11-أبريل-2020

معاذ تبينات، دكتور في الصيدلة (الصورة: الترا جزائر)

يكشف معاذ تبينات، الدكتور في الصيدلة والناشط في المجال الصحّي والوقائي، في حوار مع "التر جزائر"، محدودية الإجراءات الوقائية في مكافحة انتشار وباء كورونا المستجد، ويتحدّث عن التباين بين الحالات المؤكّدة ومحدودية إمكانيات الفحص والكشوفات، كما يرسم المتحدّث المخطط الاستعجالي في كيفية إدارة أزمة كورونا استشفائيًا، وما هي عيوب مخطط وزارة الصحّة، ويشدّد على خيار الفحص المنزلي، تجنبًا للضغط على مصالح الاستعجالات، ويبرز الدكتور في الحوار، أسباب تذبذب بيانات لجنة المتابعة ورصد وباء كورونا.
معاذ تبينات:  لم نأخذ بعين الاعتبار طاقة الاستيعاب وعدد الكشوفات التي يمكن تغطيتها يوميًا
  • ما تعلقيك حول اجراءات الحكومة لمكافحة فيروس كورونا المستجد؟
الإجابة على السؤال تتضمن شقين: أولًا، الإجراءات التي تخص قطاع الصحة أو مخطط الطوارئ الصحّي الذي بدأ يواكب تطورات الوباء وانتشاره السريع، رغم الانطلاقة البطيئة والمتأخّرة، قد نلاحظ أن فيه اتباعًا تامًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية، خاصّة فيما تعلق بتدابير الوقاية والكشف، ولكن في الوقت نفسه، لم يتم مقاربة تلك التوصيات مع الامكانيات التي نتوفّر عليها في الواقع.
فمثلًا قضية الكشف عن المصابين بفيروس كورونا، اتبعنا لتقنية والخطوات المنصوص عليها حرفيًا من طرف معهد باستور، لكن لم نأخذ بعين الاعتبار طاقة الاستيعاب وعدد الكشوفات التي يمكن تغطيتها يوميًا، خاصة بعد مرورنا من مرحلة إلى أخرى، وانتشار الوباء في أكثر من 45 ولاية كاملة. الكشف المحدود يعطينا أرقامًا تقريبية متأخّرة أحيانًا، فبالتالي من الصعب التحكم في استباق التدابير في ظلّ جهلنا بسيناريو الانتشار على المدى القريب.
أمّا عن التدابير الحكومية الأخرى ثانيًا، فتمثلها عملية الحجر الجزئي الذي بدأ يطول، وأصبح عبئًا على المخطط الوقائي، فمنذ بداية هذا الأسبوع، لاحظنا تراجعًا في الالتزام بالحجر، وحركة متصاعدة خاصّة مع تقديم ساعات الحجر، حيث أنّ ضغط الوقت ساهم في خلق ساعات اكتظاظ وزحمة غير طبيعيين. فبعد حوالي ثلاثة أسابيع من الحجر الجزئي، تبيّن أنها استنزفت قدرة الجزائريين على التقيد والانضباط.    
  • ما هي قدرة استيعاب المستشفيات الجزائرية في حالة انتشار الوباء؟
لمّا نتحدث عن الاستيعاب، يجب ألا نربط ذلك آليًا بعدد هياكل الاستقبال وغرف الإنعاش وأجهزة التنفّس، وهذا الذي لاحظناه في الخطاب الرسمي منذ بداية الأزمة. الإشكال يكمن في مخطط استغلال هذه المرافق، كان يفترض وضع تقسيم صحّي استثنائي بعيدًا عن التقيد باختصاص كل مرفق، بين مستشفى جامعي أو مستشفى عام أو عيادة جوارية أو مصحة خاصة.
فبدل غلق مصالح استشفائية جامعية في وجه المرضى المقبلين للفحص، والكشف خارج الإصابات بكورونا، كان يجب تقسيم كل المرافق إلى مراكز فرز وتوجيه ومراكز خاصة بالإصابات بسيطة الأعراض، ومراكز خاصّة بالإصابات المتقدمة، وتبقى المستشفيات الجامعية للحالات المعقّدة والتي تتطلّب إنعاشًا أو بروتوكولًا علاجيًا معينًا، وربما كان يجب إضافة مراكز حجر ومتابعة خارج المستشفيات، وفي هذه المرحلة بالذات أبقى من دعاة حجر كلي شامل مع تفعيل الفحص المنزلي.
  • الاعتماد على الحجر الصحّي، هل يعود إلى قطع مسار العدوى أم تفادي الضغط على مصالح الاستعجالات الطبية؟ 
الحجر الصحي أكيد هو لقطع مسار العدوى وانتشارها السريع، لأنّ حالات الاستعجالات الطبيّة، هي مستثناة أساسًا من إجبارية الحجر، لكن أكرّر أن الضغط في مصالح الاستعجالات لا مفرّ منه، لذلك هناك حلول لتقليص تنقلات المشتبه بهم نحو المستشفيات وهي الفحص المنزلي. 
السلطات الصحية تقول أن الفحوصات تتم وفق التحقيق الوبائي المستهدف بدل الفحص الشامل، 
  • ما تعليقك حول هذه المقاربة؟
هي مقاربة صالحة للمرحلة السابقة من الوباء، اليوم نحن في مرحلة تتطلب أكثر صرامة في فرض الحجر الصحي، والكشف الواسع والشامل، اليوم يمكن تقسيم الولايات حسب درجة انتشار الوباء واتباع مخطط خاص بكل فئة. فالولايات التي تعتبر مراكز موبوءة يجب العمل بقاعدة كل مشتبه مصاب وعزله حسب خطورة الأعراض، أما طاقات الكشف المتوفرة تدخر للولايات التي تسجل حالات معزولة لتطويق الوباء. فقد ضيعنا مسبقا الكثير من الوقت لتجهيز مخابر اضافية والاعتماد على تقنيات كشف موازية لتخفيف الضغط. 
 
