من التغيرات المناخية وآثارها.

  • ماهي انعكاسات الحرائق على المناخ و الثروة الحيوانية والغابية في الجزائر؟

من أهم هذه الانعكاسات هو المساهمة في زيادة ظاهرة التغيرات المناخية، فكل غاز ثاني أكسيد الكربون الذي كان مخزنًا في الأرض والأشجار، سيعود للطبيعة بالإضافة الى الغاز الكربون الناتج عن احتراق النفايات وغيرها، و منه فإننا سنقع في حلقة مفرغة، فالمزيد من حرائق الغابات يعني تسريع لظاهرة التغيرات المناخية وبالتالي مزيدًا من الحرائق و هكذا. أما فيما يخص تأثيرها على الثروة الحيوانية والنباتية، فرغم أن لها تأثيرًا إيجابيًا عندما تكون بنسبة قليلة وطبيعية، أما عندما تصبح قوية و متكررة، فهذا مضرّ جدّا بالتنوع البيولوجي، فإذا زاد الشيء عن حده فسينقلب حتمًا إلى ضده في هذه الحالة، و قد تصل إلى الانقراض التام لبعض الحيوانات والنباتات ذات نطاق التواجد المحصور مثل طائر "كاسر الجوز القبائلي"، أما  بالنسبة للثروة النباتية فإن 40 % تعتبر نادرة وهذا يستعجل وضع برامج صارمة لحمايتها.

فقدان هذه الثروة محزن جدًّا بحد ذاته وخصوصًا اذا عرفنا أننا سنكون أوّل المتضررين من فقدان النظم البيئية التي تقدمها لنا. بتضرر النظم البيئية للغابات سيكون هنالك المزيد من الجفاف بما في ذلك جفاف المياه الجوفية، موجات الحر، نقص الإنتاج الفلاحي، ظهور أمراض جديدة، فقدان التنوع البيولوجي، الافتقار لأماكن الترفيه، تدهور الأراضي، وفقدان النباتات الطبية، تفاقم مشكلة التصحر...

  • ما هي الإجراءات الوقائية التي ممكن اتخذها؟

الوقاية تبدأ من التوعية، التهيئة والتخطيط المسبق، يجب العمل على منع اندلاع الحرائق ثم انتشارها في مناطق الغابات وتسهيل تدخل خدمات الطوارئ. كما يجب العمل على تنظيف الغابات من كل ما قد يساهم في اشتعال أو انتشار النيران، والقيام بأعمال التطهير الموسمية باقتراب فصل الجفاف، وحفر الخنادق (خطوط النار) التي تشكل حاجز مؤقت أو ممهل لانتشار النيران يمنح مزيدًا من الوقت لعمال الغابات و الحماية المدنية  للتدخل والسيطرة على النار، و يعتبر  خط النار أمرًا مهمًا خلال فترة الجفاف لأنه يساعد في إخماد الحرائق.

يجب تكوين أعوان الغابات، وتعزيز صفوفهم بالموارد البشرية اللازمة، والعتاد الكافي والمناسب للقيام بمهمتهم على أحسن وجه، كما يجب تخصيص أفواج خاصة من أفراد الحماية المدنية للقيام بالتدخل السريع في حالة اندلاع الحرائق.

زينب مشياش: نحتاج لاستراتيجية مراقبة تعتمد على الوسائل الأرضية والجوية مثل فرق التحري الميداني والأقمار الصناعية

نحتاج كذلك لاستراتيجية مراقبة تعتمد على الوسائل الأرضية والجوية مثل فرق التحري الميداني والأقمار الصناعية، ونستطيع أيضًا الاستفادة من خبرة جمعيات المجتمع المدني لإنشاء شبكة وطنية تهدف لعرض اقتراحات للوقاية من حرائق الغابات ورصدها بالتعاون مع السكان والجهات المختصة. هنا، أشدد على أهمية التوعية التي يجب أن تطال جميع فئات المجتمع من الأصغر سنًا للأكبر سنًا.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

9165 هكتار من الغابات التهمتها النيران منذ بداية جوان

حرائق الغابات في منطقة القبائل.. "الماكيدعو لتدخّل أجنبي إيكولوجي