دوفيلبان يحذر من استغلال فكرة "إهانة فرنسا" في الرّد على الجزائر

قال دومينيك دوفيلبان، رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق إن تصاعد الأزمة بين الجزائر وفرنسا، يعود إلى رغبة بعض الأطراف في باريس في "تصفية الحسابات".

الوزير الأول السابق قال إن هناك ملايين الجزائريين المقيمين في فرنسا يتابعون بقلق بالغ ما يجري

وأوضح دوفيلبان، في حديثه لقناة "فرانس أنفو"، أن فكرة "إهانة الجزائر لفرنسا"، التي يروج لها اليمين المتطرف وبعض المسؤولين، هي فكرة مضللة وخطيرة، مشيراً إلى أن مثل هذا الشعور بالإهانة قد أضر بفرنسا سابقاً في مناسبات تاريخية.

وأضاف: "أنا دبلوماسي في الأصل، وأدرك تماماً أن الإحساس بالإهانة في العلاقات الدولية قد يؤدي إلى كوارث. تذكروا حادثة ديباش إمس (بين ألمانيا وفرنسا سنة 1970) التي أفضت إلى الحرب بسبب شعور بالإهانة تم استغلاله بشكل خادع. وتذكروا أيضاً حادثة المروحة مع الداي في الجزائر قبل نحو 200 عام، والتي قادت إلى الحرب كذلك. اليوم، لا يمكننا أن نعيد الخطأ نفسه أو نفتح جروح حرب جديدة مع الجزائر".

واعترف دوفيلبان بأن العلاقات بين البلدين تمر بـ"أخطر أزمة" منذ سنوات مؤكدا على ضرورة الدعوة للإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال، لكنه دعا إلى "التحلي بالكثير من ضبط النفس".

وقال: "هناك ملايين الجزائريين المقيمين في فرنسا وملايين الفرنسيين من أصول مغاربية. هؤلاء يتابعون بقلق بالغ ما يجري، خاصة في ظل هذه التوترات التي سبق أن أثرت على المغرب، وها هي الآن تطال الجزائر. علينا أن نتحمل مسؤولياتنا التاريخية والإنسانية تجاه شعوبنا، وأن نجد حلولاً لهذه الأزمات بدل تأجيجها".

وأكد دوفيلبان أنه لا يمكن الانزلاق إلى "سياسة الأسوأ" التي تقوم على التصعيد والسعي لتصفية الحسابات.

روتايو يتدخل فيما لا يعنيه

ورداً على سؤال حول الجهود التي بذلتها فرنسا، أشار إلى وجود "سوء فهم منذ البداية"، قائلا: "حاول وزير الداخلية حلّ قضايا لا يمكن معالجتها إلا بالدبلوماسية. هذه مهام وزارة الخارجية، وليس الداخلية". واستشهد بتجربة إيطاليا، موضحاً أن رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني نجحت في معالجة ملف الهجرة بفضل العمل الدبلوماسي المتوازن بعيداً عن التصعيد.

وشدّد دوفيلبان على أن الإخفاق الدبلوماسي في فرنسا لا يعني أنه لا توجد حلول، بل يعني أن الوسائل المتبعة لم تكن مناسبة أو لم تُوظَّف بشكل صحيح. وأضاف: "لا يمكننا أن نستسلم أو ندخل في منطق تصعيدي لن يثمر سوى المزيد من الأزمات والتوترات".

وعند سؤاله عن اتفاقية 1968، قال دوفيلبان إنها "تمت مراجعتها عدة مرات"، مشيراً إلى أنه إذا كان هناك رغبة في إعادة النظر فيها مجدداً، فإن الحل يكمن في الحوار المباشر مع الجزائريين. وأضاف متسائلاً: "هل يجب أن نتبنى موقفاً عقابياً؟". 

وشدّد دوفيلبان في ختام تصريحاته، عن رفضه لمنطق "تصفية الحسابات"، قائلاً: "لسنا في وضع يسمح لنا بإرضاء غرائز الانتقام. فرنسا دفعت ثمناً باهظاً عبر تاريخها لتدرك أن الحل الوحيد هو طريق الصداقة والاحترام والمصالحة". ودعا إلى العمل على استعادة الثقة بين البلدين من خلال خطوات عملية تستند إلى الحوار والتفاهم المشترك.