  • كشف الرئيس عبد المجيد تبون عن إمكانية الحجر الصحي على بؤر الوباء بدل الحجر الشامل، ما رأيك؟
مقاربة الرئاسة لا تأخذ فقط بالتقارير الصحّية، ربما هي تعتمد في توجهها على تقارير دوائر أخرى مع مراعاة طبيعة الجزائري وعاداته، لكن هذا قد يطول ويحتمّ علينا تحمل تبعات الانتشار الوبائي لفترة أطول، فمثلًا تم الحجر الكامل على ولاية البليدة وعزلها منذ مدّة، لكن هذا لم يمنع ظهور ولايات تسجل عدد وفيات موازٍ، وعدد إصابات في تصاعد معتبر كالعاصمة، والتي مازالت تعيش حجرًا جزئيًا.
معاذ تبينات: يجب أن تبقى الطواقم الطبية في مقدّمة أولويات الكشف، خوفًا من تحولهم إلى مصادر عدوى
  • ملاحظ أن مؤشرات وبيانات انتشار الوباء في الجزائر، تعرف صعودًا ونزولًا، أي عدم استقرار المنحنى، في رأيك لما يعود ذلك؟ 
لما تكون طاقات الاستيعاب في الكشف محدودة، مقارنة بعدد عينات المشتبه بهم المستقبلة يوميًا، يجعلنا نتأكّد أن النتائج تخصّ العينات المحلّلة فقط، فما سجلناه يومي الجمعة والسبت الماضيين من تراجع، لا يعني بداية تراجع الوباء، بل يعود لطاقات العمل في نهاية الأسبوع. دون أن ننسى عاملًا آخرًا في المعادلة، إذ أنه حسب تصريح سابق لوزير الصحة، فالمزيد من طاقات الكشف قد تم حجزها لمتابعة نجاعة البروتوكول العلاجي المعتمد مؤخّرًا.
ما يجب الإشارة إليه، أنه وإلى غاية رفع طاقات التحليل اليومية، وجب أن تبقى الطواقم الطبية في مقدّمة أولويات الكشف، خوفًا من تحولهم إلى مصادر عدوى، وللأسف نسجل يوميًا إصابات جديدة، ما يدعونا للحثّ على عزل الأطقم الطبية فورًا في مراكز خاصّة طيلة هذه المدّة.  
 
اقرأ/ي أيضًا: