دعوة نائب لإلغاء الفلسفة من التعليم تثير استهجانا واسعا.. ومعلقون: كيف يجهل أهمية أم العلوم؟
19 يونيو 2025
أثار النائب البرلماني رشيد شرشار، عن حركة البناء الوطني، جدلاً واسعاً بعد دعوته إلى إلغاء مادة الفلسفة من امتحانات شهادة البكالوريا، في منشور على صفحته الرسمية على فيسبوك كتب فيه: "سوف أطالب بإلغاء مادة الفلسفة في البكالوريا... ما رأيكم؟ وماذا استفدنا منها كمادة؟".
منشور النائب جاء في سياق الجدل الذي أحدثه امتحان الفلسفة في البكالوريا هذه السنة
وجاء تصريحه في سياق الجدل الذي رافق اختبار الفلسفة لهذا العام، خاصة في شعبة الآداب واللغات الأجنبية، حيث اشتكى عدد من التلاميذ من صعوبة المواضيع المطروحة، وابتعادها عن المقترحات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي والتي اعتمد عليها كثير منهم خلال فترة التحضير.
الامتحان تضمن ثلاث مواضيع مختلفة: جدلية حول "الأخلاق بين النسبية والمطلق"، واستقصاءً حول "الشعور"، وتحليل نص حول "الفرضية" في التفكير الفلسفي والعلمي، ما أحدث ارتباكاً لدى بعض التلاميذ الذين ركزوا على مواضيع بعينها تم تداولها عبر الإنترنت، وأهملوا أجزاء من المقرر الدراسي.
ورغم أن وزارة التربية كانت قد أكدت سابقاً أن الامتحانات ستشمل المقرر كاملاً، إلا أن الاعتماد المفرط على التوقعات الجاهزة ظل سلوكاً سائداً بين الممتحنين، ما ساهم في تعاظم حالة الإحباط عقب الاختبار.
غير أن ما زاد من تعقيد الجدل حول الفلسفة لم يكن مضمون الأسئلة، بل الموقف الذي تبناه نائب في البرلمان مطالباً بإلغاء المادة بالكامل، ما اعتُبر تجاوزاً خطيراً، ليس فقط على المستوى الأكاديمي بل على مستوى الخطاب السياسي أيضاً.
جهل بأهمية الفلسفة
ردود الفعل جاءت حادة من أساتذة وحقوقيين وصحفيين اعتبروا أن الدعوة تتسم بالسطحية وتشي بمستوى من الجهل تجاه أهمية الفلسفة كركن من أركان التفكير النقدي والمواطنة.
أستاذ الفلسفة ناصر بويش رأى أن المطالبة بإلغاء الفلسفة تعكس ما سمّاه بـ"العقم الفكري"، وكتب قائلاً إن "الأمر الغريب والرهيب والمؤسف أن من دعا إلى ذلك هو أحد نواب الأمة"، مضيفاً أن المشكلة تكمن في انسحاب النخبة من الحقل السياسي وتركه "لمن لا ناقة لهم ولا جمل في الفكر ولا في السياسة".
وأضاف أن من يتجرأ على ازدراء الفلسفة لا يمتلك لا مشروعا مجتمعياً ولا بصيرة علمية، معتبراً أن تفشي الرداءة في السياسة يهدد جوهر المؤسسات الجمهورية نفسها.
أما الصحفي سعيد بودور، فقد وصف منشور النائب بأنه مؤشر على أزمة أعمق تتعلق بطبيعة من يصل إلى مواقع اتخاذ القرار، وسخر من الدعوة بالقول: "لا تقلق، الفلسفة لا تناسب من تعوّد أن يفكر بالوكالة"، متسائلاً بسخرية: "أي نوع من الناس تريد أن تكون؟ العالم المتعب بنفسه أم الجاهل المعجب بنفسه؟". واعتبر أن الفلسفة تهدد فقط مستقبل أولئك الذين يتغذون من الخطابات الشعبوية الجوفاء، لا مستقبل الأمة.
أما المحامي ورئيس الحزب عبد الرحمن صالح، فقد اعتبر أن المطالبة بإلغاء مادة الفلسفة أمر "غريب"، وذكّر بأن النهضة الغربية لم تكن علمية فحسب، بل أدبية وفلسفية أيضاً، وأن التقدم لا يمكن أن يتم بالرياضيات والعلوم وحدها، بل لا بد من مرافقة ذلك بتطور في الفكر والآداب. واعتبر أن مثل هذه التصريحات تدخل ضمن الشعبوية السياسية، داعياً إلى التفريق بين الجدل السياسي الجاد والاستعراضات الإعلامية التي لا تضيف شيئاً للنقاش العام.
وشملت الردود أيضاً نشطاء ومواطنين اعتبروا أن دعوة النائب تُظهر خللاً في تمثيل الإرادة الشعبية داخل البرلمان، حيث علّق الناشط حمود كيتي بسؤال استنكاري: "كيفاه وصل للبرلمان واحد يرفض الفكر؟"، مؤكداً أن فكرة البرلمان نفسها قائمة على الجدل، وهو أساس الفلسفة السياسية. بينما رأى شاوي تبسي أن وجود مثل هذا النوع من الخطاب في البرلمان يشكل خطراً على مستقبل البلاد، متحدثاً عن "تحوّل الجهل إلى مادة أولية لبناء دولة مغلقة"، وفق تعبيره.
وتعكس هذه الواقعة، بما تضمنته من تصريحات وردود، توتراً قائماً منذ سنوات في علاقة المنظومة التعليمية الجزائرية مع مادة الفلسفة، التي ظلت موضوعاً للجدل حول مدى قابليتها للفهم من قبل التلاميذ، خصوصاً في ظل ثقافة تعليمية يغلب عليها التلقين والحفظ.
ومع ذلك، فإن الدعوة لإلغاء هذه المادة لم تأت من تلاميذ يعانون من صعوبة الاختبارات، بل من نائب يفترض به أن يدافع عن تنمية الفكر النقدي، ما جعل الكثيرين يعتبرونها علامة على انحدار مستوى النقاش العام داخل المؤسسات السياسية.
الكلمات المفتاحية

