حوار| مولود قرين: المشروع الاستعماري الفرنسي كان ثقافيًا أيضًا
19 يناير 2022
أبرز مولود قرين، الباحث الجامعي والدكتور في التاريخ بجامعة الجزائر، أنّ أهميّة استرجاع الأرشيف الجزائري من فرنسا، ليس مرتبطًا بالحقبة الاستعمارية فقط، بل كلّ المخطوطات والكتب والدواوين فترة إيالة الجزائر، معتبرًا أنها كنز وإرثٍ تاريخي وثقافي هام، وذكر أن الأرشيف ليس التاريخ بل من بين الأدوات التي تساعد على فهم التاريخ، مشددًا أن الباحث والأكاديمي هو من يملك المؤهّلات العلمية في تعامله مع الأرشيف خاصة تقارير الشرطة الفرنسية.
وثائق الأرشيف لابد أن تتاح للمؤرّخين دون سواهم؛ لأنّ المؤرخ هو المؤهّل الوحيد علميًا لقراءتها وتحليلها
- من الناحية العلمية والأكاديمية كيف يُمكن أن يشكّل رفع السرّية عن وثائق استعمار فرنسا للجزائر مرجعية في مجال التأريخ الخاص بالفترة الكولونيالية؟
الوثائق الأرشيفية على اختلاف أنواعها، تصنف في منظور الأكاديميين والمؤرخّين ضمن المصادر الأساسية في كتابة التاريخ، فلا يمكن للباحث في التاريخ خاصة في التاريخ المعاصر أن ينجز بحثًا دون العودة إلى وثائق الأرشيف، أما بخصوص قضية رفع السرّية عن وثائق تتعلق بالمرحلة الاستعمارية في الجزائر، فيساهم بدون شك في دراسة الكثير من القضايا، ويجيب عن عديد الإشكاليات التي لا زالت مطروحة خاصّة في تاريخ الثورة الجزائرية، كما يساعد على تصحيح الكثير من القضايا التاريخية التي تعتبر من المسلّمات.
اقرأ/ي أيضًا: أرشيف ثورة التحرير.. تنازل فرنسي جديد أم "قنبلة موقوتة" للجزائريين؟
قضية رفع السرية عن الوثائق الأرشيفية، ليست قضية جديدة بالنسبة للمؤرشفين أو المؤرّخين، باعتبار أن الأرشيف خاضع لمجموعة من القوانين تحدد المدة التي سترفع عنه السرية، وكذلك بالنسبة للبحوث التاريخية فهي في تجدد مستمرّ ودائم حسب تجدد المعطيات، وظهور وثائق جديدة، لذلك أعتقد أن رفع السّرية عن الوثائق المتعلقة بالفترة الكولونيالية سيساهم في إثراء البحوث التاريخية.
- تطالب الجزائر فرنسا باستعادة عشرات الآلاف من الوثائق التي تعود إلى الفترة العثمانية، في رأيك ما هي قيمة هذا التراث التاريخي والثقافي؟
المشروع الاستعماري الفرنسي لم يكن مشروعًا عسكريًا فقط، بل كان مشروعًا ثقافيًا كذلك، حيث استعان بمجموعة من العلماء والمستشرقين والمفكرين الذين أوكلت لهم مهمة جمع تراث الجزائر ودراسته، وبعد الاستقلال نهبت هذه الكنوز الثقافية والتراثية من مخطوطات وثائق وكتب، ونقلت إلى فرنسا، وهذا ما يُعتبر جريمة في حق ذاكرة الأمة الجزائرية، لذلك الجزائر تطالب بقوة باسترجاع هذه الكنوز التي تعتبر جزءً مهمًا من ذاكرتها، واسترجاعها وأتاحتها للباحثين سيساهم في فهم مرحلة مهمة من تاريخ الجزائر الحديث، خاصّة خلال الفترة العثمانية، التي كانت فيها الجزائر قوة ضاربة في البحر الأبيض المتوسط، فالرصيد الضخم من المعاهدات التي كانت تعقدها الجزائر مع الدول الأوروبية في هذه الفترة مودع في دور الأرشيف الفرنسية.
هناك توجّس من قرار الرئيس الفرنسي ماكرون رفع السرية عن وثائق مدرجة بند أسرار الدفاع الفرنسي تخصّ فترة استعمار الجزائر 1830-1962؟ في رأيك لماذا؟
إن تصريح وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو القائل برفع السرية عن الأرشيف الخاص بحرب الجزائر (1954- 1962م) قبل 15 سنة من المهلة القانونية أثار تساؤلات كثيرة بين النخب الجزائرية، لعلّ أهمها لماذا اقتصر القرار على فترة الثورة فقط دون غيره من المراحل؟ ولما اقتصر على ملّف التحقيقات القضائية للشرطة والدرك الفرنسي دون غيره من الملّفات الأخرى؟ وهناك من ذهب إلى القول بأن نية فرنسا غير بريئة بفتحها لهذه الملّفات المنتقاة فإنها تهدد تاريخ الجزائر، وتزرع الشك وبذور الفتنة بين الجزائريين.
ولكن رغم ما قيل، ورغم ما طرح من تساؤلات التي قد تكون صحيحة، إلا أننا يجب أن نتعامل بالملّف بإيجابية، وأن نبلّغ الطرف الأخر، أن مطلبنا هو ليس رفع السرية عن ملفات أرشيفية، وإنما مطلبنا الحقيقي هو استرجاع الأرشيف، ليس أرشيف الحقبة الاستعمارية فقط، وإنّما كل كنوز الذاكرة المغتصبة من الجزائر (مخطوطات، كتب، أرشيف)، وأن مطلبنا هو الاعتراف بالجرائم وما يترتب عنها من مسؤوليات قانونية، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فالجزائري الذي ضحّى بالنفس والنفيس لا يخيفه الأرشيف، وإن كان منتقى، لأن الأرشيف سيكون شاهدا أولا على بشاعة الاستعمار، وعلى عدم قانونية ممارساته في الجزائر. وعلى الجزائري سواءً كان من النخبة أو من العوام أن يدرك بأن الأرشيف ليس هو التاريخ وحده، وإنما هو وثائق تساعد على فهم التاريخ، فهو مصدر كغيره من المصادر، تحمل الصّدق والكذب، ولا يجب أن ننسى أن فرنسا في هذه الفترة، كانت تمارس الدعاية والتضليل، والحرب النفسية، لذلك ما هو موجود في تقارير الشرطة والدرك الفرنسي ليس هو الحقيقة المطلقة، وإنما المؤرّخ هو الوحيد الذي يملك السلطة العلمية التي تؤهله لتصديق أو تكذيب ما تتضمنه تقارير الشرطة الفرنسية.
- الكثير من الباحثين في مجال التاريخ يطالبون أن تكون الوثائق التاريخية متاحة للمختصّين والأكاديميين وليس العامة؟ ما رأيك في هذا الطرح؟
فعلًا وثائق الأرشيف لابد أن تتاح للمؤرخين دون سواهم؛ لأن المؤرخ هو المؤهل الوحيد علميًا لقراءتها وتحليلها، لأن قراءة الوثيقة واستنطاقها تتطلب أولًا معرفة دقيقة بالسياق التاريخي الذي كتبت فيه، وثانيًا تتطلب تسلحًا بمنهج علمي صارم للحكم على مدى صحة الوثيقة التاريخية.
ما نعيشه اليوم من جدل خاصّة على مواقع التواصل الاجتماعي حول الكثير من القضايا التاريخية، كانت نتيجة حتمية لخوض غير المختصّين في قضايا تاريخية دقيقة جدًا يفترض ألا تخرج عن حقلها الأكاديمي.
قرين: لازالت مواقفنا مجّرد رود أفعال فقط منساقة لما يطرح في الضفة الأخرى من نقاشات
- لماذا يهتم الرأي العام بمسألة الأرشيف 1954- 1962 في مقابل ذلك لا يلّح على الخرائط المتعلقة بالتجارب النووية والألغام؟
لأنه للأسف الشديد لازالت تحركنا العاطفة ولازالت مواقفنا مجّرد رود أفعال فقط منساقة لما يطرح في الضفة الأخرى من نقاشات، في حين أن معالجة مثل هذه القضايا يستوجب الاستعانة بالمؤرّخين الخبراء في هذا المجال، لأنهم يعرفون حجم الجريمة وتداعيتها التي لازالت مستمرّة إلى يومنا هذا، وأنه لا يمكن إلزام فرنسا قانونيًا ما لم تتوفّر أدلة ملموسة عمّا ارتكبته من جرائم جرّاء تجاربها النووية، هذا من جهة أخرى تساعد تلك الخرائط عن معالجة المناطق المتضرّرة أو إبعاد السكان عنها.
اقرأ/ي أيضًا:
بنجامين ستورا.. مع الضحيّة والجلّاد
رحابي: تقرير ستورا لم يستجب للمطلب الرئيسي للجزائريين
الكلمات المفتاحية

