حوار| مسعود حجيرة: أوقفت عرض "غزة. كوم" الكوميدي احتراماً لدماء شهداء فلسطين
14 مارس 2025
في هذا الحِوار، يتحدّث المُمثّل المسرحي والسينمائي وكاتب السيناريو مسعود حجيرة عن تجربته الطويلة في ميدان الفنّ، والتي بدأها قبل ثلاثين سنة في بلدته الصغيرة غرب ولاية باتنة، قبل أن يطلّ على المُشاهد الجزائري بفيلم "مُنعرجات الحياة"، النّاطق بالشّاوية، خلال رمضان 2025.
كتب حجيرة العديد من النُّصوص التي حصدت جوائز وطنية، كما جسّد بنفسه بطولة الأعمال التي كتبها في مُونودرامات تناولت مشاكل الطلبة المقبلين على الحياة، ولم يُهمل القضية الفلسطينية ذات البُعد التحرُّري والإنساني، مُقدمًا بذلك نموذج الفنّان الملتزِم العاكس لهوية مجتمعه والمتعاطف مع القضايا العادلة.

بصفتك مُمثلًا وكاتب سيناريو، كيف تُقيِّم دراما رمضان لهذا الموسِم؟
هناك تطوُّر لافِت في الدراما الجزائرية الرمضانية خلال السنوات الأخيرة من عدة جوانب، خاصةً من حيث تقنيات الإخراج والصورة والصوت. وهذا يسعدنا كممثلين وكُتّاب، لأنّ هذه النّقلة النّوعية تساهم بلا شكّ في استقطاب الجمهور، لذا أتوقّع أنّ تكون المنافسة شديدة على الجوائز السنوية.
تُميّز هذا العام بدخول عدد من المؤثرين والمؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل إنستغرام وتيك توك، إلى عالم التمثيل. هذا ليس عيبًا في حد ذاته، إذ يلجأ المخرجون والمنتجون إلى توظيفهم لأن الصناعة السينمائية سوق تحتاج إلى تلبية الطلب، شريطة احترام مقاييس ومعايير التمثيل. وأنا لست ضد استقطاب المؤثرين إذا كان ذلك يخدم العمل التلفزيوني والسينمائي وفق المعايير الفنية والشخصية المطلوبة.

قبل أن تنال شرف كتابة سيناريو أول مسلسل درامي اجتماعي بالأمازيغية الشاوية يُنتَج في الجزائر، كيف تقيم تجربتك الطويلة؟
أولًا، أنا سعيد جدًا بهذا الإنجاز، وأراه تتويجًا لمسيرتي الطويلة في النضال الفني. حقًا، إنه شرف لي أن أكتب قصة وسيناريو مسلسل إيلان نتمدورث (منعرجات الحياة). لقد نشأت في بلدة صغيرة تُدعى أولاد سي سليمان، غرب ولاية باتنة، وكونت خلال دراستي الثانوية أول فرقة مسرحية بالمركز الثقافي لبلدية أولاد سي سليمان. كنا نمثل سكاتشات مستوحاة من الخربشات التي أكتبها، فأنا كما تعلم من عشاق الحرف والكتابة باللغتين العربية والأمازيغية.
الحياة لا تمنحك ما تُريده بل عليك أنت أن تأخُذ منها ما تريده بالرغبة والمعرفة ثمّ بالمثابرة والجد والاجتهاد
عندما حصلت على شهادة البكالوريا، انتقلتُ للدراسة في جامعة باتنة، وهناك توسعت آفاقي أكثر، وانبهرت بالمستوى الكبير الذي كان عليه المسرح والحركة المسرحية عمومًا، خاصة بوجود أسماء بارزة مثل علي جبارة، والعربي بولبينة، ولحسن شيبة، وحسين بن لغماس، إلى جانب كوكبة كبيرة من الفنانين. لذا، لا تستغرب أن تجد اليوم أكثر من 25 ممثلًا من ولاية باتنة يؤدون أدوارًا في مختلف المسلسلات المعرُوضة خلال رمضان 2025.
كان المستوى عاليًا جدًا، وأدركت حينها أن ما كنت أقدمه في بداية مشواري لا يرقى إلى مستوى التمثيل المسرحي، بل كان مجرد سكاتشات لا أكثر، ما دفعني إلى تطوير أدائي ومهاراتي. فقد كان من المستحيل أن أنافس الأداء الاحترافي لكوكبة من الفنانين الذين كان يديرهم عز الدين مجوبي في عالم البعوش، سواء من حيث الأداء أو الكتابة.

