21-أكتوبر-2022
عاملة المقهى خالتي فاطمة (الصورة: الترا جزائر)

عاملة المقهى خالتي فضيلة (الصورة: الترا جزائر)

في أحد المباني الثقافية الحكومية بولاية مستغانم غربي الجزائر، تُخفي التعاملات الرسمية والنشاطات الثقافية والفنية بالمقر الثقافي، قصة إنسانية عنوانها التضحية والصبر والعيش الكريم، بطلتها فضيلة امرأة على مشارف الستين،  قضت ربع قرن من حياتها في إدارة مقهى صغير بهذه الهيئة الثقافية.

تخبرنا خالتي فضيلة أن عملها في مقهى تابع لإحدى دور الثقافة جلعها صديقة لعدد من الفنانين 

السيدة فضيلة أو خالتي فضيلة كما يسميها الجميع في دار الثقافة بمستغانم ولد عبد الرحمان كاكي غربي الجزائر، امرأة بشوشة، محبة للحياة، صبورة، لا تفارقها الابتسامة مع الزبائن من داخل هذه الهيئة الحكومية أو القادمين إليها من فنانين وإعلاميين من خارج الولاية في إطار فعالية أو مهرجان ثقافي.

من منظّفة إلى عاملة بمقهى

تقول خالتي فضيلة إنّها بدأت العمل في دار الثقافة بمستغانم كعاملة نظافة لبضعة أشهر، ثم اقترح عليها أحد المديرين السابقين أن تعمل بمقهى نادي دار الثقافة المتواضع، تعمل به وتديره وتسيّره وتخدم الزبائن، فوافقت دون تردد، آنذاك كانت شابة بعزيمة كبيرة وإرادة فولاذية، على حدّ تعبيرها.

وتضيف خالتي فضيلة في لقاء مع "الترا جزائر": "اسمي فضيلة، قدمت عام 1998ملفًا لطلب عمل، بدار الثقافة، وتمت الموافقة عليه، وبعد أن اشتغلت منظفة لحوالي ثمانية أشهر، جاءني اقتراح من مديري الأسبق أن أدير مقهى دار الثقافة (نادي) الموظفين، فوافقت ووعدته بأنّ الأمر سيكون على أحسن ما يرام".

وتتابع فضيلة قائلة: " في البداية لم أكن موظفة بصورة رسمية، بل كنت أعمل في إطار عقود الشبكة الاجتماعية والمنحة كانت آنذاك 2250 دينار جزائري شهريًا، مبلغ رمزي فقط، وفي 2001، تمّ ترسيمي من قبل إدارة دار الثقافة، وأشتغل خمس ساعات في اليوم، وفي 2012 منحت وظيفة كاملة بـ8 ساعات".

عن العمل تحدثنا السيّدة فضيلة: "أعمل يوميًا بشكل عادي، في الصباح أفتح المقهى، أقوم بتنظيف آلة القهوة، وأشغّلها، وأحضر الشاي، والحلويات التي يشتريها مكتب الخدمات الاجتماعية بدار الثقافة، واستقبل الموظفين كل صباح".

ووفقها: "في بعض الأحيان يكون عملها خارج المقهى، عندما تنظم مناسبة معينة حفل أو ملتقى أو مهرجان فنّي وثقافي، فتقوم بتحضير المشروبات الساخنة والباردة بقاعة التشريفات لاستقبال المسؤولين والضيوف".

25 عامًا في المقهى

وعن علاقتها بهذه المهنة، توضّح خالتي فضيلة أنّها أحبت هذه المهنة وألفتها، فلم تغادرها منذ أن تم تعيينها عاملة في المقهى، قائلة، إنّه "عمل شريف ولا يختلف عن العمل في التنظيف أو العمل في مكتب".

وحول سرّ ابتسامتها في وجه الضيوف والزبائن، في ظل التعب الذي ينال منها واختلاف العقليات وتفكير الأفراد تردّ المتحدثة: "أبتسم لهم، أفرح بهم، بل يجب أن علّي أن أخلق لهم جوًا مريحًا، وهذا رغم أنني قد أكون أخفي وجعًا".

وتشير المتحدثة إلى أنّها: " بدأت ممارسة عملها في دار الثقافة وعمرها 33 سنة، واليوم تبلغ من العمر 58 عامًا، يعني أنّ تدير وتسير مقهى نادي دار الثقافية منذ 25 عامًا، ولم يحدث أن حدث اختلفت مع زبائنها سواءً كانوا فنانين أو موظفين".

ولم تخف المتحدثة أنّ "جل الفنانين الجزائريين يعرفونها ويتعاملون معها بلطف ومحبة، وذكرت أنّ من الفنانين الذين ارتشفوا الشاي والقهوة عندها الفنان صالح أوقروت أعز أصدقائها كما ذكرت، إضافة إلى المخرج بوعلام عيساوي، حكيم دكار، جمال دكار، عبد القادر شاعو.. وغيرهم

عائلة خالتي فضيلة

ولفتت خالتي فضيلة إلى أنّ "أسرتها مكونة من زوج وثلاث أولاد (ذكور)، اثنان منهم متزوجان، أمّا الزوج فهو مريض وتمنح لهم منحة تقدر بـ3000 دج، شهريًا، وبالتالي هي من تتكفل بمصاريف زوجها وابنها الأصغر، متحدية تقدمها في السن والتعب الذي بدأ ينال منها، فلم تعد قوية كما كانت في شبابها"، هنا، تعبر أن أحلامها بسيطة ويكفيها أن تتمكن يومًا من أداء مناسك العمرة.

تعيل خالتي فضيلة زوجها المريض وابنها متحدية تقدمها في السن

تعترف المتحدثة أن أنّ المديرة الحالية لدار الثقافة خليدة بن بالي تعاملها بمحبة كبيرة، تعتبرها والدتها، "نحكي لها مشاكلنا العائلية وتنصت باهتمام لها"،  وليس لديها أي مشاكل مع موظفي ومسؤولي دار الثقافة، بل يطلبون منها أن تخصص جزءًا من النادي لببيع المأكولات وهي ترّحب بذلك".