يصلُ وزنها إلى 45 كيلوغرامًا.. هذه تفاصيل شحنات الأغنام القادمة من رومانيا
كشف المدير العام لميناء الجزائر، عبد الحميد بولعام، عن تفاصيل عمليات استيراد المواشي تحضيرًا لعيد الأضحى.

رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية الفرنسية: "التواصل مع الجزائر لن يتوقّف"
وسط تصاعد ملحوظ في التوتر بين الجزائر وفرنسا، دعا رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية الفرنسية، برونو فوكس، إلى إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، معترفًا بأنّ "العلاقات الثنائية تمرّ بمرحلة حرجة قد تؤدي إلى القطيعة."

"تدريس على الخطّ".. شهادة جديدة لأساتذة الجامعات
أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المنصة الوطنية لطلب خِبرة الدروس عبر الخطّ موجهة لأساتذة الجامعات.

تحركات دبلوماسية مُكثّفة في الجزائر.. القضايا الإقليمية على الطاولة
خلال أسابيع قليلة، شهدت الجزائر سلسلة من الزيارات الهامة لوزراء خارجية فرنسا، إيران، مصر، وتركيا، مما يسلّط الضوء على الأهمية الاستراتيجية المتزايدة التي تحظى بها الجزائر في المنطقة.

رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية الفرنسية: "التواصل مع الجزائر لن يتوقّف"
وسط تصاعد ملحوظ في التوتر بين الجزائر وفرنسا، دعا رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية الفرنسية، برونو فوكس، إلى إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، معترفًا بأنّ "العلاقات الثنائية تمرّ بمرحلة حرجة قد تؤدي إلى القطيعة."

"تدريس على الخطّ".. شهادة جديدة لأساتذة الجامعات
أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المنصة الوطنية لطلب خِبرة الدروس عبر الخطّ موجهة لأساتذة الجامعات.

البطولة الأولى.. انتصار في الدقيقة الأخيرة يُعيد شبيبة القبائل إلى سباق الصّدارة
حقّق فريق شبيبة القبائل فوزاً مهماً خارج قواعده، اليوم السبت، على حساب اتحاد العاصمة في المباراة التي جرت ضمن الجولة الـ 23 من الرابطة المحترفة.