هل كنتَ موقنًا بإمكانية تطوير نفسك لتحقيق ما تريد في ظلّ المنافسة الشرسة؟
في جميع مناحي الحياة، على الإنسان الذي يريد أن يصنع لنفسه اسمًا – كأن يصبح كاتبًا مرموقًا أو ممثلًا قديرًا أو صحفيًا مشهورًا – أن يعتنق هذا المبدأ: "الحياة لا تمنحك ما تريده، بل عليك أنت أن تأخذ منها ما تريده، بالرغبة والمعرفة، ثم بالمثابرة والجد والاجتهاد.
الدراما ليست وسيلة ترفيه فقط، بل رسالة تساهم في الحفاظ على الموروث الثقافي
أعتقد أنني اجتهدت، فانتقلتُ من السكاتشات المرتبطة بمواضيع مناسباتية، مثل ثورة 1916 وعيد المرأة، إلى المونودراما، فكتبتُ ومثلتُ عدة مسرحيات على طريقة "الوان مان شو" في عام 2004، أنتجتُ عرض بروبلام، وكان عرضًا ناجحًا، بدليل أنني طُفتُ به على الإقامات الجامعية.
حينما اندلعت مأساة غزة عام 2007، تأثرتُ كثيرًا – كأي إنسان – بوحشية القصف والمجازر، وآلمني الصمت ونفاق العالم. فأنتجت مونودراما "غزة. كوم".
وكان عرضًا كوميديًا ساخرًا من حالة النفاق التي يعيشها العالم إزاء القضية الفلسطينية. لقي العرض شهرة كبيرة وقُدِّم في عدة إقامات جامعية، لكن في ذروة نجاحه قررت توقيفه.
لم أستطع تقبّل فكرة أن أُضحك المئات من الطلبة وأربح دراهم معدودة من ذلك العرض، بينما جثث الشهداء تحت الأنقاض وأسر منكوبة تبحث عن أشلاء ذويها.
في النّهاية، رفضتُ أن أكسب نجاحًا على أنقاض مأساة غزة. حاول كثيرون إقناعي بأن عملي يندرج ضمن إطار التضامن مع القضية، وطبعا كان ذلك صحيحًا، لكن ضميري بقي يؤنبني، فلم أستطع تقبل فكرة التضامن مع قضية بإثارة الضحك من جهة، بينما يعاني الآلاف من الفلسطينيين من آثار الحزن والحداد كلّ يوم، ولا يزالون على تلك الحال حتّى اليوم.

كثير من الأسماء الراهنة برزت في مهرجانات المسرح الجامعي. هل ترى أن المهرجانات تلعب دورًا مهمًا؟
مسعود حجيرة: بالطبع، أنا مع تكريس المهرجانات في الوسط الجامعي، فمعظم الأسماء التي ذكرتها برزت من هناك، مثل رحمة قالة وزهراء دومانجي. وأنا أيضًا بدأت مسيرتي الفعلية في الوسط الجامعي، من خلال العروض التي قدمتها في مهرجانات مثل الأيام المغاربية للمسرح الأمازيغي بتيزي وزو، حيث دخلتُ لأول مرة بنص مكتوب بالشاوية.
في عام 2009، شاركت في الطبعة الأولى من المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي بولاية باتنة، بنص كتبته مع الكاتب الكبير سليم سوهالي تحت عنوان: أجماظ نتيرجايين. وبعد سنة، تُوِّجتُ بجائزة أحسن نص مسرحي أمازيغي عن مسرحية هاممت ذورززي (العسل والدبور)، التي أخرجها لحسن شيبة، وشاركت فيها سعاد الشاوية. علمًا أن العمل نال ثلاث جوائز.
في عام 2012، كتبت للمسرح الجهوي بولاية أم البواقي مسرحية بعنوان أمان ذووسان (الماء والأيام)، التي فازت بالجائزة الأولى في المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي في طبعته الرابعة.

