03-نوفمبر-2019

سليمان بخليلي، علي زغدود، فارس مسدور (تركيب/ الترا جزائر)

المشهد السياسي الجزائري الذي يحكمه استقطاب حاد، بين دعاة الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية، وأنصار "الحراك الشعبي" الذين يرون استحالة إجرائها في ظلّ الظروف الحالية، ومثلما يشهد كثيرًا من السجالات، فقد تحوّل في أحد جوانبه إلى مادة للسخرية والتهكم، مثلما حدث مع الفاشلين في جمع التوقيعات التي تسمح لهم بالترشح الرسمي. ولئن كانت قائمة المقصيين قد اقتربت من العشرين شخصية، إلا أن التعليقات الساخرة ارتكزت على ثلاثة منهم، وهم فارس مسدور وسلميان بخليلي وعلي زغدود. 

بدأ طموح سليمان بخليلي السياسي قبل سنوات، عندما روّج أنصاره اسمه لتولي وزارة التربية الوطنية 

فارس مسدور، أستاذ الاقتصاد في جامعة البليدة، كان الهدف الأوّل للتعاليق الساخرة، بعد إبعاده من سباق الانتخابات الرئاسية، وهو الذي لم يجمع إلا 31 ألف استمارة، من أصل 50 ألف استمارة مطلوبة، عبر ثمانية ولايات (مطلوب 25 ولاية).

اقرأ/ي أيضًا: حوار | علي بن فليس: حاصر الحراك الجزائري التصحر السياسي والمغامرة بمصير الدولة

يبدو أن لمسدور مشكلة كبيرة مع الأرقام، حيث يتساءل بعض المعلقين، كيف لأستاذ الاقتصاد أن يتجاهل الفرق بين 31 ألف و50 ألف، وبين 8 و25. وهو الذي كان قبل أشهر قليلة هدفًا للمتهكّمين، عندما اتهّم المتعامل الهندي الذي يسيّر مركّب الحجار للحديد والصلب بتهريب ما قيمته 20 مليار دولار يوميًا، وهو رغم مبالغ فيه، وأي شخص لا علاقة له بالاقتصاد يدرك ذلك بسهولة.

واستنادًا للعبة الأرقام، قال الكاتب والمدوّن عبد الرزاق نايت الصغير، إنّ مسدور "تم إقصاؤه بسبب الكم الهائل من الاستمارات"، وأضاف ساخرًا أن اللجنة المستقلّة لمراقبة الانتخابات لم تستطع "إحصاء حوالي 33 ألف مليار طن مكعّب من الاستمارات"، وجاء في التعليقات على المنشور أن الجزائر "تستطيع العيش بتصدير استمارات الدكتور مسدور".

ورغم أنه لم يجمع في النهاية إلا 31 ألف استمارة، إلا أنه كان يُبشر أنصاره يوم 24 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي أنه جمع 40 ألف استمارة، واعترف بعدها ضمنيًا بالهزيمة عندما طلب من بعض منافسيه الفاشلين منحه استماراتهم المجموعة، حتى يتمكّن من بلوغ النصاب، ثم ذهب إلى "اللجنة" قائلًا إنه استوفى الشروط، ليعلّق بعد إقصائه على أنه لن يعلّق "تجنبًا للفتنة".

لا يختلف حال فارس مسدور عن حال الإعلامي سليمان بخليلي، صاحب البرامج التلفزيونية التي أشهرها "خاتم سلميان"، وهو الذي بدأ طموحه السياسي قبل سنوات عندما روّج أنصاره اسمه لتولي وزارة التربية الوطنية خلفًا للوزيرة السابقة نورية بن غبريط التي اتهمها خصومها بـ"محاربة الثوابت الوطنية". وعندما فشلت الحملة قال بخليلي حينها إنّه يكتفي بلقب "وزير القلوب".

ويبدو أن بخليلي سيرضى من سباق الانتخابات بلقب "رئيس القلوب"، وقد أشار إليه ضمنيًا ليلة تقديمه لملفّ الترشّح، عندما سأله صحافي عن عدد الاستمارات الممضاة، فقال إن معه قلوب 40 مليون جزائري، لكن "بيروقراطية الإدارة" منعته من توقيع ملايين الاستمارات، واستدرك يقول إنه جمع النصاب المطلوب، لكن "اللجنة الانتخابية" قالت إنه لم يقدّم إلا 30 ألف استمارة وهي أقل من المطلوب بكثير.

ولم يبد سليمان بخليلي في البداية أية رغبة في التقدّم لطلب الرئاسة إلا عندما سمع خبر ترشّح "غريمه" الوزير السابق للثقافة عز الدين ميهوبي، كما يقول ناشطو وسائل التواصل الاجتماعي، فترشّح نكاية فيه، وبهذا تكون هزيمة بخليلي مزدوجة فهو خسر معركة الرئاسة كما خسر معركته ضدّ ميهوبي، مما فجّر موجة من السخرية ضدّه.

وفي تعليقه على الأمر، نشر المدوّن والكاتب الساخر عبد القادر بوماتع صورة لرجلين متنكرين في ألبسة نسوية تقليدية محلية لا تُظهر من جسميهما إلا العيون، قائلًا إن الأمر يتعلّق بـ"كبير أدامنة صفحة بخليلي والأدمن المساعد"، وفي منشور آخر تصوّر بوماتع فارس مسدور يخاطب سليمان بخليلي وهو يقول له: "اعمل نفسك ميت.. اعمل نفسك ميت".

ونال المترشّح المخضرم علي زغدود، حظه من السخرية والتهكم، فالرجل الذي فاجأ الجميع بتقديم ملفّه، مثلما كان يفعل في المناسبات الانتخابية السابقة، كُشف أمره أخيرًا عندما أكّدت "السلطة" أن ملفّه فارغ ولم يقدّم أيّة استمارة ممضاة، وكل ما في الأمر أنه أعاد الاستمارة فارغة مثلما تسلّمها أوّل مرّة، وأنه أراد فقط لفت الأضواء الإعلامية إليه.

حماني يعقوب: "علي زغدود أعاد 51 ألف استمارة فارغة، لأنّه رفض رميها، هو رجل اقتصادي بحق"

وفي تعليقه على الأمر، قال المدوّن الصدّيق توزوت إن زغدود هو "أكبر واحد فاهم الوضع نتاع لبلاد"، وفي السياق نفسه علّق الكاتب الصحافي محمد علواش يقول: "الوحيد الذي كان صادقا مع اللجنة، هو الشيخ علي زغدود، سلم لهم كل الاستمارات، غير موقعة". وقال المدون دحماني يعقوب: "علي زغدود أعاد 51 ألف استمارة فارغة، لأنّه رفض رميها، هو رجل اقتصادي بحق".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تعيين موعد الانتخابات الرئاسية في الجزائر.. تباين وقلق

السلطة تستعجل الانتخابات.. وصفات تقنية لأزمة سياسية!