15-أغسطس-2019

أثارت تصرّفات رئيس لجنة الحوار كريم يونس موجة من الجدل (فيسبوك/ الترا جزائر)

لا تخلو مجالس الجزائريّين رجالًا ونساءً من استعمال الكلمات البذيئة والنّابية والسّوقية في المجالس الخاصّة. ويُسمّى الأمر في القاموس الشّعبيّ "التّطياح" أي السّقوط. فيقال: "فلان يْطَيَّحْ" أي يقول كلامًا ساقطًا. وهم إن كانوا يتقبّلون هذا السّلوك من عامّة النّاس، فهم يستهجنونه على ألسنة الوجوه الاعتباريّة من سياسيّين ومثقفين وعلماء.

كيف تستطيع لجنة حوار وطنيّ أن تفرض احترامها بقيادة شخص يخاطب الصّحفيين بالقاموس البذيء؟

من هنا، كانت الصّدمة شاملة، حين انتشر في موقع التّواصل الاجتماعيّ فيسبوك، الثلاثاء، فيديو صغير ظهر فيه رئيس لجنة الحوار المعيّن من طرف رئيس الدّولة ورئيس البرلمان السّابق كريم يونس محتجًّا على إلحاح الصّحفيين في أوّل لقاء جمعه بهم، وقد ختم احتجاجه ذاك بكلمة نابية وجّهها إليهم، فقابلوا ذلك بالضّحك.

اقرأ/ي أيضًا: منتدى الحوار.. يمدّ يده إلى السلطة بشروط

فضّل البعض تداول الفيديو على الخاصّ، من خلال إرساله لبعض الأصدقاء، فيما فضّل البعض نشره علنيًّا. فصار محطّ أحاديث الجزائريّين في مجالسهم الواقعيّة والافتراضيّة، حتّى أنّ قطاعًا واسعًا منهم، بما فيهم الأطفال، راح يستعمل تلك الكلمة في ردوده بروح ساخرة أو جادّة.

يقول النّاشط والكاتب رشيد بلمومن لـ"الترا جزائر" إنّه لا يستوعب أن يصدر هذا التصرّف من شخص كان الرّجل الثاّلث في الدّولة، وهو اليوم مشرف على لجنة تقول إنّها وجدت لتحلّ الأزمة السّياسيّة، التّي تشهدها البلاد منذ شهور.

يسأل بلمومن: "كيف تستطيع لجنة حوار وطنيّ مؤهّلة لأن تلتقي نخبة الجزائر، أن تفرض احترامها بقيادة شخص يخاطب الصّحفيين بالقاموس البذيء؟". ويضيف: "كلما اقتربت من بعض المسؤولين أدركت أنّهم يُختارون على أساس البذاءة والرّداءة لا الكفاءة".

  في السّياق، كتب أستاذ الفلسفة محمد نور الدّين جبّاب في تدوينة فيسبوكيّة له أنّ الرّجل في حقيقة الأمر لم يبدع شيئًا جديدًا أو استثنائيًّا عندما خاطبهم بتلك العبارة الزّقاقية المبتذلة، "إنّه يواصل تقليدًا قديمًا. ومن يعود إلى كتاب محمّد حربي وحديثه عن اجتماع طرابلس (1962)، فلا أجرؤ ولا أملك الشّجاعة على إعادة ما قاله الصّالح بوبنيدر لأحمد بن بلّة".

وساخرًا كتب القاصّ عبد الكريم ينّينة: "عيد سعيد للشّعب، الذّي قهره الخونة. أمّا العصابة وشعبها فلهم عبارة كريم يونس الفاخرة". فيما تساءل الصّحفي حمزة عتبي: "لا أدري من كان يقصد بتلك العبارة النّابية، تصريحًا أو تلميحًا ( الجيش أم الشّعب) لكن في جميع الأحوال كريم يونس أساء لنفسه بذلك التّصرّف القذر".

وفي مقابل ذهاب أستاذ علم الاجتماع السّياسيّ نوري إدريس إلى القول: "إنّ كريم يونس لا يصلح لشيء، لكنّه قام بإنجاز تاريخيّ هو أنّه سبّ صحافة العار على المباشر، فتفاعلوا مع الأمر بالضّحك"، قال الصّحفي فاروق بن شريف لـ"الترا جزائر" إنّ الصّحفيين جرّوا الرّجل في مفصل حسّاس إلى أن يبدو غير جدير بإدارة مهمّة حسّاسة مثل الحوار الوطنيّ، "أتوقّع أن تؤدّي سقطته هذه إلى بداية تلاشي اللّجنة أو سحب المهمّة منه، بما سيؤكّد ارتباك السّلطة".

ما أقدم عليه رئيس لجنة الحوار يشير إلى أنّ أزمة النّخب الحاكمة في الجزائر والنّخب المقرّبة منها أخلاقيّة في أساسها

ما أقدم عليه رئيس لجنة الحوار يشير إلى أنّ أزمة النّخب الحاكمة في الجزائر والنّخب المقرّبة منها أخلاقيّة في أساسها. وهو ما يفسّر نسب الفساد، التّي بلغتها في تسيير الشّؤون والثروات العامّة، بما شكّل الدّافع الرّئيسيّ لانطلاق شرارة الحراك الشّعبيّ قبل 25 جمعة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ندوة المعارضة.. حلول في الوقت بدل الضائع

الجزائر..المعارضة تتخوف من انغلاق سياسي