مِن المسرح إلى السينما، يبدو أنك تركز كثيرًا على القضايا الاجتماعية؟
بالنّسبة لي، الدراما ليست وسيلة ترفيه فقط، بل رسالة تساهم في الحفاظ على الموروث الثقافي. لذلك، أميل نحو الكتابة بالأمازيغية الشاوية، التي هي لغة أمي، كما أكتب بالعربية، باعتبارها المُكوِّن اللغوي للشخصية الوطنية.
أركّز كثيرًا على القضايا الاجتماعية، مثل مصالحة الذات مع الماضي والحاضر، الوفاء للقيم الحقيقية، الحفاظ على الموروث، وإجلال تاريخ البلاد. في مسلسل "إيلان نتمدورث" (منعرجات الحياة)، أتناول قصة حب بين شاب فقير يدعى سليمان وفتاة غنية تدعى سيليا، حيث تواجه علاقتهما منعرجات كثيرة بسبب الفوارق الطبقية والصراعات العائلية.
في النّهاية، الفنان هو المجسّد الفعلي لهوية مجتمعه، وعليه أن يكون خادمًا له.
الكلمات المفتاحية

محمّد لخضر حمينة.. حكّاءُ وقائعِ سنين السّينما الجزائرية
لم يكن أحدٌ ليتوقّع رحيل محمد لخضر حمينة المخرج العربي والأفريقي الوحيد الحائز على السّعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي سنة 1975،في نَفس اليوم الّذي عُرِضَت فيه النّسخة المُرمّمة من فيلمه الشّهير "وقائع سنين الجمر" في ذكراه الخمسين، خلال فعاليات نفس المهرجان في دورته 78.

الحسناوي وفاظمة.. قصة حب لم يقتلها المنفى وخلدتها الأغاني
"مثل فاظمة والحسناوي، هذا ما حدث لنا، أحبك وتحبينني، لكن والدك قال لا"، هذه الجُمل هي مطلع أغنية لفنان طابع الفولكور القبائلي مراد قرباص، تلك الأغنية التي لا تغيب عن أي عرس في منطقة القبائل في الجزائر، يتراقص الناس عند سماعها فهي أغنية باعثة للبهجة والفرح.

كمال داود.. كاتب جزائري فرنسي يُفلسِف لـ"الخيانة"
يثير الكاتب والروائي الفرنكو جزائري كمال داود في كل مرة، موجة جديدة من الجدل، بما يطرحه في تصريحاته وكتبه مقالاته التي تثير الصدمة لدى جزائريين يعتقدون أنه يتعمد استفزاز ذاكرتهم وتاريخهم، من أجل استمالة النخب الفرنسية ومؤسساتها الثقافية والإعلامية.

أنصفته الترجمة.. نحو تخفيف الحكم على المؤثر الجزائري "عماد تان تان"
طلبت النيابة العامة في غرونوبل، بفرنسا، "إعادة تصنيف" التهم الموجهة إلى المؤثر الجزائري عماد ولد إبراهيم المعروف بـ"عماد تان تان"، ما يعني التوجّه نحو تخفيف الحكم الصادر ضدّه في قضية دعوته على منصة التواصل الاجتماعي "تيك توك" إلى "ارتكاب أعمال إرهابية في فرنسا."

عودة الجنرال حسان إلى واجهة المخابرات الجزائرية.. من يكون؟
أُعلِن، رسميًا، اليوم السبت الرابع والعشرين أيار/ماي 2025 عن عودة الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، المعروف باسم "الجنرال حسان"، إلى واجهة المخابرات الجزائرية بعد سنوات من الغياب.

عشية المؤتمر السابع.. ياحي: "الأرندي" لم تسقطه التداعيات الخطيرة بعد الحراك
قال الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي "الأرندي"، مصطفى ياحي، اليوم السبت، إنّ الحزب لم تسقِطه "التداعيات الخطيرة" التي كانت بعد الحراك الشعبي في 2019.

باسم منظمة وطنية.. إيقاف 4 أشخاص بتُهمة الاحتيال في ملف السكن الاجتماعي بوهران
أوقفت فرقة مكافحة الجرائم الكبرى بأمن ولاية وهران (غرب)، شبكة إجرامية مختصة في النصب والاحتيال على المواطنين، بعد استغلال ملف السكن الاجتماعي لتضليل الضحايا وتحقيق مكاسب غير مشروعة.