محمد بوضياف.. رئيس يرفض أن يرحل من ذاكرة الجزائريين
في ذكرى اغتياله الثالثة والثلاثين، لا يزال الرئيس الراحل محمد بوضياف يثير مشاعر الحنين والأسى لدى الجزائريين، الذين يتذكرونه كأحد أكثر الشخصيات السياسية التي جمعت بين التاريخ الثوري والرغبة في إصلاح الدولة.

بعد التتويج الـ 9 .. اتحاد الجزائر يلحق بشباب بلوزداد في سجّل الأبطال
عَادَل اتحاد العاصمة الرقم القياسي لشباب بلوزداد بتتويجه بكأس الجمهورية للمرة التاسعة، في يوم رمزي يصادف عيد الاستقلال والذكرى الـ 88 لتأسيس النادي، ليُشعل بذلك من جديد فتيل المنافسة التاريخية بين الناديين ويفتح فصلًا جديدًا في سباق الألقاب.

ليسوا أرقامًا... بل قصصًا: 374 ألف راسب في "البيام" بالجزائر
أكثر من 300 ألف تلميذ رسبوا في امتحانات شهادة التعليم المتوسط بالجزائر، رقم ثقيل وذو دلالة، لا يمكن المرور عليه مرور الكرام. لكنه، بحسب أبجديات المهنة الصحفية، لا يُقرأ كرقم مُجرّد فقط، بل كمدخل إلى قصص فردية وجماعية، قد نصل إلى تفاصيل بعض أسبابها، أو نكشِف جانبًا واحدًا منها على الأقلّ في منظُومة تهمّ المجتمع.

أزمة الدكتوراه المُعلّقة بالجامعات.. هل شطب الأطروحات هو الحل؟
في أيار/ ماي 2024، أُتيحت فرصة ثمينة لعدد من الباحثين للمشاركة في دورة تدريبية تناولت تحديات البحث العلمي وظروف إنجاز أطروحات الدكتوراه. طُرحت خلالها، قضايا جوهرية تتعلق بتأخر إنجاز البحوث الأكاديمية، وتكشّفت أبعاد متعددة لهذه الظاهرة التي لم تعد تُختزل في تقصير الطلبة فقط.

محمد بوضياف.. رئيس يرفض أن يرحل من ذاكرة الجزائريين
في ذكرى اغتياله الثالثة والثلاثين، لا يزال الرئيس الراحل محمد بوضياف يثير مشاعر الحنين والأسى لدى الجزائريين، الذين يتذكرونه كأحد أكثر الشخصيات السياسية التي جمعت بين التاريخ الثوري والرغبة في إصلاح الدولة.

الحبس المؤقت، شلل الأحزاب، ضعف الإعلام.. رحابي يرسم صورة سوداء عن واقع الحريات في الجزائر
انتقد الوزير والدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي واقع الحريات السياسية في البلاد، معبّرًا عن قلقه العميق إزاء ما وصفه بانحسار غير مسبوق للفضاء العام، وتنامي مظاهر التقييد التي مست جوهر الممارسة السياسية وحرية التعبير.

نقابة تقنيي صيانة الطائرات تندد بتهميشها في اتفاقيات الخطوط الجوية الجزائرية
نددت النقابة الوطنية لتقنيي صيانة الطائرات (SNMTA) بما وصفته بـ"تجاوزات" إدارة شركة الخطوط الجوية الجزائرية، على خلفية توقيع الاتفاقية الجماعية دون إشراكها، رغم أن اتفاقًا كان مرتقبًا يخص ميكانيكيي ومهندسي الصيانة بالتوازي مع هذه الوثيقة.

الأفافاس يدعو السلطة في ذكرى الاستقلال لتحمّل مسؤوليتها التاريخية.. ما هي مطالبه؟
دعا الأمين الوطني الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، السلطة الجزائرية إلى تحمّل مسؤولياتها التاريخية كاملة، عبر تبنّي مقاربات سياسية جديدة، عقلانية وشجاعة، تُعيد بناء جسور الثقة مع المجتمع وتجدد العلاقة بين مؤسسات الدولة والمواطن.